بين هيئة علماء السودان وياسر عرمان!!

 


 

 

زفرات حرى

 

الطيب مصطفى

 

eltayebmstf@yahoo.co.uk

 

بدلاً من أن يتواروا خجلاً بعد حديث عرمان أمام البرلمان في حق الإسلام وشريعته ويعتذروا عما فعل شيطان الإنس وما ظل يقترفه في حق الوطن وشعب السودان الشمالي منذ أن كان طالباً لا يجيد غير لغة الدماء والأشلاء... بدلاً من ذلك هاجوا وماجوا (وبرطعوا) مستنكرين أن يقول علماء الأمة رأيهم في أمر من صميم اختصاصهم وواجبهم العيني وبالطبع استخدم قادة الحركة صحيفة (أجراس الكنائس) في حملتهم للدفاع عن رفيقهم!!

 أكثر ما أضحكني وأدهشني تصريحات د. لوكا بيونق وزير شؤون الرئاسة بحكومة الجنوب الذي لم ينتظر حتى يعود من واشنطن فأرغى وأزبد من هناك مهاجماً هيئة علماء السودان التي وصفها بتجار الفتوى ولا أدري ما إذا كانت هذه العبارة من بنات أفكاره أم من الشيوعيين الذين يديرون الصحيفة والذين اعتادوا على استخدام هذه العبارة (المتاجرة بالدين) منذ عقود من الزمان في مواجهة خصومهم الإسلاميين!!

المهم هو أن بيونق استنكر ما سماه بـ »العقلية القديمة« التي تقسِّم المواطنين إلى نصارى ومسلمين؟! أنسمع كلامك يا هذا أم كلام الله سبحانه وتعالى؟! ثم ما هي الأسس التي بُني عليها اتفاق نيفاشا... ألم تصنِّف نيفاشا الشمال بلداً مسلماً يحتكم إلى شريعته والجنوب بلداً غير مسلم يحتكم إلى علمانية خرقاء هي التي أحالت الجنوب اليوم إلى خمّارة وماخور كبير يترنح السكارى وبنات الهوى في طرقاته وإلى غابة يفتك الأسود فيها بالغزلان والنمور بالأرانب والأقوياء بالضعفاء؟!

 

سنظل نحتكم يا لوكا بيونق وعرمان وباقان إلى قرآننا الذي صنِّف غير المسلمين بمن فيهم النصارى إلى فئتين:

 فئة المسالمين المعاهدين الذين لا تقاتلونا في الدين والذين ينبغي علينا أن نبرهم ونقسط إليهم وفئة الأعداء المحاربين الذي يقاتلونا في الدين ويسعون إلى إخراجنا من ديارنا كما تفعل الحركة (جناح أولاد قرنق) التي تجاهر بمطالبتنا بأن نتخلى عن شريعتنا وديننا من أجلها أو من أجل وحدة بغيضة لم نذق منها إلا الموت والخراب والدمار والتخلف... نعم إن عرمان عندما قال كلامه البذيء في البرلمان وباقان وزعيمه قرنق وتلاميذه عندما طالبونا بالعلمانية وطرحوها علينا كثمن للوحدة يعادوننا في الدين وبالتالي فإننا لن نعتبرهم معاهدين مسالمين خاصة وأنهم نقضوا العهد الذي يلزمهم بقبول الشريعة في الشمال كما نقبل نحن بعلمانيتهم القميئة في الجنوب رغم بغضنا إياها التزاماً بعهد نيفاشا!!إن أضابير الحركة الشعبية ومحاضراتها وخططها وخطابها السياسي تنضح باستهداف الإسلام وقد استشهدتُ كثيراً بمقولات قرنق التي تدعو إلى أن يتخلى الشمال عن شريعته ليلحق بالجنوب الذي منحته (نيفاشا) علمانية فوضوية لم يذق من جرائها إلا البوار والخسران!!

ثم يقول لوكا بيونق إن حكومة الجنوب تعطي أي شخص الحرية في ممارسة شعائره الدينية بشرط ألا يقحم الدين في شؤون الدولة ( وبنفس القدر يجب أن يطبق ذلك في شمال السودان)!!

 

أقول لهذا الرجل: ومتى كان جنوب السودان الذي ينعق فيه اليوم البوم والغربان مثالاً يُحتذى لنا أو لغيرنا؟!

 

بربكم هل تصدقون أن هؤلاء القوم موقِّعون على اتفاقية لا تجيز لهم أن يهرفوا بهذا الكلام الساقط بعد أن أقروا بحق الشمال في الاحتكام إلى دينه؟!

 

ثم يأتي العجب في حديث لوكا بيونق حين قال معلِّقاً على بيان هيئة علماء السودان حول الإفك العرماني (إن السودان تغيَّر كثيراً وما عاد مثلما كان في الماضي وإذا لم يعد هؤلاء القوم عن »ضلالهم« هذا سوف يجدون أنفسهم في واد والناس في واد)!!

 

والله إنه لزمان عجيب يجعل الذين وصفهم الله تعالى في قرآنه بـ »الضالين«... يصفون علماء الأمة بالضلال؟!

 

بربكم أليس هذا من علامات الساعة أن يصبح الأطهار ضالين ويصبح الضالون أطهاراً؟!

