النظام السوداني يرتعد خوفاً من الإعلام الإلكتروني

 


 

 

bresh2@msn.com

بسم الله الرحمن الرحيم...
الإعلام الإلكتروني أو الصحافة الالكترونية ** عرفها البعض بأنها " نوع من الاتصال بين البشر، يتم عبر الفضاء الإلكتروني - الإنترنت وشبكات المعلومات والاتصالات الأخرى - تستخدم فيه فنون وآليات ومهارات العمل في الصحافة المطبوعة، مضافاً إليها مهارات وآليات تقنيات المعلومات التي تناسب استخدام الفضاء الإلكتروني كوسيط أو وسيلة اتصال، بما في ذلك استخدام النص والصوت والصورة والمستويات المختلفة من التفاعل مع المتلقي، لاستقصاء الأنباء الآنية وغير الآنية، ومعالجتها، وتحليلها، ونشرها على الجماهير عبر الفضاء الإلكتروني بسرعة"**.

    إذاً الصحافة الإلكترونية بالتعريف اعلاه ، **أزاحت الرقابة عن العاملين بها ، وأصبح بمقدور الصحفي نشر ما يشاء من خلف كمبيوتره دون أن يمر على الرقابة أو يخضع للقانون، حيث يمكن أن يكون مركز الصحيفة في أمريكا مثلا وهي تنشر أخباراً عن السودان دون التقيد بقوانين النشر السودانية. إلآ أن الحرية التي يتمتع بها الصحفي الإلكتروني لا تريح الأنظمة والحكومات الديكتاتورية القمعية الإستبدادية لتقوم بإنشاء مراكز ومحطات لمراقبة تلك المواقع الإلكترونية بحجة تهديد الأمن القومي وافساد الأخلاق بنشر مواد إباحية ووووالخ**.

    الحكومة السودانية واحدة من تلك الحكومات القمعية التي تحارب الإعلام الإلكتروني بكل الطرق والوسائل ما فتئت تصدر تصريحات ووعودا بتحجيمها وتقليص ما اعتبرتها انفلاتا ، ووصفته بالمهدد لأمن البلاد ببث الكثير من الأكاذيب.

    وتوعدت الحكومة بحسم قضية الإعلام الإلكتروني، بإعلان الناطق الرسمي باسم الحكومة ووزير الإعلام أحمد بلال عثمان، قرب انتهاء حكومته من إنشاء “مركز خاص” لمراقبة الإعلام الإلكتروني والحد من عملية النشر “الكاذب” على حد قوله.

    ولفت إلى أن مركز المراقبة الحكومي (لم يحدد طبيعته القانونية) سيرى النور قريبا. وقال إن “ما يتناوله الإعلام الإلكتروني يحمل الكثير من الأكاذيب التي يستوجب التعامل معها بجدية.

    وتشكل الصحافة الإلكترونية الملجأ للصحفيين السودانيين لنشر ما تمنعه السلطات الأمنية وإدارات الصحف، بعد معاناتهم في وسائل الإعلام التقليدية وتعرضهم إلى سلسلة من المضايقات الأمنية، والرقابة والتدخلات الحكومية في عمل الصحف مما جعل المواقع الإلكترونية منابر بديلة للإفلات من الحصار الأمني والمضايقات.

    وأشار صحفيون سودانيون إلى أنه لا يوجد قانون مختص بالصحافة الإلكترونية في السودان، وأن قضايا النشر الإلكتروني يتم التعامل معها وفقا للقانون الجنائي السوداني وقوانين المعلوماتية. وتشكو صحف إلكترونية سودانية، محاولات قرصنة وتخريب لمواقعها على الإنترنت.

    الحكومة السودانية وفي تفنيدها للأسباب التي جعلتها تمارس القمع ضد الإعلامي الإلكتروني. تقول بأن ما يمارس حالياً بالأسافير ليس إعلاماً، وإنما هي أشياء عشوائية ، لأن الإعلام رسالة ، وما يحدث الآن ليس إعلاماً. ولطالما هذا هو رأيها ..إذن لماذا الخوف من العشوائيات ومن الكلام الفارغ الذي يُكتب عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة (فيس بوك ، واتساب، انستغرام وأخرى) عن الحكومة ...وهل هي فاضية لهذه الدرجة لتراقب أي صغيرة تقال عنها؟.

    السؤال الذي يدور في ذهن أي سوداني هو ...لماذا كل هذه الإجراءات القمعية والموضوع ليس أكثر من كلمة تُعلَن أو صورة تُنشَر؟ وما هي التهديدات والمخاطر المعطّلة ...وهل حقَّق الإعلام الإلكتروني السوداني نجاحات رغم كثرة التحديات؟.

    إنه القلم والكلمة والصورة، ورغم الفارق الهائل في الإمكانات والموارد ، إلآ أن النظام السوداني ما زال يرتعد من صدق الكلمة ووضوح الصورة وشرع القوانين المقيدة ، فمنع كتاب الأعمدة من الكتابة ، وصادر الكتب ، وحجب المواقع الإلكترونية ، وحبست الصحفيين ، وقام بالتهكير والقرصنة.

