بين عزالدين صغيرون وفيصل محمد صالح يوجد شهيد له سيرة عامرة عنه أتحدث
عمر الحويج
27 January, 2023
27 January, 2023
الكاتب الصحفي والشاعر والصديق عزالدين صغيرون نشر حلقات ثلاث متتابعات في عدد من المواقع الصحفية بتاريخ 21 يناير ٢٠٢٣م وما بعده ، معاتباً فيها الأستاذ فيصل محمد صالح ، على مواقفه السلبية إبان توليه وزارة الثقافة والإعلام .
ومن الجانب الآخر ، توضيحات أو بالأحرى تبريرات الأستاذ فيصل محمد صالح ، في رده المنشور بسودانايل ، وسرد ما عنده من أسانيد ، تجعله معذوراً ومتوافقاً ، في مواقفه السلبية في تعامله مع الإعلام والإعلاميين الإسلامويين وأزيالهم من المرتزقة والإنتهازيين والنفعيين ، وسُوقة ومُسوِّقي الكتابة مدفوعة الأجر والحافز ، الذين إمتلأت بهم الساحة الإعلامية ، وأغلقوا بها سماء الإعلام عليهم بأمر جهاز الأمن ، طيلة سنوات الإنقاذ الثلاثينية ، وسماح الأخ فيصل لهم بالأستمرار في عملهم هذا الإجرامي ، بعد ثورة ديسمبر المجيدة .
ولا أريد الدخول في هذا النقاش المثمر والمفيد بتفصيل دقيق ، وإن كان الأستاذ عزالدين محق في لومه للإستاذ فيصل بل من حقه ذلك ، ولكني أيضاً أقول للإستاذ فيصل ، إنك لم تكن سوى قطرة عابرة ، في بحر الجُرم الفادح الذي إرتكبته الحاضنة السياسية للفترة الإنتقالية ، لأحزاب وجماعات الحرية والتغيير ، التي خاضت في هذا الجُرم ، حد الرُكب والدم المتواصل ، وليس الخطأ والإستكانة للعسكر بقيادة ثورته المضادة فقط ، وحتى تبريراتك بإلتزامك الدفاع عن حقوق الإنسان "وإن كان المفروض أن تستبعد منها الإسلاموي الإنقاذي ، لانه ليس من فصيلة الإنسان المؤهل للدفاع عنه" وهي صلب الحيثيات التى ذكرتها في دفاعك عن موقفك ، وأريد أن أقول لك ، إن كان هناك بعض ضرر من موقفك السلبي ، ولكنه بكل المقاييس أخف وزناً ووقعاً وضرراً ، من التبريرات التي جاءت في ورشة النقد ، التي عقدتها الحرية والتغيير ، لمناقشة أخطائها ، والتي إتسمت بالهروب من أُمهات الأخطاء القاتلة المرتكبة ، في تجربتها الفاشلة التي استسلمت فيها لحكم العسكر ، والتي جعلت فيه الإنقاذ الإسلاموية تواصل سلطتها وتسلطها ، على حكم السودان ، رغم أنف ثورته الكاسحة ، التي كان من المفروض على حكومة الحرية والتغيير ، التي عينتها الثورة ، لتكون أداة الكسح المُبادِرة والقائدة لهذا الكسح والمسح "وما تجيبو حي" لكل قذارات الإنقاذ وسؤاتها ، وتقاعست عن ذلك المسح ، بل ظلت متواصلة أخطائها حتى اليوم ، وأعني الحرية والتغيير ، التي أوصلتنا فيها ، لأن يصبح الصراع في السودان ، محصوراً بين كتلتي قحت والكتلة اللا ديمقراطية دون أثر للثورة وقواها الحية ، او بين الإطاري والإنقلابيين ، مما أدى للمخابرات المصرية أن تفرض إرادتها علينا ، وتخطط لأن يحكمنا العسكر والإسلاميين وأذيالهم الإنقلابيين وكل الإنتهازيين أين ما وجدوا ، وهذا موضوع آخر .
