انقلاب تركيا وخوف نظام الانقاذ و”الكيزان” من الواتس-اب
abdelgadir@hotmail.com
انتشر خبر ان الرئيس أردوغان قد خاطب جماهير الشعب التركي من خلال جهاز الهاتف"الاسكايب" ليطلب منهم النزول للشارع ورفض الانقلاب ولعلها النقطة التي ملأت الكأس وطفحت به ففاض!!! فأقتنع اخر المترددين من "المتأسلمين" بأهمية دور وسائل التواصل الاجتماعية الحديثة وضرورة تحجيمها!!!
من المعروف إن كثير من مدعي التدين هم من "رافضة" التعامل مع أدوات العصر الحديث التكنولوجية باعتبارها مثل كأس الزجاج الذي مليء خمراً، وهم ليس لهم من العزيمة ليفرغوه ويقومون بعملية التخلية والتحلية حسب مفهومهم، فرفضوا الصورة الفوتوغرافية، ورفضوا السينما والتلفاز وغيرها من الأجهزة الالكترونية باعتبارها تكنولوجيا عير طاهرة وغير مسلمة بل هي من أدوات المسيح الدجال وحلفاء الشيطان!!! ولكنهم أي رافضة العصر الحديث لا يرفضون السفر بالطائرة الغير مسلمة لأرقى المستشفيات الالمانية للعلاج بأجهزة غير المسلمين والعلاج على أيدي غير المسلمين!!!
قام المسؤولون بحكومة الانقاذ بحملات مطولة لتحرير السودان من الغزو الالكتروني فحاربوا الانترنت وحاربوا وسائل التواصل الاجتماعي وتم تكوين فصائل الجهاد الالكتروني وكل ذلك بدعوى أنها تنشر الفساد الأخلاقي بين الشباب!!!فمثلا طالبت الوزيرة السودانية للعلوم والاتصالات تهاني عبدالله باستخدام تطبيقات "الواتس-اب" بأدب !!!، وألمحت بحسب جريدة القدس العربي الصادرة في 25/10/2014م. "... الى ان حجب هذه المواقع يأتي بتوجيه من جهاز الأمن الوطني او الجهات العليا"!!!
كذلك قام وزير الاعلام والناطق الرسمي بإسم حكومة الإنقاذ احمد بلال عثمان بحملة ضد الاعلام الاسفيري وتحدث في شهر أغسطس 2015م عن مشروع قانون جديد للصحافة والمطبوعات ... يسمح للحكومة باتخاذ اجراءات عقابية ضد الاعلام الاسفيري، ونسبت الصحف كذلك الى سعادة الوزير احمد بلال قوله في ورشة عن الاعلام الالكتروني "هذه المواقع الالكترونية شاذة ومأجورة ...افقرت السودان وشردت المستثمرين وعرقلت الحوار...وان من يكتب فيه سيواجه بثلاثة تهم هي اثارة الفتنة وإثارة الحرب ضد الدولة والخيانة العظمى... والراجل او المرة صحي تأني يكتب فيهم"!!!
كما قال والي الخرطوم الخضر بحسب جريدة أخر لحظة، خلال مخاطبته حفل مسابقة البحوث التربوية الثاني للمعلمين في 04/02/2014م "مواقع التواصل الاجتماعي من صنع اليهود وجزء من الحرب على الإسلام". من ناحية اخرى،وجهت هيئة علماء السودان بانتقادات حادة لمواقع التواصل الاجتماعي فقال البروفسور محمد عثمان صالح رئيس الهيئة بان تلك المواقع "تحمل السم أمثر مما تحمل الدسم". ودعى الى مواجهتها، و"شدد على ضرورة المحافظة على الروح الدينية والتربية الايمانية في مواجهة ما وصفه بالمادية الجامحة والفردية الطاغية والعصبية المنتنة وشيوع المفاسد في المظهر والمخبر"!!!
وانتقد كذلك د. محمد احمد حسن عضو الهيئة "اإن ارتكاب جرائم المعلومات وإشانة السمعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي"فيس بوك و واتس- اب" حرام قطعا"!! وقال "ان الواتس-اب يقود الى المعاصي"!!!
