اِغْتِصَابُ اَلْوَرْدِ

 


 

 

شعر
د. أحمد جمعة صديق

اَلْجُنُودُ فِي كُلِّ شِبْرِ في مدينتي
اِحْتَكَرُوا اَلشَّوَارِعَ وَالْبُيُوتَ
وحلّوا بِالْقُصُورِ وَالْقِلَاعِ
يُطْلِقُونَ اَلرَّصَاصَ فِي اَلْهَوَاء
كَيْفَمَا يَكُونُ وَكَيْفَمَا يَشَاء
مِنْ غَيْرِ رَادِعٍ أَوْ دَاعٍ

يَلْعَبُونَ بِالنِّيرَانِ،
فِي اَلْخُرْطُومِ وَأُمِّ دُرْمَانْ
وَكُلِّ مُدُنِ اَلسُّودَانِ
يَعْبَثُونَ بِالْبَنَادِقِ، يَتَسَلَّوْنَ بَالِبْمبَانْ
يُعطِرون الجوَّ بالدخانْ
يُطْلِقُونَ اَلنَّارَ،
عَلَى الجمادِ والنباتِ واَلْإِنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ

الكلاشنكوف، مَحْمُولَةً دَوْماً عَلَى (الكتوف)
فِي اَلطَّرِيقِ يُوقَفُونَكَ دُونَمَا سَبَبْ
وَيُضْرَبُونَكَ أَنْ أَبْدِيَتْ شَيْئاً مِنْ عَجَبْ
فهم يكرهون(قِلةْ) الأدبْ
لأنهُمْ فِي غَايَةِ اَلْأَدَبْ

لَا تَسْأَلْ عَنْ اَلْقَانُونِ،
وَلَا تَحْتَجَّنّ بِالْأَخْلَاقِ،
فَهْمَ بِالْقَانُونِ عالمون
وباللغاتِ والحسابِ والفنونْ أيضاً عارفون

اَلْقَنَّاصُونَ هُمْ، يَصْطَادُونَ لِلتَّرْفِيهِ
وهُمْ اَلْقُضَاةُ، إِذْ فِي دَقِيقَةٍ أَوْ دَقِيقَتَيْنِ،
يَكُون اَلْحُكْمُ قَدْ سرَي عَلَيْكَ
مَصِيرُكَ اَلْإِعْدَامُ
أَوْ اَلزَّحْفُ على اَلصُّخُورِ بِرُكْبَتَيْك
لَا حَاجَةً لِلدِّفَاعِ، فَبَاطِل دِفَاعُك
وَبَاطِلٌ كُلُّ مَا لَدَيْك
قد تريدُ الاستئنافَ
لكن لَا وَقْت لِلْمُرَاجَعَة،
إِذْ يُقَرِّرُونَ اَلْأَمْرَ فِي ثَوَانٍ
مِنْ غَيْرِ تَسْوِيفٍ وَلَا تَوَانٍ

لَكِنْ اَلْبَعْضُ مِنْهُمْ - طَيِّبُونَ حَقّاً
حقاً طيبون
اَلْبَعْضَ مُنهِمٌّ طَيِّبُونَ،
إِذْ يُخَيِّرُونَكَ: أَين تَذْهَبْ اَلرَّصَاصَةُ،
فِي رِجْلَيْكَ أَوْ يَدَيْكَ؟
أَوْ تُرِيدُهَا عَلَى عَيْنَيْكَ؟
وَعَلَى كُلٍّ: سَيَقْتُلُونَكَ مِنْ غَيْرِ أسِفٍ عَلَيْكَ
ثُمَّ يَرْمُوا بِكَ فِي رِمَالِ اَلْمَقْبَرَة، بِلَا عُنْوَانْ
أَوْ يَتْرُكُوكَ فِي اَلْعرَاة نَهْباً،
لِتَرْمٌكَ الكلابُ واَلْغِرْبَانُ وَالدِّيدَانْ
وَأَيْنَمَا ذَهَبَتْ فَالْجُنُودُ فِي اَلْأَرْكَانِ
( يَزِنُونَ بِالشَّوَارِعِ اَلَّتِي أحببتها وَبِالْحَدَائِقِ اَلْوَاسِعَةِ اَلْعُيُونِ*)
يُضَاجِعُونَ اَلْوَرْد غصباً، وفِي وَضَحِ اَلنَّهَارِ
َيَقْتَلِعُونَ فَسَائِلَ اَللَّيْمُونِ، ثُمَّ يَسْرِقُونَ مَدِينَتِي وَيَنْهَبُونَ
وَيُطْلِقُونَ اَلنَّارَ
فَرِحَيْنِ بِهَذَا اَلِانْتِصَارِ
اَلْجُنُودُ اِغْتَصَبُوا أُمَّتُنَا،
أَحْدَثُوا فِي اَلْجَسَدِ اَلْجُرُوحَ
غَرَزُوا اَلْخِنْجَر اَلْمَسْمُومَ فِي اَلْقُلُوبِ،
وَفِي صَمِيمِ اَلرُّوحِ
حَكَمُونَا بِالنَّارِ وَالْبَارُودِ وَالْحَدِيدِ،
فهَلْ أتِي اَلْجُنُودُ لِيَكْتُبُوا اَلتَّأرِيخَ مِنْ جَدِيدِ ؟

* الاقتباس من (مُحَمَّدْ اَلْمَكِّيْ إِبْرَاهِيمْ)
أتاوا-كندا



aahmedgumaa@yahoo.com

 

آراء