المليشيا الارهابية ومسلسل المجازر المجانية
عبدالله مكاوي
7 June, 2024
7 June, 2024
بسم الله الرحمن الرحيم
قبل ان تجف دموعنا من ذكري مجزرة فض اعتصام القيادة العامة وعارها، الذي اجادة وصفها مبدعتنا الاستاذة رشا عوض حفظها الله. ابت ذات المليشيا الاجرامية إلا ان تجدد احزاننا، بواحدة من اجبن واحط انتهاكات هذه المليشيا التافهة، وهي تستخدم الاسلحة الثقيلة في الهجوم علي مواطنين ابرياء ومقاومة خجولة ضد اعتداءاتها الوحشية.
وما بين مجزرة القيادة ومجزرة قرية ود النورة، كانت مجزرة اردمتا (دفن الشباب الاحياء) والتمثيل بجثة الوالي خميس ابكر، بصورة بشعة تذكر بالوحوش الضارية. مما يشي بتطور نوعي لجرائم القتل والتمثيل والابادة، بما يرتقي للفعل الوحشي الاستعراضي. وهو ما يفرض تساؤل حول طبيعة هؤلاء الوحوش البشرية؟ والي أي مصير مظلم ومؤلم يدفعون هذه البلاد وشعبها؟ ولمصلحة من؟! والي متي يصمت العالم ومنظماته الاممية والحقوقية وابرياء السودان يستباحون دون رحمة او حماية؟!
ومجزرة ود النورة وبهذه الكيفية، توضح بجلاء واحدة من الاهداف (الخفية/الظاهرة) لهذه المليشيا الاجرامية. وهي الابادة بدم بارد للتخلص من او اضعاف اعراق محددة، تتوهم هذه المليشيا الجاهلة، انها منافسة لها علي السيادة، لمجرد اختلاف الشكل او اللون، ولابد من ازاحتها لفرض السيادة البديلة، للقبائل المشكلة العمود الفقري لهذه المليشيات. وكأن مسالة الحكم الرشيد او عملية ادارة الدولة بكل تعقيداتها، وحاجتها للكوادر المؤهلة والتقاليد المهنية، هي محض مشكلة عرقية او (جمل مسروق او بهيمة منهوبة).
والحال هذه، اذا لم تضع مجزرة ود النورة الحد الفاصل، للتعريف بهذه المليشيا الارهابية ومراميها الخفية الداخلية، وعمالتها الارتزاقية الخارجية، ومن ثمَّ خطورتها علي مستقبل البلاد ومصير مواطنيها. وتاليا اصطفاف الجميع ضدها، لهزيمة مخططاتها وممارساتها القذرة، وبما في ذلك اكراه قيادات الجيش المتواطئة للجلوس مع قياداتها، لوضع حد لهذه المأساة المتطاولة. يبدو ان الرماد سيكيل حماد، بمواصلة مسلسل المجازر من مكان لآخر، حتي فناء ما لا يمكن تعويضه من البشر والحجر.
في هذا السياق، اذا صح ما نُسب للاستاذة اسماء طه، من تفضيل الدعامة علي الكيزان في هذه الحرب الظالمة، بوصفهم اقل الضررين، او هم قادرون علي التخلص من شر الكيزان، ومن ثمَّ محاسبة مخطئهم. فهي وجهة نظر من شدة قصورها وتهافتها، تجعل اباها الرجل الفاضل يتململ في قبره. ليس لان مواجهة الكيزان وهزيمتهم هي واجب القوي الديمقراطية التحررية، بوصفها ديمقراطية وتحررية فحسب، ولكن لان هذه المليشيات هي صنيعة الكيزان وتربطهم بهم صلة نسب لا فكاك منها اولا. وثانيا، لانهما اعداء للثورة ومشروع التغيير، وعملا وما زالا يعملان للتآمر ضدهما. ثالثا، لعمالتها المفضوحة للخارج وحرصها علي رعاية مصالحه ولو بتدمير البلاد وقتل شعبها. رابعا، لان بنية هذه المليشيا تتعارض مع تركيب ووجود ووظيفة الدولة، ومن ثمَّ في بقاء احدهما ذهاب للآخر. اي هم ضد الحضارة والتحضر، وينشرون الفوضي حيثما وجدو، بوصفها البيئة الملاءمة لوجودهم ونشاطهم. وهذا غير ان مكونات هذه المليشيا من المجرمين والجهلاء والدخلاء، ويتصرفون وكأن النهب والسلب والاغتصاب وقتل الابرياء وظلمهم من غير مسوغات، هي ما يجعل لوجودهم قيمة او هدف! خامسا، وهو الاهم، ان انتهاكات مليشيا الدعم السريع البشعة والمفضوحة، هي ما سمحت للكيزان بالعودة لحضن المجتمع، والنجاح في استنفاره، وتحريضه علي السياسة والسياسيين! ويا له من نجاح كاسح لا يستحقونه، كمجرمين وسفهاء واعداء للوطن وانسانه. أي باختصار بعد ان طرد الشعب الكيزان بالباب، اعادهم الدعامة الاغبياء بالشباك، ولكن بنسخة اكثر شراسة واستعداد لإحراق البلاد وتدميرها.