 

عرمان قال لصحيفة الحركة الشعبية في نفس اليوم 2/4/2009 معلقاً على تسجيل الحركة لدى مجلس شؤون الأحزاب كحزب سياسي أن ذلك مجرد مسألة إجرائية لأن الحركة (مسجلة منذ أمد بعيد في قلب الشعب السوداني وخير دليل ما حدث في الساحة الخضراء)!! ويعني عرمان بذلك استقبال قرنق عند قدومه لأول مرة في الساحة الخضراء منذ أكثر من أربع سنوات!!

 

أقول لعرمان صحيح أن الحركة مسجلة في قلوب الشعب السوداني... لكنها مسجلة في شكل سفاح قاتل ووحش بشع ومصاص دماء شره... انها مسجلة في قلوب تنزف دماً من ذكريات الشهداء الأطهار ومن صور الموت والدمار الذي لطَّخ سمعة الحركة وأقام بينها وبين شعب السودان الشمالي حواجز لا تُجسَر ومسافات لا تُعبَر!!

 

هذا الموهوم لا يزال يتحدث عن استقبال قرنق باعتباره مُعبِّراً عن رسوخ قدم الحركة في وجدان الشعب السوداني لكنه يتناسى أن قرنق قد زوَّر التاريخ حين قال وقتها إن عدد الذين استقبلوه بلغ ستة ملايين نسمة!! أي أن العاصمة كلها قد خرجت لاستقباله!! لن أرد على هذه الأكاذيب لأن الساحة الخضراء لا تحتمل مليوناً واحداً ناهيك عن ستة ملايين وحتى هذا العدد كان محشوداً ومعظمه من أبناء الجنوب القادمين من مختلف ولايات السودان بعد أن وُفِّرت لهم كل المعينات ووسائل الترحيل.

 ثانياً لماذا يستشهد عرمان بما حدث قبل أكثر من أربع سنوات وينسى أن الحركة اليوم بسبب تصريحات قياداتها المستفزة للمسلمين وأفعالها في الشمال (الاثنين الأسود) وفي الجنوب حيث الموت والدمار والخوف والخراب لماذا ينسى أن الحركة اليوم باتت شيئاً بغيضاً حتى في الجنوب الذي تحكمه بالحديد والنار والذي يفر منه بنوه هرباً من بطش الحركة إلى الشمال وإلى دول الجوار.غداً أحدثكم عن نماذج شريعة الغاب تحت حكم الحركة الشعبية إن شاء الله.

حكومة جنوب السودان تحرق شحنة اللبن المصري!!

 

كان ذلك عنوان مانشيت صحيفة »سيتزن« بتاريخ 6-5-2009 حيث خُصِّص الخبر الرئيسي للحديث عن شحنة اللبن الممنوح من الحكومة المصرية لحكومة جنوب السودان والذي اتضح عند الفحص أنه منتهى الصلاحية وقد قررت وزارة الصحة بجنوب السودان إحراق تلك الشحنة!!

 

صحيفة »سيتزن« قالت إن شحنة الألبان تحتوي على »1500« علبة وإنها كانت مخصصة لمستشفى جوبا التعليمي!! وقال مصدر في وزارة الصحة بجنوب السودان إن الشحنة تم تسلُّمها في ابريل أي الشهر الماضي من قبل وزير الشؤون الاجتماعية بالإنابة مارتي كيدين وعند الفحص اتضح أنها تحتوي على ألبان فاسدة منتهية الصلاحية وكان انتهاء صلاحيتها في نفس التاريخ الذي تم اهداؤها فيه لحكومة جنوب السودان!!

 كما كان متوقعاً فإن الخبر لم يمض بدون تعليق فقد أثار زوبعة داخل حكومة الجنوب التي انقسمت إلى قسمين أحدهما يرى أن يُعدم اللبن بدون أن تُخطر القنصلية المصرية حتى لا يثير ذلك مشكلة دبلوماسية بينما رأى آخرون أنه ينبغي أن يُبلَّغ المصريون بذلك.

النخب الجنوبية تناولت الموضوع على خلفية العداء المستحكم لدى بعضها ضد كل ما هو عربي فقد تناول عدو العرب والعروبة نيال بول رئيس تحرير »سيتزن« الذي لا تخفي بغضه لكل ما يمت إلى العرب بصلة وصاحب المقولة الشهيرة (أكره اللغة العربية لأنها لغة المستعمِر) الذي يعني به الشمال والشماليين (الجلابة) تناول الموضوع في مقاله اليومي الذي كان بعنوان (على حكومة جنوب السودان أن ترفض المنح المصرية)!!

 نيال بول قال إنه سبق أن عارض إقامة علاقات بين القاهرة وجوبا في عام ٦٠٠٢ (من خلال خبرتي العملية كصحافي فقد كنت على يقين أن مصر ستؤذي جنوب السودان وها هو الدليل يتضح من خلال شحنة الألبان  الفاسدة) وطالب نيال بول مواطني جنوب السودان بمقاطعة المنتجات المصرية ومعلوم أن الصحافة الجنوبية هاجت وماجت ولطمت الخدود وشقت الجيوب مما استعرضناه في وقت سابق عقب أحداث ميدان مصطفى محمود بمدينة المهندسين الذي قُتل فيه العشرات من  أبناء الجنوب المعتصمين بذلك الميدان في مواجهات مع قوات الشرطة المصرية وكنتُ قد كتبتُ حينها مدافعًا عن قوات الشرطة المصرية التي تصرَّفت بما يمليه عليها واجبها الوطني المتمثل في الحفاظ على الأمن في البلاد. 

 

آراء