وزير السلام الجنوبي: نضالنا ليس دينيا.. كرتي وأمثاله هم الذين جعلوا المشكلة دينية
الشرق الاوسط: قال باقان أموم، أمين عام الحركة الشعبية لتحرير السودان وزير السلام في حكومة جنوب السودان، إن على المجتمع الدولي الانتباه إلى «شعارات الإبادة الجماعية في الخرطوم». وقال أموم في حوار مع «الشرق الأوسط» إن شعارات عنصرية من شماليين ضد جنوبيين زادت خلال الفترة الأخيرة، مع اقتراب استفتاء جنوب السودان، الذي سيعقد في التاسع من الشهر القادم، ليقرر الجنوبيون إذا كانوا يريدون البقاء في السودان الواحد أو الانفصال.
وقال أموم إن الوقت لم يأت لتقديم «استنجاد رسمي» للمجتمع الدولي، لكنه «يدق جرس الخطر». وذلك لأن التاريخ أثبت أن المجتمع الدولي لا يتحرك إلا بعد بداية الإبادة الجماعية.
وقال إن علي كرتي وزير الخارجية السوداني من قادة حزب المؤتمر الذين يقودون الحملة العنصرية ضد الجنوبيين.
وقال أموم إن الاختلاف بين الشمال والجنوب حول منطقة أبيي الغنية بالنفط وصل إلى طريق مسدود. وإنه لا يستبعد أن تقع حرب هناك. وانتقد أموم الرئيس السوداني عمر البشير لأنه قال إن اتفاقية لاهاي لم تعط أبيي لقبيلة الدينكا الجنوبية. وقال إن قبيلة المسيرية العربية لا تنتمي إلى الجنوب. وأضاف باقان نحن لسنا ضد الشماليين. أنا درست في الشمال، وأعيش في الشمال، وعندي أصدقاء شماليون كثيرون. مشكلتنا هي مع حزب المؤتمر الذي يحكم الشمال، ومع قادته العنصريين.
«أنت تعيش في واشنطن، ولا تعرف ما يحدث في السودان. هل تقرأ صحيفة (الانتباهة)؟ هل تعرف من هو الطيب مصطفى؟ إنه خال الرئيس البشير، ورئيس تحرير (الانتباهة). إنه يريد طرد الجنوبيين من الشمال. أشار إلي بالاسم، وقال يجب التخلص من باقان أموم. هل هناك تفرقة عنصرية أكبر من هذا؟ أنت تتحدث عن السودان الواحد. إنهم لا يريدوننا فيه، ويريدون إبادتنا. هذا دليل واضح على الإبادة الجماعية».
زار أموم الولايات المتحدة مؤخرا، حيث حضر اجتماع مجلس الأمن عن السودان، وقابل مسؤولين أميركيين في واشنطن. وطلب إجراء هذه المقابلة بالتليفون بعد عودته إلى السودان. وفيما يلي نص الحوار:
* ماذا كان هدف زيارتكم الأخيرة للولايات المتحدة؟
- في نيويورك، حضرنا اجتماع مجلس الأمن عن السودان. ولاحظنا تقدما واضحا لأن مجلس الأمن أكد أهمية إجراء الاستفتاء في جنوب السودان في موعده (التاسع من الشهر القادم). وأكد أهمية اعتراف كل الأطراف بنتيجة الاستفتاء. وأن مجلس الأمن سيكون أول من يعترف بالنتيجة. ونحن طلبنا من مجلس الأمن زيادة القوات الدولية في جنوب السودان، ونشرها على الحدود بين الشمال والجنوب، وتأسيس منطقة عازلة بينهما. وهم قالوا لنا إنهم سيدرسون الموضوع.
وفي واشنطن، أجريت اتصالات مع مسؤولين أميركيين. والتقيت مع الجالية السودانية في منطقة واشنطن. وزرت مراكز تسجيل للاستفتاء في الجنوب. وحثثت الإخوان الجنوبيين والأخوات الجنوبيات على أهمية التسجيل والتصويت.
* ماذا قلت للأميركيين عن الوحدة والانفصال؟
- قلت لهم إنه إذا اختار الجنوب الوحدة، نريدهم أن يدعموا السودان الموحد، ويساعدوه في تحقيق السلام وفي التنمية. وإذا اختار الجنوب أن يكون دولة مستقلة، نريدهم أن يساعدوها، وأيضا يساعدوا دولة الشمال، لتكون كل دولة مستقرة، ولتحاشي المشكلات بينهما.
