بسبب الأرض.. السودان مستباح منذ قديم الزمان (2)
شوقي بدري
11 November, 2022
11 November, 2022
بسبب عدم وجود استثمارات مضمونة في بلد مثل السودان حيث كل شئ في كف عفريت منذ خروج الادارة البريطانية من السودان . صارت الارض والعقار هما الاستثمار الاضمن . لهذا تسارع الناس في شراء ، نهب ، حيازة بوضع اليد تزوير أو استغلال النفوذ ....... الارض صارت حجر الزاوية . المزارع في الجزيرة تعدد اطفاله ، وعندما كبروا لم تعد الحواشة تسع الجميع . الجروف والجزر في النيل ضاقت وضاق بها اهلها . العلاج التعليم والفرص صارت اكبر في المدينة بالرغم من أن البعض لم ينجح الا أن الامل كان متوفرا في المدينة ومنعدما عند الشباب في القرية . الحكومات ،، الوطنية ،، كانت مشغولة باجندتها الخاصة . اما الجيش فقد صار القوة الاستعمارية الباطشة والمسيطرة على العمولات بعد أن فصل حزب الامة ميزانية الجيش وجهاز المشتروات من مشتروات الحكومة في 1965. الحلم لم يعد فقط التعليم والتمرغ في تراب الميري والاستمتاع بالوظيفة التي تعطي الامن الاقتصادي .
بدأت عملية نهب الارض في نهاية الخمسينات والستينات عندما تدفق الكثيرون من القرية الى المدن الكبيرة خاصة العاصمة . لم تكن للارض قديما قيمة كبيرة وبعض البيوت لم تجد من يستأجرها . وحتى عندما يتواجد المستأجر يكون الاجار قليلا .
ضاقت امدرمان باهلها ومن كان يجلس على عرش الوظيفة الوهيطة تحصل على ارض في العمارات وسلفية للبناء الخ. اصحاب الدخل المحدود اتجهوا الى منطقة المهدية التي عرفت فيما بعد بالثورة والتي مع ام بدة اكبر من امدرمان القديم التي كان يكفي مدفع قديم في ميدان الاهلية يصل صوته الى الجميع لافطار وسحور رمضان . القطع في المهدية كانت 300 متر مربع تمنح لمن سكن في امدرمان لفترة معقولة وله اسرة من اطفال زوجة والد ووالدة ومن يقوم باعالتهم . يحتاج الامر الى شهادة من شيخ الحارة الربع شهود والفسم على المصحف الشريف .
ذهبت في اجازة الى السودان في منتصف الثمانينات . قدمت لى والدتي كعادتها لستة بالواجب عمله بخصوص الزيارات الاجتماعية ، كعادتها الا انها لم ترافقني هذه المرة . من الواجبات كانت زيار فضل الله برمة زوجته خديجة الرحمة للجميع . كنا بمثابة اهل بسب أن ابن خالي صلاح هو ابن خالة خديجة طيب الله ثراها وكان ترددهم على صلاح الذي سكن معنا وتزوج شقيقتي يعتبر عاديا . سألت عن العنوان واحبرتني والدتي انهم يسكنون بعد رجوعهم من باكستان حيث عمل برمة ملحقا عسكريا في منزل اختى التي كانت تسكن في باريس . الوصف كان ....تصل بيوت الصول وتلف يمين والبيت الثالث هو بيت اختك . عرفت انني لن اخطئ بيوت الصول لانها مجموعة ضخمة متشابهة بعضها عبارة عن حيشان بدون مباني داخلها ، يجلس الصول نصر خارجها في الصباح او المساء يتلقى الراغبين في الشراء . دهشت لأن تلك الاراضي لا تمنح بالعشرات لفرد واحد.
التفسير لبيوت الصول نصر قد يكون في انتخابات 1953 لاختار الحكومة الانتقالية . هنالك كتاب يستحق القرائة اسمه حكاوي كنتربيري السوداني’ هنالك كتاب كنتربري اليريطاني . الكتاب كتبه البريطانيون الذين الذين عملوا في السودان منهم الاطباء الجيلوجون المساحون المهندسون الاداريون المعلمون والبروفسيرات الخ . في هذا الكتاب يكتب المفتش الانجليزي عن تجربته عن الانتخابات في ام بطيخ . كان مطلوب من المفتش الابتعاد وعدم التدخل في سير الانتخابات . الشاويش الذي كان يعمل تحت اوامر المفتش كان مكلفا لحفظ الامن . تنافس اثنان من كبار التجار في البلد في الانتخابات بجانب العمدة . عرف المفتش بعد الانتخابات من المفتش في المركز المجاور أن الشاويش المكلف بمراقبة انتخابات ام بطيخ قد اشترى اراضي كثيرة في المركز المجاور .
ما حدث هو أن التاجر الاول كان يطلب من الناخبين وعددهم محصور في تلك الدائرة الدخول للتصويت وبدلا عن وضع الاوراق في الصندوق يضعونها في جيبهم ويسلموها للتاجر مقابل 20 قرشا . رفع التاجر الآخر السعر الى 25 قرشا . لاحظ الشاويش المؤامرة . قام باعتقال التاجرين وافهمهما ان الجريمة تعني سنتين في السجن والبهدلة . والحقيقة ان العقوبة ستة اشهرفقط ويصعب اثباتها .
استلم الشاويش كل الاوراق ورشوة ضخمة من التاجرين ثم ،، سلم ،، الاوراق للعمدة !!! الذي كان سعيدا واعتذر للمفتش انه كان يريد تكريمه بطريقة مميزة ولكن قانون الانتخابات كان يحرم تكريم المسؤولين لضمان سلامة الانتخابات .
