الوعي والمأزق ما بين تجليات الفكر والذاتية !

 


 

 

تاريخ السودان السياسي المعاصر من جانب معاناة كل اهله وكافة الشعوب السودانية يقدم لنا ملمحا مهم وهو شدة الإخلاص والانتماء لهذه الأرض ويمكن أن نطلق عليها مأساة أنسان بر السودان منذ الاستقلال ليومنا هذا , سوف أتذكر حقائق لهذه الأرض كلها مؤكدة على روعة الانسان في صراعه المرير مع الطبيعة والاستعمار وكذلك المعوقين للانتقال الديمقراطي وبناء دولة القانون , برهة تأمل معي كم التضحيات منذ الاستقلال جيوش الشهداء وملايين المهاجرين قسرا واللاجئين وغيرهم من الذين في حالة خيبة أمل وأحبطوا أو يعانون أمراض نفسية تصل الي الفصام والجنون المعلوم وكثيرون منا تصعب طبابتهم لأننا المعاناة طويلة والذين يقدمون الخدمة الطبية ببر الوطن ليسوا معنيين بهذه الأمراض وحتى أن وجدوا لها علاج يقولوا عنها يمكن التعايش معها
ما هي هوية دولتنا ؟ومن نحن ؟تساؤل مقلق ليس لي وحدي بل لكم كبير من جمهرة المثقفين أظن أن قضية الهوية هي القومية بمعناها الكبير والاشمل لا أظن عندما نتساجل كمثقفين نضيع ونضل ونحن أكبر الكافرين بالمساواة الإنسانية حقيقة أن كنا لا نقولها ونخجل من طرحها ولكنها حبيسة القاع العجيب في النفس الإنسانية , ولا تزال التصانيف المضحكة هؤلاء عرب وهؤلاء أفارقة والعرب يمتد أصلهم لاحد الصحابة ,وأمثالي من ناتج الدماء المخلوطة والهجين من سلالات أخري نحس بعظمة الانتماء لأمهاتنا ذوات العيون الخضر البشرة البيضاء والشعر الذهبي وسط هذا الكم من خطاب الكراهية والقبح في الاستعلاء الاجتماعي علي الاخرين بلا مبرر نتعايش بالحد الأدنى من التعامل الإنساني لأن قناعتنا ببعضنا البعض معلوله حقيقة وفيها من الثقوب وعدم الرضي من الاخر بحجاج كثيرة أولها أحقيتنا في الأرض والامر الثانوي عروبتنا الكذوبة ونحن أفارقة حقيقيين ولا أعلم لما الغضب والالم عندما قولوا عنا عبيد ,نعم غضبنا وهذا الغضب لن يفضي تنظيف تاريخ الشعب العظيم من رحلة طويلة للعبودية الطويلة والممتدة من الاستعمار للطائفية وبعض الرأسمالية الوطنية المجردة من الإنسانية تمارس ضد شعبنا عبودية الاستغلال, والعبودية ليس أن تكون مملوك لأخر او لك سيد أشتراك بمبلغ معلوم ,العبودية الحقيقة هي انتصار البغضاء و الكراهية علينا وأصبحت سلوك شائع ومقبول اجتماعيا بيننا ونكيل السباب ونضطهد الأقل منا وفي دواخلنا تحديدا والتنابذ بأقدح العبارات بمواقع التواصل الاجتماعي وتعرية من ستره الله وكشف ستر الحرائر والمقاصد كلها شر وكراهية وعنصرية , ذات مرة سألتني طالبة شديدة السمرة ويقال لهم (الخضر ) تزينا للسواد (انت لا تعاني مثلي أنا في يومي خلال رحلتي من البيت للجامعة أسمع كلمة سوداء وخادم أو ابشع منها لماذا هذه الثقافة بهذا المجتمع سائدة لحد أنهم أصبحوا لا يروا فيما يقولون شيء؟) أصابتني حالة من الوجوم والخوف من الفتنة وسيادة خطاب الانحطاط الاجتماعي بيننا وهذا ما سوف يجعلنا نعيش في بركان خامل متوقع أن ينفجر في أي لحظة ولا أحد يبالي رجال دين واجتماعيين وساسة وعسكر ومليشيات بل حتى القيادات العليا في هذه المليشيات تمت الترقية بمستوى قيمتك العرقية في قبيلتك ومن ثم هذه المليشيا نري كراهية الاخر أكثر وضوح
دوما اقول علينا التعايش دون الحديث عن عرق ودين وعندما نحقق هذا نكون منتصرين لإنسانيتنا وعند نفشل تكون الحرب الاهلية والفوضى، هناك أمم شكلت دول وهنالك مهاجرين بنوا دول ونحن لم نستطيع تشكيل دولة وهنالك أمم تحتفظ بصلة القربي الثقافية مع دول أخرى للإحساس بالانتماء فقط ,وهذه الحقائق بعيدة منا لماذا، ونجد في الدنيا أمم تبني أمما أخرى في المساحة الجغرافية التي تعيش بها مما يجعل التعدد هو طابع الحياة القائم وهو شكل ممكن للوجود والذي نطمح به أن يكون في دولتنا , نصرخ في وجه مسئول قائلين أنتم فشلتم في أدارة التنوع الذي تذخر به هذه الأرض , ونجد ردة فعله عادية لا يملك قرار القرار لدى جهات عليا لا يعلم من هي حتى وأين تقع في ربوع الوطن
كنت من الذين يرون أن موقفهم من قضايا السودان اكثر واقعية ومساندة لكي يكون ديمقراطيا أو قل تحرري لا ادعي ضرورة تغييره ولكن اصبح التغيير ضرورة , يسالني البعض هل التغيير يحدث تلقائيا لأنه من طبيعة الأشياء , وكيف نميز ما بين الحداثة والتحديث وبين الديمقراطية والتبعية وهل نرضى ويرضي الشباب الآن بأي شيء لا يصنعونه هم ووليد تجربتهم , وهل نحن راضون بكل تاريخنا الماضي , أقول للأبناء من الشباب ولكل الأهل أن التغيير الذي يحدث بناء على خطة محددة في أذهان من يدعو له من المستحيل أن يحدث هذا في زمن الذكاء الصناعي الذي يملك من الاحتمالات الكثير , ولكن تبقى الحقيقة الافتراضية التي لا يمكن فرضها إلا بالقهر , وتموت فينا ملكة التفكير وتحيي ملكة التبرير , لكي يرضي من بالساجة ونعيش خاضعين لهم تحت شعار نعمة الأمان والعيش السهل والرزق الذي يكفي البيت لشهر طويل , لابد أن نصحي من غفلة الانا وتحقير الآخر ,لكي ننهض ونكون أمة حقيقة تعمل من أجل المستقبل .

zuhairosman9@gmail.com

 

آراء