برنستون ليمان: لم نتلق طلبا من الكونغرس لإنزال طائرة الرئيس البشير ونطالب بتقص دولي للجرائم التي ارتكبت في جنوب كردفان
رئيس التحرير: طارق الجزولي
7 July, 2011
7 July, 2011
لندن: القدس العربي: خالد الاعيسر:
المقدمة: آثرت أن أبدأ من حيث انتهينا، ولعل ذلك مرده أن اللحظات الأخيرة كانت أقل سخونة خلال فترة النصف ساعة التي جمعتني أمس بالمبعوث الأمريكي الخاص للسودان السيد برنستون ليمان بمعية المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية السيدة كاثرين فان دي فيت داخل مبنى السفارة الأمريكية (المحصن) في وسط لندن. مازحته بالقول، إنه لأمر جلل أن تكون مبعوثاً خاصة لدولة مثل السودان. دولة على الصعيد الداخلي مثقلة بجراحات ودماء والغام وصراعات سياسية وعلى الصعيد الخارجي تعد حلبة لصراع مصالح اقتصادية وامنية للدول الكبرى. بالضرورة إنها أصعب مهمة خلال مسيرتك في عوالم الدبلوماسية في أدغال القارة السمراء، سيما وأن خبراتك دفعت الرئيس بارك أوباما للتعوّيل كثيراً على مجهوداتك وقد سبق أن وصفك في خطابه بالبيت الأبيض يوم تعينك مبعوثاً أمريكياً خاصاً للسودان بالدبلوماسي المخضرم؟!. رد ممازحاً هناك من يشاطرك القول، فقد سمعت ذلك من قبل من المستشار السابق للامن القومي الأميركي برنت سكوكروفت بعد انتهاء أحد مؤتمراته الصحفية عن الأوضاع المعقدة في افغانستان والتي يرى سكوكروفت ضآلة حجمها قياساً بالأوضاع في السودان؟!. برنستون ليمان ينظر له كثيرون في أمريكا وخارجها باعتباره (آخر) حلقات مسيرة علاقة مضطربة بين الولايات المتحدة الأمريكية والسودان، علاقة أشبه ما تكون بلعبة القط والفأر. ولكن ثمة امران مؤكدان حول هذه العلاقة حسب كل القراءات بعد التاسع من يوليو تموز الجاري تاريخ انفصال السودان، فاما إمساك بمقتضيات المصالح العليا لكل طرف أو تسريح على أنغام صواريخ التوماهوك التي دكت مصنع الشفاء في العاصمة الخرطوم من قبل أو أنشودة (الطاغية الامريكان ليكم تدربنا) التي يحلو لأنصار حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان ترديدها كلما ساءت الأوضاع السياسية مع الأمريكيين. معلوم أن الولايات المتحدة لا تتورع عن فعل أي شيء لأجل حماية مصالحها من جهة وحكومة الرئيس عمر البشير هي الأخرى سارت في درب المواجهة مع الادارة الأمريكية منذ أن بزقت شمسها وبرعت في أجتياز كثير من المطبات. هكذا يبدو المشهد في هذه اللحظة التاريخية (رغم قصرها) من عمر السودان قبل أن يصبح سودانين. ***
الخلاصة
أفاد المبعوث الأمريكي الخاص للسودان برنستون ليمان أمس بأن بلاده لم تحرض دولة تركمانستان على إجبار طائرة الرئيس السوداني عمر البشير عدم عبور أجوائها للحيلولة دون وصوله الى الصين، خلال زيارته الأخيرة، كما صرح عدد من منتسبي حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان. وأضاف أن الحديث الذي أدلى به عدد من أعضاء البرلمان السوداني خلال جلسة خاصة عقدت مؤخرا لاصدار مشروع قرار يقضي بضرورة تبني سياسات جديدة للدولة السودانية تجاه التعامل مع أمريكا بانه حديث بعيد عن الواقع. ونفى أن تكون اللجنة الفرعية لأفريقيا بالكونغرس الأمريكي قد تقدمت لادارة الرئيس الامريكي بارك اوباما بطلب يقضى بضرورة أرسال قوات أمريكية خاصة لإجبار طائرة الرئاسية السودانية على الهبوط والقبض على الرئيس عمر البشير وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية، حسبما أفاد