تجرؤ أعضاء حزب المؤتمر الوطني المحلول يعكس استمرار نفوذ النظام السابق
زهير عثمان حمد
16 November, 2024
16 November, 2024
زهير عثمان
اختيار أحمد هارون، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، رئيسًا لحزب المؤتمر الوطني المحلول يعكس صورة واضحة لممارسات الحزب الحاكم السابق، الذي كان ركيزة السلطة في السودان لثلاثة عقود. هذه الخطوة الجريئة، التي تترافق مع خلافات داخلية حادة، تشير إلى عودة محتملة لممارسات النظام السابق واستغلال الهياكل السياسية والتنظيمية لتحقيق أهداف شخصية أو فئوية.
تجرؤ غير مبرر أم دلالة على النفوذ؟
ما يدعو للتساؤل هو كيف يمكن لمجموعة من القيادات الحزبية التي كانت جزءًا من النظام المنهار، والمتورطة في جرائم موثقة داخليًا وخارجيًا، أن تجتمع وتعلن قرارات سياسية جريئة دون خشية من المحاسبة؟ الإجابة تكمن في البيئة السياسية الراهنة بالسودان، حيث تبدو حكومة الأمر الواقع في بورتسودان غير قادرة أو غير راغبة في التصدي للنفوذ المتبقي للنظام السابق.
استغلال الفراغ السياسي
البيئة السياسية المضطربة في السودان، التي تفاقمت بفعل الحرب الجارية بين الجيش وقوات الدعم السريع، سمحت لأعضاء المؤتمر الوطني بالتحرك بحرية نسبية.
الحكومة الانتقالية السابقة حاولت تحجيم نشاط الحزب بحله ومصادرة أمواله، لكن الاضطرابات الأخيرة أضعفت تلك الجهود وسمحت بإعادة تشكيل التنظيمات المحظورة.
التواطؤ أو غض الطرف
يبدو أن الحكومة الحالية، التي تسيطر على بورتسودان، تتسامح ضمنيًا مع عودة أنشطة النظام السابق، ما يشير إلى احتمال وجود تواطؤ أو تحالف غير معلن.
الانتقادات الموجهة للحكومة بأنها جزء من امتداد النظام السابق تعززها هذه الممارسات التي تتحدى قرارات قانونية بحظر الحزب.
الخلافات الداخلية مؤشر على انقسامات عميقة
الخلافات بين مجلس الشورى والمكتب القيادي للحزب المحلول تعكس أزمة داخلية أعمق. هناك اتجاهان واضحان داخل الحزب:
الاتجاه الأول -و يسعى إلى الاستمرار في استغلال الهياكل التنظيمية لإعادة التمكين، كما يظهر في إصرار مجلس الشورى على انتخاب أحمد هارون.
الاتجاه الثاني هو الذي يدرك أن وجود شخصيات مثل هارون يشكل عبئًا داخليًا وخارجيًا بسبب الاتهامات الجنائية الدولية.
هذه الانقسامات قد تفضي إلى انشقاقات تهدد وحدة الحزب، لكنها تعزز أيضًا فكرة أن المؤتمر الوطني لم يتغير في جوهره، بل يظل أسيرًا للعقلية التي تسببت في سقوطه.
دلالة سياسية واجتماعية
استمرار العقلية القديمة في انتخاب أحمد هارون يشير إلى أن عقلية "الحصانة من المحاسبة" ما زالت مترسخة لدى أعضاء النظام السابق. هؤلاء الأفراد يعتقدون أن النظام القضائي السوداني أو الدولي غير قادر على محاسبتهم.
ضعف الدولة: هذه الممارسات تدل على غياب آليات فعالة لفرض القانون، وهو ما يعزز الشكوك بشأن قدرة الدولة الحالية على حماية مكتسبات الثورة ومنع عودة النظام القديم.
دور حكومة الأمر الواقع في بورتسودان
تتحمل حكومة الأمر الواقع مسؤولية كبيرة في تمكين هذه التحركات. وجودها في المشهد السياسي الحالي مع غياب رد فعل حاسم يشير إلى احتمالية تحالفها مع قوى النظام السابق، سواء بشكل مباشر أو عبر دعم ضمني. هذا يعكس تراجع مشروع التحول الديمقراطي الذي كان يهدف إلى بناء دولة سودانية جديدة على أنقاض النظام السابق.