في سنة 1963 وجد الشيخ السراج مقتولا وقد تم تقطيعه بطريقة تدل على التشفي . قال الطبيب الشرعى أن من قام بتقطيعه لابد أن يكون جزارا محترفا . تم اعتقال محمد مصطفى الجاك صهر حديد ابن السراج لانه جزار . قضي الاسبوعين التي يسمح بها القضاء لاعتقال المتهم قبل تقديمه للمحاكمة او اطلاق سراحه . الأمر كان تحصيل حاصل . صديقي ياء الدين ود فاطة البناء من ودنوباوي كان من اشداء الانصار. كان قد خرج لتوه من السجن بتهمة محاولة قتل رئيس تحريروصاحب جريدة الصراحة العم عبد الله رجب . السبب هو انه اورد اسم الصديق المهدي الصديق افندي المهدي . وافندي تتبع كل من تخرج من كلية غردون . وحسب كلام الدين فهذا كفر . هجم تيم ،، الدين ود فاطمة ،، وتركوا عبد الله رجب بعد أن حسبوه ميتا . الدين كان يقول في مقهى مهدي حامد امامي وآخرين مفتخرا .....ان ابطال الانصار من قتل الشيخ السراج .
كان من المفروض التحقيق مع زوجة السراج السيدة رحمة والدة الصادق المهدي، لانها كانت زوجته على سنة الله ورسوله ،فهو المحلل بعد طلاقها من الصديق للمرة الثالثة . صدرت من السراج بعض التصريحات في مجموعة ابروف ومن اعضاءها حسن وحسين الكد والصحفي والوزير خضر حمد اغضبت الانصار . لم يسمح ابدا بالتحقيق مع السيدة .
المحققان الرئيسيان كانا الصول نصر وقريبه الشاويش حسن بخيت والد الكاتب الصحفي كمال الرحمة للجميع . كمال حسن بخيت تزوج الصول نصر صار ذا سطوة بعدها .
في نفس الوقت ظهرت ما عرف بالقضية الاخلاقية . مجموعة من كبار السودانيين منهم وزراء ورجال دولة ، كانوا يستغلون بعض الاحداث من ــــ اسر مستضعفة ــــ جنسيا في امدرمان . أقوى شهادة كانت شهادة بنت صغيرة السن لانها قالت عن الوزير الاصلع وصلعته وما كان يمارسه معها بتفاصيل . القضية ماتت ولم تحصل ادانة لأحد .فص ملح وانماص . الكشة كان المقصود بها احد رجال المجلس العسكري في حكومة عبود التي تسلمت الحكومة باوامر رئيس حزب الامة الكتابية . الرجل المستهدف تم تحذيره ووقع الآخرون في الفخ مما وضعهم في موقع ضعف في معارضتهم للحكومة العسكرية فيما بعد .
اقتباس
أشهر شنطة في السودان .. بقلم: شوقي بدري
الجميع او الاغلبيه قد سمعوا بقضية قتيله الشنطه . و هذه الجريمه وقعت في 1963 و علي ما اظن في مايو و عائشه هارون بائعه هوي ظريفه دمثة الاخلاق كانت نازحه من غرب السودان .. لم تكن متمكنه من اللهجه السودانيه بطريقه كامله و كانت تقول عن اسمها ( اسه ) بدلا عن عشه . و لونها يميل الي ،،الصفار ،، بجمال متوسط . الا انها كانت جذابه اتت لامدرمان كفتاة معدمه و بعد مده صارت ترتدي الذهب و تقول مفتخره ( اندي اسره تياب ) اشاره لثيابها العشرة . احدها الثوب اسرار الذي كان ثوب الموسم ووجد الجثة ملفوفة به.
و لم يكن لها اهل في امدرمان . لذا كانت تذهب الي اهلها و معارفها في عشش فلاته و تمكث عدة ايام . عشه هارون لم تكن في مستوي جمال غانيات امدرمان قديما مثل بت الشنقيطي ، اسماء الحلبيه التي تزوجها البلطجي ود الحناوي او عشه ام رشيرش التي احترفت الغناء كذلك ، و المغنيه فاطمه الحاج ، و عشه كرار ( ام عفاف ) ، سيده بت نور الشام التي لجمالها الباهر كانت عشيقه احد اكبر الزعماء الدينيين في امدرمان و عزيزه عوض التي بسببها اخذ احد الضباط الشعراء علقه بالخيزرانه من احد كباتن كرة القدم .
و قبل هؤلاء بزمن كان هنالك اخريات مشهورات و لقد ذكر العميد يوسف بدري في مذكراته انه واصدقائه كانوا في صله مع بت الشرفولا التي كان لها منزل يرتادونه
الحي الذي سكنت فيه عشه و رفيقاتها عرف بفريق جهنم و هي المنطقه المحصوره بين فريق السوق و ترب الشهداء و مستشفي امدرمان الكبير . منزل عشه كان في الزقاق الثالث المتفرع من شارع نادي الهلال القديم و له بوابه ضخمه من الحديد ، و يشاركها في المنزل عدة فتيات احداهم مريم و يرجع اصلها الي جبال النوبه و هي قوية البنيه طيبة القلب تتعرض للزبائن المشاكسين . و ساعدت كثيرا في تحريات البوليس و تعرفت هي و بقية الفتيات في طابور الشخصيه علي المتهم صديق عبدالله سيد احمد و هو مدرس و شقيق المهندس سيد احمد عبدالله سيد احمد . كما تعرفن علي صديقه و قريبه بكري ، الذي حضر مع صديق في احدي المرات يقود سيارة تاكسي بالرغم من انه ليس سائق تاكسي .
عندما انتقلت اسرة الاستاذ صديق الي منزله الجديد في الثوره طلبت حماته من الخادم ان يحفر حفرة دخان . و اصطدمت العتله بشنطه حديديه كبيره . فظنت حماته بانهم قد عثروا علي كنز او خزنه لان المنطقه كانت جديده . و عندما اخبرت الحماه صديق بامر الخزنه لم يبدي اي نوع من الفضول العادي بل طالب بالاتصال بالبوليس مباشرة . و هذا ما جعل البوليس يوجه اليه تهمة القتل او التستر علي القتل .
