الموت بالجملة على قارعة الطريق ..! بقلم: منى أبو زيد

 


 

منى أبو زيد
30 October, 2012

 



"الحكومات تميل إلى عدم حل المشاكل، فهي تعيد ترتيبها فقط" .. رونالد ريجان!
هاهي حوادث الموت بالجملة على طريق "الخرطوم مدني" تتكرر على ذات النحو الدراماتيكي الجنائزي دون أن تحرك الدولة ساكناً لحماية أرواح الشعب الفضل .. وكذلك الحال في بعض شوارع العاصمة حتى بتنا نشهد اندلاع المظاهرات بسبب عيوب شوارع الزلط وحوادث المرور..!  
ولئن كان البعض قد دخلوا موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية بأطول شارب أو أكبر مقاس حذاء، فالسودان سيدخلها من باب حوادث وسائل النقل، وعدد السياسيين – ناهيك عن العامة - الذين ماتوا في حوادث مشابهة، في عهد حكومة واحدة .. والعشوائية بطبيعة الحال هي القاتل المتسلسل الذي كان وما يزال طليقاً ..! 
عشوائية شعبية على مستوى شروط سلامة وسائل النقل، وعشوائية رسمية على مستوى شروط سلامة الطرق، شرائط الإسفلت الممزقة/المتهالكة/ الضيقة/ والعربات التي يتحايل راكبوها على قوانين المرور والسلامة وكان أرواحهم الغالية تسكن أجسادهم بالإيجار ..!
الدولة تحدثت كثيرا وبشرت طويلاً بطرح مشروع توسعة طريق مدني- الخرطوم للمنافسة بين شركات الطرق المتتخصصة قبل نهاية أعوام مضت، ولكن ما يتم الإعلان عنه عادة لا يتنزل واقعاً ملموساً .. والدليل أنه ما يزال طريق الموت ..!
الطرق الجيدة ذات التخطيط الهندسي السليم، والممتدة بين مدن البلاد الرئيسية هي – بعد مشيئة الله – سبباً رئيساً  في حفظ الأرواح، وجودها يعني انحساراً كبيراً في نسبة حوادث السير وبالتالي انحساراً  في نسبة حوادث الموت بسبب حوادث التصادم، أو بسبب تأخر إسعاف المرضى إلى أقرب المستشفيات، وهذه ما تزال تحدث كثيراً في سودان القرن الواحد والعشرين ..!
كما وأن ازدهار وتطور الطرق يعني بالضرورة انخفاضاً كبيراً في أسعار المحاصيل الزراعية والسلع والمنتجات المحلية، ولو كنا نملك الحد الأدنى من الطرق بين ولايات السودان لساهم ذلك إلى حد كبير في ترقيع ثقوب نسيجنا الإثني، وذوبان جبال الجليد بين مجتمعاتنا المحلية المتنافرة، جنوباً وشمالاً وشرقاً وغرباً ..!
في ماليزيا التي تملك شبكة طرق  مذهلة، يلقي المواطن/السائق، بالعملة الحديدية في حصالة التبرعات لتطوير الطرق والجسور، في صمت وقناعة ودونما احتجاج لأنه يعلم تماماً كيف تستثمر حكومته تلك الدراهم في ترقيع أثواب المدن وخياطة شبكات تواصلها العنكبوتية بمهارة واقتدار ..!
المقابل هو مربط فرس الرضا، فـكيف تتحدث الدولة عن وحدة نسيج السودان وهي ما تزال غير عابئة بوسائل وصول كل مواطن إلى بيته، وغير آبهة بطرق وصولها إلى كل أطرافه وشعوبه النائية المتباعدة ؟! .. لماذا يدفع محمد أحمد فواتير الضرائب بلا مماحكة أو تهرب وهو لا يستطيع أن يضمن لنفسه خريفاً رائقاً/ جافاً من مياه الأمطار الآسنة، أو حتى موتاً لائقاً بعيداً عن (البشتنة) على قارعة الطريق ..؟!
صحيفة حكايات

منى أبو زيد
munaabuzaid2@gmail.com

 

آراء