وما يحير في مجزرة ود النورة، وللحق هي حيرة ملازمة لهذه الحرب الغامضة منذ اندلاعها المشؤوم، ان الصور اظهرت وجود هذه المليشيات التي تستهدف المدنيين في اماكن مكشوفة، وان معركتها الجبانة مستمرة منذ الصباح الباكر حتي منتصف النهار. ومع ذلك لم يتدخل طيران الجيش، رغم حرصه علي تدمير البنية التحتية وهدم بيوت المواطنين علي رؤوسهم، بحجة استهداف الدعامة!!
وهو ذات التساؤل الذي يعاد تكراره علي الدوام دون تقديم اجابة مقنعة، حول كيفية دخول هذه المليشيات لولاية الجزيرة، وانسحاب الجيش منها دون مقاومة او مجرد تواجد رمزي او حتي اطلاق طلقة فشنك في الهواء الطلق، رغم موقفه العسكري الأقوى؟! بل وبعد خراب سوبا وتمكن المليشيا من الجزيرة واستباحتها كما تريد، نسمع عن الاستعدادات لاستردادها وطرد المليشيا! وزيادة في الاستهتار بمصير واوجاع المواطنين، يُصرح بالمواقيت العرقوبية لسحق الدعامة في الجزيرة! وهو ما يقابله الدعامة بمزيد من التهديدات والتمدد والانتهاكات! وكأن غاية هذه الحرب المجنونة، هي تعذيب الشعب السوداني من قِبل من تسلطوا عليه بعد الثورة، ليكافئوه بمجزرة بشعة مع اقتراب كل عيد!!
اما قمة المهزلة والاستهزاء بعذابات وإذلال الشعب السوداني، فهي تزامن المجزرة والموت الزؤام، مع زيارة البرهان مبني الاذاعة والتلفزيون، واستقباله بالزغاريد، وكأنه ثعلب الصحراء روميو، رغم انها انتصاره اليتيم (غير الاستراتيجي) منذ اندلاع هذه الحرب اللعينة، وكثرة التصريحات العنترية! والاسوأ من ذلك ذهابه للمناقل دون حياء للمواساة، مع العلم انه المسؤول الاول عن هذه المجزرة، وكل قطرة دم سالت او روح ازهقت او فتاة اغتصبت او اموال نهبت او بنية تحتية تهدمت، منذ تسنمه السلطة عنوة يوم 11 ابريل 2019م. فكيف شخص بهذه المواصفات تحتمله نفسه، ناهيك ان يحتمله شعب مغبون منه؟ وبعد هذا كله، يتصرف ببرود وكأنه حاكم حكيم وقائد جهبز؟!
وكالعادة لم يقصر مجلس السيادة في ادانة المجزرة لفظيا، ونسي ان حماية هؤلاء البؤساء تقع ضمن مسؤولياته، ولكن هذا جزء من مسرح اللامعقول الذي نقبع فيه، منذ انقلاب البرهان الكارثي، ودخول الدولة متاهة اللاشرعية واللامؤسسية، وهي للأسف في طريقها نحو اللاوجود. طالما امثال البرهان وكباشي وياسر العطا ومناوي وجبريل وترك والتوم هجو ومبارك الفاضل وآل دقلو ...الخ من (الصعاليك الذين يلبسون او يتخفون في ذي الملوك كما عبر المكلوم هملت) يتصدرون المشهد.
