تآمر الدولة العميقة لا يزيد النشطاء ولجان المقاومة إلا إصرارا على إنجاح الثورة

 


 

 

 

من التساؤلات التي لا يمكن أن تطرح في أي مكان في العالم سوى في السودان، كيف لا تملك دولة ممثلة بحكومتها المدنية مالا يكفي لطبع الكتاب المدرسي ولكن يملك بعض أعضاء "مجلس رأس الدولة" او المجلس السيادي وبعض العاطلين عن العمل والذين لم يعرف لهم عملا منذ استقلال السودان إلى يوم الناس هذا سوى "الترزق" من موائد السياسة، يملكون أموالا تكفي كميزانية دولة!!!

قامت بعض الواجهات السياسية بجمع المال للمتضررين من السيول والفيضانات ورغم نبل الهدف ولكن يظل السؤال قائما، من أين لهم كل تلك الأموال السائلة "من أين لك هذا" نعم، ماذا ينتجون ليملكون تلك الاموال !!! وحتى إذا ادعوا ملكيتهم لها يأتي سؤال أخر، من المؤكد أن تلك الأموال لم تمر بوزارة المالية السودانية وبنوك الدولة الرسمية، لانه من الواضح أنها عملة جديدة الصنع "جديدة من الورقة"!!! فأين طبعت وكيف وصلت إلى تلك الجهات!!!

إذن هناك جهات عديدة بجانب تلك الواجهات السياسية تملك أموال كثيرة أو ما أصطلح على تسميته "الكتلة النقدية" خارج إطار الدولة، تلك الأموال المليارية بالعملة المحلية التي لا يعرف لها سبب اقتصادي كمصدر إنتاج من الزراعة او الثروة الحيوانية، بل يبدو أن بنك السودان المركزي نفسه لا يعرف مصدر طباعتها ولا أرقام تسلسها!! أن تلك العملة المحلية المجهولة النسب تسعى لابتلاع كل العملة الصعبة التي توجد داخل وخارج بنوك الدولة الرسمية، بحيث لا يصبح في الدولة السودانية سوى أوراق نقدية سودانية متداولة لا تساوي قيمة الورق والحبر الذي طبعت به!!!

ما سقته اعلاه يوضح جزء من الفساد الذي يسعى للالتفاف حول الثورة السودانية وسرقتها إن لم نقل قتلها، وهو ضلع من ثلاث أضلاع مثلث "برمودي" شرير، تحاول خنق الثورة الفتية التي اختارها الشعب لخلع نظام الإنقاذ البائد، أما الضلعين الآخرين فهم الإعلام الكيزاني أو المنتفع من الكيزان من أمثال حسين خوجلي وإسحق فضل الله والطيب مصطفى و مجموعة هتيفة وأرزقية وغيرهم من الأبواق الكيزانية التي انتشرت في الوسائط الاجتماعية كانتشار الجراد ساعية للقضاء على الأخضر واليابس فنجحت في حملتها الشعواء على دكتور أكرم على التوم حتى أبعدته ليخلو الجو لربيبتها من مافيا الدواء فتستفرد بالساحة والمواطن المسكين.

أما ثالثة الأثافي من أضلاع مثلث الشر الفاسدة فيتمثل في بعض العناصر من القوات النظامية من جيش وامن وشرطة ومن النيابة والقضاء.

كدليل على ذلك التأمر والتواطوء يأتي قرار محكمة جنايات الخرطوم وسط ضد خمس من أعضاء مركز "فيد للفنون" هم (حجوج محمد حاج عمر، ودعاء طارق محمد أحمد، وعبد الرحمن محمد حمدان، وايمن خلف الله، واحمد الصادق احمد) بالإضافة للمخرج السينمائي الدولي حجوج كوكا بالسجن شهرين وغرامة 5 الآلاف جنيه لكل منهم بتهمة الإزعاج العام!!! .
للعلم، أشارت بعض المواقع والصحف إلى معلومة مهمة بخصوص المتهمين ألا وهي: (تعد دعاء طارق والمجموعة التي ترافقها من الشبان من أبرز المجموعات الشبابية التي شاركت في اعتصام القيادة العامة في العام الماضي. ودعاء طارق هي شقيقة لدن طارق التي ألقت قصيدة انتقدت فيها القوات التي فضت الاعتصام في مواكب مليونية 30 يونيو 2020 بشارع الستين وارتفعت الانتقادات بحقها واعتبرتها بعض الجهات العسكرية قصيدة مسيئة للقوات النظامية .) !!!

