بالنسبة للحكومة !!
منى أبو زيد
10 January, 2012
10 January, 2012
"بالنسبة للعالم أنت شخص ما وبالنسبة لشخص ما أنت كل العالم" .. إريش فريد ..!
ما يزال العالم يذكر كيف خرج الشعب اليوناني إلى الشوارع، يوماً، احتجاجاً على مقتل شاب - واحد لا شريك له - برصاص الشرطة في أحداث شغب، وكيف حطم المتظاهرون واجهات المحلات، وهشموا زجاج السيارات، وأحرقوا صناديق القمامة، وكيف نظمت النقابات مسيرات الاحتجاج الحاشدة، وكيف ..، وكيف ..، دون أن يجرؤ شرطي واحد على أن يقول بغم ..!
كان بإمكان الحكومة اليونانية - وقتها - أن تواجه تلك الغضبة الشعبية بحجة قوية مفادها أن "المرحوم غلطان"، فالشاب القتيل هو الذي هاجم سيارة الشرطة برفقة آخرين، رشقوها بالحجارة والقنابل الحارقة، والشرطة لم تفعل شيئاً أكثر من إطلاق بضع رصاصات تحذيرية، طاشت إحداها فأصابت الشاب بجرح تسبب في وفاته ..!
لكنها عوضاً عن ذلك، سارعت باحتجاز الضابط، مُطلق الرصاصة الطائشة، واعتقلت ضباط آخرين، ثم قدم وزير الداخلية استقالته، وعندما رفض مجلس الوزراء طلبه، ظل الوزير يؤكد للشعب حرص حكومته على معاقبة المتورطين، ويعده بعدم تكرار تلك الحادثة، أبداً ..!
الأيام أثبتت – فعلاً - أن سرعة الإجراء ودقة المعالجة، كانت سبباً رئيساً في عدم تكرار الحادثة، رغم توالي المظاهرات وتكرر أحداث الشغب .. بدليل أن المتظاهر الوحيد الذي أُعلنت وفاته – قبل أيام – قد انتقل إلى الآخرة بسبب نوبة قلبية في أثناء مشاركته في المظاهرات الشعبية الأخيرة احتجاجاً على خطة التقشف التي أقرتها الحكومة ..!
أما في السودان فقد شهدت جماهير كرة القدم – الأسبوع قبل الماضي – فضيحة رسمية وثقت لتفاصيلها قناة قون التي كانت تنقل مباراة الهلال والأمل من إستاد مدينة عطبرة، عندما حدث بعض الشغب، فسارعت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع وكأنها تفض مظاهرة سياسية كبرى ..!
تدافعت الجماهير .. ركض من ركض .. وسقط من سقط .. وأصيب من أصيب وكادت تزهق أرواح .. لولا عناية اللطيف الخبير .. فما الذي حدث ؟! .. هل تمت محاسبة الذين أصدروا تلك التعليمات القاتلة ؟! .. هل خرج علينا مسئول حكومي واحد يعدنا بعدم التكرار على الأقل ؟! .. كلا بطبيعة الحال، وطبيعة الشرطة، وطبيعة الحكومة التي لم يطرف لها جفن ..!
وقد كان التكرار نتيجة راجحة لإهمال الحكومة التي لم تأتِ بردة فعل تليق بخطورة الحدث، في إستاد مدينة سنجة، وخلال احتفال الوالي والأهالي بعيد الاستقلال، قتل ثلاثة أشخاص – هذه المرة - وأصيب ستة آخرون، بعد أن تم إطلاق الغاز المسيل للدموع لأسباب مجهولة (حتى الآن) بحسب أول وآخر تصريح للسيد الوالي الذي أكد لوكالات الأنباء أن حكومته لا تعرف سبب الحادث الذي أدى إلى مقتل وإصابة أشخاص هم بالنسبة لبعض الأشخاص "كل العالم"، وبالنسبة للحكومة - ليسوا أكثر من - "بضعة أشخاص" ..!
munaabuzaid2@gmail.com