* في مقابلة مع «الشرق الأوسط» عندما زار واشنطن، قال علي كرتي، وزير الخارجية، إنكم تخدمون مصالح الحكومة الأميركية! - كلما أحضر إلى أميركا، يقولون إنني حضرت لآخذ تعليمات من الأميركيين. علاقتنا بأميركا ليست سرية. نعم، ساعدونا عندما كنا في الغابة، لأنهم أحسوا بأننا مظلومون، بعد أن أعلنت حكومة البشير الجهاد الإسلامي علينا. ونعم، يساعدوننا الآن لتقوية حكومة الجنوب. ونعم، يساعدون الآن الشمال والجنوب لإجراء الاستفتاء والاعتراف بنتيجته.
* هل الأميركيون مع الوحدة أو مع الانفصال؟
- أنت في واشنطن، اسألهم.
* أعلنت أميركا «الحرب ضد الإرهاب». وهو شعار مبطن وغير مباشر، والهدف منه المسلمون، وخاصة في العراق وأفغانستان وباكستان والصومال، وأيضا السودان. ألا تستغلون «الحرب ضد الإرهاب» لكسب تأييد أميركا؟
- أولا، ما قلت هو رأيك. وثانيا: نحن لا نخدم أهداف غيرنا. نحن نخدم أهدافنا.
* قالت أخبار إن «أفريكوم» (القيادة العسكرية الأميركية لأفريقيا) تخطط لقاعدة عسكرية في جنوب السودان لمحاربة الإرهاب. وقالت أخبار إن إسرائيل ستؤسس علاقات قوية مع الجنوب إذا انفصل! - يقول الناس أشياء كثيرة. وأرجو ألا تسألني عن كل ما يقول الناس.. اسألهم هم.. أنا أقول لك إننا نريد الحرية والاستقرار والرخاء.. ولا نريد خلق مشكلات لأنفسنا، وللشماليين، ولجيراننا، وللقريب والبعيد.
* قال علي كرتي وزير الخارجية، إن قادة الجنوبيين يعانون من عقدة النقص. هل هذا صحيح؟
- نحن لا نعاني من عقدة نقص.. حزب المؤتمر هو الذي يعاني من عقدة نقص. يريد فرض رأيه بالقوة وهو يعرف أن الناس لا يتفقون معه.
* وقال كرتي إنكم تخدمون مصالح الكنائس المسيحية الأميركية التي تريد وقف زحف الإسلام في جنوب السودان وفي أفريقيا جنوب الصحراء؟
- نضالنا ليس دينيا. نضالنا وطني.. كرتي وأمثاله هم الذين جعلوا المشكلة دينية عندما أعلنوا الجهاد الإسلامي ضد الجنوبيين.. كرتي يجب أن يكون أول من يعرف ذلك، لأنه كان قائد فرقة «المجاهدين الدبابين» في الجنوب.
* في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، قال لوال دينغ (جنوبي)، وزير النفط في حكومة البشير، إن الراحل جون قرنق، مؤسس الحركة الشعبية، كان وحدويا، ولم يكن انفصاليا. وقال لوال إن الانفصال خيانة.
- أولا: هذا رأي لوال الشخصي. لم يكن لوال هو الوحيد الذي عرف قرنق (درسا معا في جامعة أيوا الأميركية). كلنا عرفنا قرنق. ثانيا: عندما وقع قرنق على اتفاقية السلام، وقع على الاستفتاء في الجنوب. ولو كان حيا، واختار الجنوب الانفصال، ما كان سيعارض.
* أيضا، قال لوال إن الجنوبيين في الوقت الحاضر يحكمون أنفسهم، ويشتركون في حكم السودان.. وإن هذا أحسن وضع لهم وللشماليين.
- ليس هذا واقعيا، أولا: الواقع هو أن الجنوبيين يحكمون الجنوب، ويشتركون في حكم السودان كله، وليس حكم الشمال. ولوال وزير في حكومة السودان، حكومة الوحدة الوطنية، لا في حكومة الشمال. ثانيا: الجنوب ليس مستعمرة شمالية، كما يبدو من كلام لوال. كأنه يقول إن الشماليين يستعمرون الجنوب، لكن الجنوبيين يشتركون في حكم الشمال. ليس هذا صحيحا.