المحكمه الكبري التي تشكلت كانت بزعامة مولانا هاشم محمد ابو القاسم و عضوية محمد صالح عبداللطيف وقيع الله و ثالث اظن انه الكتيابي .
القضيه استمرت لمده طويله و بلغت 2000 صفحه و قامت المحكمه بزيارة منزل صديق و منزل عشه هارون و حكم علي الاستاذ صديق بسته سنوات سجنا .
و اذكر ان محمد صالح عبداللطيف كان يناقش معي القضيه لانه يعلم ان لي صلات بعالم امدرمان السفلي ولي اصدقاء وسط الجرسونات و عمال المطاعم و بائعي السوق للمرطبات و الخضار و المتجولين . و كان ضد الادانه لان سبب الوفاة لم يكن معروفا والسينمات والبارات التي تظل مفتوحة الى منتصف الليل ويستأجرون غرفا في تلك المنازل التي يمتلكها كبار اصحاب الاملاك والتجار. مولانا محمد صالح كان يقول أن الجثه متحلله و هنالك امكانيه ان لا تكون الجثه جثة عشه هارون . و وجه في المحكمه سؤالا للخبير الذي كشف علي الجثه و ساله اذا كانت الرائحه من النوع النفاث الذي يؤثر علي الرؤيه مثل البصل مثلا .
كما كان يميل للتحقيق مع بكري الذي لم توجه له اي تهمه و احدي الفتيات ذكرت انها لم تكن متأكده من صديق في زيارته الاخيره لانه كان يغطي فمه و انفه بمنديل يحمله في يده . و بكري كان مصابا بقطع في يده و يده مربوطه بشريط و شاش و بكري و صديق كانا في حجم متقارب .
بكري عرف في العالم السفلي في امدرمان بانه( شفت ) و يقال انه عاش لفتره خارج السودان و كان يدعي انه كان في اميركا .
محمد صالح زوج اختي و الذي كان يشاركني السكن وقتها كان غير راضي عن سير القضيه الا انه لم يكن رئيس المحكمه ولا يحدد سيبر القضية و المنطق يقول ان القتيله لم تقتل في منزل صديق و الا لما احتاج الامر لشنطه ضخمه لدفنها . و الشنطه استعملت لنقل الجثه .
ما كنت اسمعه انا و يتردد في امدرمان و لم يذكر في المحاكمه التي كنت احضرها في بعض الاحيان ان صديق قد اتهم في الجزيره بقتل زوج امرأه كانت تربطه بها علاقه . و الزوج وجد مقطعا في جوال . و وجه الاتهام كذلك لصديقه عبدالله كبيده و لان ال كبيده كانوا اقوياء في الجيش و شقيق كبيده كان علي راس الجيش في كردفان فلقد تفرغ لفتره لقضية شقيقه و حكم علي صديق و عبدالله كبيده بالبراءة .
في فترة قضية الشنطه كان ابو رنات رئيسا للقضاء و ابدي كثيرا من الاهتمام بالقضيه و قام بدراسة الاثنين الف صفحه دراسه دقيقه . و برات محكمة الاستئناف الاستاذ صديق .
المحامي في تلك القضيه كان عبدالحليم الطاهر الذي كان قاضيا قبلها . و هو من اولاد امدرمان المدردحين و له صلات واسعه و يحب القعدات و مجالس امدرمان ، و صار له مكتب يواجه الركن الشمالي الغربي لحوش الخليفه علي شارع المورده .
لقد كان لنا قضاءا رائعا وقتها و لم يكن في الامكان تعذيب المتهمين و انتزاع الاعترافات منهم كما صار عاديا بعد سيطرة المصريين علي جهاز الامن في 1970 . و لقد اتهم الاشتراكيون و الشيوعيون و كثير من الوطنيين ابو رنات بالفساد و مساندة القهر . الا ان ابو رنات كان من اعظم رجال القانون في العالم و له حضور و مشاركه في سن بعض القوانين التي لا تزال تدرس .
و نحن كنا ننسي ان ابو رنات كان يحكم بمواد في القانون موجوده او يؤيد حكم قضاة اخرين علي ضوء قانون موجود لا يستطيع هو ان يغيره . و لقد هاجمه الوسيله احد قيادات الحزب الشيوعي رحمة الله عليه في احد مجالس امدرمان و لم يغضب ابو رنات . و عندما اشعل سيجارته بكبريت الورده و هو صناعه سودانيه رديئه ، طار راس العود فقال له الوسيله هازئا ( يا مولانا حاسب من اللعب بالنار ) فضحك مولانا ابو رنات
من المؤلم ان قاتل عشه لم يعرف و اظن ان البوليس لم يكن مهتما كثيرا فالقتيله بائعة هوي و هي امرأه لا اهل لها في امدرمان و من اصل قد لا يكون سوداني .
و كذلك لم يتعرف علي قاتل قتيلة الكوشه و هي كذلك بائعة هوي . و علي خلاف عشه هارون فلقد كانت من وسط السودان و تحمل شلوخ المنطقه . وجدت جثتها وسط نفايات امدرمان التي كانت تحرق في كوشة الجبل ، المنطقه تقع جنوب نادي المريخ . و لقد اكتشف الجثه احد عمال الصحه التي تتبع لبلدية امدرمان .
لم اعرف القتيله شخصيا و لكن بالاطلاع علي الصور التي شاهدتها عند مولانا محمد صالح تذكرت انها احدي بائعات الهوي في امدرمان . المتهم بقتل قتيلة الكوشه كان من ال السراج ( و اظن ان اسمه معاذ) و عندما فشل البوليس في ابراز ادله بعد انقضاء فترة الخمسة عشر يوم المسموح بها ، رفض القاضي محمد صالح تجديد امر الاعتقال .
