تطبيع أم إبتزاز وإكره؟! أوسع جبهة للدفاع عن السيادة الوطنية ومناهضة إسرائيل

 


 

حسن الجزولي
28 October, 2020

 


نقاط بعد البث

* تمضي أحداث الراهن السياسي في سودان اليوم لتأكيد ما سبق وأن كان في علم الغيب، بنجاح مساعي التطبيع مع (العدو الاسرائيلي وكيان دولته الصهيونية المغتصبة)!، بغض النظر عن التلاعب بالكلمات والمصطلحات من شاكلة (تطبيع أم إتفاق على التطبيع)! وهي مساعي كان قد بدأها في الخفاء نظام الانقاذ ورئيسه المخلوع لاتمام الصفقات المشبوهة لنظام الديكتاتور العسكري الأسبق النميري بترحيله لليهود الفلاشا ثمانينيات القرن الماضي إلى إسرائيل، لتأتي (اللجنة الأمنية للمجلس العسكري)، ماضية في ذات طريق التطبيع دونما تفويض رسمي كان أم شعبي!، مدفوعة بروافع القوى الاقليمية والدولية حتى آخر أشواط (العمالة)!. وبذا يتم الانتهاك الآثم على قداسة سيادة بلاد السودانيين! ليأتي ما جرى وكأنه إفساد متعمد على فرحة الانعتاق من قائمة (الارهاب)!.
* يتم هذا الأمر رغم أنف أهل السودان دونما مشورة سياسية أو حساسية تراعي المشاعر الوطنية لهم، بل تخفي وأنكار ونفي بينما تجري في الخفاء الترتيبات الكاملة لأمر التطبيع، فتتكشف رويداً رويداً أبعاد الأكاذيب التي لم تتنطلي علي أي سوداني غيور على سيادة بلاده وكيفية التقرير في أمور كهذه، لتأتي في نهاية الأمر الأكاذيب على شاكلة (إذهب للقصر رئيساً)!.
* وبهذا يتم وللمرة الثانية التفريط في قضايا السيادة الوطنية بفرض سياسات (من لا يملك لمن لا يستحق)، حيث كان قرار انفصال جنوب البلاد، أول أشكال هذا التفريط!.
* وبذا يحسبون أن بمستطاعهم إطفاء جذوة مشاعل الحس الوطني والذود عنه بمختلف أشكال المقاومة لدى قطاعات واسعة من القوى الوطنية السودانية عبر التاريخ السياسى والاجتماعي للسودانيين منذ غابر الحقب قديمها وحديثها!.
* فللسودانيات والسودانيين تجارب زاخرة في التضامن مع الشعوب، كما لهم بصماتهم في هذه القضية الوطنية الحساسة والهامة، وتاريخ الجبهات والجمعيات والتنظيمات السودانية التي تكونت من أجل ذلك يتحدث.
* فقد تنادوا وسجلوا مآثر وطنية باسلة حين تم تكوين جمعية الدفاع عن الوطن العربى برئاسة المرحوم ميرغنى النصرى المحامي، ودفاعاً عن ثورة الجزائر في خمسينات القرن الماضي، كما شهدت بلادنا حسب ما أشرنا تأسيس العديد من الجمعيات والتنظيمات الوطنية الواسعة في مواجهة الاستعمار قديمه وحديثه، للدفاع عن قضايا شعوب المنطقة، بما فيها شعب فلسطين، فضلاً عن قضايا بلدان المستعمرات الأفريقية في جنوب افريقيا، وارتريا، ومع كافة حركات التحرر الوطني، لا سيما المشاركة الأخوية لطلائع السودانيين والسودانيات في المجهود الحربي حينما تطوعو كجنود محاربين ذوداً عن مصر وشعبها في حربها ضد اسرائيل عام 1948!. ولقد ظلت جذوة هذا التقليد مشتعلة لتلتحم القوى الوطنية والديمقراطية السودانية مع قضايا السلم العالمي ونبذ الحروب وضد التدخل الامبريالي البغيض في قضايا البلدان والشعوب.