ولكني أريد الدخول في هذا الحوار بمدخل آخر ، لأتحدث فيه عن واحد من شهداء الثورة الأسطورة . ومن فتح لي باب التحدث عن هذا الشهيد العظيم "عبد العظيم" هو وجود الأستاذ فيصل محمد صالح على رأس وزارة الثقافة والإعلام ذلك الوقت ، دون أن يتطرق إليها ، ربما سهواً الأستاذ عزالدين صغيرون لأهميتها كما أراها ، في مقالاته ، وكان الأستاذ فيصل هو المعني بالتصدي ، لمأساة هذا الشهيد في إستشهاده الثاني ، حين قررت لجان المقاومة . بالإشتراك مع بعض الفنانيين التشكيليين الثوار ، تصميم تمثال لهذا الشهيد ونصبه في شارع الأربعين لتخليد ذكراه ، ولكنهم فشلوا في ذلك ، دون داعم من الحاضنة السياسة الحرية والتغيير ووزير ثقافتها الأستاذ فيصل محمد صالح .
فإلى الحديث عن هذا الشهيد الاسطورة .
أذكر أنني أرسلت لصفحتي كبسولة في سبتمر 2019م كان نصها بالبنط العريض والمربع الأحمر ، حيث أتاح لنا الفيسبوك هذه الخاصية الملفتة للنظر والموجبة للتحذير والتنبيه للناظر فيها ، قلت فيها .
(عزيزنا وزير الثقافة فيصل محمد صالح ، لم نسمع منك دفاعاً عن الفن والثقافة والثورة، وفقهاء السلطان وزعماء التطرف ، يتصدون للنصب التذكاري للشهيد عبد العظيم وينجحون في منع ووقف التنصيب!!!) .
أرسلت بعدها في نفس الوقت ، ومضة في صفحتي قلت في نصها وكانت بعنوان "نُصب تذكاري" :
(خَبَّرُوها عن نُصب تذكاري شادوه .. لحبيبها.
دمعت عيناها حزناً عليه .. ثم لتذكاره .. فرحت .
خرجت صباحاًُ.. كي تؤانسه .
لم تجده منصوباً .. مكانه .
قالوا لها : لقد منعوه من.. الحضور..!!!
عَرِفَت أنهم مرتين.. إغتالوا شهيديها
دمعت عيناها .. على شهيدها
الأول ..
ثم حزنت ..
على شهيدها
الثاني ..
وعادت بخفي ..قلبين ..حنينين) .
لماذا كل هذا ؟؟ لأن هذا الشهيد العظيم "عبد العظيم" كان شهيداً أسطورياً إستثنائياً .
بداية كان ، هو صاحب المقولة التي أصبحت أيقونة الثورة ، والتي ظلت ولازالت ملهمة الشباب والشابات في مواصلة ثورتهم العظيمة ، وفدائيتهم لمواصلة النضال والبسالة ، فهو القائل “تعبنا يا صديقي ، ولكن لا يمكننا الإستلقاء أثناء المعركة”.
- لحظة استشهاده الأولى :
كتب أحد أصدقائه الثوار ، وكان حاضراً لحظة استشهاده (كانت الصرخات تتعالى: “تعال يا عظمة.. تعال يا عبد العظيم”، لكن “عظمة” لم يستجب أبداً لنداء مجموعة الثائرين والثائرات الذين حاولوا إثنائه عن مواجهة القوات الأمنية والشرطية في الموكب الذي خرج لإسقاط نظام الإنقاذ بحي العباسية أم درمان ، في 24 يناير 2019 م .
- خبر إستشهاده الثاني :
في 21 سبتمبر 2019 م جاء هذا الخبر في وسائل التواصل الإجتماعي .
"متطرفون في أمدرمان يمنعون نصب تمثال الشهيد عبد العظيم بشارع الأربعين والأمر وصل حد الإشتباكات والتخريب . "
وفي بيان توضيحي ، قالت لجان المقاومة أن متطرفين أقدموا على منع تنصيب تمثال الشهيد عبد العظيم أحد شهداء الثورة السودانية بشارع الأربعين على الرغم من التنسيق المسبق مع ابناء الأحياء السكنية .
وأوضحت لجان المقاومة أن أحد أفراد الحي من المتطرفين نجح في استقطاب بعض من انصاره في الحي ، وشرعوا في تكسير القاعدة التي جُهزت لحمل التمثال وصادمت تلك المجموعة الجماهير التي جاءت لحضور تنصيب التمثال تخليداً لذكرى إستشهاد عبد العظيم وأوقفوا تدشين التمثال) .
