تأملات في تجربة الماليزي “داتو” فيجاي و دور السوداني عدلي علوب

 


 

 

 

محمد المكي أحمد

 

modalmakki@hotmail.com

 

أزور ماليزيا هذه الأيام  مشاركا  في مؤتمر  شكل  تعزيزا لتجربتي الأولى في ميدان " التسويق الشبكي "  كصحافي امتدت تجربته في عالم المؤتمرات الى نحو ثلاثين عاما،  شهدت خلالها مؤتمرات اقليمية ودولية مهمة في دول عدة، والتقيت خلالها عددا من قادة العالم ومفكرين وديمقراطيين حقيقيين وأدعياء وديكتاتوريين أيضا من كل جنس ولون

شاركت في  المؤتمر السنوي لشركة "كويست نت" بعد انضمامي بقناعة  لشبكة التسويق  الالكتروني،  وكنت أبحث منذ سنوات عدة عن عمل " حر" يناسب تفكيري وينسجم مع قناعاتي، بعيدا عن  التجارة التقليدية التي تحتاج لقدرات ومواصفات  لا أجدها  في نفسي. اقتنعت بان "التسويق  الشبكي" كصناعة جديدة في العالم أقرب الى عقلي وقلبي من ميادين تجارة تقليدية أخرى، فقررت خوض التجربة  في  اطار خطة مستقبلية  تهدف الى فك أسر الوظيفة و "الراتب"على  رغم  استقرار اوضاعي الوظيفية والمهنية حاليا والحمد لله .

أرى أن هناك ضرورة لتعزيز"الاستقلالية المالية"، فهي مهمة للصحافي ولكل انسان، وخاصة عندما تحين لحظة التقاعد، خاصة أن الصحافي في عالمنا العربي والمجتمع السوداني يمكن أن يضاف في اية لحظة الى سجل المتقاعدين والجالسين على رصيف الأحداث وهو بكامل قواه العقلية!

 

قناعتي أن الصحافي مثلي والمغترب السوداني بل أن جمهورا عريضا من السودانيين محتاجون الى طرق أبواب التسويق الالكتروني، وفقا لشروط الشفافية والوضوح وعدم الوقوع في مصيدة التجارب الخادعة الفاشلة في عالم اليوم الذي يكثر فيه الاشرار

 

وجدت  أن تجربة "كويست نت" تتسم بالوضوح والشفافية، في ظل وجود "سلعة" يشتريها الانسان بارادته الحرة، وهذه التجربة تنطلق من المنتج الى المستهلك مباشرة من دون وسطاء، وتأتي عائداتها المالية  للوكلاء أو "الممثلين المستقلين" بسبب  جهدهم ودورهم التسويقي، خاصة أنه لا يوجد وسطاء بين المنتج والمستهلك،كما يوجد نظام معلن وواضح لتوزيع المستحقات المالية من دون تضليل.  .

 ربما سمع كثيرون بمشروع "كويست" في عالم التسويق الشبكي  وربما لم يسمع به آخرون، بل ربما  وقف بعض الناس على رؤى متباينة ، وربما سمع آخرون تشويشا وانتقادات مشروعة أو غير مشروعة للفكرة و"الرؤية" ، لكن دوري كصحافي يستوجب وقفة مع القاريء حول  مشاهداتي في مؤتمر ماليزيا قبل أيام ، كما ان دوري كصحافي يتطلب تنويرا لأهلنا في السودان بدلالات ريادة سودانية في هذا المجال .

شارك في المؤتمر نحو أكثر من ستة آلاف شخص من أكثر من مائة دولة ، وسجل السودانيون والسودانيات حضورا لافتا  ومميزا في المؤتمر الذي يرعاه  ويدعم برامجه برؤى تجديدية ابداعية وبروح تتسم بالحيوية والنبض الانساني الجميل  شخصية ماليزية لها مكانتها في المجتمع الماليزي.

 

رعى المؤتمر وخاطبه  السيد فيجاي اسواران  الذي منحته بلاده لقب "داتو" وهو يؤشر الى مكانته الاجتماعية واللقب  يوازي لقب  "لورد" في بريطانيا.