* وقد شهدت بلدان المنطقة والعالم وذُهلت تل أبيب نفسها حين استقبلت الخرطوم القائد جمال عبد الناصر رغم خروجه مهزوماً في الحرب المباغتة التي خاضتها اسرائيل ضد بلاده عام 1967، فأعلت من شأنه مرة أخرى ووضعته في مكانته المرموقة يوم كان أحد قيادات حركة التحرر الوطني في المنطقة والعالم، وهو ما كان له أبلغ الأثر حينما شهد منزل الزعيم السوداني محمد أحمد المحجوب الكائن بالخرطوم 2 وقائع صياغة مقررات مؤتمر القمة العربي الذي عقد بالخرطوم وأصدر لائاته الثلاثة الشهيرة الداعمة للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني البطل " بألا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع الكيان والعدو الاسرائيلي"، وأن هذه اللاءات ستستمر إلى أن يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه كاملة، مساندة لمجهود المواجهة الحربية مع العدو الاسرائيلي فيما بعد!. فأي مواقف وطنية كريمة عبرت عنها قيادة البلاد في تلك الفترة إنابة عن شعب السودان، الذي عندما أبدى الملك فيصل في تلك القمة رغبته في تقديم دعماً وعوناً مالياً لمساعدة الشعب السوداني اقتصادياً، وقف المحجوب عليه الرحمة رافضاً مجرد الحديث عن مساعدة بلاده "حتى لا يفهم وكأن شعب السودان يتلقى مقابلاً على مبادئه"، فشتان بين ذاك الموقف وهذا الذي تجرجرنا إليه (اللجنة الأمنية) ليأتي الأمر في شكل ابتزاز وتركيع وقبولاً (بالمهانة في مقابل التطبيع)!.
* وقد امتدت حساسية جماهير شعبنا بضرورة التضامن حتى وثقت ذلك في أغنياتها الشعبية والوطنية، فشهدت أغاني البنات في مطالع ستينات القرن الماضي، الحاناً مشهورة للتضامن مع كوريا فظهرت أغنية (الله لي كوريا يا شباب كوريا) والتضامن مع الكنغو فظهرت أغنية ( لوممبا مين كتلو تشومبي هو الكتلو) و(يا غريب بلدك لملم أهلك وامشي لي بلدك)!، وكانت هذه الأغنيات يتم على إيقاعها (رقصة العروس) السودانية!.كما شكل الشجب الواسع والإدانة للتواطوء المخزي ضد الحكم الوطني بقيادة الشهيد باتريس لوممبا في الكنغو وأدي لجريمة إغتياله البشعة، أحد الأسباب في هزيمة الحكم العسكري الأول وانتصار ثورة أكتوبر الشعبية!.
* واليوم فإن على السودانيين الوطنيين أن يتنادوا من كل فج عميق لإحياء هذا التقليد الذي تجسد من قبل، في تكوين الجبهات الشعبية الواسعة التي تنتظم فيها كافة القوى الوطنية المناهضة لجر بلادنا إلى المحاور والكيانات والأحلاف الاقليمية والدولية الساعية لانتقاص سيادتنا الوطنية، والرافضة للتطبيع مع (دولة إسرائيل الصهيونية العنصرية)!.
* وبهذا لتستعد قطاعات شعبنا البطل المقاوم للدفاع عن سيادة البلاد المنتهكة بالانتظام في تأسيس أوسع (جبهة شعبية وطنية ضد التطبيع ومناهضة التقارب مع العدو الاسرائيلي وكيانه الصهيوني المغتصب)، ومن أجل إحياء لاءات الخرطوم الثلاث المشهورة والتي قالت عنها صحافة نتنياهو الاسرائيلية بالأمس متهكمة في معرض إنتشائها بقرب موعد التطبيع، أنها ستُقبر في ذات العاصمة التي أنجبتها ستينيات القرن الماضي ،، فلا نامت أعين عملاءالمنطقة وجواسيسها!.
ـــــــــــــــــــ
* نشر بصحيفة الميدان.
* محاربة الكرونا واجب وطني.


hassanelgizuli@yahoo.com

 

آراء