مهدي ابراهيم رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الوطني السوداني. وفي رده حول حديث الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد مؤخراً، الذي أشار فيه الى أن الدول الغربية قطعت السودان اربا اربا، وتتجاهل مطالبة شعوبها بالانفصال كما الحال لدى سكان الباسك الإسبان والايرلنديين الشماليين وسكان كورسيكا الفرنسيين وسكان جنوب الولايات المتحدة، قال ان حديث نجاد عن انفصال السودان يجافي الصواب، وأشار الى أنه من مواطني كاليفورنيا وأنه لم يطلب كما هو حال لدى الكثيرين من مواطنيه الانفصال عن الولايات المتحدة الأمريكية، وأضاف 'الحالة السودانية لها خصوصيتها وهناك صراع دموي تاريخي أدى لهذا الانفصال'. تجدر الاشارة هنا الى أن الرئيس الايراني أحمدي نجاد كان قد أدلى بهذا التصريح مخاطبا القادة الاوروبيين والأمريكيين خلال تدشين سد شبهار جنوب شرق إيران عشية إعلان استقلال جنوب السودان، وتساءل نجاد 'كيف يريد المهتمون بحقوق مجموعة سودانية تقطيع السودان وفصل جنوبه ليصبح مستقلا ولا يتقاسمون هموم مواطنيهم بتنظيم استفتاء لتلك الشعوب'، في إشارة إلى الاستفتاء الذي نظمه المجتمع الدولي في كانون الثاني (يناير) وانتهى بالموافقة على استقلال جنوب السودان بنسبة 98.83'.
*** النص الكامل للحوار:
بداية سيد برنستون ليمان أتوجه لك بالسؤال عن الاتفاق الإطاري الذي تم توقيعه مؤخراً في أديس أبابا بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان، ماهو موقفكم منه؟ رحبنا منذ اليوم الأول بالاتفاق الإطاري، ونحن دائما كنا نعمل على حث جميع الأطراف في السودان على المضي قدما لإقامة علاقات حسن جوار مستقبلاً على أساس التعاون لتحقيق الاستقرار والمصالح المشتركة، في الختام هدفنا هو أن نرى دولتين تعيشان في سلام بعد الانفصال وهذا الاتفاق الإطاري يساعد في تهدئة الأوضاع بجنوب كردفان والنيل الأزرق والمساعدة، من ثم فى إيجاد حلول مرضية لما تبقى من قضايا عالقة. ما هو موقفكم من الصراع الذي نشب في ولاية جنوب كردفان من دون سابق انذار؟ لقد قامت الانتخابات في جنوب كردفان تحت رقابة دولية، وقد كان مركز (كارتر) من الولايات المتحدة في طليعة المراقبين لتلك الانتخابات، ولكن للاسف الشديد أن الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز ادم الحلو رئيس الحركة بولاية جنوب كردفان ونائب الوالي رفض النتائج واعتبرها مزورة، نحن طلبنا منه الذهاب للقضاء ولكنه رفض ذلك لاعتقاده أن الحكومة ستؤثر على القانون. اليوم ونحن نشهد هذا الصراع الدموي فقد اتصلت بعبد العزيز الحلو في عدد من المرات ومع مالك عقار كذلك لأجل التهدئة. جوهر الخلاف هو أن الحكومة لا تريد جيشين في الشمال وهي محقة في ذلك الى حد كبير والحركة بدورها تمانع في تسريح منتسبيها من العسكريين لحين ايجاد حل سياسي، لان عملية التسريح يجب ان تتم بعد الوصول للحل السياسي ونحن هنا نعتقد أن الاتفاق الاطاري الذي وقع مؤخراً في أديس أبابا يحمل حلاً لهذه القضايا ولكن يجب ايقاف القتال أولاً. هناك اكثر من سبعين ألف لاجئ في العراء يحتاجون للغذاء والدواء بعد ان نهبت مخازن الأمم المتحدة. وهناك أمر أخر مهم جدا، نحن نريد كذلك أن يتم تقص دولي للحقائق على الأرض في جنوب كردفان لأن عددا كبيرا من الفظاعات ارتكبت في حق الابرياء من المواطنين خلال الأسابيع القليلة الماضية. الحل الأنسب في تقديري هو تسريع الحل السياسي، وكلا