بين الانترنت واليوم العالمي للاتصالات
19 May, 2009
زفرات حرى
الطيب مصطفى
وهكذا أفاق العالم أخيرًا وبعد غيبوبة طويلة وانتبه إلى خطر تقانة الانترنت على الأطفال وخصص الاتحاد الدولي للاتصالات يومه السنوي الذي يصادف هذا اليوم للتنبيه إلى أخطار الانترنت على الناشئة بعد أن رأى بأم عينيه الانحطاط الأخلاقي والمستنقع الآسن الذي تردَّت فيه المجتمعات الغربية بصورة خاصة والعالم أجمع بدرجة أقل واستجاب مضطرًا للتحذير والنذير القرآني »إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة...« وهل من عذاب أكبر من انتشار أمراض الإباحية الفاجرة مثل الأيدز ونحوه؟! انتبه الغرب أخيرًا إلى أن شعارات حقوق الإنسان بما في ذلك حقه في الحصول على المعلومات ينبغي أن تخضع لبعض الضوابط الأخلاقية وإذا كان الغرب قد التفت إلى أهمية ضبط الدراما بما في ذلك الأفلام السينمائية التي يحظر على الأطفال مشاهدتها أو التي يُحذر الآباء من السماح لأطفالهم بمشاهدتها أو التي لا يتم بثها في القنوات الفضائية عبر الكيبل إلا بعد منتصف الليل فإنه قد التفت أخيرًا إلى الانترنت التي لا توجد ضوابط تحد من استخدامها من قبل الأطفال في معظم دول العالم. نحمد الله كثيرًا أننا في السودان قد التفتنا إلى هذا الأمر قبل سنوات وأقدمنا على مكافحة المواقع الإباحية مستفيدين من تجارب بعض الدول التي سبقتنا في هذا المجال مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة واستخدمنا ذات التقانات المستخدمة في الغرب للتضييق على بعض ما تعتبرها من المحرمات مثل الإرهاب والمخدرات. بالرغم من أنه من الصعب مكافحة المواقع الإباحية بصورة كاملة إلا أن على الدولة بذل غاية جهدها في سبيل تحقيق هذه الغاية من خلال الجهاز التنظيمي لقطاع الاتصالات (الهيئة القومية للاتصالات) التي تضطلع بهذا الدور بالنيابة عن الدولة ذلك أن الجريمة تتطور بسرعة كثيرًا ما تفوق سرعة تطور وسائل مكافحتها وما أصدق المتنبي حين قال: كلما أنبت الزمان قناة ركّب المرء في القناة سنانا إنني لأطلب إلى الدولة أن تتحرك في عدة اتجاهات لمكافحة الآثار السالبة لتقانة الانترنت على الأطفال والشباب بصفة عامة وأهم تلك الاتجاهات ما يلي: ًأولاً: تضمين حماية الأخلاق في قانون الاتصالات كهدف أساسي للهيئة القومية للاتصالات وتخويلها اتخاذ الإجراءات الكفيلة بكبح الافرازات السالبة لتقانات الاتصالات والإنترنت على الأخلاق ومكافحة الصور الفاضحة والمشاهد الإباحية. ثانيًا: صياغة ميثاق شرف أخلاقي بين جميع شركات الاتصالات وتحت إشراف الهيئة القومية للاتصالات تلتزم خلاله تلك الشركات بحماية الأخلاق والاسهام الفاعل في مكافحة المواقع الإباحية ورصد الأموال اللازمة لذلك مع تطوير تجربة الهيئة القومية للاتصالات في مكافحة المواقع الإباحية من خلال أجهزة الحجب وعقد اجتماعات دورية من قبل موقِّعي ميثاق الشرف الأخلاقي لمناقشة هذا الأمر الخطير ومتابعة تطوراته ووسائل مكافحته. ثالثًا: تعتبر مقاهي الإنترنت من أخطر وسائل نشر المشاهد الإباحية وتفشي (الشات) الإباحي ويجب عدم التساهل في إنفاذ الضوابط التي وُضِعَت وإعمال الضوابط التي تم وضعها لمنح التراخيص وأرى أن عودة رجل النظام العام الفريق هاشم عثمان إلى الشرطة في وظيفة المدير العام خير معين لعودة الروح إلى شرطة النظام العام التي آن الأوان لأن تباشر دورها الذي غيَّبته روح نيفاشا وأرجو أن تهتم الهيئة بصورة خاصة بالولايات التي انتشرت فيها المراكز التي أنشأتها الهيئة وغيرها في إطار مشروع الخدمة الشاملة فهذه المجتمعات البكر والنظيفة ينبغى ألا تلوَّث بالافرازات السالبة للتقانات الحديثة. رابعًا: على مستوى الأسر أرجو أن تولي الشركات اهتماماً خاصاً لخدمات الانترنت في المساكن مع الاهتمام بضبط خدمات السعات العريضة وأن تبذل الهيئة والشركات مجهودًا في توعية الأسر بأخطار الإنترنت على الأطفال والشباب وتقديم النصائح اللازمة للآباء والأمهات لحماية أطفالهم وشبابهم من تلك الأخطار. خامساً: جهاز الجوال (الموبايل) يمكن أن يشكل خطرًا كبيراً خاصة بعض التقنيات مثل (البلوتوث) وغيرها في تبادل الصور الإباحية بين الأطفال والشباب وهذه تحتاج إلى معالجات تشترك فيها جهات عديدة. الآن وقد اهتم العالم أجمع بخطر انتشار المشاهد الإباحية من خلال الإنترنت فقد توافر غطاء دولي يتيح لوزراء الاتصالات على مستوى العالم العربي والافريقي بل وعلى مستوى العالم الثالث الذي لا يندرج في إطار الثقافة الإباحية التي تمسك بخناق المجتمعات الغربية... أقول توافر غطاء يتيح الاتفاق على معالجات جذرية تُعْرض على المنظمات العاملة في مجال الاتصالات مثل الاتحاد الدولي للاتصالات ومنظمة الـ ICANN والشركات العالمية المستضيفة للمواقع الالكترونية وشركات صناعة الأجهزة الالكترونية بعض الضوابط التي تحد من تقانات نشر الإباحية ومكافحة الـ SPAM وغيره من آفات الانترنت. إن تقانة الانترنت نعمة لكنها يمكن أن تتحول إلى نقمة كما أن السيارة وسيلة نقل لكنها يمكن أن تتحول إلى وسيلة قتل إذا لم توضع الضوابط التي تحد من إمكانية فقدانها لوظيفتها الإيجابية. التهاني أزفها للعاملين في مجال الاتصالات بما في ذلك الهيئة القومية للاتصالات وجميع شركات الاتصالات وتقانة المعلومات آملاً منهم أن يجعلوا من هذه التقانة التي تعتبر أهم قاطرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية أن يجعلوها كما أُريد لها لا كما يريد لها الأشرار من دعاة نشر المنكرات والفواحش في المجتمعات الإسلامية.