وإليكم هذه الرسالة البطولية التي كتبها الشهيد قبل إستشهاده ، أخرجها للنشر والعلن والده الصامد الصابر الحزين:
“كل شيء بالنسبة لي أصبح مميتاً، وأصبحت أنا ميتاً أجوب الشوارع، أتحدث مع نفسي كثيراً، هل هذه الدنيا دار الفرار أم دار القرار؟ حتى أحلامي نفدت وطموحاتي أصبحت لوحات تُرسم في الأماكن العامة، وبعد فترة أتخيّل أني مظلة قريبة في الشارع ، وأني وردة في البستان، وأنني شجرة يخرج منها الحب ، وأنظر للسماء وأراها تفتح لي أحضانها وتقول لي اصعد شهيداً وأرتقِ إلى أعالي الجنان ، فيعم السكون في دواخلي ، ويشرفني كثيراً أن أكون فداءً للشعب السوداني، وأن أصعد شهيداً أفتح آفاق المجد ، لكن إذا رُزقت الشهادة أتمنى ألاَّ ينساني أهلي، وأتمنى ألاَّ ينساني الشعب السوداني العظيم ، وأن تُنتزع حقوقه من القتلة المجرمين . )
ونحمد الله للحرية والتغيير إختارت الأخ فيصل محمد صالح لوزارة الثقافة والإعلام ، وهو قطعاً ، إن وجد فيه قليل ضرر ، فهو أخف الضررين ، ولم تختر آخر ، من شاكلة عبدالله محمد أحمد ، وزير ثقافة وإعلام حزب الأمة ، إبان الديمقراطية الثالثة ، ثم وزير ثقافة وإعلام الإنقاذ ( أنظر المفارقة وزيراً لثقافة حزب الأمة ثم وزيراً لثقافة الإنقاذ !!" الذي قام دون أن تغمض له جفن وطنية ومعرفة قيمية في حفظ التراث . قام برغبة تراوده دائمة فيه ، مستوطنة في دواخله الرثة ، بإبادة جماعية "كرئيسه سئ الذكر المخلوع" لذاكرة شعبه ، وبهمة عالية في الإبادة ، كاد يحطم كل التماثيل والنصب التذكارية التي حفظها لنا التاريخ في شوارعنا ومؤسساتنا ، المفروض أن يكون هذا مكانها ، وإن كانت محفوظة في متحفنا القومي بأمان ، وقد كادت جريمته أن تصل إليها ، فقد سبق وبدأ الإبادة بعصاه الشخصية ، حين أصابته لحظة لوثة الهوس الديني ، وهو داخل كلية الفنون الجميلة ، وواصل حراسه مهمة التحطيم كاملة غير منقوص نتائجها . وهذا الوزير المهووس ، فحكايته طويلة ودرامية ، فقد واصل هوسه الديني ، وهو يشاهد التلفزيون في منزله ، وشاهد إعلاناً عن مسرحية سوف تعرض لاحقاً على خشبة المسرح . فيه الممثلة القديرة تماضر شيخ الدين ، وهي في الإعلان مبتسمة ، وكيف ذلك في مسرحه المملوك له ، تبتسم المرأة ، وبالتلفون غاضباً أمر بوقف الإعلان ، ولاحقاً ربما المسرحية ذاتها ، ولست متأكداً من ذلك ، ولكن سير الحدث يقول ذلك . وكذلك إن لم تخني الذاكرة ، فقد إستعمل الهاتف مرة أخرى ، في إعطاء الأمر لمرؤوسيه ، بوقف بث فقرة الفنان العملاق الراحل خليل اسماعيل وهو يغني ، ومنعه من الظهور نهائياً بحكم قراقوشي ، وهو دائماً لم يكن يبرر أسبابه ، ربما لايحتاج لأنه حامل لواء نشر الفضيلة ، وهو بتكوينه لايدري أين تسكن هذه الفضلية المغدورة .
