بورتسودان لا توجد بها منطقة وسطي مابين الجنة والنار (٧) !!..

 


 

 

وخرجنا من الحديقة الغناء وبطوننا مترعة بالشعير الممزوج بالحليب الصافي هذا الخلطة الساحرة الشرقية المزاج تجعل من يتناولها لأول مرة يحسب أنها غذاء ودواء في ( بروجرام واحد ) وان صناعتها بهذه الدقة كأن لهيئة الغذاء والدواء الأمريكية لها يد فيها !!..
ولفحنا هواء معتدل وقد بدأ الليل يرخي سدوله ورأينا أن نجرب حظنا مع المواصلات العامة لنري موقعها ومكانتها من ناحية النظام والمواعيد وحسن الهندام والتعامل من القائمين عليها ( السائق والكمساري ) والجمهور !!..
في تصورنا نالت مواصلات بورتسودان العامة في ذاك الزمان من العام ١٩٦٩ العلامة الكاملة إذ أن النوع المستخدم هو ( مايكرو بص ) كلها جديدة وشكلها داخليا و خارجيا يسر العين ويبهج الفؤاد يخالها الناظر إليها للوهلة الأولى بصات سياحية مصممة الأثرياء أصحاب المليارات الذين ينفقون المال بسخاء وهم يفرغون أنفسهم بعد عناء العمل ليسافروا الي المناطق ذات الجذب السياحي شرقا وغربا واهم شيء عندهم المواعين الناقلة من حافلات وطائرات وسفن وكلها يجب أن تكون في مستوي طموحهم وما دفعوع من مال !!..
اتخذنا مقاعدنا في المقاعد الوثيرة والسائق رابض في ( كابينته ) مثل الطيار وبينه وبين الركاب سياج وتحرك بعدما اعطي الضوء الأخضر وفهمنا أن المواصلات هنا تتقيد بالزمن وتتحرك في مواعيدها حتي ولو كانت خالية تماما إذ أن انتظار المركبة حتي تمتلئ تماما هذا ليس واردا في قاموسهم وعرفهم وتقاليدهم !!..
لاحظنا أن السائق والكمساري كلامها يرتديان زيا موحدا عليه شارة شركة النقل التي ينتميان إليها وأنهما لايتحدثان كثيرا ويبذلان جهدا مقدرا في راحة الركاب وتقديم ارقي خدمة لهم ومراعاة أن يكون الصوت المنبعث من السماعات معقولا وان المادة المقدمة من خلال جهاز التسجيل يجب أن تكون في غاية من القبول والاستحسان !!..
وترجلنا من الحافلة في نهاية الرحلة ووجدنا أمامنا مطعم يبدو أن خدمته لابد أن تكون ٥ نجوم والجواب يكفيك عنوانه فقد كان مكتظا بالرواد ومضاء مثل المطارات وداعبت انوفنا روائح أطعمة ذكية منطلقة من الداخل الي الشارع العريض جاءت هذه الروائح بكل القها مثل بطاقة دعوة للمارين بالجوار بأن هلموا لوجبة عصرية غاية في الدسامة وان لا تدعوا هذه الفرصة تفوتكم لتناول وجببتكم في مطعم الأحلام أو كما يحلو لبعض الزبائن تسميته مطعم ألف ليلة وليلة !!..

نواصل المسلسل إن شاء الله سبحانه وتعالى في الحلقة القادمة .

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .

ghamedalneil@gmail.com

 

آراء