بل ما يحير اكثر، تشعر وكأن هذه الجرائم المثيرة للحزن والاشمئزاز، ومن ضمنها الطريقة المسرحية المستفزة التي اغتيل بها الملازم الشهيد البطل محمد صديق، تاتي في إطار عمل ممنهج، يُقصد به المزيد من التحشيد والاستنفار ودعم استمرار الحرب، كلما خبأ سعيرها او زادت مطالب إيقافها! وبالطبع هكذا سيناريوهات قذرة اذا ما صدقت، لا تستبعد عن تدبير الاسلامويين، ولا قادة الجيش، رغم ان كل يلعب لمصلحته وخدمة مخططه!
لكل ما سلف لابد من التفكير والعمل علي مشروع يوقف مسلسل القتل المجاني للأبرياء، طالما الاطراف المتقاتلة لا تضع لهم اعتبار، وهذا في حال لم تتاجر بهم وتستغلهم بطريقة قذرة لخدمة مآربها الاكثر قذارة. ويبدو ان المتاح هو الدعوة العاجلة للتدخل الدولي. وبما هذا الامر ليس بالسهل ودونه عقبات وتكتنفه مخاطر الاستغلال. فهنا ياتي دور السياسيين والناشطين والقانونيين بصفة خاصة، لوضع خارطة طريق تذلل العقبات والمخاطر لتعجيل التدخل الدولي الحميد (كما يحلو للامام الراحل وصفه)، ليس بوصفه علاج ناجع، ولكن لكونه الاكثر قدرة علي كبح جماح القتل المجاني بتهديد الجناة، ومن ثمَّ التقليل من الاضرار والخسائر الانسانية والمادية التي لا يكترث لها المتقاتلون.
وكمدخل لتسهيل التدخل، يجب شرح خطورة ما تفعله هذه المليشيات الارهابية، وعواقب ترك الحبل لها علي الغارب. لان ما تعد به هو الفوضي الشاملة التي لن يستفد منها احد، وبما فيهم داعمي هذه المليشيا الارهابية، وهذا ناهيك ما تفسحه استباحتها للدولة ونسيجها المجتمعي، من مجال للمتطرفين والمرتزقة من كل صنف ولون، وما يشكله ذلك من تهديد للامن الاقليمي والدولي.
وفي هذا السياق من الضرورة بمكان، تكوين جبهة عريضة لمناهضة المليشيا الارهابية وعلي راسها متضرري ابناء الجزيرة ودارفور، للعمل والضغط تجاه تصنيف هذه المليشيا كمنظمة ارهابية، بل هي اسوأ واقذر من داعش بما لا يقاس (تفتقر للعقيدة وتستهدف الضعفاء). كما ان مجرد وجودها يشكل خطورة علي بقاء الدولة السودانية وحياة سكانها. وهو ما يستدعي استنفار دول العالم اجمع لتخليص الشعب السوداني من هذه الوباء القاتل باي وسيلة. وذلك بالتزامن مع فتح بلاغات الابادة الجماعية ضد آل دقلو وكبار قادة ومستشاري مليشيا الدعم السريع، والتعامل معهم كمجرمي حرب، يجب محاسبتهم وانزال اقسي العقوبات بهم.
واخيرا
الله يكون في عون اهلنا في ود النورة ويتقبل شهداءهم ويداوي جرحاهم وما انكسر في نفوسهم. وينتقم لهم ممن تسبب في هذه المأساة، بدءً من صلاح قوش مهندس هذه المليشيا مرورا بالبشير والبررهان اكبر داعميها، ومن تواطأ في دخولها للجزيرة، ووصولا للامارات ومستشاري المليشيا والطامحين في مكاسبها، وكل من يقدم لها دعم او يتعاطف معها او لم يلعن هؤلاء الملاعين ها في السر والعلن، بوصفهم جميعا شركاء في هذه الجريمة النكراء، وما سبقها من جرائم يندي لها الجبين. تبا لها ولهم، ودمتم في رعاية الله.
abdullahaliabdullah1424@gmail.com
عبدالله مكاوي
قبل ان تجف دموعنا من ذكري مجزرة فض اعتصام القيادة العامة وعارها، الذي اجادة وصفها مبدعتنا الاستاذة رشا عوض حفظها الله. ابت ذات المليشيا الاجرامية إلا ان تجدد احزاننا، بواحدة من اجبن واحط انتهاكات هذه المليشيا التافهة، وهي تستخدم الاسلحة الثقيلة في الهجوم علي مواطنين ابرياء ومقاومة خجولة ضد اعتداءاتها الوحشية.