ذهب هذه السيده اختفي كذلك مثل ذهب عشه هارون مما جعل الناس يرددون قصة الفيلم المصري ريا و سكينه . و هذه قصه حقيقيه لاستدراج الفتيات و قتلهم و سرقة ذهبهم بواسطة ريا و سكينه و دفنهم . الي ان اكتشف احد عمال المجاري الجثث اثر عملية حفر .
ما كنت اعرفه ان عشه هارون وقتها كانت حاملا او تظن نفسها حاملا. و كانت تربطني صداقات واسعه مع اولاد السوق و هم ركيبي القهاوي و العجلاتيه و بعض الصنايعيه و السبابه و الباعه المتجولين . و يسكنون في غرف تستاجر باليوم و الايجار 30 الي 40 قرش في اليوم للغرفه الواحده و يجاور او يشارك اولاد السوق بائعات الهوي في السكن . و يجتمع الجميع لشرب القهوه و لعب الورق ( سيف ، 31 او كنكان ) و ينضم اليهم سائقي التاكسي و الجرسونات و هذه هي الحياه الاجتماعيه الوحيده التي كان يجدها هؤلاء النسوه بجانب الابتزاز و الاهانه من السلطه و رجال الامن .
المنازل الكبيره كانت تستاجر في امدرمان بعشره الي 15 جنيه في الشهر . و ايجار تلك المنازل المحيطه بالسوق كان يدخل اربعه او خمسه اضعاف الايجار العادي . و اصحاب المنازل كانوا من اغني تجار امدرمان المعروفين و يتمتعون بالاحترام وان كنت ولا اذال اجد رفقة البسطاء خير من رفقة النخبة . .
المجتمع وقتها كان يرحب بوجود تلك الاماكن . و الكبار كانوا يعتبرون وجودها مفيدا لانه يقلل من انحراف الشباب و يحد من الشذوذ الجنسي الذي كان و لا يزال موجودا
و في ايام نميري منعت تلك المنازل فاختلط الحابل بالنابل . و صار البعض يفرض اتاوات لحماية العاهرات .
السويد هي البلد الوحيد في العالم التي لا تجرم المرأة علي ممارسة الدعارة و لكن القانون يعاقب الرجل اذا ثبت انه مارس الجنس او شرع في ممارسة الجنس بالأجر المدفوع . وهذا قضى على الدعارة في السويد و صارت محصوره جدا ، و لا يقع النساء المسكينات تحت قبضة المافيا .
ليس الغرض هنا التشهير او ادانة او تشجيع اي نشاط و لكن تذكير ببعض الماضي في مجتمعنا حتي نستفيد من الدروس و يعرف ابنائنا و احفادنا .
انا اكتب من الذاكره فقط واذكر ان القضيه كانت فى مايو 63 .
المؤلم ان عائشه هارون كانت احدى المسحوقين فى مجتمع ذكورى يستقل المهمشين ولا يزال يحتقر المرأه . فريق جهنم كان مكان لشراء المتعه الجنسيه . وفى قرار مولانا ابو رنات يقول فيه انه لا يصدق كلام العاهرات فقط لانهن عاهرات ولكن لان اقوالهن متضاربه . وان زعم العاهرات بأنهن خفن من المتهم وأهله غير صحيح لان المتهم لم يكن رجلا فى السلطه .
المحقق فى البوليس كان فى العاده رجل بوليس عادى وليس قانونى وبتعليم متدنى جدا لا يزيد عن الاوليه وفى العاده من قبائل وسط السودان وكانوا يتعاطفون مع امثال صديق لانهم اولاد البلد وعشه هارون لا تعدو كونها عاهره لا اهميه لها . ولقد عرفت عن محققين اخفوا معلومات او اضافوا معلومات نتيجه وساطه او بالاجر المعلوم الذى لم يتعدى الخمسه او عشره جنيهات .
ولقد مورس الضغط على زميلات عشه هارون لتغيير اقوالهن . وقصه الرجل صاحب البدله قصه فارغه ضحك عليها الناس فى امدرمان فارتداء البدله وقتها كان حكرا على مجموعه قليله جدا من البشر . وعشه اختفت فى الصيف فمن غير المعقول ان يحضر شخص مرتدياً بدله داكنه فى الصيف . واصحاب البدل لم يكن يرتادون تلك الاماكن . ولقد كان لى وجود فى تلك الاماكن لان كثير من اصدقائى يسكنون هنالك ولم يحدث ان شاهدت شخصا يرتدى بدله .
عائشه هارون قتلت والبوليس لم يهتم كثيراً . والمجتمع كان يفضل عدم ادانه استاذ ومربى .
التعذيب لم يكن قد مورس لانتزاع الاعترافات . وبعد سنه 1970 وتدريب الامن المصرى صار التعذيب مكملا لاجرآت التحقيق . ,.
عشة هارون سفك دمها . وفي نفس الايام سفك دم العالم الشيخ السراج . ووجد مقطعا لدرجة ان البوليس الجنائي أكد ان من قطعة يجب ان يكون جزارا . وكانت هنالك ما عرف بالقضية الاخلاقية , فلقد قبض علي مجموعة من السياسيين واعيان البلد وهم يستغلون القصر من صبية وفتيات جنسيا . . ولكن سحبت الاوراق من القاضي . المحقق كان الشاويش حسن بخيت وصديقه وقريبه الصول نصر . وصار الصول نصر يمتلك عشرات القطع السكنية في الثورة وكلها متلاصقة . والثورة وزعت لذوي الدخل المحدود . قطعة واحدة لكل عائلة , ‘ ع . س . شوقي بدري
كركاسة
ترددت كثيرا قبل الكتابة عن نسرين من الكتاب يحلقان بعيد ولا يلحقهما من يعتبرمن الكتاب العالميين اليوم . التردد كان بسبب خوفي أن لا اوفيهما حقهما لانهما في مجرة آخرى بعيدا عنا ، وقد يكون هذا تطاولا من جانبي . يستحقان التكريم في كل محفل وأن تكتب اسماءهما بحروف من نور ، وأن نفاخر بهم العالم . المؤلم انهما لا يجدا التعظيم والاهتمام الذي يستحقانه .وهذه عادتنا نحن السودانيين مع العظماء منا .