* في مقابلات مع «الشرق الأوسط»، قال جنوبيون إنهم مستعدون لفتح صفحة جديدة مع الشمال، إذا اعتذر الشماليون عن أخطاء الماضي، مثل تجارة الرقيق والحرب الأهلية وإعلان الجهاد ضدهم.. هل تقبل هذا؟
- أولا: اسأل حزب المؤتمر، هل يقبل هذا؟ ثانيا: يعتذر الناس عن أخطاء في الماضي توقفوا عنها. لكن، لا تزال هناك تفرقة، وظلم، واضطهاد. ثالثا: نضالنا ليس بالنيابة عن الجنوب فقط. نضالنا من أجل «سودان جديد.» نضالنا بسبب فشل الدولة السودانية. ونحن رفعنا هذا الشعار قبل اتفاقية السلام.
* ماذا تقصد بشعار «فشل الدولة السودانية»؟ في زيارتك الماضية إلى واشنطن، ذهبت إلى الكونغرس، وقلت إن السودان «دولة اصطناعية». هل هذا نفس الشيء؟
- أنا قلت إن السودان مهدد بالتمزيق بسبب استمرار الحروب فيه منذ الاستقلال. وإن هذه الحروب سببت كارثة وطنية، وأفشلت الدولة السودانية.
* أنت قلت لأعضاء الكونغرس إن في السودان تفرقة عنصرية ضد «الأغلبية الأفريقية». أليس الشماليون أفارقة أيضا، بالإضافة إلى أنهم عرب ومسلمون؟ أنت تدين العنصرية، أليس ما تقوله عنصرية أيضا؟
- أنا لست عنصريا، وأنا انتقدت الذين يمارسون التفرقة العنصرية، والذين يريدون فرض دولة إسلامية عربية أصولية على الجنوبيين الذين ليسوا عربا وليسوا مسلمين.
* من هم الذين يمارسون التفرقة العنصرية؟
- أنت تعيش في واشنطن، ولا تعرف ما يحدث في السودان. هل تقرأ صحيفة «الانتباهة»؟ هل تعرف من هو الطيب مصطفى؟ إنه خال الرئيس البشير، ورئيس تحرير «الانتباهة». إنه يريد طرد الجنوبيين من الشمال. أشار إلي بالاسم، وقال يجب التخلص من باقان أموم. هل هناك تفرقة عنصرية أكبر من هذا؟ أنت تتحدث عن السودان الواحد. إنهم لا يريدوننا فيه، ويريدون إبادتنا. هذا دليل واضح على الإبادة الجماعية.
* طلب سلفا كير ميارديت، نائب الرئيس البشير رئيس حكومة الجنوب، من المجتمع الدولي حماية الجنوبيين في الشمال. هل هذه هي الإبادة الجماعية التي تتحدث عنها؟
- سلفا كير تحدث عن عراقيل أمام نقل الجنوبيين من الشمال إلى الجنوب للاشتراك في الاستفتاء. لم نطلب رسميا من المجتمع الدولي حماية الجنوبيين من الإبادة الجماعية. لكن، أثبت التاريخ أن المجتمع الدولي لا يتحرك إلا بعد بداية الإبادة الجماعية، كما حدث في رواندا، وكما حدث في دارفور. لهذا، أنا أدق ناقوس الخطر. وأقول إن على المجتمع الدولي مراقبة صحيفة «الانتباهة»، وتصريحات قادة حزب المؤتمر العنصرية. وشعار «الانتباهة»: «صوت الأغلبية الصامتة».
* أليست الأغلبية الشمالية مع الوحدة؟
- كيف عرفت؟ وكيف أعرف أنا؟ أنا أعرف حكومة حزب المؤتمر. وهي التي لم تجعل الوحدة جاذبة. وهي التي تضع العراقيل. وهي التي ليست حريصة على السودان الواحد الذي تتحدث عنه. نحن لسنا ضد الشماليين. أنا درست في الشمال، وأعيش في الشمال، وعندي أصدقاء شماليون كثيرون. مشكلتنا هي مع حزب المؤتمر الذي يحكم الشمال، ومع قادته العنصريين.
* إذا كان حزب المؤتمر ينفرد بحكم الشمال، ألا تنفرد الحركة الشعبية بحكم الجنوب؟
- تنفذ الحركة الشعبية اتفاقية السلام التي وقعت عليها، والتي ستنتهي بالاستفتاء في الجنوب في الشهر القادم.
