تجميد المحاكمة الحالية للرئيس المعزول وقيادات الإسلاميين

 


 

محمد فضل علي
19 December, 2021

 

حتي لاتضيع صيحات وهتاف الملايين الثائرة في شوارع الخرطوم وبقية المدن السودانية ادراج الرياح وحتي تكتب السلامة لهذا البلد وناسة بعد ثلاثين عام واكثر من حكم وتسلط مجموعة عقائدية لم يكن لها اي جذور في الشارع والمجتمع والدولة السودانية في اي يوم من الايام.
لقد ضاعت صيحات الملايين السودانية الثائرة بالفعل بعد انتفاضة ديسمبر 2019 بعد ان استقر الامر علي صيغة الحكم الانتقالي السابقة والشراكة المدنية العسكرية بموجب الاتفاق المعروف والذي تم بمباركة اجماع اغلبية الشعب السوداني والمجتمع الدولي.
ولكن حدث بعد ذلك الخروج الكبير علي نص مطالب الشارع السوداني وانتفاضته العظيمة منذ الايام الاولي للشراكة العسكرية المدنية وساد الهرج والمرج عبر الخضوع المذل لمطالب الادارة الامريكية السابقة التي تعاملت مع الشعب السوداني بعقلية السمسار اكثر من العلاقات المفترضة مع امة انتصرت علي الطغيان والاستبداد في ملحمة بطولية ليس لها مثيل في تاريخ العلاقات الدولية المعاصر في ظل نظام عالمي فشل اخلاقيا وعمليا في السيطرة علي مظاهر الفوضي والاستبداد الذي ساد العالم في مرحلة مابعد احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 المعروفة .
ساد الهرج والمرج والسباق نحو توطيد النفوذ اطراف الشراكة العسكرية المدنية وانفرد رئيس المجلس السيادي الجنرال عبد الفتاح البرهان باتخاذ قرارات ومواقف في غاية الرعونة وتقديمه العلاقة مع دولة اسرائيل علي مطالب الشعب السوداني العاجلة والملحة في الحرية والعدالة والسلام.
اما علي صعيد العدالة الانتقالية والفصل في السجل المريع لنظام الحركة الاسلامية في القتل الجماعي والتعذيب والتنكيل بالناس وتدمير مؤسسات الدولة القومية المدنية والعسكرية واحدة بعد الاخري فحدث ولاحرج فقد انحصر الامر في المحاكمة اليتيمة المنعقدة تحت عنوان محاكمة مدبري انقلاب الثلاثين من يونيو 1989 بموجب بلاغ الراحل المقيم المناضل الوطني والقانوني الضليع علي محمود حسين ولكن من بيدهم مقاليد امور العدالة لم يضيفوا الي ملف التحقيق في القضية اعترافات المتهم الاول ومدبر الانقلاب والرجل الذي اشرف علي تنفيذ العملية المسلحة التي قامت بتنفيذها الحركة الاسلامية للاستيلاء علي كل مفاصل الدولة السودانية وليس الاستيلاء علي سلطة مجرد سلطة كما حدث في الانقلابات العسكرية التقليدية السابقة في السودان.
لم يتم التحقيق مع الدكتور الترابي او محاكمته حول ماهو منسوب له في هذا الصدد بسبب الوفاة والرحيل عن الدنيا ولكن اعترافاته الحية التي ادلي بها لقناة الجزيرة التي ذكر فيها تفاصيل التفاصيل عما حدث في الثلاثين من يونيو 1989 تنسف قانونيا المحاكمة الجارية للرئيس المعزول وبعض قيادات الحركة الاسلامية بتهمة تدبير انقلاب عسكري لم يكن له وجود بطريقة تستوجب اعادة التحقيق في القضية بالسرعة المطلوبة وفتح الباب امام الاستماع الي المزيد من شهادات الشهود المدنيين والعسكريين حول هذه القضية واتخاذ قرار بتجميد المحاكمة الراهنة واعادة تحديد وتسمية الاتهامات وتحديد الجهة التي من المفترض ان يحاكم المتهمين امامها من القلة العسكرية القليلة من الاعضاء في الخلية العسكرية السرية للاسلاميين والفصل بينهم وبين من ركبوا الموجة من غير عضوية التنظيم من الذين استمروا في المشاركة في الحكم حتي بعد ان تكشفت الهوية العقائدية للانقلابيين اضافة الي بعض الذين شاركوا في مجلس الانقلاب لدوافع اخري ولكنهم سرعان ماغادروا وعاشوا حياة عادية مثلهم مثل بقية السودانيين حتي لحظة اعتقالهم ووضعهم في قفص واحد مع عملاء وسدنة الحركة الاسلامية من العسكريين.
لابد من رفع سقف مطالب الاغلبية الصامتة في الشارع السوداني لتشمل مراجعة كل اداء الحكومة الانتقالية التي اطاحها انقلاب اللجنة الامنية وفلول الدولة الاخوانية العميقة ودعم ما يستحق الدعم واغلاق ملف التجاوزات والتعدي علي حق الامة السودانية علي صعيد العلاقات الخارجية ومحاولات ربط البلاد بمحاور اجنبية مشبوهة اضافة الي المراجعة الفورية لاداء مؤسسات العدالة الانتقالية التي لم يكن لها اي وجود علي اي مستوي بعد ان تجاهلت مع سبق الاصرار فتح ملفات الجرائم والانتهاكات المنهجية لنظام الحركة الاسلامية ضد الشعب السوداني ومؤسسات الدولة السودانية القومية خاصة دورها في تفكيك القوات المسلحة السودانية واجهزة الامن وتشريد الالاف من منسوبيها المهنيين والعساكر المحترفين وقتل العشرات منهم ودفنهم في مقابر جماعية تننفيذا لتعليمات صادرة من مجلس شوري ماتعرف بالحركة الاسلامية السودانية.
الامر يستدعي ايضا ايجاد الية قومية للرقابة علي المال العام ومخصصات واداء مؤسسات الحكم القادم في البلاد والعمل علي اعادة بناء مؤسسات الامن والعدالة والصحة والتعليم وعودة الحقوق الاساسية التي سلبها حكم الاسلاميين من الشعب السوداني وحقه الاصيل في مجانية الخدمات المشار اليها التي ظلت من الثوابت التي حرص عليها المستعمرين الاجانب الذين حكموا البلاد حتي لحظة رحيلهم وحرصت عليها كل الانظمة والحكومات المدنية والعسكرية بعد الاستقلال وسنين الحكم الوطني قبل ان يشن الاسلاميين حربهم علي مؤسسات الدولة القومية في السودان في الثلاثين من يونيو 1989 .

رابط له علاقة بالموضوع :

https://www.youtube.com/watch?v=KlFK6BWJO7E

 

 

آراء