وما بين مجزرة القيادة ومجزرة قرية ود النورة، كانت مجزرة اردمتا (دفن الشباب الاحياء) والتمثيل بجثة الوالي خميس ابكر، بصورة بشعة تذكر بالوحوش الضارية. مما يشي بتطور نوعي لجرائم القتل والتمثيل والابادة، بما يرتقي للفعل الوحشي الاستعراضي. وهو ما يفرض تساؤل حول طبيعة هؤلاء الوحوش البشرية؟ والي أي مصير مظلم ومؤلم يدفعون هذه البلاد وشعبها؟ ولمصلحة من؟! والي متي يصمت العالم ومنظماته الاممية والحقوقية وابرياء السودان يستباحون دون رحمة او حماية؟!
ومجزرة ود النورة وبهذه الكيفية، توضح بجلاء واحدة من الاهداف (الخفية/الظاهرة) لهذه المليشيا الاجرامية. وهي الابادة بدم بارد للتخلص من او اضعاف اعراق محددة، تتوهم هذه المليشيا الجاهلة، انها منافسة لها علي السيادة، لمجرد اختلاف الشكل او اللون، ولابد من ازاحتها لفرض السيادة البديلة، للقبائل المشكلة العمود الفقري لهذه المليشيات. وكأن مسالة الحكم الرشيد او عملية ادارة الدولة بكل تعقيداتها، وحاجتها للكوادر المؤهلة والتقاليد المهنية، هي محض مشكلة عرقية او (جمل مسروق او بهيمة منهوبة).
والحال هذه، اذا لم تضع مجزرة ود النورة الحد الفاصل، للتعريف بهذه المليشيا الارهابية ومراميها الخفية الداخلية، وعمالتها الارتزاقية الخارجية، ومن ثمَّ خطورتها علي مستقبل البلاد ومصير مواطنيها. وتاليا اصطفاف الجميع ضدها، لهزيمة مخططاتها وممارساتها القذرة، وبما في ذلك اكراه قيادات الجيش المتواطئة للجلوس مع قياداتها، لوضع حد لهذه المأساة المتطاولة. يبدو ان الرماد سيكيل حماد، بمواصلة مسلسل المجازر من مكان لآخر، حتي فناء ما لا يمكن تعويضه من البشر والحجر.
في هذا السياق، اذا صح ما نُسب للاستاذة اسماء طه، من تفضيل الدعامة علي الكيزان في هذه الحرب الظالمة، بوصفهم اقل الضررين، او هم قادرون علي التخلص من شر الكيزان، ومن ثمَّ محاسبة مخطئهم. فهي وجهة نظر من شدة قصورها وتهافتها، تجعل اباها الرجل الفاضل يتململ في قبره. ليس لان مواجهة الكيزان وهزيمتهم هي واجب القوي الديمقراطية التحررية، بوصفها ديمقراطية وتحررية فحسب، ولكن لان هذه المليشيات هي صنيعة الكيزان وتربطهم بهم صلة نسب لا فكاك منها اولا. وثانيا، لانهما اعداء للثورة ومشروع التغيير، وعملا وما زالا يعملان للتآمر ضدهما. ثالثا، لعمالتها المفضوحة للخارج وحرصها علي رعاية مصالحه ولو بتدمير البلاد وقتل شعبها. رابعا، لان بنية هذه المليشيا تتعارض مع تركيب ووجود ووظيفة الدولة، ومن ثمَّ في بقاء احدهما ذهاب للآخر. اي هم ضد الحضارة والتحضر، وينشرون الفوضي حيثما وجدو، بوصفها البيئة الملاءمة لوجودهم ونشاطهم. وهذا غير ان مكونات هذه المليشيا من المجرمين والجهلاء والدخلاء، ويتصرفون وكأن النهب والسلب والاغتصاب وقتل الابرياء وظلمهم من غير مسوغات، هي ما يجعل لوجودهم قيمة او هدف! خامسا، وهو الاهم، ان انتهاكات مليشيا الدعم السريع البشعة والمفضوحة، هي ما سمحت للكيزان بالعودة لحضن المجتمع، والنجاح في استنفاره، وتحريضه علي السياسة والسياسيين! ويا له من نجاح كاسح لا يستحقونه، كمجرمين وسفهاء واعداء للوطن وانسانه. أي باختصار بعد ان طرد الشعب الكيزان بالباب، اعادهم الدعامة الاغبياء بالشباك، ولكن بنسخة اكثر شراسة واستعداد لإحراق البلاد وتدميرها.