* التفرقة العنصرية موجودة في كل العالم، ولم تكن سببا في تقسيم الدول. قبل فترة، نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» أنك قلت في لندن إن مشكلة الجنوب ستستمر ما دام الشماليون ينادونكم «عبيدا». لماذا تريد أن يتقسم السودان بسبب كلمة «عبيد»؟
- أنا قلت إن الجنوب سيقرر مستقبله في استفتاء الشهر القادم. وأنا قلت إن الجنوب عانى كثيرا من الظلم والكبت منذ استقلال السودان. حاربونا وقتلونا وطردونا من ديارنا، ويتموا أولادنا وبناتنا، ورملوا نساءنا، وشردونا إلى أستراليا واليابان وكوريا. لهذا، نريد أن نقرر مصيرنا.
* وليس بسبب كلمة «عبد»! - أنت سألتني سؤالا، وأنا أجبت عليه.
* أنت تعرف الولايات المتحدة معرفة كثيرة. توجد كلمة «نيغر» (عبد) هنا أيضا. ويستعملها بضع البيض ضد السود؟ لكنها لم تكن سبب تقسيم الولايات المتحدة. لماذا لا يكون الجنوبيون في السودان مثل السود في أميركا؟
- أنت تخلط بين مشكلتين مختلفتين جدا.
* أيهما كان أسوأ: تجارة البيض الأميركيين للرقيق، وتقييدهم بالسلاسل، وسحلهم، وإعدامهم بتعليقهم على فروع الأشجار؟ أو ما فعل الشماليون بالجنوبيين في السودان؟
- أولا: أنت نسيت أن الشماليين أعلنوا الجهاد ضد الجنوبيين. لم يعلن البيض في أميركا الجهاد ضد السود. ثانيا: أنت نسيت أن في أميركا حرية، وأنت تستمتع بها الآن، وتسألني هذه الأسئلة. ولا توجد في السودان حرية. ثالثا: أنت في أميركا لا تقرأ صحيفة «الانتباهة». ولا توجد في أميركا صحيفة مثل «الانتباهة»، ولا يوجد مثل الطيب مصطفى. لا يوجد في أميركا من يرفع شعار الإبادة الجماعية ضد السود. يا أخي، وضع الجنوبيين في السودان ليس مثل وضع السود في أميركا.
* لماذا لا تفتح صفحة جديدة مع الشماليين في السودان؟ في أميركا فتح البيض والسود صفحة جديدة. وها هو أوباما الأسود رئيس لأميركا.
- اسأل حزب المؤتمر، هل يريد فتح صفحة جديدة؟
* الرئيس البشير قال إن الجنوبيين في الشمال، إذا انفصل الجنوب، لن يكونوا مواطنين سودانيين، ويمكن اعتبارهم مقيمين في الشمال.
- ليست هذه مشكلة. إذا نزعت حكومة البشير الجنسية السودانية من الجنوبيين في الشمال، سوف تنزع حكومة الجنوب جنسيتها من الشماليين في الجنوب. وإذا وافقت على الجنسية للجنوبيين بالميلاد (الذين ولدوا في الشمال)، ستوافق حكومة الجنوب للشماليين الذين ولدوا في الجنوب.
* مشكلة أخرى: منطقة أبيي. الرئيس البشير قال إنه لن يتنازل. وقال إن اتفاقية لاهاي لم تعط أبيي لقبيلة الدينكا الجنوبية. وقبيلة المسيرية العربية قالت إنها لن تتنازل. ما هو الحل؟
- الحل هو أن يلتزم البشير باتفاقية لاهاي التي رسمت الحدود في منطقة أبيي. إنكار البشير لاتفاقية لاهاي مثل الذي يقول إن هذه ليست الشمس، هذه القمر. إذا كنت لا تصدقني، فافتح الإنترنت، واقرأ الاتفاقية.
* إذا لم يوجد حل، هل تتوقع حربا في أبيي؟
- إذا لم يوجد حل، نعم.
* إذا انفصل الجنوب، ستكون هناك قبائل عربية شمالية داخل حدود الجنوب، وقبائل جنوبية داخل حدود الشمال. ماذا سيكون وضعهم؟
- اتفقنا على أن تكون الحدود بين الشمال والجنوب هي حدود الولايات يوم استقلال السودان سنة 1956. الذين شماله شماليون، والذين جنوبه جنوبيون، بصرف النظر عن القبائل.
