رغم تثاؤب المسافات والزمن لا أزال غارقا في عينيك وأحزان الشتاء لم يبارحني وجعُ الأريكة أو أبارح عطر الوسادات المخملية ورقصات الشموع الموزعة في الزوايا وعلى صدري بعضٌ من حرير الجدائل ما أزال ملتبسا هناك بين الذي مضى والذي هو آتٍ بين الحب والوله بين الشغف والغواية تدفعني الذكريات كل ليلة إلى ممارسة الموت على قيد الحياة ما أحلى التأرجح بين الإطراء والغزل بين حرارة الأنفاس وقت العناق وفي القبل لا تزال الستائر على أنصاف النوافذ كأشرعة الزوارق وسط الرياح الهادئة ونحن غارقان بين المد والجزر في حضن أرخبيل الليل كما الجُزر البازخة كنا وكنا نتقافز كالعصافير على الشجر نهوّم حول البنايات الشاهقة والأرصفة غارقة في الظلام كل الشوارع في المدينة كانت كالخنادق لم أكن يوما ولن أكون جندياً في كتائب الإستسلام و جوقات الزّيْف أسيرًا للعلاقات العابرة أو مسافرًا متنقلًا بين الفنادق لستُ ممن يخشى احتمالات المخاطر أو يهاب اقتحام المسالك أمي أوصتني ايّام الصبا الباكر قالت عندما يصعد الخوف داخل الجوف يهبط تدافع الدم عبر الشرايين فلا يبلغ تلافيف الدماغ فلا تكن يوما جبانا ثمة بون شاسعٌ بين الجرأة والتهور بين الثورة والإفتعال بين المراسي والهجاء وقالت هبوط معدلات الكلام يبدد الحب و دفء الغرام العشق ضرب من إلتباس الآخر والاستغراق ليس كما الانغماس اليقظة ترياقٌ المزالق ما من احد بعدي يأخذك الى الحواف الضيقة بين السحاب وسقف السماء بين الغسق والشفق بين العتمة والفلق بين الموت والحياة بين الصبوة والقلق بين العقل والجنون لا احد مثلي يلعق عسل قدميك أو يرشف من سُرّتك النبيذ كان خريفا سخيًا ماكرًا فاض بالحزن وأشكال الدمار طمر الحقول غطى البساتين غمر الشوارع غاصت فيه المدائن حد الرُكب وحده ظل صامدًا كما كان دائماً صبر الشعب لا ذاب ولا انكسر سكنت العاصفة كفّ النهر المديد عن الغضب جفّت مياه المطر ولم تجفْ الدموع بعد رحيل الغمام انهمكنا في نبش القبور انتشال الجثامين المخضبة بالدماء وبالشعارات المجيدة والهتافات الطازجة على أفواه الشباب الفاغرة وعلى الوجوه الناعمة ابتسامات الصبايا كنّا هناك أنت وأنا للمرة الألف الثانية حتماً لن تكون المرة الآخرة