وما يحير في مجزرة ود النورة، وللحق هي حيرة ملازمة لهذه الحرب الغامضة منذ اندلاعها المشؤوم، ان الصور اظهرت وجود هذه المليشيات التي تستهدف المدنيين في اماكن مكشوفة، وان معركتها الجبانة مستمرة منذ الصباح الباكر حتي منتصف النهار. ومع ذلك لم يتدخل طيران الجيش، رغم حرصه علي تدمير البنية التحتية وهدم بيوت المواطنين علي رؤوسهم، بحجة استهداف الدعامة!!
وهو ذات التساؤل الذي يعاد تكراره علي الدوام دون تقديم اجابة مقنعة، حول كيفية دخول هذه المليشيات لولاية الجزيرة، وانسحاب الجيش منها دون مقاومة او مجرد تواجد رمزي او حتي اطلاق طلقة فشنك في الهواء الطلق، رغم موقفه العسكري الأقوى؟! بل وبعد خراب سوبا وتمكن المليشيا من الجزيرة واستباحتها كما تريد، نسمع عن الاستعدادات لاستردادها وطرد المليشيا! وزيادة في الاستهتار بمصير واوجاع المواطنين، يُصرح بالمواقيت العرقوبية لسحق الدعامة في الجزيرة! وهو ما يقابله الدعامة بمزيد من التهديدات والتمدد والانتهاكات! وكأن غاية هذه الحرب المجنونة، هي تعذيب الشعب السوداني من قِبل من تسلطوا عليه بعد الثورة، ليكافئوه بمجزرة بشعة مع اقتراب كل عيد!!
اما قمة المهزلة والاستهزاء بعذابات وإذلال الشعب السوداني، فهي تزامن المجزرة والموت الزؤام، مع زيارة البرهان مبني الاذاعة والتلفزيون، واستقباله بالزغاريد، وكأنه ثعلب الصحراء روميو، رغم انها انتصاره اليتيم (غير الاستراتيجي) منذ اندلاع هذه الحرب اللعينة، وكثرة التصريحات العنترية! والاسوأ من ذلك ذهابه للمناقل دون حياء للمواساة، مع العلم انه المسؤول الاول عن هذه المجزرة، وكل قطرة دم سالت او روح ازهقت او فتاة اغتصبت او اموال نهبت او بنية تحتية تهدمت، منذ تسنمه السلطة عنوة يوم 11 ابريل 2019م. فكيف شخص بهذه المواصفات تحتمله نفسه، ناهيك ان يحتمله شعب مغبون منه؟ وبعد هذا كله، يتصرف ببرود وكأنه حاكم حكيم وقائد جهبز؟!
وكالعادة لم يقصر مجلس السيادة في ادانة المجزرة لفظيا، ونسي ان حماية هؤلاء البؤساء تقع ضمن مسؤولياته، ولكن هذا جزء من مسرح اللامعقول الذي نقبع فيه، منذ انقلاب البرهان الكارثي، ودخول الدولة متاهة اللاشرعية واللامؤسسية، وهي للأسف في طريقها نحو اللاوجود. طالما امثال البرهان وكباشي وياسر العطا ومناوي وجبريل وترك والتوم هجو ومبارك الفاضل وآل دقلو ...الخ من (الصعاليك الذين يلبسون او يتخفون في ذي الملوك كما عبر المكلوم هملت) يتصدرون المشهد.