    في سابقة هي الأولى في تاريخ الصحافة الإلكترونية ، حققت شرطة جرائم المعلوماتية قبل أيام مع مدير قروب واتساب (آخر خبر)، الإعلامي “رمضان محجوب” على خلفية نشر الصحفي، أبا يزيد، أحد أعضاء القروب، مداخلة تخص شقيق وزير الصحة البروفسور “مامون حميدة” البروفيسور “حافظ حميدة” والذي اعتبرها الأخير إساءة في حقه، مما حدا به لفتح بلاغ في مواجهة “رمضان محجوب” وأبا زيد.

    وقبلها بأقل من شهر ونصف دخل الإعلامي “جمال عنقرة” في مواجهة قضائية مع رئيس لجنة الأمن بالبرلمان، الفريق شرطة “أحمد إمام التهامي” بدعوى أن الأخير اتهمه بالعمالة لصالح مصر في أحد قروبات الواتساب.

    وقبل يومين ،هدد موقع سودان سفارى – التابع لأجهزة أمن المؤتمر الوطنى – باتخاذ اجراءات ضد صحيفة "حريات".

    وأورد موقع سودان سفارى الأمنى بأن صحيفة (حريات) الالكترونية التى يترأس تحريرها الحاج وراق، نموذج للنشر من أجل النشر وإلحاق الاضرار وعدم مراعاة الضمير والوازع الوطني. إن أنظمة الحكم الصالحة والطالحة هي في خاتمة المطاف أنظمة حكم وطنية تتحمل مسئولية ويحاكمها التاريخ اذا هي أخطأت، ولكن هذا لا يبرر مطلقاً وبأي حال من الاحوال ان يتم اتخاذ الاكاذيب الضارة بالوطن، والضارة بمصالح الدولة البالغة الحساسية ميداناً لتصفية الحسابات والحروب الجبانة. لقد آن الأوان لتحميل ابطال (الماوس) مسئولياتهم الوطنية والاخلاقية، فالأكاذيب ليست لها مستقبل.

    ولا ننسى التهكير الذي يتعرض له موقع (سودانيز أون لاين) من وقت لآخر من قبل الحكومة السودانية بإعتباره أشهر المواقع التي تضم ناشطين مناوئين لنظام الإنقاذ من السودانيين حول العالم ، بالإضافة إلى موقع الراكوبة ومواقع إلكترونية أخرى ترعب وتزعج النظام بالكلمة والصورة والصوت.

    النظام ينفي بشدة وجود أي فساد مالي أو اداري أو غيره في السودان ، ويتحدى الذين يتحدثون عن الفساد وتردي الأخلاق وعن أشياء أخرى أن يأتوا بأدلة تثبت ادعاءاتهم. لكن عندما تأتي الصحافة الإلكترونية بالأدلة التي لا تقبل الشك ، تجده يكشر النظام عن أنيابه بمطاردة كل من تجرأ بالكتابة ، غير مباليا بالبراهين والأدلة المقدمة. ليقول لا أحب الحرية ...لا أحب أن أسمع صوتا غير صوتي ، ولا يكتب اسما غير اسمي ، ولا أريد أن أرى في السودان غير صورتي البائسة.

    إن وحشية نيرون السودان لحجب الحقيقة بكل همجية ممكنة، من قتل والإعتقال وحجب المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الإجتماعي المختلفة ، ومنع رجال الصحافة الأحرار من الكتابة...هي ممارسات بائسة أثبتت فشلها في وأد كلمة الحق وطمس الحقيقة ، وستفشل كل مسعى مستقبلي له لخنق الحقيقة وذبحها ، لأن تناول المخاطر التي تواجه المواطنين السودانيين جراء الإستخدام العشوائي لمادة (السيانيد) مثلاً في تنقيبهم عن الذهب في الإعلام الإلكتروني ، ليس تشويشا لصورة السودان كما يقول النظام ، إنما حقيقة لا يمكن انكارها إلآ معتدٍ آثم.

    والحديث في الإعلام الإلكتروني عن تورط المسؤولين الحكوميين في قضايا فساد وفساد كبير جداً...ليس تهما جزافية يلقيها الإعلاميين هكذا دون اثبات ، إنما حقيقة مثبتة بالأدلة والبراهين القاطعة. كما أن الحديث عن تورط البشير في تصفية كثير من رفاقه ، ليس كلاماً اعتباطياً ، إنما كلام له ما يثبته.

    لقد ولى زمن تكميم الأفواه ، وأصبح اثره عكسياً ، والواثق من قوة حجته لا يمارس سياسة تكميم الأفواه والتسلط والإستفراد بالقرارات المصيرية وكتم نفس الإعلام بإتباع سياسة الترهيب والوعيد ضد الإعلام الإلكتروني الذي يتخذ مواقف وطنية لتصحيح المسارات من جميع النواحي سواء بالعمل ضد ملفات الفساد والظلم وووالخ.

    ومن هنا نطالب النظام السوداني بالرجوع عن تلك الانتهاكات الخطيرة ووقف اجراءات القمع المادي والمعنوي لوسائل الاعلام ، والكف عن سياسة تكميم الافواه ومصادرة الحريات المستمر ، وضرورة تأمين وكفالة حرية التعبير والنقد والقبول بالرأي الآخر، عملا بالمواثيق والمعاهدات الدولية.

    والسلام عليكم..

    

 

آراء