اليوم تنطوي اقبح فترة مظلمة في تاريخ العلاقات السودانية الامريكية

 


 

محمد فضل علي
21 January, 2021

 

 

بعد تنصيب الرئيس الامريكي المنتخب بايدن وبداية الادارة الامريكية الجديدة مهامها سيكون هناك واقع جديد من اجل صياغة حاضر ومستقبل العلاقات السودانية يستوجب مشاركة كل مكونات الامة السودانية والقوي السياسية الوطنية وليس مجموعة صغيرة من المدنيين وبعض العسكريين الذين يعبرون عن مصالحهم الخاصة من خلال التبعية العمياء لبعض دول النظام العربي المتخبطة التي ارتدت اسفل سافلين ورهنت اراضيها وثرواتها للاخرين من اجل حماية انفسهم وحكوماتهم .

كانت العلاقات السودانية الامريكية في الشهور القليلة الماضية حافلة بالبلطجة والابتزاز والجهل المركب باستحقاقات الامن والسلم الدوليين الامر الذي وصل الي حد السذاجة في فهم طبيعة وجذور الصراع العربي الاسرائيلي واختزال الامر في مناسبات احتفالية وحفلات علاقات عامة مضحكة برعاية من الادارة الامريكية السابقة التي استفادت من ضعف الادارة الانتقالية الراهنة في السودان واعطت لنفسها الحق في محاكمة جزافية للامة السودانية كلها في غير زمانها.. ودمغها بالارهاب والاستيلاء بغير وجهة حق علي اموال لتسديد تعويضات لاسر ضحايا احداث سبتمبر 11 في عمل مخالف للقوانين الدولية والانسانية كون الشعب السوداني احد ضحايا الارهاب .. واكثر من قدم وهو الشعب الاعزل تضحيات لم تتوقف علي مدي ثلاثين عام اظهر خلالها بطولات نادرة في التصدي لمحاولات استخدام الدين في قهر الاخرين ومقاومة نفس الارهاب الذي يشتكي منه الامريكان وبلاد اخري اليوم .
الشعب السوداني جدير بالاحترام والتقدير والمساندة والمساعدة في اعادة بناء دولته القومية المهدمة وليس هذا الشكل القبيح من المعاملة.
المؤلم في الامر ان الدولة التي تقول بتبني ورعاية الديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة اختارت توقيت غريب لاثارة الحديث عن الهجمات الارهابية واحداث سبتمبر 11 التي خططت لها ونفذتها عناصر من جنسيات وبلاد اخري ليس من بينهم سوداني واحد اضافة الي توقيت الحديث والمطالبة بتسديد التعويضات لضحايا العمليات الارهابية في الوقت الذي كانت فيه الامة السودانية تلملم جراحها وتحصي خسائرها والتضحيات التي قدمتها في مواجهة الخمينية السودانية ومنظومة الحركة الاسلامية العقائدية التي حكمت السودان بالحديد والنار علي مدي ثلاثين عام.
لقد تعاملت الادارة الامريكية السابقة مع السودان بعقلية السمسار لا الدولة وسيل منهمر من الاهانات والشروط التعجيزية لازالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب حتي بعد ان انتصر الشعب السوداني الاعزل علي ارهاب الدولة وقد كان علي مدي عقود طويلة مثل السيف وحدة في الوقت كانت فيه الحكومات الخارجية من عرب ومن عجم بمافيها الولايات المتحدة تبحث وتعمل من اجل مصالحها في السر وفي العلن مع نفس النظام السوداني السابق الذي عقدت معه الولايات المتحدة صفقة غير معلنة لتسهيل مهمة تقسيم السودان وانفصال الجنوب الذي تحول بفضل تدخلاتهم الي مقبرة جماعية.
لاتلام الادارة الامريكية السابقة بقدرما تتحمل السلطة الانتقالية السودانية الراهنة بكل مكوناتها المسؤولية عن الخضوع المذل لعلاقات خارجية اديرت بطريقة اقرب الي السمسرة منها الي العلاقات المبنية علي الاحترام والمصالح العليا للبلاد التي برر باسمها عملية الخضوع المذل وتوريط السودان نفسه في جريمة بغير جرم والقول بان الغرامة او التعويضات المزعومة للامريكيين من ضحايا الارهاب قد تم تسديدها من خارج خزينة الدولة والحديث عن تسديدها من حر اموال جنرال الدعم السريع وبين من يقول لقد تبرع بها ولي العهد السعودي ودولة الامارات العربية متناسين ان ان العملية تتعلق بالخضوع لمزاعم غير قانونية من الادارة الامريكية السابقة ومحاكمة باثر رجعي لامة باكملها وليس اموال التعويضات في حد ذاتها.
الامر الذي لايجب ان يعود بعد اليوم تحت اي مسمي واي مبررات في مستقبل السودان السياسي الراهن والقادم والعلاقات مع الولايات المتحدة علي وجه التحديد وضرورة وضع حد لاحتكار السلطة ومنع تجاوز الصلاحيات المحددة الممنوحة للسلطة الانتقالية ومراجعة كل الاتفاقيات الموقعة بينها وبين الولايات المتحدة ودولة اسرائيل وان كانت قد اصبحت ملغية بصورة تلقائية وهي غير قابلة للتطبيق من ناحية عملية كونها تحتوي علي مخاطر كبيرة وتهديدات وصراعات ستحل محل الهدنة الطويلة المدي بين اسرائيل والاخرين ومن بينهم السودان بحدوده الجغرافية ومكانته الاستراتيجية والتزاماته المعروفة في الوقت الذي تعتبر فيه اسرائيل هي العقبة الوحيدة في تحقيق الحد الادني من السلام باعتراف واقرار المجتمع الدولي والامم المتحدة والدوائر العدلية في كل العالم .

 

آراء