لن أناقش حيثيات القضية ولا الحكم فذلك مجال له فرسانه، ولكن الغريب إلا تجد الشرطة والنيابة أمر يسبب الإزعاج العام سوى نشاط سلمي ثم هتافات واناشيد لخمس أو ست من الشباب ، بينما تنتشر جرائم مجموعات النقرز في الخرطوم نهارا متسببة في هلع سكان بعض الأحياء. و ينتشر تجار العملة وتهريب البنزين والجازولين والمواد الغذائية مثل السكر في كل المدن، حتى انه تردد أن بعض دول الجوار حدث عنها اكتفاء من السكر المهرب من السودان، وتغض الأجهزة الأمنية والشرطية النظر عن تلك الممارسات بل يشاركون فيها وفي غيرها مثل قطع أشجار الفحم في بعض المناطق!!! وهو أمر ينطبق عليه ماتتندر به المجالس من قول أحد أبناء شرق السودان للبوليس في لهجة محلية " لوري-مسروق- ما تشوف وحقة صعوط تشوف"!!!

نعم حدثت الفيضانات والسيول، ولم نر القوات النظامية المسلحة تخوض الوحل وتنقذ الأرواح وتقوي السدود وتضع المتاريس أمام النيل، وتوزع مواد الإغاثة وهو أحد واجباتهم في در أثار الكوارث الطبيعية بجانب الدفاع عن الوطن أمام العدو الخارجي!!! نعم لم نر كل تلك القوات المسلحة تستخدم إمكانياتها و آلياتها وجرراتها و طائراتها و سياراتها لمساندة ومساعدة المواطنين!!!، بالرغم من أننا سبق وان رائنا القوات النظامية وهي تتبختر بالآلاف من السيارات وتستعرض مئات الآلاف من الأفراد في كل أنحاء السودان لإخافة وإرهاب الشعب وتركيعه بل في قتله كما حدث في ساحة الاعتصام في فجر أول أيام عيد الفطر في 2019م.

إن هذا الشعب، شعب صبور وقد قاوم استبداد وفساد الانقاذ 30 عاما في سلمية كاملة، و تيقن تمام اليقين بأن الفاسدين مازالوا "مندسين" في مختلف إدارات الدولة واجهزتها، ويعلموا أين يسكنون في الأحياء الجديدة التي نبت فيها غرس شيطاني من الغابات الاسمنيتة "فجأتن"!!! بل يعلم الشعب انه داخل أسر وعائلات كثيرة توجد طبقات فاسدة أثرت على حساب الشعب ثم تشابكت مصالحها مع أفراد في أجهزة أمنية وشرطية ونيابية واتفق الاثنان على تجويع الشعب والتفريط في أمنه حتى يقبل بعودة الطغيان ممثل في نظام الإنقاذ المخلوع!!! ولكن هيهات!!!

فإن الشعب السوداني رغم إيمانه بالسلمية الكاملة لن يقبل أن يقف مكتوف الأيدي، وهو يرى أن التأمر ضده من الدولة العميقة التي تسعي لخنقه عبر أضلع مثلثها البرمودي الشرير ممثل في واجهات سياسية ومالية وطبقة إعلامية مأجورة وبعض أفراد قوات نظامية وأجهزة شرطية وأمنية ونيابية و قضائية!!! بل سيثور ثورة الجائع الخائف الذي لا يوقفه شيء، فأحذروا أيها الفاسدين غضبة الحليم!!!

ثم أن هذا الشباب الحر الأبي امثال دعاء ولدن طارق وحجوج كوكا وصحبهم الكرام قد عاهدوا إخوتهم من الشهداء في معسكر العيلفون وفي دارفور وفي مجزرة سبتمبر 2013م وفي ساحة الاعتصام وفي عطبرة وبورتسودان وقبلهم في جبال النوبة بأن يستردوا لهم حقوقهم وذلك بان يحرروا السودان من خفافيش الظلام وكتائب الظل وكل فاسد وخائن للسودان ولن يوقفهم سجن شهرين او غيره.

أنشد الشاعر محمد الأمين سنهوري

"لن تعودوا من جديد
يا أيها السفهاء
واللقطاء
والفكر البليد
يا أيها الآتون من رحم الخديعة
والفجيعة والوعيد
مهما تدافعت الخطوب
أو خوت كل الجيوب
إنه العزم الأكيد
خاب مسعي الظالمين
وخبا كل أنين
***
لن تعودوا
***
هذه الأرض لنا
قد ورثناها كفاحا
بدماء وعنا
فليقل كل شهيد
إنه بذلي أنا".

wadrawda@hotmail.fr

 

آراء