المعارضة .. وجبات مجانية!!
19 July, 2009
عادل الباز
لا أحد يرفض الوجبات المجانية، ولكن في سوق السياسية لا توجد هكذا وجبات. للأسف المعارضة ولعشرين عاماً لازالت تنتظر دعوتها لوجبات مجانية وهيهات. بالأمس التقى زعماء المعارضة بالقائد سلفاكير، وطرحوا بين يديه ظلاماتهم ومطالبهم، لقد رأيت في الأمر عجبا لابد من إظهاره!!
مطالب الأحزاب هي ذاتها ومنذ سنوات، لم يطرأ عليها جديد، دارفور.. المؤتمر القومي.. الوحدة الجاذبة.. التحول الديمقراطي.. والحريات. ياترى ماذا سيفعل سلفا بقائمة مطالب المعارضة هذه؟ ليس بمقدوره كزعيم للحركة ولا كرئيس لحكومة الجنوب ولا كنائب أول، أن يستيجب لهذه المطالب، لا بالقطاعي ولا بالجملة.. لنأتي لهذه القضايا واحدة تلو الأخرى.
قضية دارفور كما هو واضح أن السيد النائب الأول وحركته “برّه الشبكة” تماماً، فالملف بيد المؤتمر الوطني الذي عيّن غازي قيِّما عليه، ثم إن الملف نفسه يعاني من حالة توهان محلي وإقليمي ودولي، والحركة بعيدة كل البعد عنه، ولا يمكن اعتبارها أحد الفاعلين فيه. فاذا كانت الحركة نفسها تشكو التهميش في موضوع دارفور، فكيف تدعو الآخرين لمائدة هي أول الغائبين عنها؟ إذا لم تحل مشكلتها مع الوطني في ملف دارفور، فكيف تسعى لاشراك الآخرين!!.
حكاية المؤتمر الجامع التي طرحها دكتور الترابي بالأمس، يعلم دكتور الترابي قبل غيره أن هذه الفكرة كانت قد رُفضت على أيامه في الإنقاذ، عندما طرحها السيد الصادق المهدي منذ لقاء جنيف، وهي الآن منبوذة تماماً من قبل المؤتمر الوطني، ومن قبله الحركة الشعبية.. وضع الفكرة مرة أخرى على الطاولة بواسطة الترابي لن يكسبها بريقاً، ولن يجعل الحركة الشعبية تهرع اليها، فلقد أمسكت بهبات نيفاشا بكلتا يديها، ولن تتركها في مهب الريح لتضيع في دهاليز مؤتمرات لاتثق بنتائجها، ولا بالمشاركين فيها. ليس هناك مايغري الحركة للموافقة على دعوة المؤتمر القومي، فخير للحركة أن تستمر في لعبتها مع المؤتمر الوطني محتفظة بأنصبتها في الحكومة الى ميقات الإنتخابات، ومادامت الإنتخابات قائمة فلا معنى لمؤتمر قومي تتشكك الحركة في اجندته ابتداءً، وتجهل أُسس المشاركة فيه والأوزان التي ستتمتع بها القوى المشاركة، ومدى الزامية قراراته. الحركة ليست غبية لتقايض مكاسبها بالوعود.!!
الوحدة الجاذبة هذه لن يصنعها سلفا، بل هو من يطالب الشماليين بالإيفاء بمطلوباتها. حسناً فعل حزب الأمة حين قدّم رؤيته لكيفية بناء الوحدة الجاذبة، وقدمها للنائب الأول، لكن ليس بيد النائب الأول شيئا يمكن أن يبذله للمعارضة لبناء هذه الوحدة. خير للقوى السياسية أن تتواثق فيما بينها حول صناعة مقترح يجعل مغنطيس هذه الوحدة جاذباً فيما تبقى من زمن، فهذا أفضل من إقحام النائب الأول في شأن يعتبره يخص آخرين عليهم إنجازه!!!
طالبت المعارضة التي اصطفت بالأمس في منزل سلفا بكفالة الحريات لانجاز التحوّل الديمقراطي. للأسف سلفا لايملك الإستجابة لهذا المطلب، فليس بيده الأمر، والمعارضة تعلم ذلك كما تعلم أن الحريات ليست من أولويات الحركة الشعبية، فممارساتها شمالاً ( قانون الصحافة)، وجنوباً في منع الأحزاب ومطاردتها، لا تؤهلها لقيادة مسيرة الحريات.. للحركة أيضاً أولويات مختلفة، منها مثلاً ترسيم الحدود، وقانون الإستفتاء، وهي قضايا على رأس أجندة الحركة، ولاتعادلها قضية أخرى. للحركة الحق في ترتيب أولوياتها وفقاً لمصالحها، وليس وفقاً لمصالح القوى السياسية المعارضة.
مولانا السيد محمد عثمان طالب بإحياء ما عرف باتفاق القاهرة، رغم أن السيد محمد عثمان يعلم أنه ليس بمقدور سلفا إحياء الأموات!!.بدا لي بالأمس أن على السيد سلفاكير أن يأتي للمعارضة بمائدة المطالب من علٍ، ويضعها بين يديها فتلتهمها وجبة مجانية، وتغسل يديها ثم تمضي لكراسي الحكم (شاكرة حامدة)، دون حتى أن تغبر قدميها في سبيل مطالبها. هذه أحلام... لن يلتهم أحد في السياسية وجبة مجانية، على المعارضة أن تتيقن من ذلك، اذا لم تكن قد تعلمت خلال عشرين عاماً أن مطابخ الإنقاذ ومطاعمها لاتقدم وجبات مجانية فهي ليست لله!!.