 

 فيجاي اسواران  شخصية مثيرة للاهتمام والجدية و له الفضل في نجاح

 

واحدة من أكبر مشاريع التسويق الشبكي في آسيا والمنطقة والعالم.

 

إنه صاحب رؤى عصرية واضحة كتبها بشفافية في كتابه

 

 SPHERE OF SILENCE (في عالم السكون)، وخلال وجودي في ماليزيا حاليا  قرأت الترجمة العربية للكتاب التي عبرت عن جماليات روحه ونبضه الانساني .

 

"داتو " فيجاي يُشبَه في كتابه عقولنا  بأنها "محيطات متسعة ومع ذلك نحن نقف على حوافها كل يوم وبمقدار الملعقة نأخذ منها في كل مرة قطرة"، وهو يأمل ان يعلمنا كتابه "أن نستبدل الملعقة بالدلو لنغترف من ذلك المحيط ".

 

"افتتاحية"الكتاب رائعة، وتعبر عن رؤية ترى ان "عالم السكون يساعدنا على التواصل مع الخالق الذي هو بداخلنا ، إنها ليست صلاة فحسب، انما تقرب من الخالق ، واعتراف بأن لا شيءفي هذا الوجود يمكن أن يتحرك دون مشيئته".

 

وهو  يرى أن "الواجب والمعرفة  والعبادة ، تلك العوامل الثلاثة مجتمعة هي التي تجعل من عالم السكون الأداة الوحيدة والأكثر قوة والتي تساعدك على النجاح في العمل والحياة".

 

ومن روائع كتاب  فيجاي قوله "للأسف ، معظمنا يفوته منظر شروق الشمس  بسبب البعوض، وفي عالم السكون ، نجعلكم ترغبون  في رؤية شروق الشمس".

 انه صاحب  رؤية تقول إن "من ينظر الى الخارج يحلم، ومن ينظر الى الداخل يستيقظ"، وأن "الذين  يتحكمون في انفسهم يستطيعون التحكم في مصائرهم"، ويشدد على أن "أعظم الجهاد هو جهاد النفس"، لكن "جهاد النفس لا يتطلب تطرفا ، إنما  يحتاج موازنة".

 شدني الى دخول عالم التسويق الشبكي  الذي يقوده "داتو" فيجاي أنه ينطلق من قيم العمل الجماعي، ولعل أروع  ما قاله في هذا السياق في محاضراته وعناوين كتابه وماتسير عليه مدرسة   التسويق الشبكي لهذا الرجل  يكمن في  فلسفته التي ترى أن "كل شخص نلتقيه في حياتنا مثل فتحة في مزمار"، و" يجب أن تصدر كل فتحة نغمة".

 رؤية العمل الجماعي عززت قناعاتي بالمشاركة في مشروع فيجاي للتسويق الالكتروني ، كما عمقت الريادة السودانية التي لمست ايقاعاتها وجمال نبضها في المؤتمر خطواتي على طريق التسويق الشبكي باعتباره من أحدث صناعات العصر.

 قبيل افتتاح المؤتمر وصل سودانيون وسودانيات  الى استاد "شاه علم"


، حيث انطلقت فعاليات المؤتمر ،كما وصل مشاركون من كل جنس ولون، وهم يرتدون ازياءهم الوطنية  ويترنمون باغنيات تراثية ويرقصون رقصات شعبية.

 