نتمنى في قابل الأيام ، أن يأتي لنا وزيراً للثقافة والإعلام ، يعيد لنا نصب تمثال شهيدنا الأسطورة والبطل الأستثنائي "عبد العظيم " عظمه" وإخوته الكرام ، وبخاصة الأسطورة الإستثنائية الشهيدة أم النفور ، والآخرين البواسل من الشباب والشابات ، في شوارعنا وساحاتنا ومؤسساتنا ، حتى يحفظ لنا ذاكرة شعبنا حية ومضيئة ، لأجيالنا القادمة .
omeralhiwaig441@gmail.com
ومن الجانب الآخر ، توضيحات أو بالأحرى تبريرات الأستاذ فيصل محمد صالح ، في رده المنشور بسودانايل ، وسرد ما عنده من أسانيد ، تجعله معذوراً ومتوافقاً ، في مواقفه السلبية في تعامله مع الإعلام والإعلاميين الإسلامويين وأزيالهم من المرتزقة والإنتهازيين والنفعيين ، وسُوقة ومُسوِّقي الكتابة مدفوعة الأجر والحافز ، الذين إمتلأت بهم الساحة الإعلامية ، وأغلقوا بها سماء الإعلام عليهم بأمر جهاز الأمن ، طيلة سنوات الإنقاذ الثلاثينية ، وسماح الأخ فيصل لهم بالأستمرار في عملهم هذا الإجرامي ، بعد ثورة ديسمبر المجيدة .
ولا أريد الدخول في هذا النقاش المثمر والمفيد بتفصيل دقيق ، وإن كان الأستاذ عزالدين محق في لومه للإستاذ فيصل بل من حقه ذلك ، ولكني أيضاً أقول للإستاذ فيصل ، إنك لم تكن سوى قطرة عابرة ، في بحر الجُرم الفادح الذي إرتكبته الحاضنة السياسية للفترة الإنتقالية ، لأحزاب وجماعات الحرية والتغيير ، التي خاضت في هذا الجُرم ، حد الرُكب والدم المتواصل ، وليس الخطأ والإستكانة للعسكر بقيادة ثورته المضادة فقط ، وحتى تبريراتك بإلتزامك الدفاع عن حقوق الإنسان "وإن كان المفروض أن تستبعد منها الإسلاموي الإنقاذي ، لانه ليس من فصيلة الإنسان المؤهل للدفاع عنه" وهي صلب الحيثيات التى ذكرتها في دفاعك عن موقفك ، وأريد أن أقول لك ، إن كان هناك بعض ضرر من موقفك السلبي ، ولكنه بكل المقاييس أخف وزناً ووقعاً وضرراً ، من التبريرات التي جاءت في ورشة النقد ، التي عقدتها الحرية والتغيير ، لمناقشة أخطائها ، والتي إتسمت بالهروب من أُمهات الأخطاء القاتلة المرتكبة ، في تجربتها الفاشلة التي استسلمت فيها لحكم العسكر ، والتي جعلت فيه الإنقاذ الإسلاموية تواصل سلطتها وتسلطها ، على حكم السودان ، رغم أنف ثورته الكاسحة ، التي كان من المفروض على حكومة الحرية والتغيير ، التي عينتها الثورة ، لتكون أداة الكسح المُبادِرة والقائدة لهذا الكسح والمسح "وما تجيبو حي" لكل قذارات الإنقاذ وسؤاتها ، وتقاعست عن ذلك المسح ، بل ظلت متواصلة أخطائها حتى اليوم ، وأعني الحرية والتغيير ، التي أوصلتنا فيها ، لأن يصبح الصراع في السودان ، محصوراً بين كتلتي قحت والكتلة اللا ديمقراطية دون أثر للثورة وقواها الحية ، او بين الإطاري والإنقلابيين ، مما أدى للمخابرات المصرية أن تفرض إرادتها علينا ، وتخطط لأن يحكمنا العسكر والإسلاميين وأذيالهم الإنقلابيين وكل الإنتهازيين أين ما وجدوا ، وهذا موضوع آخر .
ولكني أريد الدخول في هذا الحوار بمدخل آخر ، لأتحدث فيه عن واحد من شهداء الثورة الأسطورة . ومن فتح لي باب التحدث عن هذا الشهيد العظيم "عبد العظيم" هو وجود الأستاذ فيصل محمد صالح على رأس وزارة الثقافة والإعلام ذلك الوقت ، دون أن يتطرق إليها ، ربما سهواً الأستاذ عزالدين صغيرون لأهميتها كما أراها ، في مقالاته ، وكان الأستاذ فيصل هو المعني بالتصدي ، لمأساة هذا الشهيد في إستشهاده الثاني ، حين قررت لجان المقاومة . بالإشتراك مع بعض الفنانيين التشكيليين الثوار ، تصميم تمثال لهذا الشهيد ونصبه في شارع الأربعين لتخليد ذكراه ، ولكنهم فشلوا في ذلك ، دون داعم من الحاضنة السياسة الحرية والتغيير ووزير ثقافتها الأستاذ فيصل محمد صالح .