انهما الدكتور عمر مصطفى شركيان و الاديب المبدع محمد سليمان الفكي الشاذلي . ونرفع القبعات .
shawgibadri@hotmail.com
بدأت عملية نهب الارض في نهاية الخمسينات والستينات عندما تدفق الكثيرون من القرية الى المدن الكبيرة خاصة العاصمة . لم تكن للارض قديما قيمة كبيرة وبعض البيوت لم تجد من يستأجرها . وحتى عندما يتواجد المستأجر يكون الاجار قليلا .
ضاقت امدرمان باهلها ومن كان يجلس على عرش الوظيفة الوهيطة تحصل على ارض في العمارات وسلفية للبناء الخ. اصحاب الدخل المحدود اتجهوا الى منطقة المهدية التي عرفت فيما بعد بالثورة والتي مع ام بدة اكبر من امدرمان القديم التي كان يكفي مدفع قديم في ميدان الاهلية يصل صوته الى الجميع لافطار وسحور رمضان . القطع في المهدية كانت 300 متر مربع تمنح لمن سكن في امدرمان لفترة معقولة وله اسرة من اطفال زوجة والد ووالدة ومن يقوم باعالتهم . يحتاج الامر الى شهادة من شيخ الحارة الربع شهود والفسم على المصحف الشريف .
ذهبت في اجازة الى السودان في منتصف الثمانينات . قدمت لى والدتي كعادتها لستة بالواجب عمله بخصوص الزيارات الاجتماعية ، كعادتها الا انها لم ترافقني هذه المرة . من الواجبات كانت زيار فضل الله برمة زوجته خديجة الرحمة للجميع . كنا بمثابة اهل بسب أن ابن خالي صلاح هو ابن خالة خديجة طيب الله ثراها وكان ترددهم على صلاح الذي سكن معنا وتزوج شقيقتي يعتبر عاديا . سألت عن العنوان واحبرتني والدتي انهم يسكنون بعد رجوعهم من باكستان حيث عمل برمة ملحقا عسكريا في منزل اختى التي كانت تسكن في باريس . الوصف كان ....تصل بيوت الصول وتلف يمين والبيت الثالث هو بيت اختك . عرفت انني لن اخطئ بيوت الصول لانها مجموعة ضخمة متشابهة بعضها عبارة عن حيشان بدون مباني داخلها ، يجلس الصول نصر خارجها في الصباح او المساء يتلقى الراغبين في الشراء . دهشت لأن تلك الاراضي لا تمنح بالعشرات لفرد واحد.
التفسير لبيوت الصول نصر قد يكون في انتخابات 1953 لاختار الحكومة الانتقالية . هنالك كتاب يستحق القرائة اسمه حكاوي كنتربيري السوداني’ هنالك كتاب كنتربري اليريطاني . الكتاب كتبه البريطانيون الذين الذين عملوا في السودان منهم الاطباء الجيلوجون المساحون المهندسون الاداريون المعلمون والبروفسيرات الخ . في هذا الكتاب يكتب المفتش الانجليزي عن تجربته عن الانتخابات في ام بطيخ . كان مطلوب من المفتش الابتعاد وعدم التدخل في سير الانتخابات . الشاويش الذي كان يعمل تحت اوامر المفتش كان مكلفا لحفظ الامن . تنافس اثنان من كبار التجار في البلد في الانتخابات بجانب العمدة . عرف المفتش بعد الانتخابات من المفتش في المركز المجاور أن الشاويش المكلف بمراقبة انتخابات ام بطيخ قد اشترى اراضي كثيرة في المركز المجاور .
ما حدث هو أن التاجر الاول كان يطلب من الناخبين وعددهم محصور في تلك الدائرة الدخول للتصويت وبدلا عن وضع الاوراق في الصندوق يضعونها في جيبهم ويسلموها للتاجر مقابل 20 قرشا . رفع التاجر الآخر السعر الى 25 قرشا . لاحظ الشاويش المؤامرة . قام باعتقال التاجرين وافهمهما ان الجريمة تعني سنتين في السجن والبهدلة . والحقيقة ان العقوبة ستة اشهرفقط ويصعب اثباتها .
استلم الشاويش كل الاوراق ورشوة ضخمة من التاجرين ثم ،، سلم ،، الاوراق للعمدة !!! الذي كان سعيدا واعتذر للمفتش انه كان يريد تكريمه بطريقة مميزة ولكن قانون الانتخابات كان يحرم تكريم المسؤولين لضمان سلامة الانتخابات .
في سنة 1963 وجد الشيخ السراج مقتولا وقد تم تقطيعه بطريقة تدل على التشفي . قال الطبيب الشرعى أن من قام بتقطيعه لابد أن يكون جزارا محترفا . تم اعتقال محمد مصطفى الجاك صهر حديد ابن السراج لانه جزار . قضي الاسبوعين التي يسمح بها القضاء لاعتقال المتهم قبل تقديمه للمحاكمة او اطلاق سراحه . الأمر كان تحصيل حاصل . صديقي ياء الدين ود فاطة البناء من ودنوباوي كان من اشداء الانصار. كان قد خرج لتوه من السجن بتهمة محاولة قتل رئيس تحريروصاحب جريدة الصراحة العم عبد الله رجب . السبب هو انه اورد اسم الصديق المهدي الصديق افندي المهدي . وافندي تتبع كل من تخرج من كلية غردون . وحسب كلام الدين فهذا كفر . هجم تيم ،، الدين ود فاطمة ،، وتركوا عبد الله رجب بعد أن حسبوه ميتا . الدين كان يقول في مقهى مهدي حامد امامي وآخرين مفتخرا .....ان ابطال الانصار من قتل الشيخ السراج .
