اليوم الأحد الرابع عشر من مايو ٢٠٢٣ خرجنا من منزلنا بحي الملازمين

 


 

 

اليوم الأحد الرابع عشر من مايو ٢٠٢٣ خرجنا من منزلنا بحي الملازمين , سحبت المفتاح من القفل ووضعته في جيبيي وكانت أول خطوة للجوء والتشرد ولا ندري متي يعود المفتاح الي قفله ام ان هذا المفتاح سيكون الشاهد الوحيد علي أنه كان لنا بيت ووطن اضعناه بأيدينا !!..

انتابتني مشاعر شتي ونحن نعبر ميدان الأهلية لنقف عند محطة الزعيم الازهري بحثا عن أي وسيلة مواصلات تنقلنا الي نقطة التجمع في استوب المهداوي حيث اتفقنا جميعا علي اللقاء بعضنا من الأسرة الممتدة وبعض آخر من الأصدقاء والجيران والمعارف لامتطاء البص المغادر لمصر !!..
وفي هذا الجو المشحون بالتوتر ولعلعة الرصاص وبقية الأسلحة والطيران الحربي يحوم من فوقنا مثل الطيور الكواسر والشوارع خالية تماما والبيوت خالية من السكان فقد سبقونا الي المنافي وكل المنطقة شرقا الي كوبري شمبات وجنوبا الي حي الشهداء وغربا الي السوق الكبير بسطت الدراجات النارية لأفراد الدعم السريع يدها بالكامل عليها والمرور هنا يتم باذن من أفراد هذه المليشيا وهم من صغار السن ويتحدثون بلغة مبهمة لاندري إن كانت رطانة ام فرنسية دارجة !!..
شاه ايران إبان سطوته أعطته كثير من العواصم العالمية مفتاحها وعندما رحل بخلت عليه هذه العواصم بقبر يرقد فيه رقدته الأبدية !!..
هذا المفتاح الذي في جيبي إن قدرت لنا العودة ما مدي فعاليته ونجاحه إذا وضعناه في القفل واكتشفنا إن القفل قد تبدل وان بالداخل ساكنون جدد رحلوا من غرب أفريقيا لأرض النيلين !!..
هذه المأساة السودانية التي تحاكي خروج المسلمين من الأندلس اكيد هنالك من خطط لها وصنعها والسيناريو يجري علي حسب الاتفاق وهذا الهول وراءه دول كبري ودول إقليم ومنظمات وصهاينة وخليجيون وحتي من بين أنفسنا فينا من شارك وعمق الجراح وغدر بأهله وباعهم بارخص الأثمان وقالوا إن انهيار الدولة يبدأ عندما يصل إلي الرئاسة أناس من غير خلق ودين وذرة من ضمير !!..
زرت مصر الشقيقة مرتين إحداهما كانت في رحلة للمعلمين وقد وجدنا قمة الحفاوة والتكريم والثانية كانت للسفارة الأمريكية في القاهرة بغرض اكمال معاملة للهجرة للولايات المتحدة وايضا الي ان تكتمل إجراءات المعاملة شبعنا من الكتب والمجلات والصحف والزيارات بمختلف أشكالها والتمتع بالرحلات في النيل وفي دور السينما والمسرح والمعالم السياحية والمدارس والجامعات واجرينا الفحوصات للاطمئنان على الصحة في مشافيهم الوافرة خاصة مستشفي المعلم الذي عاملنا مثل المعلمين المصريين وكانت رسومه مخففة والخدمة علي أبدع مايكون !!..
ولكن هذه المرة ننزل أرض الكنانة نسابق الريح يدفعنا الهلع مما يجري في بلادنا الحبيبة وهذا التكدس في المعابر وأمة السودان كلها هنالك هل سندخل مصر المحروسة معززين مكرمين ام سيرمومن بنا في معسكرات اللجوء نكون فيها تحت رحمة الأمم المتحدة تطعمنا العدس المسوس والخبز الجاف والمعاملة الغليظة الجافة ونقص في الماء والإضاءة والتدفئة وكل المنقصات من أمراض معدية وفتاكة وحلم بالعودة كله كوابيس!!..
دخلنا فلم خبره اهلنا في اليمن مع الحوثيين وتجرعه السوريون مع الاسد وجاء دورنا لنذوق العذاب علي يد الجنرالين ومن يحركونهما من وراء الستار ولا ننسي الدول الكبري وإسرائيل كل هؤلاء حكموا علينا بالمؤبد في معسكرات اللجوء وافرغوا أرضنا الطيبة الطاهرة منا ليسكنها الغرباء !!..

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
كان معلما مخضرما فأصبح اليوم لاجئا !!..

ghamedalneil@gmail.com

 

آراء