تغير المعادلات في حرب السودان
زين العابدين صالح عبد الرحمن
3 July, 2023
3 July, 2023
عندما أندلعت الحرب في السودان كانت هناك قوى دولية و إقليمية ضاغطة على القوات المسلحة بهدف الجلوس للتفاوض بين الطرفين، و الرجوع إلي الأجندة التي كانت مطروحة قبل 15 إبريل 2023م، و عندما رفض الجيش هذه الدعوات بدأت مسلسل الدعوات إلي الهدن التي لم تلتزم بها مليشيا الدعم السريع، ثم بدأت الولايات المتحدة في فرض عقوبات على الجانبين، ثم بدأ تحريك الاتحاد الأفريقي النظر في المشكل من خلال رؤية منظمة الإيغاد التي شكلت لجنة رباعية يرأسها رئيس وزراء كينيا وليم روتو الذي له علاقات تجارية وطيدة مع قائد مليشيا الدعم السريع محمد حمدان "حميدتي" و لا يخفى على أحد أن حميدتي كان قد دعم حملة روتو الانتخابية، و وضعت لجنة روتو شروطا مجحفة للحل، أن تكون الخرطوم منطقة خالية من السلاح، و تدخل قوات تفصل بين الجانبين، و كلها شروط في صالح مليشيا الدعم السريع. رفض السودان أن يكون رئيس وزراء كينيا رئيسا للجنة لعدم حياديته، و غضت الإيغاد الطرف عن دعوة السودان، و رفعت اللجنة تصورها إلي الاتحاد الأفريقي الذي وافق عليها. دون مشاورة السودان، و أصبح تحدي على الجيش السوداني تقوده من وراء ستار الأمارت و رؤساء غارقين في نعيم الأمارات، و كان التحدي أن العمل من اجل تغيير المعادلة في الداخل و أيضا في الخارج.
كان التصور بعد فصل القوات تكوين حكومة منفى تدير العملية السياسية من كينيا، و قد تم إقامت ورشة في نيروبي حضرها قلة من السياسيين ورجال أعمال و ناشطين في منظمات مدنية بقيادة الدكتور عبد الله حمدوك الذي أدار الندوة، و من ورشة نيروبي خرج بوستر يحمل شعار ( لا للحرب) و بدأ العديد من الناشطين السياسيين و اتباعهم من الأيديولوجيين و حفنة اليسار المشوه محاولة تعيميم البوستر لكي يجد الرواج في الشارع. لكن المليشيا بنفسها ذهبت لحتفها عندما قامت بالهجوم على منطقتي كتم و الجنينة، و مارست تطهيرا عرقيا و قتل المواطنين العزل ، مستخدمة قوات من دول غرب أفريقيا. الأمر الذي دفع صحفيين مهنيين بمعنى الكلمة بحثا عن الحقيقة و ليس ميولا مع الهوى السياسي و الاستقطاب الذي أبعد العديد من المهنية، حيث جاء تقرير شبكة ( CNN ) الذي أعدته الصحفية السودانية نعمة الباقر أحمد عبد الله، و أكدت فيه أن مليشيا الدعم هي التي تعتدى على منازل المواطنيين، و تمارس الانتهاكات للحقوق و عمليات الاغتصاب و التطهير العرقي. الأمر الذي أرغم وزارة الخارجية الأمريكية أن تتهم قوات الدعم بكل عمليات النهب و الانتهاكاتو الاغتصاب، ثم تبعتها الأمم المتحدة و منظمات حقوق الإنسان و حتى رئيس البعثة الأممية في السودان، الأمر الذي خلق رأيا عاما ضد المليشيا، و بالتالى أصبحت المليشيا خارج دائرة أي معادلة سياسية مستقبلا. الغريب أن الأحزاب السياسية السودانية وحدها التي أحجمت عن إدانة المليشيا، و حتى التصريحات الخجولة التي تتعرض للمليشيا صدرت بعد ما أصبحت الإدانة عامة.