كان من المفروض التحقيق مع زوجة السراج السيدة رحمة والدة الصادق المهدي، لانها كانت زوجته على سنة الله ورسوله ،فهو المحلل بعد طلاقها من الصديق للمرة الثالثة . صدرت من السراج بعض التصريحات في مجموعة ابروف ومن اعضاءها حسن وحسين الكد والصحفي والوزير خضر حمد اغضبت الانصار . لم يسمح ابدا بالتحقيق مع السيدة .
المحققان الرئيسيان كانا الصول نصر وقريبه الشاويش حسن بخيت والد الكاتب الصحفي كمال الرحمة للجميع . كمال حسن بخيت تزوج الصول نصر صار ذا سطوة بعدها .
في نفس الوقت ظهرت ما عرف بالقضية الاخلاقية . مجموعة من كبار السودانيين منهم وزراء ورجال دولة ، كانوا يستغلون بعض الاحداث من ــــ اسر مستضعفة ــــ جنسيا في امدرمان . أقوى شهادة كانت شهادة بنت صغيرة السن لانها قالت عن الوزير الاصلع وصلعته وما كان يمارسه معها بتفاصيل . القضية ماتت ولم تحصل ادانة لأحد .فص ملح وانماص . الكشة كان المقصود بها احد رجال المجلس العسكري في حكومة عبود التي تسلمت الحكومة باوامر رئيس حزب الامة الكتابية . الرجل المستهدف تم تحذيره ووقع الآخرون في الفخ مما وضعهم في موقع ضعف في معارضتهم للحكومة العسكرية فيما بعد .
اقتباس
أشهر شنطة في السودان .. بقلم: شوقي بدري
الجميع او الاغلبيه قد سمعوا بقضية قتيله الشنطه . و هذه الجريمه وقعت في 1963 و علي ما اظن في مايو و عائشه هارون بائعه هوي ظريفه دمثة الاخلاق كانت نازحه من غرب السودان .. لم تكن متمكنه من اللهجه السودانيه بطريقه كامله و كانت تقول عن اسمها ( اسه ) بدلا عن عشه . و لونها يميل الي ،،الصفار ،، بجمال متوسط . الا انها كانت جذابه اتت لامدرمان كفتاة معدمه و بعد مده صارت ترتدي الذهب و تقول مفتخره ( اندي اسره تياب ) اشاره لثيابها العشرة . احدها الثوب اسرار الذي كان ثوب الموسم ووجد الجثة ملفوفة به.
و لم يكن لها اهل في امدرمان . لذا كانت تذهب الي اهلها و معارفها في عشش فلاته و تمكث عدة ايام . عشه هارون لم تكن في مستوي جمال غانيات امدرمان قديما مثل بت الشنقيطي ، اسماء الحلبيه التي تزوجها البلطجي ود الحناوي او عشه ام رشيرش التي احترفت الغناء كذلك ، و المغنيه فاطمه الحاج ، و عشه كرار ( ام عفاف ) ، سيده بت نور الشام التي لجمالها الباهر كانت عشيقه احد اكبر الزعماء الدينيين في امدرمان و عزيزه عوض التي بسببها اخذ احد الضباط الشعراء علقه بالخيزرانه من احد كباتن كرة القدم .
و قبل هؤلاء بزمن كان هنالك اخريات مشهورات و لقد ذكر العميد يوسف بدري في مذكراته انه واصدقائه كانوا في صله مع بت الشرفولا التي كان لها منزل يرتادونه
الحي الذي سكنت فيه عشه و رفيقاتها عرف بفريق جهنم و هي المنطقه المحصوره بين فريق السوق و ترب الشهداء و مستشفي امدرمان الكبير . منزل عشه كان في الزقاق الثالث المتفرع من شارع نادي الهلال القديم و له بوابه ضخمه من الحديد ، و يشاركها في المنزل عدة فتيات احداهم مريم و يرجع اصلها الي جبال النوبه و هي قوية البنيه طيبة القلب تتعرض للزبائن المشاكسين . و ساعدت كثيرا في تحريات البوليس و تعرفت هي و بقية الفتيات في طابور الشخصيه علي المتهم صديق عبدالله سيد احمد و هو مدرس و شقيق المهندس سيد احمد عبدالله سيد احمد . كما تعرفن علي صديقه و قريبه بكري ، الذي حضر مع صديق في احدي المرات يقود سيارة تاكسي بالرغم من انه ليس سائق تاكسي .
عندما انتقلت اسرة الاستاذ صديق الي منزله الجديد في الثوره طلبت حماته من الخادم ان يحفر حفرة دخان . و اصطدمت العتله بشنطه حديديه كبيره . فظنت حماته بانهم قد عثروا علي كنز او خزنه لان المنطقه كانت جديده . و عندما اخبرت الحماه صديق بامر الخزنه لم يبدي اي نوع من الفضول العادي بل طالب بالاتصال بالبوليس مباشرة . و هذا ما جعل البوليس يوجه اليه تهمة القتل او التستر علي القتل .
المحكمه الكبري التي تشكلت كانت بزعامة مولانا هاشم محمد ابو القاسم و عضوية محمد صالح عبداللطيف وقيع الله و ثالث اظن انه الكتيابي .
القضيه استمرت لمده طويله و بلغت 2000 صفحه و قامت المحكمه بزيارة منزل صديق و منزل عشه هارون و حكم علي الاستاذ صديق بسته سنوات سجنا .
