امريكا ومخاطر فشل دولة بالجنوب (1-3) … بقلم: عادل الباز
عادل الباز
26 July, 2010
26 July, 2010
التصريحات التي صدرت عن المسؤولين الأمريكيين خلال الأسبوعين الماضيين تشي بأن هناك تحولاً ما في الموقف الأمريكي من قضيتي الوحدة والانفصال. بدأت إستراتيجية أوباما التي أعلن عنها نهاية العام الماضي غامضة تجاه موقفها من قضيَّة الانفصال والوحدة، وتركت الباب مفتوحاً لخيار شعب الجنوب ليقرر في الاستفتاء ما يشاء.
في نيروبي قال بادين: «إنَّ أمريكا ستقبل بنتائج استفتاء يتمتع بالنزاهة والمصداقية». يوم الاثنين الماضي قال «بايدين» في واشنطون: «إن الولايات المتحدة ستفعل ما بوسعها للتأكد من إجراء «استفتاء سليم وعادل ذي مصداقية وقانوني» في جنوب السودان مطلع العام المقبل». تصريحات «بايدن» اللاحقة إذا ما قُرئت مقرونة بتصريحاته الأخيرة يمكن أن توضح أن أمريكا بإشارتها الى النزاهة والمصداقية إنما تعني الحركة الشعبية والجنوب بصورة عامة.
قال «بايدن» في تصريحاته الاثنين الماضي: «إن آخر شيء تريد الولايات المتحدة رؤيته هو ظهور دولة فاشلة أخرى في القرن الإفريقي وشرق إفريقيا». بعبارة أخرى ما هي مواصفات الدولة الفاشلة لدى أمريكا؟.
دابت مجلة «فورين بولسي» الأمريكية إصدار معايير ومواصفات للدولة الفاشلة أهمها ستة وهي كالآتي:
1- تزايد الضغوط والتغيرات السكانية.
2- حالات لجوء ونزوح داخلي واسعة تتسبب في أوضاع إنسانية معقدة.
3- وجود تراث من الرغبة في الإنتقام الجماعي والمظالم الجماعية والرعب الجماعي.
4- نزوح جماعي حاد وهروب للأدمغة والكفاءات ونشوء لجاليات في المنفى.
5- عدم المساواة في النمو الاقتصادي بين المجموعات السكانية.
7- تدخل الدول والقوى الأجنبية.
هل تنطيق هذه المواصفات على الأوضاع بالجنوب أم أن الإدارة الأمريكية تتخوف أن يؤدي الانفصال إلى نشوء دولة فاشلة تحمل هذه المواصفات وتتحمل هي تبعات فشلها؟
النخب الشمالية ظلت باستمرار تتحدث عن تخوفاتها من تحول الجنوب إلى دولة فاشلة حال انفصاله، ولكن من زاوية أخرى، ترى تلك النخب أن الجنوب موبوء بصراعات إثنية وقبلية جاهزة للتفجر حال الانفصال.. أها. ثانياً تعتقد تلك النخب أن الجنوب لا يملك الكوادر المؤهلة لإدارة شؤونه حاليا.. أها.. وثالثاً لم تنشأ في الجنوب مؤسسات تسمح بقيام دولة!!. يا مستهبلين.. ألم يكن حال السودان عشية استقلاله بمثل ما تقولون عن الجنوب اليوم وحقق استقلاله؟. أنا مع الوحدة.. وليس لتلك الأسباب المخادعة بل لأن تشظِّي الأوطان له تبعات إستراتيجية تؤثر على الأمن القومي وتهدد كل الكيان السوداني بالتلاشي ولن يسلم الجنوب هو الآخر في دوامة الانهيار الشامل.
هب أن تلك الدولة الوليدة قد فشلت فما هي المخاطر التي تتهدد الأمن القومي الأمريكي؟. لماذا هذا الانزعاج الأمريكي من فشل دولة الجنوب. المفكر الأمريكي «فرانسيس فوكوياما» يقول إن: «الدول الضعيفة أو الفاشلة تتسبب في كوارث إنسانية وتدفع بموجات بشرية هائلة نحو الهجرة وتعتدي على جيرانها وتوفر المأوى للإرهابيين». ألهذه الأسباب فقط تتخوف أمريكا من فشل دولة الجنوب؟ لتتضح الصورة أكثر سأنشر غداً مقالاً متميزاً للكاتب الأمريكي «فريد زكريا» نُشر بالأمس في جريدة (الشروق) المصرية.. ونواصل في الحلقة الثالثة النظر في التخوفات الأمريكية التي قد تدعوها لإعادة النظر في موقفها من قضيَّة الوحدة والانفصال في السودان.