عندما بدأت الضغوطات تمارس على الجيش أن ينصاع للعديد من المبادرات، بدأت تخرج صنوا لها كتابات تنادي بتدويل المشكلة و فرض البند السابع على السودان و دخول قوات أممية، باعتبار أن الأمارت كانت ترأس مجلس الأمن، و هي الدولة التي تناصر المليشيا و الذين يتحالفون معها و هي القادرة على استمالة العديد من القيادات الأفريقية، و أيضا تدعم عدد من الدول في منظمة الإيغاد، و كل هؤلاء بنوا رؤيتهم على النشاط و الفاعلية التي تقوم بها دولة الأمارات، و أيضا المملكة السعودية التي بدأت أخيرا تتراجع عن السير في ركب الأمارات. أن الرأي العام الذي بدأ يتشكل ضد المليشيا و خاصة في الدول ألاوروبية و أمريكا جعل هذه الدول تخفف ضغطها الذي كانت تمارسه ضد الجيش، و ساعد في تغيير المعادلة خروج الجماهير في السودان ( جمعة الغضب) وسط تطاير الرصاص منادين الجيش بعدم الانصياع إلي دعوات الهدن. و كان المتوقع من القوى الأخرى المناصرة لنجدة المليشيا و عدم خروجها من المعادلة السياسية أن يقدموا دعوة للجماهير أن تخرج منادية بشعارهم ( لا للحرب) و لكن للأسف لم يحصل؛ الأمر الذي جعل الجيش يستجيب لدعوة الجماهير التي خرجت منادية ( لا للهدن) هذه المسألة غيرت المعادلة السياسية. حيث بدأت تخرج مبادرات جديدة للحل أن يكون الحل سودانيا بعيدا عن التدخلات الخارجية، و هذا يعد تحول اجديدا في الخطاب السياسي، يؤكد أن البعض بدأ يدرك أن المؤامرة التي كانت قد عدة ضد البلاد بدأت تفقد قوتها تماما. و أن الجماهير مدركة تماما لدور الذين يتدثرون بثياب المجتمع الدولي خدمة لمصالح خاصة، و أيضا لمصالح دول أخرى تتطلع للاستحواذ على ثروات البلاد.
أن محاولة فاغنر ضد القيادات العسكرية الروسية و زحفها تجاه موسكو أيضا كان لها أثرا بليغا في المعادلة السياسية و انعكاسات في قضية السودان، و صول زعيمها إلي بلاروسيا و تصريحاته أن المنظمة سوف تنقل عملها إلي بلاروسيا جعل العديد من الدول الغربية تتخوف خاصة لوتوانيا و بولندا باعتبارهما تقعان بالقرب من بلاروسيا، هذه أيضا جاءت كمعادلة جديدة لها انعكاسات سياسية في أوروبا، ثم جاءت زيارة نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار لكل من القاهرة و انقرا و موسكو، التي أعطت دعم للقوات المسلحة، و خاصة تصريح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الذي قال أنهم يعتبرون الذي يحدث في السودان شأن داخليا، هذا يعد تماشيا مع القرار الأول الذي صدره مجلس الأمن عن الحرب في السودان الذي قال انها شأنا داخليا، إلي جانب إدانة أفعال المليشيا من قبل المنظمة و عدد من الدول و المنظمات الأخرى. أن أي قرار في مجلس الأمن للتدخل في الشأن السوداني سوف يواجه بفيتو. و الولايات المتحدة كدولة تعتمد على الفلسفة البرجماتية تعرف تماما أين تميل حسب مصالحها، هذه المعادلات السياسية الجديدة في الصراع.
إذا كان النصر حليف القوات المسلحة أو التفاوض طريق للحل، أن المليشيا لن يكون لها أي دور سياسي، و أن دمجها أو تصفيتها هما الخياران فقط للحل، و سوف يبدأ فصل جديد من العمل السياسي في البلاد، و سوف يخلق قيادات جديدة مؤمنة بالديمقراطية و مجردة و لها إرادة قوية لإنجاز هذه المهمة، و تعرف كيف ترتب أولوياتها أن يكون الوطن أولا، و مؤمنة أن الوطن يحتاج إلي كل أبنائه في ملحمة وطنية قوية يشدوا سواعدهم من أجل البناء بالضرورة هؤلاء لهم فكر جديد و أيمان أن وحدة الشعب بكل مكوناته و تياراته الفكرية هو الضمان لاستقرار البلاد. نسأل الله التوفيق و حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
كان التصور بعد فصل القوات تكوين حكومة منفى تدير العملية السياسية من كينيا، و قد تم إقامت ورشة في نيروبي حضرها قلة من السياسيين ورجال أعمال و ناشطين في منظمات مدنية بقيادة الدكتور عبد الله حمدوك الذي أدار الندوة، و من ورشة نيروبي خرج بوستر يحمل شعار ( لا للحرب) و بدأ العديد من الناشطين السياسيين و اتباعهم من الأيديولوجيين و حفنة اليسار المشوه محاولة تعيميم البوستر لكي يجد الرواج في الشارع. لكن المليشيا بنفسها ذهبت لحتفها عندما قامت بالهجوم على منطقتي كتم و الجنينة، و مارست تطهيرا عرقيا و قتل المواطنين العزل ، مستخدمة قوات من دول غرب أفريقيا. الأمر الذي دفع صحفيين مهنيين بمعنى الكلمة بحثا عن الحقيقة و ليس ميولا مع الهوى السياسي و الاستقطاب الذي أبعد العديد من المهنية، حيث جاء تقرير شبكة ( CNN ) الذي أعدته الصحفية السودانية نعمة الباقر أحمد عبد الله، و أكدت فيه أن مليشيا الدعم هي التي تعتدى على منازل المواطنيين، و تمارس الانتهاكات للحقوق و عمليات الاغتصاب و التطهير العرقي. الأمر الذي أرغم وزارة الخارجية الأمريكية أن تتهم قوات الدعم بكل عمليات النهب و الانتهاكاتو الاغتصاب، ثم تبعتها الأمم المتحدة و منظمات حقوق الإنسان و حتى رئيس البعثة الأممية في السودان، الأمر الذي خلق رأيا عاما ضد المليشيا، و بالتالى أصبحت المليشيا خارج دائرة أي معادلة سياسية مستقبلا. الغريب أن الأحزاب السياسية السودانية وحدها التي أحجمت عن إدانة المليشيا، و حتى التصريحات الخجولة التي تتعرض للمليشيا صدرت بعد ما أصبحت الإدانة عامة.