خطر إعادة التمكين
ما يحدث حاليًا هو تذكير صارخ بأن الثورة السودانية لم تكمل أهدافها بعد. تصرفات المؤتمر الوطني المحلول تدل على أن النظام السابق لم يُستأصل بالكامل، بل يستفيد من الصراعات الحالية لملء الفراغ السياسي واستعادة نفوذه. يتطلب الوضع الحالي ضغطًا شعبيًا وسياسيًا لضمان عدم التفريط في مكتسبات الثورة والعمل على محاسبة كل من تورط في إجهاض مشروع السودان الجديد.
zuhair.osman@aol.com
اختيار أحمد هارون، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، رئيسًا لحزب المؤتمر الوطني المحلول يعكس صورة واضحة لممارسات الحزب الحاكم السابق، الذي كان ركيزة السلطة في السودان لثلاثة عقود. هذه الخطوة الجريئة، التي تترافق مع خلافات داخلية حادة، تشير إلى عودة محتملة لممارسات النظام السابق واستغلال الهياكل السياسية والتنظيمية لتحقيق أهداف شخصية أو فئوية.
تجرؤ غير مبرر أم دلالة على النفوذ؟
ما يدعو للتساؤل هو كيف يمكن لمجموعة من القيادات الحزبية التي كانت جزءًا من النظام المنهار، والمتورطة في جرائم موثقة داخليًا وخارجيًا، أن تجتمع وتعلن قرارات سياسية جريئة دون خشية من المحاسبة؟ الإجابة تكمن في البيئة السياسية الراهنة بالسودان، حيث تبدو حكومة الأمر الواقع في بورتسودان غير قادرة أو غير راغبة في التصدي للنفوذ المتبقي للنظام السابق.
استغلال الفراغ السياسي
البيئة السياسية المضطربة في السودان، التي تفاقمت بفعل الحرب الجارية بين الجيش وقوات الدعم السريع، سمحت لأعضاء المؤتمر الوطني بالتحرك بحرية نسبية.
الحكومة الانتقالية السابقة حاولت تحجيم نشاط الحزب بحله ومصادرة أمواله، لكن الاضطرابات الأخيرة أضعفت تلك الجهود وسمحت بإعادة تشكيل التنظيمات المحظورة.
التواطؤ أو غض الطرف
يبدو أن الحكومة الحالية، التي تسيطر على بورتسودان، تتسامح ضمنيًا مع عودة أنشطة النظام السابق، ما يشير إلى احتمال وجود تواطؤ أو تحالف غير معلن.
الانتقادات الموجهة للحكومة بأنها جزء من امتداد النظام السابق تعززها هذه الممارسات التي تتحدى قرارات قانونية بحظر الحزب.
الخلافات الداخلية مؤشر على انقسامات عميقة
الخلافات بين مجلس الشورى والمكتب القيادي للحزب المحلول تعكس أزمة داخلية أعمق. هناك اتجاهان واضحان داخل الحزب:
الاتجاه الأول -و يسعى إلى الاستمرار في استغلال الهياكل التنظيمية لإعادة التمكين، كما يظهر في إصرار مجلس الشورى على انتخاب أحمد هارون.
الاتجاه الثاني هو الذي يدرك أن وجود شخصيات مثل هارون يشكل عبئًا داخليًا وخارجيًا بسبب الاتهامات الجنائية الدولية.
هذه الانقسامات قد تفضي إلى انشقاقات تهدد وحدة الحزب، لكنها تعزز أيضًا فكرة أن المؤتمر الوطني لم يتغير في جوهره، بل يظل أسيرًا للعقلية التي تسببت في سقوطه.
دلالة سياسية واجتماعية
استمرار العقلية القديمة في انتخاب أحمد هارون يشير إلى أن عقلية "الحصانة من المحاسبة" ما زالت مترسخة لدى أعضاء النظام السابق. هؤلاء الأفراد يعتقدون أن النظام القضائي السوداني أو الدولي غير قادر على محاسبتهم.
ضعف الدولة: هذه الممارسات تدل على غياب آليات فعالة لفرض القانون، وهو ما يعزز الشكوك بشأن قدرة الدولة الحالية على حماية مكتسبات الثورة ومنع عودة النظام القديم.
دور حكومة الأمر الواقع في بورتسودان
تتحمل حكومة الأمر الواقع مسؤولية كبيرة في تمكين هذه التحركات. وجودها في المشهد السياسي الحالي مع غياب رد فعل حاسم يشير إلى احتمالية تحالفها مع قوى النظام السابق، سواء بشكل مباشر أو عبر دعم ضمني. هذا يعكس تراجع مشروع التحول الديمقراطي الذي كان يهدف إلى بناء دولة سودانية جديدة على أنقاض النظام السابق.
خطر إعادة التمكين
ما يحدث حاليًا هو تذكير صارخ بأن الثورة السودانية لم تكمل أهدافها بعد. تصرفات المؤتمر الوطني المحلول تدل على أن النظام السابق لم يُستأصل بالكامل، بل يستفيد من الصراعات الحالية لملء الفراغ السياسي واستعادة نفوذه. يتطلب الوضع الحالي ضغطًا شعبيًا وسياسيًا لضمان عدم التفريط في مكتسبات الثورة والعمل على محاسبة كل من تورط في إجهاض مشروع السودان الجديد.
zuhair.osman@aol.com