فإلى الحديث عن هذا الشهيد الاسطورة .
أذكر أنني أرسلت لصفحتي كبسولة في سبتمر 2019م كان نصها بالبنط العريض والمربع الأحمر ، حيث أتاح لنا الفيسبوك هذه الخاصية الملفتة للنظر والموجبة للتحذير والتنبيه للناظر فيها ، قلت فيها .
(عزيزنا وزير الثقافة فيصل محمد صالح ، لم نسمع منك دفاعاً عن الفن والثقافة والثورة، وفقهاء السلطان وزعماء التطرف ، يتصدون للنصب التذكاري للشهيد عبد العظيم وينجحون في منع ووقف التنصيب!!!) .
أرسلت بعدها في نفس الوقت ، ومضة في صفحتي قلت في نصها وكانت بعنوان "نُصب تذكاري" :
(خَبَّرُوها عن نُصب تذكاري شادوه .. لحبيبها.
دمعت عيناها حزناً عليه .. ثم لتذكاره .. فرحت .
خرجت صباحاًُ.. كي تؤانسه .
لم تجده منصوباً .. مكانه .
قالوا لها : لقد منعوه من.. الحضور..!!!
عَرِفَت أنهم مرتين.. إغتالوا شهيديها
دمعت عيناها .. على شهيدها
الأول ..
ثم حزنت ..
على شهيدها
الثاني ..
وعادت بخفي ..قلبين ..حنينين) .
لماذا كل هذا ؟؟ لأن هذا الشهيد العظيم "عبد العظيم" كان شهيداً أسطورياً إستثنائياً .
بداية كان ، هو صاحب المقولة التي أصبحت أيقونة الثورة ، والتي ظلت ولازالت ملهمة الشباب والشابات في مواصلة ثورتهم العظيمة ، وفدائيتهم لمواصلة النضال والبسالة ، فهو القائل “تعبنا يا صديقي ، ولكن لا يمكننا الإستلقاء أثناء المعركة”.
- لحظة استشهاده الأولى :
كتب أحد أصدقائه الثوار ، وكان حاضراً لحظة استشهاده (كانت الصرخات تتعالى: “تعال يا عظمة.. تعال يا عبد العظيم”، لكن “عظمة” لم يستجب أبداً لنداء مجموعة الثائرين والثائرات الذين حاولوا إثنائه عن مواجهة القوات الأمنية والشرطية في الموكب الذي خرج لإسقاط نظام الإنقاذ بحي العباسية أم درمان ، في 24 يناير 2019 م .
- خبر إستشهاده الثاني :
في 21 سبتمبر 2019 م جاء هذا الخبر في وسائل التواصل الإجتماعي .
"متطرفون في أمدرمان يمنعون نصب تمثال الشهيد عبد العظيم بشارع الأربعين والأمر وصل حد الإشتباكات والتخريب . "
وفي بيان توضيحي ، قالت لجان المقاومة أن متطرفين أقدموا على منع تنصيب تمثال الشهيد عبد العظيم أحد شهداء الثورة السودانية بشارع الأربعين على الرغم من التنسيق المسبق مع ابناء الأحياء السكنية .
وأوضحت لجان المقاومة أن أحد أفراد الحي من المتطرفين نجح في استقطاب بعض من انصاره في الحي ، وشرعوا في تكسير القاعدة التي جُهزت لحمل التمثال وصادمت تلك المجموعة الجماهير التي جاءت لحضور تنصيب التمثال تخليداً لذكرى إستشهاد عبد العظيم وأوقفوا تدشين التمثال) .