و اذكر ان محمد صالح عبداللطيف كان يناقش معي القضيه لانه يعلم ان لي صلات بعالم امدرمان السفلي ولي اصدقاء وسط الجرسونات و عمال المطاعم و بائعي السوق للمرطبات و الخضار و المتجولين . و كان ضد الادانه لان سبب الوفاة لم يكن معروفا والسينمات والبارات التي تظل مفتوحة الى منتصف الليل ويستأجرون غرفا في تلك المنازل التي يمتلكها كبار اصحاب الاملاك والتجار. مولانا محمد صالح كان يقول أن الجثه متحلله و هنالك امكانيه ان لا تكون الجثه جثة عشه هارون . و وجه في المحكمه سؤالا للخبير الذي كشف علي الجثه و ساله اذا كانت الرائحه من النوع النفاث الذي يؤثر علي الرؤيه مثل البصل مثلا .
كما كان يميل للتحقيق مع بكري الذي لم توجه له اي تهمه و احدي الفتيات ذكرت انها لم تكن متأكده من صديق في زيارته الاخيره لانه كان يغطي فمه و انفه بمنديل يحمله في يده . و بكري كان مصابا بقطع في يده و يده مربوطه بشريط و شاش و بكري و صديق كانا في حجم متقارب .
بكري عرف في العالم السفلي في امدرمان بانه( شفت ) و يقال انه عاش لفتره خارج السودان و كان يدعي انه كان في اميركا .
محمد صالح زوج اختي و الذي كان يشاركني السكن وقتها كان غير راضي عن سير القضيه الا انه لم يكن رئيس المحكمه ولا يحدد سيبر القضية و المنطق يقول ان القتيله لم تقتل في منزل صديق و الا لما احتاج الامر لشنطه ضخمه لدفنها . و الشنطه استعملت لنقل الجثه .
ما كنت اسمعه انا و يتردد في امدرمان و لم يذكر في المحاكمه التي كنت احضرها في بعض الاحيان ان صديق قد اتهم في الجزيره بقتل زوج امرأه كانت تربطه بها علاقه . و الزوج وجد مقطعا في جوال . و وجه الاتهام كذلك لصديقه عبدالله كبيده و لان ال كبيده كانوا اقوياء في الجيش و شقيق كبيده كان علي راس الجيش في كردفان فلقد تفرغ لفتره لقضية شقيقه و حكم علي صديق و عبدالله كبيده بالبراءة .
في فترة قضية الشنطه كان ابو رنات رئيسا للقضاء و ابدي كثيرا من الاهتمام بالقضيه و قام بدراسة الاثنين الف صفحه دراسه دقيقه . و برات محكمة الاستئناف الاستاذ صديق .
المحامي في تلك القضيه كان عبدالحليم الطاهر الذي كان قاضيا قبلها . و هو من اولاد امدرمان المدردحين و له صلات واسعه و يحب القعدات و مجالس امدرمان ، و صار له مكتب يواجه الركن الشمالي الغربي لحوش الخليفه علي شارع المورده .
لقد كان لنا قضاءا رائعا وقتها و لم يكن في الامكان تعذيب المتهمين و انتزاع الاعترافات منهم كما صار عاديا بعد سيطرة المصريين علي جهاز الامن في 1970 . و لقد اتهم الاشتراكيون و الشيوعيون و كثير من الوطنيين ابو رنات بالفساد و مساندة القهر . الا ان ابو رنات كان من اعظم رجال القانون في العالم و له حضور و مشاركه في سن بعض القوانين التي لا تزال تدرس .
و نحن كنا ننسي ان ابو رنات كان يحكم بمواد في القانون موجوده او يؤيد حكم قضاة اخرين علي ضوء قانون موجود لا يستطيع هو ان يغيره . و لقد هاجمه الوسيله احد قيادات الحزب الشيوعي رحمة الله عليه في احد مجالس امدرمان و لم يغضب ابو رنات . و عندما اشعل سيجارته بكبريت الورده و هو صناعه سودانيه رديئه ، طار راس العود فقال له الوسيله هازئا ( يا مولانا حاسب من اللعب بالنار ) فضحك مولانا ابو رنات
من المؤلم ان قاتل عشه لم يعرف و اظن ان البوليس لم يكن مهتما كثيرا فالقتيله بائعة هوي و هي امرأه لا اهل لها في امدرمان و من اصل قد لا يكون سوداني .
و كذلك لم يتعرف علي قاتل قتيلة الكوشه و هي كذلك بائعة هوي . و علي خلاف عشه هارون فلقد كانت من وسط السودان و تحمل شلوخ المنطقه . وجدت جثتها وسط نفايات امدرمان التي كانت تحرق في كوشة الجبل ، المنطقه تقع جنوب نادي المريخ . و لقد اكتشف الجثه احد عمال الصحه التي تتبع لبلدية امدرمان .
لم اعرف القتيله شخصيا و لكن بالاطلاع علي الصور التي شاهدتها عند مولانا محمد صالح تذكرت انها احدي بائعات الهوي في امدرمان . المتهم بقتل قتيلة الكوشه كان من ال السراج ( و اظن ان اسمه معاذ) و عندما فشل البوليس في ابراز ادله بعد انقضاء فترة الخمسة عشر يوم المسموح بها ، رفض القاضي محمد صالح تجديد امر الاعتقال .
ذهب هذه السيده اختفي كذلك مثل ذهب عشه هارون مما جعل الناس يرددون قصة الفيلم المصري ريا و سكينه . و هذه قصه حقيقيه لاستدراج الفتيات و قتلهم و سرقة ذهبهم بواسطة ريا و سكينه و دفنهم . الي ان اكتشف احد عمال المجاري الجثث اثر عملية حفر .