الطرفين يحمل من المنطق ما يدعو لضرورة ايجاد صيغة توافقية عاجلة توجد حلا جذرياً لهذه المشكلة. ولكن في النهاية نحن نريد لجنوب كردفان الاستقرار وان يكون جزءا أصيلا في أطار الحلول السياسية الدائمة، حسبما نصت اتفاقية السلام الشامل. الأسبوع الماضي عقدت لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الوطني السوداني (البرلمان) جلسة خاصة لتحديد مستقبل العلاقات مع الولايات المتحدة وقد ذكر عدد من النواب أن اللجنة الفرعية لأفريقيا بالكونغرس الأمريكي تقدمت بطلب يقضى بضرورة أرسال قوات أمريكية خاصة لاعتراض طائرة الرئيس السوداني عمر البشير واجبارها على الهبوط بغية القبض عليه وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية، هل من صحة لهذا الأمر؟ أجاب ضاحكاً بشدة.. لم يصلنا طلب من هذا القبيل من الكونغرس وليست لنا خطة لفعل ذلك. هل صحيح أن أمريكا قد طلبت من حكومة تركمانستان عدم منح طائرة الرئاسة السودانية أذنا لعبور الأجواء التركمانستانية؟ لا.. لا.. أنا قرأت ذلك مثلك في الصحافة. الرئيس البشير ذكر خلال حوار أجرته معه صحيفة 'الغارديان' البريطانية مؤخراً أن دولاً بعينها دأبت على العمل بجد واجتهاد لازاحته ونظامه عن الحكم خلال العقدين الماضيين من بينها بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة. هل كانت لديكم خطط من هذا القبيل؟ لا.. لا.. لقد قلت ذلك مراراً، حتى على صدر صفحات الصحف السودانية نفسها، على العكس من ذلك نحن وضعنا خططاً بناءة لتطبيع العلاقات مع السودان وفق خارطة طريق واضحة المعالم ونحن ملتزمون بهذه الخارطة ولا نرغب في تغيير النظام ولا يعبر ذلك عن سياساتنا الفعلية ولا حتى مصالحنا ولا مصالح المنطقة، والذي نريده دولتين تعيشان في أمن وسلام في الشمال والجنوب وهذا هو الذي نحن بصدده. هل من الممكن أن ترفع العقوبات عن شمال السودان بعد انفصال الجنوب في التاسع من تموز (يوليو) الحالي؟ هناك نوعان من العقوبات الاقتصادية، جزء منها يرتبط باتفاقية السلام الشامل وهذا جزء من خارطة الطريق، وأما الجزء الأكبر من هذه العقوبات من الكونغرس وله علاقة مباشرة بالأوضاع في دارفور وهذا يتطلب ضرورة الوصول الى اتفاق سلام في دارفور. كثير من المهتمين بشأن العدالة الدولية في المنطقة العربية وداخل السودان على وجه التحديد يلاحظون انتقائية في تعامل الادارة الأمريكية مع قضايا المحكمة الجنائية الدولية ومذكرات الاعتقال الصادرة عنها، مقارنة بالجرائم التي تتصل باسرائيل والجنود الأمريكيين في العراق وافغانستان.. لماذا هذا الانتقاء؟ نحن لسنا اعضاء في المحكمة الجنائية الدولية كما هو معلوم، ولكن هناك نصوصا في نظام المحكمة يسمح لمجلس الأمن مطالبة المحكمة للتحقيق حول الجرائم ضد الانسانية، وهناك حالتان في صياغة هذا النص، الحالة الأولى كانت دارفور والثانية جاءت مؤخرا وهي ليبيا. ولما جاءت النتيجة بالادانة في الحالتين نحن توجهنا بمطالبة الدول لتنفيذ قرارات المحكمة والتعاون. أنا لا أعلم بأي حالة لم نطالب فيها بعدم تنفيذ قرارات المحكمة. في حواره مع 'الغارديان' مؤخراً أشار الرئيس البشير الى أن الادارة الأمريكية كثيرة الوعود وقليلة التنفيذ في اشارة لعدم ايفائكم بالعهود التي قطعتموها مع الحكومة السودانية وهذا الحديث يعبر عن حالة من عدم الثقة.. أليس كذلك؟ ضاحكاً.. نعم هناك عدم ثقة كبيرة، أنا لم أقرأ هذا النوع من الحديث عبر الصحف فحسب بل سمعته شخصياً من المسؤولين السودانيين، أستطيع أن أفهم ذلك لأننا تحدثنا عن التطبيع منذ العام 2004 و2005 والحكومة السودانية ترى أننا أخللنا بالعهود ولكن الحقيقة أن الأزمة في دارفور اعترضت سبيل ذلك التطبيع، هناك جرائم ابادة جماعية وجرائم حرب ولا يمكننا أن نسير في طريق التطبيع في ذلك التوقيت، وهذا سبب مباشر لهذا الاحساس في السودان. اليوم نحن بالتحديد نرغب في السير على هدي خارطة الطريق المعروفة بيننا ولقد نفذنا ما يخصنا من شروط والحكومة السودانية من جانبها سمحت بالاستفتاء وقبلت بالنتيجة، والذي تبقى في هذه الخارطة أن الرئيس أوباما سينظر بعد مرور ستة أشهر من قبول النتيجة وهي اعلان الانفصال الى امكانية رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. وهنا تجدر الاشارة كذلك الى بعض النقاط في اتفاقية السلام التي ترتبط بعملية التطبيع مع السودان وكل هذا النقاط واضحة في الرسالة، التي سلمناها للحكومة السودانية وليست لنا نوايا في تغيير تلك الخارطة وهذا ما نحن بصدد الالتزام به. اذن هل ما يجرى هذه الأيام في جنوب كردفان والنيل الأزرق له ارتباط مباشر بعملية التطبيع؟ نعم، لأن الجزء السياسي من الذي يجري في جنوب كردفان والنيل الأزرق هو جزء أصيل في اتفاقية السلام الشامل. وعليه لا يمكن أن تكون الحرب مشتعلة في تلك المناطق، وفي نفس الوقت تتحدث الحكومة السودانية عن أنها نفذت اتفاقية السلام الشامل. دعني أذهب بك بعيداً هذه المرة، الى دولة ايران حيث تركت زيارة الرئيس البشير لها مؤخراً تأثيرا عبر عنه التصريح المنسوب للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والذي قال فيه ان الدول الغربية قطعت السودان اربا اربا وتجاهلت مطالب شعوبها بالانفصال كما هو الحال في الباسك الإسباني والايرلنديين الشماليين وسكان كورسيكا الفرنسيين وفي كاليفورنيا بجنوب الولايات المتحدة، ما قولكم؟ ضاحكاً.. أنا من كاليفورنيا ولم يسبق لي أن طالبت بالانفصال عن أمريكا على الاطلاق، الحالة السودانية لها خصوصيتها وهناك صراع دموي تاريخي أدى لهذا الانفصال. ان الذي نؤمن به بعد الاستفتاء الذي جاء بهذا الانفصال ان السودان عاش سنوات طويلة في الحرب الأهلية وخلال هذه الحرب لم يكن متاحا للاطراف وضع نهج علمي للخروج من هذه الدوامة، دوامة الحرب. وما افصحت عنه نتائج الاستفتاء هو اختيار الجنوبيين للانفصال وهذا الأمر منصوص عليه في اتفاق السلام الشامل وهذا الأمر أيضاً ارتضاه الطرفان في الاتفاق واقروا بمبدأ احترام نتائجه. أنا أعتقد بعد كل هذه السنوات من الاقتتال والتفاوض أن الانفصال مع مرارته طريق مقبول للوصول للسلام بدلاً من ارغام الناس للعيش في وطن متحارب طوال هذه السنوات. حزب الأمة يلقي باللائمة على أمريكا لعزله والأحزاب الشمالية الأخرى من الاتفاقات بداية من نيفاشا وانتهاء بأبيي هذه الأيام، ويفسر ذلك اعتقاداً منكم في الحكومة الأمريكية بقوة الحزب ومدى تأثيره على الواقع السياسي السوداني، علماً بأنه الحزب الأكبر في السودان في آخر انتخابات تمت قبل مجيء الانقاذ، وله نفوذ حقيقي على الواقع السياسي السوداني.. ما قولكم؟ لقد التقيت قيادات حزب الأمة ممثلة في السيد الصادق المهدي وابنته، ولهم الحق في هذا الشعور ولكن الطريقة التي وضعت بها اتفاقية السلام الشامل نصت على ضرورة تفاوض الطرفين القياديين ممثلين في حزب المؤتمر الوطني من جهة والحركة الشعبية من جهة أخرى وهي بذلك لم توضع لاستصحاب الاحزاب الأخرى ولا حتى منظمات المجتمع المدني التي ابدت امتعاضاً بدورها من هذا الواقع، ولكن الاتفاقية نصت كذلك على ان تكوين حكومة قومية في العام 2010 على خلفية الانتخابات التي جرت العام الماضي وتلك الانتخابات كانت الوسيلة الامثل لدخول هذا الاحزاب في سياق العملية السياسية، ولكن نتيجة الانتخابات لم تأت بهذه الاحزاب ولا حتى منظمات المجتمع المدني وللاسف هذا هو النهج الذي نصت عليه اتفاقية السلام الشامل. ولكن المهم ان الاتفاقية نصت كذلك على ضرورة وضع دستور جديد في كلا الدولتين وتلك المرحلة تمثل فرصة جيده للاحزاب والمنظمات لأن تكون جزءا اساسيا في العملية السياسية. هل من الممكن أن نرى الشركات الامريكية في الجنوب بعد تاريخ التاسع من يوليو؟ العقوبات المفروضة على السودان الان، لا تنطبق على الجنوب وعليه من الممكن ان تدخل الشركات الأمريكية الى جنوب السودان بعد الانفصال ولكن هناك استثناءات. الرئيس أوباما وصفك في خطابه بالبيت الأبيض يوم تعيينك مبعوثاً أمريكياً خاصاً للسودان بالدبلوماسي المخضرم وعليه هناك من يعتقد في السودان أنك قادر على جسر هذه المسافة المتطاولة بعداً وشقاقاً بين الدولتين.. ما قولكم؟ المهمة الاساسية التي كلفني بها الرئيس أوباما هي أننا لا نريد للسودانيين العودة الى الحرب وعلينا فعل كل شيء لتحقيق ذلك وهذا هو التوجيه الذي كلفتني به الادارة الامريكية، وهذا هو الأمر الذي أعمل لآجله بكل طاقتي من عدد من المبعوثين من دول أخرى ولكن في النهاية الأمر يعود للسودانيين، هذا هو وطنهم ولكننا على أتم الاستعداد لمساعدتهم حتى يلبوا متطلبات خارطة الطريق وصولاً لعلاقات أفضل، وعليه السودانيون هم من يجسرون هذه المسافات. اذا لم يتحقق ما ترمي اليه من أهداف بغية عدم العودة للحرب بعد يوليو على سبيل المثال، القتال الان على أشده في جنوب كردفان، هل نحن امام سيناريو لتدخل دولي تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة؟ أعتقد أننا سنرى ردة فعل هائلة من المجتمع الدولي اذا عادت الحرب في السودان، الان الأمم المتحدة تجهز لدخول قوات دولية لجنوب السودان بعد الانفصال، وستكون مهمة جديدة ومنفصلة وليست لها علاقة بتلك التي في الشمال الان ومهمتها الاساسية هي عملية بناء الجنوب ووضع حد للاقتتال بين الفصائل الجنوبية والعمل على تقوية المؤسسات في الجنوب وهذا الأمر في حد ذاته مساعدة كبيرة للجنوب. ولكن اذا عادت الحرب اعتقد ان الامم المتحدة يمكنها فعل الكثير ومن بين ذلك استخدام قوات حفظ السلام لتطبيق العقوبات اذا كان ذلك سيجعل الأمور أكثر وضوحاً. ولكن ايضاً الضغوط الدولية سيكون لها تأثيرها البالغ والدول عادة ما تضع اعتبارات لهذه الضغوط، خاصة اذا كان الأمر يتعلق بدول الجوار والدول المهمة في اطار العلاقات التجارية والاقتصادية وهذا ما طالبنا به بعض الدول للحديث مع القادة السودانيين وحثهم على الاتفاق على هذا الأمر وذاك. دعني أقول لك من هو قادر على أن يلعب الدور المهم في هذا الخصوص، بغض النظر انه رئيس الوزراء الإثيوبي ملس زيناوي لأن السلام والاستقرار في السودان أمر بالغ الأهمية بالنسبة لاثيوبيا، ولهذا فقد فعل زيناوي الكثير وكان اخر مجهوداته رعايته لقمة الايقاد التي اختتمت أعمالها أمس في العاصمة الاثيوبية ومجهوداته المتواصلة في الوساطة بين القادة السودانيين وعروضه للوساطة بين الطرفين. ماذا عن مباحثات الدوحة حول السلام في دارفور؟ لقد شاركت مؤخراً في محادثات السلام حول الوضع في اقليم دارفور واتابع عن كثب مع زميلي دين اسميث هو المبعوث الامريكي لدارفور وهو يعمل بصفة دائمة في سبيل ايجاد حلول لهذه القضية انطلاقاً من الدوحة. الذي أراه ان وثيقة سلام الدوحة تعد الأمثل قياساً باتفاق ابوجا واتفاقية سلام دارفور ولكن المحزن أن فصيلا واحدا فقط يبدو أنه سيوقع ونحن نعمل جاهدين لحث بقية المجموعات للانضمام لهذه المجهودات، وحركة العدل والمساواة أخيراً جاءت وتباحثت مع الاطراف ولم يتوصلوا لاتفاق بعد، ولكن كما يقول القطريون انهم قضوا أكثر من عامين ونصف العام في التفاوض بهدف الوصول الى توافق. لذا فان الوثيقة تمثل أرضية جيدة للانطلاق بدلاً عن بداية التفاوض من الصفر، في وقت يمكن فيه تطوير هذا الاتفاق ليلبي رغبات كل الاطراف، والجيد أن حركة العدل والمساواة ابدت مرونة في التعامل مع الوثيقة بدلا من البداية مرة أخرى، وهذا في حد ذاته تطور على الرغم من أنه غير كاف، ولكن واحدة من أهم مشكلات قضية دارفور أنه ليست هناك اتفاقية سلام شامل ولا يوجد اتفاق على ان يكون على طاولة التفاوض، هناك أربع أو خمس مجموعات مسلحة وهناك الحكومة من جهة ثانية وهناك التفاوض في الدوحة وأشياء أخرى، أنا أرى فيه موقفا صعبا للغاية أن تنظم وتجهز لسلام في ظل هذه الظروف. سؤالي الأخير له علاقة بالهجوم الاسرائيلي على شرق السودان الذي يهدف لتعطيل تهريب الاسلحة لحركة المقاومة الاسلامية (حماس) كما يقول الاسرائيليون، هناك من يعتقد بأن الولايات المتحدة تقدم دعما مباشراً لاسرائيل للقيام بمثل هذه الهجمات من قواعدها في البحر الأحمر؟ ليست لديّ أية معلومات عن هذا الأمر بكل صراحة ولا أدري كيف حدث ذلك الهجوم. *** السيرة الذاتية السفير برينستون ليمان عينته الولايات المتحدة مبعوثا خاصا للسودان في 31 مارس، 2011. وقد شغل في السابق منصب مستشار أمريكي في مفاوضات السلام التي جرت بين شمال السودان وجنوبه، حيث قاد فريق الولايات المتحدة، وتركز جهده على دعم المفاوضات بين الطرفين في السودان في العام 2005 والتي قادت لاتفاق السلام الشامل. وعمل سابقا زميل مساعد بمركز دراسات السياسة الافريقية في مجلس العلاقات الخارجية (CFR). وهو أيضا أستاذ مساعد في جامعة جورجتاون. وفي الفترة من 1999 إلى 2003، كان المدير التنفيذي لمبادرة التكافل العالمية في معهد أسبن. وشملت وظائف ليمان في الحكومة سكرتير مساعد نائب وزير الخارجية للشؤون الافريقية (1981-1986)، سفير اميركي في نيجيريا (1986-1989)، مدير برامج اللاجئين (1989-1992)، سفير الولايات المتحدة لدى جنوب افريقيا (1992-1995)، ومساعد وزيرة الخارجية لشؤون المنظمات الدولية (1996-1998). من 2008-2010 كان عضوا في اللجنة الاستشارية الأفريقية وممثل الولايات المتحدة التجاري. بدأ مسيرته الحكومة مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وشغل منصب مدير الوكالة الأمريكية للتنمية في أديس أبابا، إثيوبيا من 1976 الى 1978. السفير ليمان هو عضو في العديد من المجالس، بما في ذلك الصندوق من أجل السلام، والمؤسسة الوطنية للديموقراطية، ومجلس التنمية الأفريقية في أكاديمية العلوم للأكاديمية الوطنية للعلوم.
نقلا عن القدس العربي اللندنية - السنة الثالثة والعشرون - العدد 6864 الخميس 7 تموز (يوليو) 2011 - شعبان 1432 هـ http://alquds.co.uk/index.asp?fname=data\2011\07\07-06\06qpt951.htm