نقول و من قبيل التساؤل فقط، هل ماقام به المسؤول الحكومي "صاحب الدفع الرباعي" في نهار رمضان، أو ماقام به ذلك عضو النظام الحاكم من اغتصاب لإحدى الطالبات وحكمت عليه المحكمة بالسجن ثم إلغاء البشير حكم المحكمة، أو ما تمّ اكتشافه أخيراً من فساد بمكتب والي الخرطوم واستيراد حاويات المخدرات و امتلاك وكيل وزارة الاراضي لعشرات الاراضي بالخرطوم وامتلاك رئيس اتحاد الطلاب لآلاف أو مئات المحلات او "الطرابيز" التجارية، وكل ما قاله المرحوم د, الترابي عن فساد الانقاذيين في حلقات شاهد على التاريخ، هل كل ذلك الفساد وغيره سببه المواقع الألكترونية وسائل التواصل الاجتماعي !!! أم على العكس تماماً، أنها كشفته فأصبحت مساحة للحرية ووسيلة من وسائل المقاومة للاستبداد وفضح الفساد!!!
بحسب جريد القدس العربي المشار اليها اعلاه قال البروفسور أحمد مصطفى حسين "...ان الانقاذ لا تريد ان تسمع الا صدى اصوات منسوبيها... ولأنها لا تستطيع ان تفرض سيطرتها على وسائل الاعلام المنتشرة في الشبكة العنكبوتية فقد اتجهت لأسلوب اخر للسيطرة عليها باستعمال من يسمون أنفسهم رجال الدين عامة وهيئة علماء السودان خاصة وغيرهم من تجار الدين لإصدار الفتاوى ضد تلك المواقع وضد من يكتب فيها .."!!!
عود على بدء، أنتشر في الفترة الاخيرة صوت "نشاز" مرتفع بضرورة ابعاد كل مواقع التواصل الاجتماعي و"القروبات" عن النقاش السياسي والاكتفاء بالمواضيع الاجتماعي وهي نوع من انواع كبت الحريات والرقابة القبلية بل نوع من الارهاب الفكري وكل من يفعله هو من اعوان النظام او المنتفعين بصورة من الصور!!!
لم أكن لآسف، أن يقوم النظام الحاكم المستبد بتفصيل ما يريد من قوانين لكبت الحريات وتكميم ألأفواه، أن من ينكر عذاب القبر يسهل عليه أن ينكر حق المواطن السوداني في حرية التفكير وإطلاعه على اصوات وأراء أخرى مختلفة عن "نعيق" النظام الحاكم، وينكر على المواطن حقه في التعبير عن افكاره الخاصة في الصحف السيارة او المواقع الألكترونية او حتى وسائل التواصل الاجتماعي!!!
لكن أصابني الوجوم والآسى عندما فوجئت بهجوم كثير من المتعلمين وحملة الشهادات العليا في تخصصات الطب والعلوم الدينية والاقتصاد والهندسة الموالين للنظام الحاكم على كل مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الاخيرة، ومحاولتهم فرض نوع من الوصاية الفكرية على متابعي تلك المواقع الالكترونية، وإرهاب الناس بعدم التحدث في السياسة لعدم اختصاصهم!!! ونسوا ان بين افراد الشعب السوداني هناك حملة شهادات دكتوراه مثلهم في كل العلوم بما فيها العلوم السياسية والاستراتيجية لهم أراء مختلفة يجب عليهم احترامها ومناقشة الحجة بالحجة. يبقى أن ذلك الاسلوب إن دلا على شيء فإنما يدل على ضعف حجة أصحاب تلك العلوم وضيقهم بالرأي الاخر ولا أملك الّا ان اعبر عن حزني عليهم وصحي "القلم مابزيل بلم"!!!
قيل أن معنى لوحة "الهروب من الإطار" للفنان الاسباني بيردل بوريل هو "..لو خرجت من الإطار الذي صنعوه لك لاندهشت لحجم الإبداع الذي بداخلك، وستندم على كل لحظة عشتها فرضت عليك.."
دعونا نهزج مع الشاعر المهندس حسين
"عزيز أنت يا وطني
برغم قساوة المحن
برغم صعوبة المشوار
ورغم ضراوة التيار
سنعمل نحن يا وطني
لنعبر حاجز الزمن"
wadrawda@hotmail