تتداول بعض الكتابات مصطلح "ضريبة النجاح" وهو مستنسخ من مصطلح سابق وهو "ضريبة الشهرة"، ولكنني أرغب في تدشين مصطلح "بدل نجاح"، وهو إلتزام قومي حكومي مقنن في التشريعات والدساتير والقوانين واللوائح مثله مثل المواد التي تمنح ذوي الحالات الخاصة تمييزا إيجابيا، ولو تم معاملة الناجحين بذات الميزات لذوي الإعاقة الحركية يكون أحسن ... لأن النجاح "معيق للحركة" وجريمة تستوجب الملاحقة والتتبع والتقصي عن مصدر العلة الخطيرة التي تصيب الإنسان الناجح ... ألا وهي "داء التميز" و "موهبة التفوق"، ولا عبرة إن كانت هبة من الله، هذا ليس عذرا للشخص الناجح، ويجب مكافحة مرضه في الطور المائي قبل أن يتشرنق ويتيرنق ويجب القضاء على هذه العلة تماما ويجب "كرتنة" الشخص الموبوء؟!
الأمر لا يستهدف الشخص الناجح وحسب ... بل حتى الدولة بجلالة قدرها ... يتم إستهدافها ... كيف تقدمين الناجحين؟! وكيف تسمحين لمرض التميز بالإنتشار؟! التميز - أيتها الدولة العظيمة - نادر بينما الرتابة والركاكة هي الأصل لأنها الأكثر إنتشارا وعلى الدولة الإلتزام بالمألوف والموجود ... هذا ليس حسدا معاذ الله ... هذا خوف من هدم وتفكيك وتمزيق النسيج الإجتماعي الذي يقوم على المألوف والموروث ... يجب أن تمضي الأمور بسرعة معقولة تناسب الجميع .. أما الذين ينمون نموا سريعا أن يتم "قصقتهم" أولا بأول ... نحن نحتاج حديقة متناسقة، كل الحشائش فيها مستوية ومسطحة ....تحفها الأشجار الكبيرة ... هذه النبتة كانت "حشيشية" مثلنا لا يجوز نزعها من الحشائش والتعامل معها باعتبارها شجيرة لتنسيق السياج الأخضر ... لقد كانت معنا "حشيشة" ويجب أن تبقى "حشيشة" وتموت معنا "حشيشة" ..!
إذا فالتميز مرفوض ورعاية وتقديم المتميزين أمر مرفوض أيضا ... فما هو الحل لو ركبت الدولة راسها ... أوأصر المتميز على المضي قدما داخل أو خارج بلاده ... الحل بسيط ... وهو "الإشاعة" و صناعة صورة جديدة له ... وهنا تظهر بعض المواهب لمحدودي المواهب وضئيلي القدرات ... هم لا يتميزون في مجالهم وعملهم ولكن لأن داء التميز يهدد وجودهم من الأساس تنشط بعض النظريات البيولوجية في أن الرغبة في البقاء والمحافظة على السلالة أقوى غريزة بشرية وتدفع الكائن الحي المنفرد أو "قطيع الفاشلين في هذه الحالة" للتوحش والهياج ..!
الإستثناء الوحيد لمحدودي المواهب والقدرات هو الإجتهاد الشديد وبذل العنت والمشقة في التأليف والحكاوي التي تستهدف المتميزين والناجحين ... وهم في ذلك مضحكين للغاية ... لأن الناجح والمتميز صاحب الخبرة والمراس معهم يدرك مستويات تفكيرهم وحدود مقدراتهم ... يستجمعون قواهم وينحتون ادمغتهم فتخرج "بعرة" وتتدحرج ... فيعرفها الناجح الذي خبر أنواع البعر وشدة شبهها بصاحبها ... ولطول خبرته يميز بسهولة بين كذبة فلان وإشاعة علان ... وبعد أن يكتشفوا أنها لم تؤثر ... يكررون بلا فائدة ولا جدوى ... وتخرج بعرة ثانية ... ويصابون بالغيظ فيلين قوام البعر ووتكثر كميته ... خاصة في لحظات التميز الشديد للشخص الناجح ..!
وهكذا ... يبقى قدر الناجح والمتميز التواجد وحوله هذه "الحالة" المستمرة ... يبقى عليه أن يخصص مقدارا من وقته لكنس الأوساخ من طريقه وهو يسد أنفه بيده ..!
ألا يستحق هذا بدل "نجاح" ... ألا يستحق هذا وجود حق دستوري مضمن في وثيقة الحقوق في الدستور تخصص حماية أوفر للنجاح والتميز ... ألا يستوجب هذا أن تلتفت الدولة بسرعة رغم أنها هي ذاتها مستهدفة ... تلتفت لكل موظف أو كادر أو حتى قطاع خاص يظهر في ملفه "داء النجاح وعلة التميز" ... فتخصص له هذا البدل لتواسيه وتخفف عليه من الأضرار ..!