ما كنت اعرفه ان عشه هارون وقتها كانت حاملا او تظن نفسها حاملا. و كانت تربطني صداقات واسعه مع اولاد السوق و هم ركيبي القهاوي و العجلاتيه و بعض الصنايعيه و السبابه و الباعه المتجولين . و يسكنون في غرف تستاجر باليوم و الايجار 30 الي 40 قرش في اليوم للغرفه الواحده و يجاور او يشارك اولاد السوق بائعات الهوي في السكن . و يجتمع الجميع لشرب القهوه و لعب الورق ( سيف ، 31 او كنكان ) و ينضم اليهم سائقي التاكسي و الجرسونات و هذه هي الحياه الاجتماعيه الوحيده التي كان يجدها هؤلاء النسوه بجانب الابتزاز و الاهانه من السلطه و رجال الامن .
المنازل الكبيره كانت تستاجر في امدرمان بعشره الي 15 جنيه في الشهر . و ايجار تلك المنازل المحيطه بالسوق كان يدخل اربعه او خمسه اضعاف الايجار العادي . و اصحاب المنازل كانوا من اغني تجار امدرمان المعروفين و يتمتعون بالاحترام وان كنت ولا اذال اجد رفقة البسطاء خير من رفقة النخبة . .
المجتمع وقتها كان يرحب بوجود تلك الاماكن . و الكبار كانوا يعتبرون وجودها مفيدا لانه يقلل من انحراف الشباب و يحد من الشذوذ الجنسي الذي كان و لا يزال موجودا
و في ايام نميري منعت تلك المنازل فاختلط الحابل بالنابل . و صار البعض يفرض اتاوات لحماية العاهرات .
السويد هي البلد الوحيد في العالم التي لا تجرم المرأة علي ممارسة الدعارة و لكن القانون يعاقب الرجل اذا ثبت انه مارس الجنس او شرع في ممارسة الجنس بالأجر المدفوع . وهذا قضى على الدعارة في السويد و صارت محصوره جدا ، و لا يقع النساء المسكينات تحت قبضة المافيا .
ليس الغرض هنا التشهير او ادانة او تشجيع اي نشاط و لكن تذكير ببعض الماضي في مجتمعنا حتي نستفيد من الدروس و يعرف ابنائنا و احفادنا .
انا اكتب من الذاكره فقط واذكر ان القضيه كانت فى مايو 63 .
المؤلم ان عائشه هارون كانت احدى المسحوقين فى مجتمع ذكورى يستقل المهمشين ولا يزال يحتقر المرأه . فريق جهنم كان مكان لشراء المتعه الجنسيه . وفى قرار مولانا ابو رنات يقول فيه انه لا يصدق كلام العاهرات فقط لانهن عاهرات ولكن لان اقوالهن متضاربه . وان زعم العاهرات بأنهن خفن من المتهم وأهله غير صحيح لان المتهم لم يكن رجلا فى السلطه .
المحقق فى البوليس كان فى العاده رجل بوليس عادى وليس قانونى وبتعليم متدنى جدا لا يزيد عن الاوليه وفى العاده من قبائل وسط السودان وكانوا يتعاطفون مع امثال صديق لانهم اولاد البلد وعشه هارون لا تعدو كونها عاهره لا اهميه لها . ولقد عرفت عن محققين اخفوا معلومات او اضافوا معلومات نتيجه وساطه او بالاجر المعلوم الذى لم يتعدى الخمسه او عشره جنيهات .
ولقد مورس الضغط على زميلات عشه هارون لتغيير اقوالهن . وقصه الرجل صاحب البدله قصه فارغه ضحك عليها الناس فى امدرمان فارتداء البدله وقتها كان حكرا على مجموعه قليله جدا من البشر . وعشه اختفت فى الصيف فمن غير المعقول ان يحضر شخص مرتدياً بدله داكنه فى الصيف . واصحاب البدل لم يكن يرتادون تلك الاماكن . ولقد كان لى وجود فى تلك الاماكن لان كثير من اصدقائى يسكنون هنالك ولم يحدث ان شاهدت شخصا يرتدى بدله .
عائشه هارون قتلت والبوليس لم يهتم كثيراً . والمجتمع كان يفضل عدم ادانه استاذ ومربى .
التعذيب لم يكن قد مورس لانتزاع الاعترافات . وبعد سنه 1970 وتدريب الامن المصرى صار التعذيب مكملا لاجرآت التحقيق . ,.
عشة هارون سفك دمها . وفي نفس الايام سفك دم العالم الشيخ السراج . ووجد مقطعا لدرجة ان البوليس الجنائي أكد ان من قطعة يجب ان يكون جزارا . وكانت هنالك ما عرف بالقضية الاخلاقية , فلقد قبض علي مجموعة من السياسيين واعيان البلد وهم يستغلون القصر من صبية وفتيات جنسيا . . ولكن سحبت الاوراق من القاضي . المحقق كان الشاويش حسن بخيت وصديقه وقريبه الصول نصر . وصار الصول نصر يمتلك عشرات القطع السكنية في الثورة وكلها متلاصقة . والثورة وزعت لذوي الدخل المحدود . قطعة واحدة لكل عائلة , ‘ ع . س . شوقي بدري
كركاسة
ترددت كثيرا قبل الكتابة عن نسرين من الكتاب يحلقان بعيد ولا يلحقهما من يعتبرمن الكتاب العالميين اليوم . التردد كان بسبب خوفي أن لا اوفيهما حقهما لانهما في مجرة آخرى بعيدا عنا ، وقد يكون هذا تطاولا من جانبي . يستحقان التكريم في كل محفل وأن تكتب اسماءهما بحروف من نور ، وأن نفاخر بهم العالم . المؤلم انهما لا يجدا التعظيم والاهتمام الذي يستحقانه .وهذه عادتنا نحن السودانيين مع العظماء منا .
انهما الدكتور عمر مصطفى شركيان و الاديب المبدع محمد سليمان الفكي الشاذلي . ونرفع القبعات .
shawgibadri@hotmail.com