* قال وزراء في حكومة البشير إنكم لم تشجعوا الجنوبيين في الشمال على التسجيل والتصويت خوفا من أنهم سيصوتون مع الوحدة؟
- ليس هذا صحيحا. نحن طلبنا من كل الجنوبيين التسجيل والتصويت. في الشمال والجنوب، وفي أميركا وأستراليا، وفي كل مكان.
* لماذا، إذن، يقل تسجيل الجنوبيين في الشمال؟
- بسبب تصريحات عنصرية من وزراء في حكومة البشير. قالوا إن الحكومة لن تعالج المرضى الجنوبيين في الشمال، وستطرد أولادهم وبناتهم من مدارسها، إذا انفصل الجنوب. ألا يدعو هذا إلى دق جرس الخطر توقعا لإبادة جماعية؟
* لكن حكومة الجنوب بدأت تنقل الجنوبيين من الشمال إلى الجنوب؟
- اضطررنا لنفعل ذلك بسبب تصريحات الوزراء الشماليين العنصرية التي أخافت الجنوبيين في الشمال. أكرر: تبدو أن هذه إرهاصات الإبادة الجماعية.
* هل كنت ستتحدث عن الإبادة الجماعية لولا حديثك عن تقسيم السودان؟ ألا تعرف حرص الشماليين على وحدة السودان؟
- أساس المشكلة لم يكن وحدة الدولة السودانية. كان فشل الدولة السودانية: أولا: فشلت لأنها ليست دولة تساوي بين السودانيين، شماليين وجنوبيين، مسلمين ومسيحيين ووثنيين. ثانيا: فشلت لأنها أعلنت الحرب على أبنائها، سواء في الجنوب أو في دارفور. ثالثا: فشلت لأنها، في عهد حكومة البشير، أعلنت «الجهاد» (الحرب الدينية) في الجنوب.
* ألم يكن الجنوبيون جزءا من هذه الدولة التي تقول إنها فشلت؟ ألا تتحملون مسؤولية الفشل الذي تتحدث عنه؟
- كيف نتحمل مسؤولية الفشل ونحن المضطهدون والمظلومون؟
* رفعتم شعار «سودان جديد»، ثم شعار «الوحدة الجذابة»، ثم تتحدثون الآن عن الانفصال. ماذا تريدون؟
- نريد حقوقا متساوية. إذا لم نحصل عليها في السودان المستقل، يمكن أن نحصل عليها في الجنوب المستقل.
* أليست كل هذه الضجة هي بسبب «إسلاموفوبيا»؟ بسبب خوفكم من الإسلام والمسلمين؟ وبسبب خوف الأميركيين، الذين يؤيدونكم، من الإسلام والمسلمين؟
- أنت تكرر الحديث عن الدين. وأنا أقول لك إن نضالنا ليس دينيا، نضالنا وطني. ونحن لا صلة لنا بـ«الإسلاموفوبيا» في أميركا.
* قلت إنكم لستم غاضبين على الشماليين. ولكن على حزب المؤتمر وحكومة البشير؟ لكن، قبل حكومة البشير كانت هناك حكومات إسماعيل الأزهري، وعبد الله خليل، وسر الختم الخليفة، وجعفر نميري، والصادق المهدي. ذهبوا كلهم، وبقي السودان.
- كل هذه الحكومات ظلمت الجنوبيين وحاربتهم وشردتهم. وأدعوك لقراءة التاريخ:
ألم ترفض حكومة الأزهري «الفدريشين» (الحكم الفيدرالي) للجنوبيين؟ ألم يرسل عبد الله خليل، ووزير دفاعه حسن بشير، الدبابات إلى الجنوب لقتل الجنوبيين؟ ألم يلغ جعفر نميري اتفاقية الحكم الذاتي للجنوب، بعد أن كان وقع عليها هو نفسه؟ ألم يرفض الصادق المهدي إلغاء قوانين الشريعة التي وضعها نميري؟
* تركز على أخطاء الشماليين. ماذا عن أخطاء الاستعمار البريطاني؟ أعلنت بريطانيا قانون «المناطق المقفولة» في الجنوب. ومنعت اللغة العربية والإسلام والجلابية والثوب الشمالي. وشجعت الكنائس لنشر المسيحية لوقف زحف الإسلام، كجزء من سياسة غربية لوقف زحف الإسلام في أفريقيا جنوب الصحراء.