وإليكم هذه الرسالة البطولية التي كتبها الشهيد قبل إستشهاده ، أخرجها للنشر والعلن والده الصامد الصابر الحزين:
“كل شيء بالنسبة لي أصبح مميتاً، وأصبحت أنا ميتاً أجوب الشوارع، أتحدث مع نفسي كثيراً، هل هذه الدنيا دار الفرار أم دار القرار؟ حتى أحلامي نفدت وطموحاتي أصبحت لوحات تُرسم في الأماكن العامة، وبعد فترة أتخيّل أني مظلة قريبة في الشارع ، وأني وردة في البستان، وأنني شجرة يخرج منها الحب ، وأنظر للسماء وأراها تفتح لي أحضانها وتقول لي اصعد شهيداً وأرتقِ إلى أعالي الجنان ، فيعم السكون في دواخلي ، ويشرفني كثيراً أن أكون فداءً للشعب السوداني، وأن أصعد شهيداً أفتح آفاق المجد ، لكن إذا رُزقت الشهادة أتمنى ألاَّ ينساني أهلي، وأتمنى ألاَّ ينساني الشعب السوداني العظيم ، وأن تُنتزع حقوقه من القتلة المجرمين . )
ونحمد الله للحرية والتغيير إختارت الأخ فيصل محمد صالح لوزارة الثقافة والإعلام ، وهو قطعاً ، إن وجد فيه قليل ضرر ، فهو أخف الضررين ، ولم تختر آخر ، من شاكلة عبدالله محمد أحمد ، وزير ثقافة وإعلام حزب الأمة ، إبان الديمقراطية الثالثة ، ثم وزير ثقافة وإعلام الإنقاذ ( أنظر المفارقة وزيراً لثقافة حزب الأمة ثم وزيراً لثقافة الإنقاذ !!" الذي قام دون أن تغمض له جفن وطنية ومعرفة قيمية في حفظ التراث . قام برغبة تراوده دائمة فيه ، مستوطنة في دواخله الرثة ، بإبادة جماعية "كرئيسه سئ الذكر المخلوع" لذاكرة شعبه ، وبهمة عالية في الإبادة ، كاد يحطم كل التماثيل والنصب التذكارية التي حفظها لنا التاريخ في شوارعنا ومؤسساتنا ، المفروض أن يكون هذا مكانها ، وإن كانت محفوظة في متحفنا القومي بأمان ، وقد كادت جريمته أن تصل إليها ، فقد سبق وبدأ الإبادة بعصاه الشخصية ، حين أصابته لحظة لوثة الهوس الديني ، وهو داخل كلية الفنون الجميلة ، وواصل حراسه مهمة التحطيم كاملة غير منقوص نتائجها . وهذا الوزير المهووس ، فحكايته طويلة ودرامية ، فقد واصل هوسه الديني ، وهو يشاهد التلفزيون في منزله ، وشاهد إعلاناً عن مسرحية سوف تعرض لاحقاً على خشبة المسرح . فيه الممثلة القديرة تماضر شيخ الدين ، وهي في الإعلان مبتسمة ، وكيف ذلك في مسرحه المملوك له ، تبتسم المرأة ، وبالتلفون غاضباً أمر بوقف الإعلان ، ولاحقاً ربما المسرحية ذاتها ، ولست متأكداً من ذلك ، ولكن سير الحدث يقول ذلك . وكذلك إن لم تخني الذاكرة ، فقد إستعمل الهاتف مرة أخرى ، في إعطاء الأمر لمرؤوسيه ، بوقف بث فقرة الفنان العملاق الراحل خليل اسماعيل وهو يغني ، ومنعه من الظهور نهائياً بحكم قراقوشي ، وهو دائماً لم يكن يبرر أسبابه ، ربما لايحتاج لأنه حامل لواء نشر الفضيلة ، وهو بتكوينه لايدري أين تسكن هذه الفضلية المغدورة .
نتمنى في قابل الأيام ، أن يأتي لنا وزيراً للثقافة والإعلام ، يعيد لنا نصب تمثال شهيدنا الأسطورة والبطل الأستثنائي "عبد العظيم " عظمه" وإخوته الكرام ، وبخاصة الأسطورة الإستثنائية الشهيدة أم النفور ، والآخرين البواسل من الشباب والشابات ، في شوارعنا وساحاتنا ومؤسساتنا ، حتى يحفظ لنا ذاكرة شعبنا حية ومضيئة ، لأجيالنا القادمة .
omeralhiwaig441@gmail.com