الموردة … يوم أسود
حسن فاروق
13 November, 2013
13 November, 2013
أصل الحكاية
يوم أسود ليس للموردة فقط ، ولكن للكرة السودانية بصفة عامة ، فريق بهذا التاريخ والعراقة والأصالة يغادر، وربما هي المرة الأولي التي أتمني فيها ألا أكتب في شأن يخضع للتنافس والبقاء فيه للأصلح ، ولكن الهبوط كان مؤلما وموجعا ومحزنا ، ولعلها المباراة الوحيدة التي تابعتها ، وتمنيت أن تتفوق فيها الموردة لعبا ونتيجة ، وتنهيها بأمل في البقاء بالدوري الممتاز ، ولكن ليس كل مايتمناه المرء يدركه، فخسرت النتيجة وغادرت البطولة التي كانت أحد مؤسسيها ، وبقيت فيها تقاتل وتتمتع بإمتياز أحد ثلاثة فرق تبقت من الاندية التي نالت هذا الشرف ، ليصبح هذا الشرف بعد مغادرتها حكرا علي الهلال والمريخ .
فقدنا للموردة ليس فقدا لفريق عادي ، يأتي ويذهب دون أن يشعر به أحد ، فقد فقدنا عزيزا بكل ماتحمل هذه الكلمة من معني ، فقد نا فريق علمنا حتي آخر مباراة معني أن تلعب بنزاهة وتغادر بشرف ، فريق لم يعرف الانحناء ووالإنكسار و التملق ، ولا التمسح ، ولارهن القرار ، ولا الدعم الملغوم ، ولا المال المشبوه ، فريق ولد مرفوع الرأس وغادر مرفوع الرأس مؤكدا علي أنه من فرق قليلة في المنافسة لم تفح من مبارياته روائح الفساد الكريهة .
في كرة القدم لاتسير الامور دوما بمثالية ، فتأتي أزمان مثل هذا الزمن ، تباع فيه الاخلاق علي قارعة الطريق ، زمن يتحول فيه التنافس لسوق نخاسة ، يشتري ف ويباع ، ولايجرؤ أحد علي فتح أبواب التحقيق لأن الفساد يحمي الفساد ، يقهقه الفاسدون ، ويوزع المفسدون الحلوي فقد نجحوا في ترسيخ معاني الفساد لأسواء منافسة يعرفها الدوري الممتاز منذ تأسيسه .
ولأن الموردة لاتشبه أجواء الانحطاط ، ولم ترهن وجودها في المنافسة وفقا لفواتير الانتخابات ، كان لابد أن تغادر ، فهذا ليس زمانها ، وهذه ليست أخلاقها ، فلم يعرف نادي الاصالة والحضارة طوال تاريخه الذي علمنا فيه أن هناك كرة أخري خلاف هلال مريخ يمكن أن نفتخر بسودانيتها ، طريق الظلام وطبخات الغرف المغلقة وظل ينافس في النور.
بكيت الموردة بشدة وكأنني أبكي عزيز فقدته ، مثلما بكاها الملايين من أبناء هذا الشعب ورياضييه ، وقد عبرت جماهير الهلال ربما للمرة الاولي في تاريخها عن هذا الفقد الجلل برفضها الإحتفال بأهداف فريقها ، وحتي المباراة في مجرياتها خيم عليها أجواء الحزن ، فكانت أشبه بتأبين تحكي عنه حركة اللاعبين من الفريقين .
الخلافات داخل بيت الموردة لم تكن السبب الحقيقي في هبوط الفريق للدرجة الاولي كمايروج البعض ، وهم في تقديري أشبه بمن يكذب الكذبة ويصدقها ، لأن الموردة هبطت بفعل فاعل ، هبطت يوم أن ضخت الحكومة أموالا طائلة علي بعض الاندية ومنعتها من أخري مع سبق الاصرار والترصد ، إنهارت الموردة يوم أن عرف الدوري التمييز الحكومي بين الاندية فكانت السابقة الأخطر في تاريخ الرياضة ، وجود أندية ترضي عنها الحكومة وتتمتع بإمتيازاتها ، وأخري تشكو من قلة الفئران ، وكانت الموردة من ضحايا التمييز الحكومي الذي ترتب عليه كثير من الظواهر السالبة داخل مجتمعها المعافي .
الموردة فريق جميل ومجتمع أجمل ، وتاريخ يحكي عن الحركة الوطنية في السودان ، الموردة لاتختلف عن مشروع الجزيرة والسكة حديد وخورطقت وحنتوب وجامعة الخرطوم ، أين هم الآن ؟ لن أودعها و أودعهم ، ولكن أقول إلي لقاء .
hassan faroog [hassanfaroog@gmail.com]
///////