أصلا لا يوجد ما يلزم أي دولة أن تستورد مراقبين حتى يمنحوا انتخاباتها شرعية لأنه من المفترض أن تقوم السلطة القضائية باستقبال أي طعون من الوكلاء أو الناخبين أو المراقبين المتطوعين.
ومن المفترض أن السلطة القضائية الموجودة هي الرقيب على أداء السلطة التنفيذية، فقط لا غير.
أي دولة محترمة، لديها عضوية في المؤسسات الدولية ... أمم متحدة وجامعة دول عربية وإتحاد أفريقي أو ... أي دولة ذات شرعية وكينونة فإنها تودع نتائج الإنتخابات لهذه المنظمات وهي ملزمة بالأخذ بروايتها لأنها مؤسسة على شرعية موجودة ومستمرة، إذا كان السلطات الموجودة فيها ... تنفيذية ... قضائية ... تشريعية ... سلطات حقيقية فيجب التعامل معها وإذا لم تكن حقيقية ... فلا فائدة لأي رقابة دولية أو محلية.
هذا هو القانون الدستوري الذي نعرفه، ولكن بسبب وجود أزمات سياسية وحرب وخلافه ... تدخلت أطراف دولية وإقليمية لحل المشكلة ... أو على الأقل هذا ما تعلنه ... أنها تتدخل لتتوسط وتقترح حلول وليس بغرض الإنحياز لطرف ما على حساب طرف ما ... ولكن اتضح أن من يصدق هذا "الحكي" ساذج وغبي وغشيم!
ما يجب أن يحدث هو أن تكون وساطة الإتحاد الأوربي والترويكا وأمريكا وحتى الإتحاد الأفريقي ... وساطة محايدة وراغبة في جمع الأطراف السودانية ولكن بكل أسف بعض هذه الأطراف ترغب مئة في المئة في إسقاط طرف وقمعه سياسيا وسحله إلى مزبلة التاريخ، والطبطبة على طرف آخر وإعداده لحكم السودان بديموقراطية أو بإتفاقية "ما فارقة!"، وهي في ذلك "تعبث" بالملف ... وتوظف دورها كوسيط أو مراقب محتمل للإنتخابات للضغط على طرف ... وهو الحكومة في هذه الحالة ... ليس لصالح الشعب السوداني أو الديموقراطية أو أي شيء ... ولكن لصالح اشراك فلان وعلان وبنسب محددة وللقيام بمهام محددة، ليس من ضمنها المساعدة في تحول ديموقراطي ولا يحزنون ... ليس من ضمنها قضايا حقوق الإنسان ولا يحزنون ... ولو جاءت هذه القضايا فإنها تأتي في سياق كروت الضغط لأمور يريدونها تتلخص في (نيفاشا 2) وهي محاصصة رأسية مع الحركة الشعبية وبعض الحركات والأحزاب الأخرى ... ليس من ضمنها ... حزب الأمة ولا الإتحاديين ولا المؤتمر الشعبي ولا حزب البعث ولا الناصريين و لا ...
احيانا ... تكون الرسالة واضحة للغاية "يجب على الحكومة وقف الحرب قبل الحوار والتحول الديموقراطي" ... والمنطق يقول أن الحرب فعل مشترك من طرفين ... وأنه لا يمكن لطرف واحد وقفه إذا كان الطرف الثاني راغب في الإستمرار .. ولكن هذا هو الشرط للتحول الديموقراطي ... ويجب على الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان ترديده بفهم أو بدون فهم ... ألا يعتبر هذا "بلطجة سياسية"؟!
إذا هنالك طرف يرى أن كل الضغوط لصالحه وأنه الدول إياها ... سترفض الإعتراف بأي تحول ديموقراطية لا ياتي به للحكم فوق رؤوس الأحزاب ورغم أنف الناخبين ... لماذا يوقف الحرب ... سيكون غبيا لو فعل ذلك ..!
التحية للإتحاد الأفريقي الذي التزم بلوائحه ومواثيقه وقرر دعم إنتخابات السودان ببعثة مراقبة رفيعة المستوى ... وافق رغم الأصابع التي حاولت العبث "بأوراقه"!
رسالتي للإتحاد الأوربي ... وللترويكا ... وللولايات المتحدة الأمريكية ولمن خضعوا لضغوطكم من "الشخصيات الإقليمية" ... أن هذا الإسلوب "بلطجة سياسية" ...!
لا أقول لكم صادقوا الحكومة وحالفوها ... ولكن تأكدوا تماما أنكم الآن مفضوحين تماما أمام الشعب السوداني بأنكم لا علاقة لكم بأي تحول ديموقراطي ولا حقوق إنسان ولا يحزنون ... لكم علاقة فقط بفصائل عسكرية وسياسية محددة ومعروفة تختزلون كل الشعب السوداني فيها ...!
................
makkimag@gmail.com
////////////