تشكيل وزاري وولائي..! بقلم: مكي المغربي
لا أتفق مع الرأي الذي يقول أن الوالي من خارج الولاية أفضل من إبن الولاية، وذلك لأنه لن يكون هنالك شبهة إنحياز لأهله دون الآخرين.
هذه المقولة لا تراعي أن تعريف "إبن الولاية" في السودان غير دقيق. ولنبدأ بالرئيس البشير نفسه: هل هو إبن نهر النيل؟ أم الجزيرة؟ هل هو بديري أم جعلي أم حفيد الشيخ حمد أب دنانة المغربي "من عندنا"!
التصنيفات الحادة إذا تابعها الناس فإن كل رطّاني أميل لأهل الرطانة حتى في الولاية الأخرى، وكل من ينتمي إلى القبائل العربية يمكن أن ينزلق في هذا التصنيف في ولاية أخرى ... وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ... دعوها فإنها منتنة..!
الوالي الذي لديه مناعة من الإنزلاق في التصنيفات أو الدخول في الشلليات ينجو وتنجو ولايته لو كان من أهل الولاية، والذي لا يمتلك مناعة فإنه سيفشل ولو كان من خارج الولاية، والنماذج في ذلك موجودة ...!
أنا مع التعيين للولاة، نعم تعيين ورفت بيد الرئيس، وضد أن يكون ترشيحهم وتقوية فرصهم في الموقع له علاقة بالقنوات الحزبية، أو الإتفاقيات مع الأحزاب الأخرى ... يجب ألا يشعر الوالي أن لديه كتلة إنتخابية أو مركز نفوذ حزبي أو ثقل جهوي كان هو السبب في حصوله على الموقع ... يجب أن يتأكد أنه تم تعيينه من قبل رئيس جمهورية منتخب ومفوض شعبيا ويمكن للجماهير الإحتجاج لدى هذا الرئيس وبذلك يتم إلغاء تكليفه في أي لحظة.
لا أقصد من هذا تركيز الصلاحيات في يد الرئيس، ولكنني ادعو للتفريق تماما بين ترشيحات الوزراء والولاة، لأن الخلل في المركز ينال قسطا كبيرا من الإهتمام، والوزارات "بتشايل بعضها"، ويمكن أن تشتكي الولاية وزارة، أو يشتكي مجلس الصيدلة والسموم الوزارة، ويجرجرها في المحاكم.
ولكن الخطأ في الولايات يسلك طريقه للغابة والجبل وليس للمحكمة الدستورية، الخطأ يعني معركة قبلية وبركة دماء ولا يعني ... تصفية حسابات عبر كتاب أعمدة في صحف ضعيفة التوزيع .. في صراعات تشبه خلافات أقطاب مجالس الإدارة في الأندية الرياضية تنتهي على صينية سمك مشوي في مطعم البربري ..!
في المركز ... توجد ثغرات ... وتوجد فرص بديلة للمواطن ... ومن يفقد وظيفة سواق في الحكومة يستطيع قبل نهاية اليوم الذي تم رفته فيه أن يسوق أمجاد أو ركشا ويقوت أطفالها ولكن في بعض الولايات هذا الامر ... صعب أو مستحيل ... فالحركة التجارية محدودة ومحسوبة ... الزراعة موسمية والناس كلهم يهاجرون للخرطوم ..!
في ما يلي التشكيل الوزاري ... أنا غير مقلق تماما، فالحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله، ذهبت الأساطير إلى غير رجعة، لقد كان الناس يعتقدون أن هنالك شخصيات تنفيذية بعينها تستطيع أن تدير دفة البلاد وغيرها لا يستطيع، هذه الشخصيات موجودة ومازلنا نكن لها بالعرفان والجميل ولكننا تأكدنا تماما أنها يمكن ان تغادر وتأتي شخصيات أخرى مثلها وأفضل منها ولله الحمد والمنه ...!
الآن يوجد رافد تغذية شبابي أو من الشريحة الأقل عمرا، هنالك أمل للتصعيد من داخل الجهاز التنفيذي وهنالك قوائم "خمسينية!"، وطابور مستوزرين شبابي، قلنا رأينا في ذلك ولا نزيد، ولكننا نمتدح أن يكون هنالك رافد تغذية مستمر للجهاز التنفيذي، وليس مشكلة أن يكون هذا الرافد فيه الغث والسمين، وفيه القش والعويش، وفيه الأسماك الميتة، لأنه يحمل أيضا الكثير والمفيد.
الآن يوجد حرية في الإختيار وتعدد في المنابع، لست قلقا على مجلس الوزراء، لكن الله يكون في عون الولايات، ونسأل الله أن يلهم الرئيس خيارات صالحة للولايات تستطيع تأمين الولايات، ومكافحة الفقر وتوفير فرص العمل والإستثمار، خيارات مقبولة ومبروكة وصبورة ... اللهم آمين.
............................
makkimag@gmail.com