بل ما يحير اكثر، تشعر وكأن هذه الجرائم المثيرة للحزن والاشمئزاز، ومن ضمنها الطريقة المسرحية المستفزة التي اغتيل بها الملازم الشهيد البطل محمد صديق، تاتي في إطار عمل ممنهج، يُقصد به المزيد من التحشيد والاستنفار ودعم استمرار الحرب، كلما خبأ سعيرها او زادت مطالب إيقافها! وبالطبع هكذا سيناريوهات قذرة اذا ما صدقت، لا تستبعد عن تدبير الاسلامويين، ولا قادة الجيش، رغم ان كل يلعب لمصلحته وخدمة مخططه!
لكل ما سلف لابد من التفكير والعمل علي مشروع يوقف مسلسل القتل المجاني للأبرياء، طالما الاطراف المتقاتلة لا تضع لهم اعتبار، وهذا في حال لم تتاجر بهم وتستغلهم بطريقة قذرة لخدمة مآربها الاكثر قذارة. ويبدو ان المتاح هو الدعوة العاجلة للتدخل الدولي. وبما هذا الامر ليس بالسهل ودونه عقبات وتكتنفه مخاطر الاستغلال. فهنا ياتي دور السياسيين والناشطين والقانونيين بصفة خاصة، لوضع خارطة طريق تذلل العقبات والمخاطر لتعجيل التدخل الدولي الحميد (كما يحلو للامام الراحل وصفه)، ليس بوصفه علاج ناجع، ولكن لكونه الاكثر قدرة علي كبح جماح القتل المجاني بتهديد الجناة، ومن ثمَّ التقليل من الاضرار والخسائر الانسانية والمادية التي لا يكترث لها المتقاتلون.
وكمدخل لتسهيل التدخل، يجب شرح خطورة ما تفعله هذه المليشيات الارهابية، وعواقب ترك الحبل لها علي الغارب. لان ما تعد به هو الفوضي الشاملة التي لن يستفد منها احد، وبما فيهم داعمي هذه المليشيا الارهابية، وهذا ناهيك ما تفسحه استباحتها للدولة ونسيجها المجتمعي، من مجال للمتطرفين والمرتزقة من كل صنف ولون، وما يشكله ذلك من تهديد للامن الاقليمي والدولي.
وفي هذا السياق من الضرورة بمكان، تكوين جبهة عريضة لمناهضة المليشيا الارهابية وعلي راسها متضرري ابناء الجزيرة ودارفور، للعمل والضغط تجاه تصنيف هذه المليشيا كمنظمة ارهابية، بل هي اسوأ واقذر من داعش بما لا يقاس (تفتقر للعقيدة وتستهدف الضعفاء). كما ان مجرد وجودها يشكل خطورة علي بقاء الدولة السودانية وحياة سكانها. وهو ما يستدعي استنفار دول العالم اجمع لتخليص الشعب السوداني من هذه الوباء القاتل باي وسيلة. وذلك بالتزامن مع فتح بلاغات الابادة الجماعية ضد آل دقلو وكبار قادة ومستشاري مليشيا الدعم السريع، والتعامل معهم كمجرمي حرب، يجب محاسبتهم وانزال اقسي العقوبات بهم.
واخيرا
الله يكون في عون اهلنا في ود النورة ويتقبل شهداءهم ويداوي جرحاهم وما انكسر في نفوسهم. وينتقم لهم ممن تسبب في هذه المأساة، بدءً من صلاح قوش مهندس هذه المليشيا مرورا بالبشير والبررهان اكبر داعميها، ومن تواطأ في دخولها للجزيرة، ووصولا للامارات ومستشاري المليشيا والطامحين في مكاسبها، وكل من يقدم لها دعم او يتعاطف معها او لم يلعن هؤلاء الملاعين ها في السر والعلن، بوصفهم جميعا شركاء في هذه الجريمة النكراء، وما سبقها من جرائم يندي لها الجبين. تبا لها ولهم، ودمتم في رعاية الله.
abdullahaliabdullah1424@gmail.com
عبدالله مكاوي