زفرات حرى
وأخيراً انجلت أزمة مستشارية الأمن بعد أن اعترف الأمين العام اللواء حسب الله عمر بأنها كانت زلّة لسان وبعد أن سبقته المستشارية بالاعتراف أن تصريح أمينها العام جانبه التوفيق وليت الأخ حسب الله اعترف من أول يوم وجنّبنا تلك التداعيات التي أشعلت الشارع وأضرمت النار في نفوس المؤمنين.
على كلٍّ فقد كان في تصريح اللواء حسب الله الذي حسبه الناس شراً محضاً خيرٌ كثير ذلك أنه كشف عن مكانة الشريعة الإسلامية في نفوس المؤمنين وكان فيه درس بليغ لكل من تسول له نفسه المساس بالشريعة كما أثبت أن هذا المجتمع شديد الحساسية لكل ما يمس دينه أو ينتقص من شريعته وأستطيع أن أقول إن المعركة قد انتهت بنصر كاسح للشريعة رغم لحن القول الذي خرج به علينا وعلى استحياء بعض بني علمان من خلال بعض أحاديث «اللولوة» وكتابات الهزيمة النفسية التي طفحت بها صحافة اليسار والحركة الشعبية وأنا على يقين أن هؤلاء تلقوا درساً في الأخلاق عرفوا من خلاله أن الشريعة مركوزة في وجدان هذا الشعب وأن شعارات السودان الجديد ما هي إلا أحلام غبية أكثر استحالة من الغول والعنقاء والخل الوفي.
على أن ما أحزنني وأدهشني بحق أن أحد الإسلاميين «القدامى» اعتاد منذ سنتين أو ثلاث على إطلاق عبارة «التكفيريين» على كل من يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر فكتب في صحيفته «يا حسب الله إذا جاء في آخر الزمان التكفيريون الجدد ليقولوا فيك ما قالوا فحسبك الله ولا تحزن...»!!
لا أدري والله من هم التكفيريون؟! هل هم بروف محمد عثمان صالح بكل ما عُرف عنه من لين جانب وفقه تيسير ووسطية وبروف أحمد علي الإمام الرجل السهل ود. عصام البشير أحد رواد مدرسة الوسطية في العالم ممّن غضبوا لشريعتهم واستنكروا أن يُستهان بها ويُستخدم في حقها عبارة «فلتذهب».
بالله عليكم من الذي كفّر اللواء حسب الله حتى يكرر نصيره المسكين هذه «الفزّاعة» وهذا «الموال» الذي اعتادت قبيلة اليسار وبنو علمان على ترديده في وجه كل من لا يرى رأيهم؟!
مشكلة هؤلاء وصاحبنا «الإسلامي» منهم أنهم يعتبرون سلوكهم وفهمهم هذا هو الإسلام وكل ما عداه هو الكفر بعينه وكل من لا يؤمن ولا يعمل وفق «دينهم» هذا من التكفيريين وأعلم والله نماذج ممّن يصنفهم هذا الكاتب بأنهم تكفيريون هم في الحقيقة من الصوّامين القوّامين المعتكفين المستغفرين بالأسحار ومن الدعاة العلماء الحافظين لكتاب الله ممّن لا يبلغ هذا الكاتب معشار جهدهم وجهادهم وعلمهم وفضلهم عند الله وعند الناس لكن ماذا نقول غير أن ندعو لأنفسنا ولهؤلاء بالهداية فقد أبدلوا انتماءهم القديم بانتماء جديد سوّغ لهم أن يجعلوا من صحفهم مستنقعاً لبني علمان ولعاريات بيروت وراقصاتها ممن يمثلن في نظره الإسلام أما من لا يرون رأيه فإنهم تكفيريون وربما كفار «عديل»!!
ٌٌأعجب من «إسلامي» يناصب الدعاة العداء ويوادد من حادّ الله ورسوله بالرغم من الوعيد الشديد «لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ»
أشاطر والله د. سعاد الفاتح التي سألت الله «اللهم انصر الإسلام بمحمد إبراهيم نقد» الذي صرح مؤخراً بأنه لا يعترض البتة على الشريعة الإسلامية بالرغم من أنه سكرتير الحزب الشيوعي السوداني فقد أكد الرجل أن الشريعة موجودة في حياتنا بها نتزوج وبها نتوارث وبها نعيش، ولست أدري والله حتى متى يحوم نقد حول الحِمى والعمر يمضي؟! أسأل الله على غرار ما فعلت أستاذتنا سعاد أن يحسن خاتمتنا جميعاً وأن ينحاز نقد إلى مدرسة الإسلام قبل فوات الأوان.
ولات حين مندم!!
بالله عليكم أين كانت كوادر المؤتمر الوطني عندما كانت قوات الجيش الشعبي منهمكة في تزوير نتيجة انتخابات ولاية النيل الأزرق في منطقة سامري التي حصل المؤتمر الوطني فيها على صوت واحد بينما حصلت الحركة الشعبية ومالك عقار على 885 صوتًا؟! تلك الدائرة التي حلّ فيها عبدالله دينق نيال مرشح المؤتمر الشعبي في المركز الثاني بعد مالك عقار بينما حل البشير في المركز الثالث؟! ذات المشهد تكرر في دائرة باو وكان تفريط المؤتمر الوطني في تلكم الدائرتين هو سبب فوز عقار بمنصب والي النيل الأزرق الذي نتجرع اليوم زقّومه المُر!!
بربكم هل حدثت محاسبة على ذلك الخطأ الكارثي والتقصير المأساوي وهل دفع ثمن ذلك الخطأ أي شخص أم طواه النسيان كما ظل يطوي «ويدغمس» كل شيء من الكوارث التي حاقت ببلادنا؟!
صوت واحد حصل عليه المؤتمر الوطني الذي كان يعلم أن النتيجة مزورة وبالرغم من ذلك صمت وسكت وتقبل النتيجة بسبب الخوف مماذا؟! لا أدري والله!!
لو كان المؤتمر الوطني هو الذي يدفع ثمن ذلك الخطأ لهان الأمر لكن الذي يدفع ولا يزال هو السودان الشمالي الذي يرى كل يوم مالك عقار يتمطّى ويتبجح ويهدِّد ويتوعَّد ويجعل إحدى أخطر ولايات السودان كعب أخيل بل قنبلة موقوتة تكاد تعصف بوحدة الشمال وسلامه الاجتماعي. تُرى هل يكرر المؤتمر الوطني ذلك الخطأ المدمِّر في ولاية جنوب كردفان أم يتعظ؟! هل يكرر أخطاء أبيي أم يعي الدرس؟ هل وهل وهل...؟!