- أولا: هناك فرق بين سنوات الاستعمار، والذي ناضل الشماليون والجنوبيون، كإخوان معا، ضده من أجل الاستقلال، وبين سنوات ظلم الأخ لأخيه. ثانيا: أنت تضع المشكلة في قالب ديني. وأنا أقول لك إنها مشكلة وطنية. يريد الجنوبيون وطنا يتساوى فيه المواطنون، رغم اختلاف أديانهم وأعراقهم ولغاتهم.
* إلى متى ستردد أخطاء الماضي؟ لماذا تريد تقسيم السودان لأنك غاضب؟ هل قرأت ما كتب شمالي بأن الجنوبيين مثل الذي يخصي نفسه بسبب غضبه على زوجته؟
- وهل قرأت ما كتب جنوبي بأن عقلية البشير مثل عقلية القراصنة؟
* أنت الذي قلت لصحيفة «واشنطن تايمز»، عندما قابلوك هنا في واشنطن، إن البشير يعمل بعقلية قراصنة، وإنه يبتز الرئيس باراك أوباما.
- أنا قلت الحقيقة.
* إذا انفصل الجنوب، هل ستبقى في الخرطوم؟ أو تعود إلى الجنوب؟
- أنا الآن وزير السلام في حكومة الجنوب التي هي جزء من وطني السودان. وإذا صار الجنوب مستقلا، وصرت وزيرا، سيكون الجنوب وطني.
* ماذا عن الشماليين الذين يتحالفون معكم في الحركة الشعبية؟ إذا انفصل الجنوب، هل سينتقلون إلى الجنوب؟
- اسألهم.
* صار بعض هؤلاء في حيرة، لأن تحالفهم معكم لم يكن هدفه تقسيم السودان؟
- اسألهم عن رأيهم. رأيي أنا هو اتفاقية السلام نصت على تقرير المصير للجنوب. وعلى كل أعضاء الحركة الشعبية احترام هذا. وإذا اختار الجنوب الانفصال، على كل أعضاء الحركة الشعبية احترام هذا.
* كان هؤلاء الشماليون معكم تحت شعار «سودان جديد». لكنكم تريدون الآن تقسيم السودان؟
- شعار «سودان جديد» يمكن تنفيذه حتى إذا صار الجنوب دولة مستقلة. «سودان جديد» الهدف منه إعادة بناء الدولة السودانية.
* هل تعتقد أن الجنوبيين سيؤيدون الوحدة أو الانفصال؟
- صار واضحا أن الجنوبيين يقولون إن حكومة البشير لم تجعل الوحدة جاذبة، ويعني هذا أنهم سيختارون الانفصال.
* سلفا كير ميارديت، نائب الرئيس البشير رئيس حكومة الجنوب، قال: «أنا ما انفصالي. أنا وحدوي، لكن الناس ما يفهمونني». هل سلفا كير وحدوي صحيح؟
- لماذا لا تسأله؟
* هل أنت وحدوي أو انفصالي؟
- أنا رجل وطني ومناضل.
* هل سينفصل الجنوب؟
- سنعرف يوم التاسع من الشهر القادم.
* أنت أمين عام الحركة الشعبية. لماذا لا تدعو ليصوت الجنوبيون مع الوحدة لأن في ذلك فوائد واستقرارا للشمال والجنوب؟
- اتفاقية السلام قالت إن الجنوبيين سيقررون مصيرهم بأنفسهم.
* اتفاقية السلام أيضا قالت إن على الجانبين تشجيع الوحدة؟
- نعم، تشجيع الوحدة بأن تكون الوحدة جاذبة. لكن، خلال 5 سنوات، فشل حزب المؤتمر في جعل الوحدة جاذبة. بعد أن بقي شهر على الاستفتاء، يتحدثون عن جعل الوحدة جاذبة. لكن، تحرك القطار من المحطة.
* يوم التاسع من الشهر القادم، عندما تدخل مركز التصويت، هل ستصوت مع الوحدة أو الانفصال؟
- التصويت سري، وسأصوت حسب ضميري، ولن أقول لك.
* حسنا، ماذا سيكون إحساسك وأنت تدخل مركز التصويت؟
- إحساس أنني، أخيرا، سأصوت للحرية. الحرية لي ولأولادي وأحفادي. سأصوت ضد الظلم والعبودية.
* معنى هذا أنك ستصوت مع الانفصال؟
- أنا لم أقل ذلك.
* واضح أنك ستصوت لتقسيم هذه الدولة السودانية العظيمة؟