بين الصادق المهدي وشماليي الحركة الشعبية؟
زفرات حرى
الطيب مصطفى
ما أصدق السيد الصادق المهدي حين تحدث عن الشماليين في الحركة الشعبية الذين قال إنهم (شوشوا) على علاقة حزبه بالحركة الشعبية ثم قال بأن (أجندتهم سقطت في الشمال ويريدون من الحركة أن تحققها لهم الأمر الذي يوقع الحركة في تناقض مع حزب الأمة).
حديث الصادق المهدي لا يحتاج إلى شرح كثير فالرجل سبق له أن تحدث في مرات سابقات عن مشروع السودان الجديد العنصري الافريقاني العلماني وهو المشروع الذي يتبناه أولاد قرنق ممن كانوا ينتمون إلى الحزب الشيوعي من الشماليين والجنوبيين داخل الحركة من أمثال ياسر عرمان وباقان أموم لكن الصادق ركز على الشماليين بالنظر إلى أن شيوعيي الشمال يمتلكون خبرة كبيرة في امتطاء واختراق الأحزاب الكبرى لبلوغ أهدافهم الاستراتيجية على غرار حصان طروادة ولعل ذلك ما جعل عرمان يركز على بناء قطاع الشمال في الحركة الشعبية بصورة مستقلة عن هياكل الحركة وذلك حتى يضمن استمرارية لهذا القطاع في حالة انفصال الجنوب هذا علاوة على أن التحالف الاستراتيجي القائم بين الحزب الشيوعي والحركة الشعبية منذ أيام (المرحوم) التجمع الوطني الديمقراطي وحتى اليوم يعضد من تيار أولاد قرنق على تيار الفريق سلفاكير وقادة الجيش الشعبي (الكوماندرز) الذين يضيقون ذرعًا بالتحرك الشيوعي لفرض أجندة دخيلة على الحركة الشعبية.
الغريب في الأمر أن الشيوعيين أنفسهم منقسمون حول علاقتهم بالحركة الشعبية فإذا كان هناك تيار داخل الحزب الشيوعي يساند مشروع السودان الجديد من المنطلق العلماني المعادي للهوية العربية الإسلامية للسودان الشمالي فإن هناك تيارًا آخر لا يتحمس لذلك الطرح حيث انه لا يضمر عداء سافرًا للهوية العربية الإسلامية ولعل من العجيب أن سكرتير الحزب الشيوعي السوداني محمد إبراهيم نقد ينتمي حسب علمي للتيار الأخير!!
فاقد الشيء لا يعطيه
نيال بول رئيس تحرير صحيفة (سيتزن) الذي لطالما تعرض للاعتقال من قبل حكومة الجنوب سخر من انتقاد قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان لما سماه بقرار المؤتمر الوطني شن حرب على أجهزة الإعلام وقال نيال بول في مقاله بتاريخ 19/2/2009م والذي كان بعنوان (لا تخرق القانون ثم تسمي الآخرين بالخارجين على القانون) قال إن الحركة الشعبية التي انتقدت المؤتمر الوطني (فشلت في انتقاد القرار الوزاري الصادر من وزارة الاعلام والبث الإذاعي بتشكيل لجنة لتنظيم الأجهزة الإعلامية في جنوب السودان) واستعرض نيال بول القرارالوزاري الصادر من الوزير جبرائيل شانج بتشكيل لجنة ترخيص لأجهزة الإعلام في جنوب السودان.
نيال بول قال إن القرار الوزاري يعتبر خرقاً للدستور الانتقالي الفدرالي والدستور الانتقالي لجنوب السودان واتفاقية السلام الشامل والتي تنص على أن يكون تنظيم أجهزة الإعلام بواسطة القانون ولا مجال للوزير لأن (يتلاعب بالكلمات باسم رئيسنا وأن يقول إن الرئيس منحه سلطة تنظيم الوسائط الإعلامية)!!
وقال نيال بول إن اسمه وُضع في اللجنة غير القانونية (لكني رفضت أن أشارك في اللجنة وسلَّمت رفضي إلى رئيسها جورج قرنق دينق وقلت له إنني لن أشارك في خرق الدساتير والقوانين التي تحكم المواطنين في جنوب السودان).
وقال نيال بول ( إن القرار الوزاري يؤكد حججي السابقة بأن حكومة جنوب السودان ليست ملتزمة بقوانين الحقوق وبحرية التعبير) وتساءل (ماهو الفرق إذا كانت جوبا ستبدأ في ممارسة دكتاتورية الخرطوم؟!... إذا كان الفريق سلفاكير قد ألغى نصوص الدساتير المذكورة فإن على الوزير شانج أن يعلن عن انقلاب عسكري حتى يستخدم ذلك الانقلاب القوانين العسكرية في تنظيم الاعلام)!!
وختم نيال بول مقاله بالقول إن اتفاقية الخرطوم للسلام هي التزام وعلى حكومة جنوب السودان التقيد بها ثم خاطب الوزير شانج بقوله (لا تخرق القانون في جنوب السودان وتشير إلى المؤتمر الوطني في الشمال بالخارجين على القانون... إن السلطات الممنوحة لك من الرئيس غير قانونية لأن دستورنا يتحدث عن تنظيم وسائط الإعلام عن طريق القوانين وليس بالمراسيم والأوامر).
نسينا ونحن نستعرض مقال نيال بول أن نذكِّر بالمانشيت الذي خرجت به علينا (الخرطوم مونتر) بتاريخ 14/1/2009 والذي يقول »اعتقال مدير تحرير صحيفة (جوبا بوست) في جوبا« وتحدث الخبر عن اعتقال الرجل (آيزاك بيلي) لا لسبب إلا لأنه نشر تصريحًا صحافيًا حول مصادرة أراضي قبيلة المادي في منطقة نمولي وتوزيعها على رجال الأعمال الأجانب.
لكن يبدو أن نيال بول يحلم بالمستحيل فمن يقتل وينهب ويعتدي على شعبه ويذيقه لباس الجوع والخوف لا يمكن أن يُطلب إليه أن يوفر حرية الصحافة والإعلام لشعبه.