عندما بدأت الضغوطات تمارس على الجيش أن ينصاع للعديد من المبادرات، بدأت تخرج صنوا لها كتابات تنادي بتدويل المشكلة و فرض البند السابع على السودان و دخول قوات أممية، باعتبار أن الأمارت كانت ترأس مجلس الأمن، و هي الدولة التي تناصر المليشيا و الذين يتحالفون معها و هي القادرة على استمالة العديد من القيادات الأفريقية، و أيضا تدعم عدد من الدول في منظمة الإيغاد، و كل هؤلاء بنوا رؤيتهم على النشاط و الفاعلية التي تقوم بها دولة الأمارات، و أيضا المملكة السعودية التي بدأت أخيرا تتراجع عن السير في ركب الأمارات. أن الرأي العام الذي بدأ يتشكل ضد المليشيا و خاصة في الدول ألاوروبية و أمريكا جعل هذه الدول تخفف ضغطها الذي كانت تمارسه ضد الجيش، و ساعد في تغيير المعادلة خروج الجماهير في السودان ( جمعة الغضب) وسط تطاير الرصاص منادين الجيش بعدم الانصياع إلي دعوات الهدن. و كان المتوقع من القوى الأخرى المناصرة لنجدة المليشيا و عدم خروجها من المعادلة السياسية أن يقدموا دعوة للجماهير أن تخرج منادية بشعارهم ( لا للحرب) و لكن للأسف لم يحصل؛ الأمر الذي جعل الجيش يستجيب لدعوة الجماهير التي خرجت منادية ( لا للهدن) هذه المسألة غيرت المعادلة السياسية. حيث بدأت تخرج مبادرات جديدة للحل أن يكون الحل سودانيا بعيدا عن التدخلات الخارجية، و هذا يعد تحول اجديدا في الخطاب السياسي، يؤكد أن البعض بدأ يدرك أن المؤامرة التي كانت قد عدة ضد البلاد بدأت تفقد قوتها تماما. و أن الجماهير مدركة تماما لدور الذين يتدثرون بثياب المجتمع الدولي خدمة لمصالح خاصة، و أيضا لمصالح دول أخرى تتطلع للاستحواذ على ثروات البلاد.
أن محاولة فاغنر ضد القيادات العسكرية الروسية و زحفها تجاه موسكو أيضا كان لها أثرا بليغا في المعادلة السياسية و انعكاسات في قضية السودان، و صول زعيمها إلي بلاروسيا و تصريحاته أن المنظمة سوف تنقل عملها إلي بلاروسيا جعل العديد من الدول الغربية تتخوف خاصة لوتوانيا و بولندا باعتبارهما تقعان بالقرب من بلاروسيا، هذه أيضا جاءت كمعادلة جديدة لها انعكاسات سياسية في أوروبا، ثم جاءت زيارة نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار لكل من القاهرة و انقرا و موسكو، التي أعطت دعم للقوات المسلحة، و خاصة تصريح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الذي قال أنهم يعتبرون الذي يحدث في السودان شأن داخليا، هذا يعد تماشيا مع القرار الأول الذي صدره مجلس الأمن عن الحرب في السودان الذي قال انها شأنا داخليا، إلي جانب إدانة أفعال المليشيا من قبل المنظمة و عدد من الدول و المنظمات الأخرى. أن أي قرار في مجلس الأمن للتدخل في الشأن السوداني سوف يواجه بفيتو. و الولايات المتحدة كدولة تعتمد على الفلسفة البرجماتية تعرف تماما أين تميل حسب مصالحها، هذه المعادلات السياسية الجديدة في الصراع.
إذا كان النصر حليف القوات المسلحة أو التفاوض طريق للحل، أن المليشيا لن يكون لها أي دور سياسي، و أن دمجها أو تصفيتها هما الخياران فقط للحل، و سوف يبدأ فصل جديد من العمل السياسي في البلاد، و سوف يخلق قيادات جديدة مؤمنة بالديمقراطية و مجردة و لها إرادة قوية لإنجاز هذه المهمة، و تعرف كيف ترتب أولوياتها أن يكون الوطن أولا، و مؤمنة أن الوطن يحتاج إلي كل أبنائه في ملحمة وطنية قوية يشدوا سواعدهم من أجل البناء بالضرورة هؤلاء لهم فكر جديد و أيمان أن وحدة الشعب بكل مكوناته و تياراته الفكرية هو الضمان لاستقرار البلاد. نسأل الله التوفيق و حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com