 
  شارك في المؤتمر الذي يركز على "التنمية البشرية"  ستمائة سوداني وسودانية،وقد حرصوا على تحمل كلفة تذاكر السفر ودفع رسوم التسجيل والسكن في سبيل الاستزادة من المحاضرات القيمة والرؤى المثيرة للاهتمام.الرجل السوداني تميز ب"الجلابية"والعمامة وارتدت حواء السودانية  زيها الجميل  وغنت "العديل والزين".استطاع السودانيون رجالا ونساء أن يشدوا الانظار الى تراثهم وأغنياتهم وموسيقاهم فرقص آخرون من جنسيات عدة  عندما خاطب  دواخلهم النغم  والايقاع السوداني .هنا أشيد بدور رائد سوداني له الفضل في فتح آفاق التسويق الالكتروني أمام  آلاف السودانيين بل امام ملايين الناس في المنطقة وهو السيد عدلي حسن علوب.هذا الرجل هو  أحد الشركاء الكبار مع "داتو" فيجاي، وهو صاحب الريادة  سودانيا وافريقيا في هذا الاطار، ولهذا لم استغرب أن يصفق وهتف لتحيته "الرواد" من السودان ودول عدة في المنطقة عندما خاطب المؤتمر.لم استغرب عندما غنى له  مصريون وآخرون "ياعدلي يا ُأبُهى، ايه العظمة دي كلها"، هذه المحبة لأنه فتح امامهم وامام ملايين الناس فرصا لعمل الكتروني نحتاج نحن في السودان أن نفتحها أمام كثيرين ممن لا عمل لهم ولا أمل لهم.في ماليزيا سعدت بلقاء الخبيرالاقتصادي السوداني ووزير الدولة للمالية السابق الاستاذ عبد الوهاب احمد حمزة ، هذا الرجل شجع تجربة دخول السودانيين في عالم التسويق الالكتروني، وقد اختارته شركة "كوسيت نت" ليكون وكيلها في السودان. عبد الوهاب أحمد  حمزة شخصية اقتصادية معروفة في السودان وخارجه، ويتمتع بسجل تجربة وخبرات في عالم الاقتصاد والادارة، وهو عمل وزيرا في ثلاث حقب للحكم في السودان مع اختلاف أنظمتها، ويستحق الاشادة والتقدير والاحترام بسبب دعمه لتجربة التسويق الالكتروني في السودان .في هذا الاطار أشير  الى أن السودان حقق انجازا مهما في مؤتمر "كويست نت" الأخير من خلال الدكتور عصام صديق حيث   دخل اختراعه "FIBRE FIT " في اوسع مجالات الترويج  الحصري في  تلك الشركة، وهو يتكون من خلطة من المصغ العربي (الهشاب ) والطلح، وقد أكد أنه مفيد لمرضى السكر والضغط والكولسترول وغيرها.سعدت بلقاء  دكتور عصام صديق  في ماليزيا، وكنت التقيته للمرة  الأولى على هامش مؤتمر الاعلامييين السودانيين العاملين في الخارج في أواخر مايو 2009.قرات خلال فترة وجودي حاليا في ماليزيا  كتابه"المن والكون " ،ولأن الكتاب أو الرسالة  تقرأ من عنوانها  الفت النظر الى أن دكتور عصام صديق أهدى الكتاب في سطوره الأولى  الى  منتجي المن (الصمغ العربي، صمغ الهشاب)، وأعتبرهم"أكبر فئة انتاجية مهمشة في الارض".المؤلف أهدى كتابه في سطور الاهداء الى الرئيس عمر البشير ، وهنا أدعو الى  دعم  "أهلنا الغبش" منتجي الصمغ العربي ، خاصة أن  تجربة عصام  ستروج للصمغ العربي عالميا.في السودان نحتاج الى تشجيع مثل هذه الأعمال الايجابية الشفافة التي تقوم على نهج الوضوح وتفتح أمام الانسان فرصا للعمل الجاد بعيدا عن النصب والخداع الذي تمارسه شركات أخرى في عالم الكتروني يضم الصالح والطالح.أعتقد باننا محتاجون في  السودان الى تأمل مشروع "داتو" فيجاي للتسويقالالكتروني، خاصة أنه يعلن دوما "احب السودان"، وأرى  أن تجربته الناجحة تساهم في اثراء اهتمامات الشباب واستثمار الوقت بدلا من اهداره .

أعتقد أننا محتاجون في السودان  الى تشجيع  نشر ثقافة التسويق الالكتروني واية مبادرة عصرية تفتح فرص عمل جديدة  أمام  الملايين من "جيوش"  العاطلين عن العمل  من الجنسين، حتى نفتح أمام الناس وخاصة  المهمشين" أبواب العمل والأمل، بدلا من  الابقاء على مداخل القلق والحزن  والألم والتفكير السلبي الذي يقود الى الصراع والتآمر والاقتتال.

 

برقية: التجارب الرائدة تواجهها عواصف في البداية لكنها تقوى وتنتصر في النهاية لأنه لا يصح الا الصحيح.

   عن صحيفة (الأحداث) 19-6- 2009                        

 

آراء