تمرُّد الجيش … أول الغيث قطرة…!!!
اسماعيل عبدالله
7 February, 2024
7 February, 2024
إسماعيل عبد الله
المؤسسة ستظل مؤسسة، لذلك رأينا حرص قائد قوات الدعم السريع، على بقاء المؤسسة العسكرية كرمز سيادي يمثل وجه الدولة، رغم تغول وتكالب فلول النظام البائد عليها، والمتابع لحديث الأخ القائد الفريق أول محمد حمدان منذ أن غدر به قائد الجيش الموالي للطغمة البائدة، نراه معتدلاً ومتصالحاً مع جميع الأطراف، وهذا التصالح لم يأت من موقف ضعف، بل جاء من منطلق قوة عسكرية ضاربة وطاقة فكرية غالبة، شهد بها الأعداء قبل الأصدقاء، ولما لقائد الدعم السريع من كاريزما قيادية واستقلالية شخصية، انحازت إليه القوى الجادة والداعمة للصوت العالي المنادي صائحاً: أوقفوا الحرب، وتوافقت معه تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، فأعلن عن موقفه الواضح والصريح والداعم للديمقراطية والتحول المدني، غير مستغل لسطوة المؤسسة العسكرية القوية التي يقودها، والتي أبلت بلاءً حسناً في الميدان، في مقابل تمسك المندحرين من فلول النظام البائد بما تبقى من جيش واحد وشعوب متعددة، لم يعمل البائدون يوماً على توحيدها، بل فتكوا بوحدتها ووحدة الجيش بعد أن ترصدوا قادته العظام، وزجوا بهم في السجون وزنازين التعذيب – العميد الريح مثالاً – وأعدموا منهم من أعدموا رمياً بالرصاص، ودفنوا البعض الآخر وهم ما يزالون على قيد الحياة – جنرالات حركة الخلاص الوطني (رمضان 1990)، لذلك جاءت النتيجة الحتمية والحاسمة والفاصلة، بأن يتمرد قادة المؤسسة العسكرية على سخف الكهنوت، من بعض الذين يغلب عليهم الولاء للجيش كجيش، وليس ركضاً وراء الانتماء للتنظيم السياسي المؤدلج (الإخوان المسلمين)، فالجيش عندما تدخل معسكره ويزال شعر رأسك، لحظتها تكون قد كفرت بكل الولاءات القديمة، فتبقى واقفاً على (أرض الحرام)، ملبياً نداء الوطن.
من محاسن الصدف ومن حسن حظ أهل السودان، أن حباهم بفتى بدوي نظيف السريرة واضح العلانية محب لخير الناس كافة، طغى على خطابه نبذ الجهوية حينما قال أن السودان بجميع أطرافه تعرض للظلم والتهميش، واستحى أن يميل قلبه كل الميل للجهة التي قدم منها، ولأبناء إقليمه الذين أزهقت أرواحهم غدراً في أنحاء البلاد الأخرى، وهم يسترزقون رزقاً حلالاً طيباً مباركاً ويعملون بالأسواق، فعلى شعوب السودان وقبائله أن تتبع قول الرجل الذي جاءهم من أقصى المدينة يسعى، وقال يا قوم اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهو مهتد، اتبعوا هذا الأصدق قولاً وفعلاً الذي ولج مقرات قيادة الجيش، وخضعت له معاقل أسلحة المدرعات والمعسكرات الاستراتيجية، واستسلمت له المصانع الحربية – اليرموك والتصنيع الحربي، من غير هذا الفتى يعطي لهذه الشعوب المنهكة والمقهورة معنى أن تعيش وتنتصر؟. بعد أن شارفت الحرب اللعينة على اكتمال عامها الأول، لم يطل على ساحة الفعل السياسي والعسكري من هو أكفأ من هذا البدوي القادم من أصقاع السودان البعيدة، فقرائن الأحوال ودلائل النهايات التي لازمت مسيرة الشباب الذين حملوا أرواحهم على أكفهم، وواجهوا قصف الطيران الحربي الغادر كما واجه أسلافهم قذائف مدافع الماكسيم الفاتكة، قبل أكثر من قرن، تؤكد على أن صناعة المجد، لن تتأتى لمن يقضي قيلولته نائماً تحت ظلال أشجار اللبخ الوارفة، وإنّما تنساق منقادة تجرجر أذيالها لمن يسهر على تحضير وجبة العشاء للمكلوم والمحروم، ولمن يوجه نصل رمحه باتجاه صدر من يأكل قوت الناس، ولمن يموت ذائداً عن حوض الوطن.
لأهلنا مثل شعبي رائج يقول: (المحرّش لا يقاتل)، وطالما أن قيادة جيش ومليشيات النظام البائد ما فتئت تعتمد على (المحرّشين) في حربها الغادرة، فإن النصر لن يوالي من هو محرّش، وهو ذات الجدل الذي دار بين أحد الفرسان البدويين وبين قائد عسكري اخواني في سابق الأيام، حينما حاول الجنرال الاخواني استمالة ذلك البدوي لكي يقاتل في صفه ضد الجنوبيين ونيابة عن مؤسسة الجيش، فكان رد ابن البادية الأصيل: (أن الدواس بلا غبينة لا يكون)، أي أن اندلاع القتال يكون من الاستحالة بمكان من غير دوافع الغبن والعداء السافر، وهذا بالضبط ما دار وما يزال يدور منذ منتصف أبريل من العام الماضي، فقد أصبح في حكم المؤكد أن الهزائم المتتالية التي تكبدتها كتائب النظام البائد ومستنفريهم، ما هي إلّا تأييد لحكمة المثل الشعبي: (غير المغبون لا يقاتل)، لذلك رأى نفر كريم من ضباط الجيش أن لابد من إيقاف المهزلة، فالسودانيون بجميع مللهم ونحلهم لن يصطفوا مع قائد الفلول الهارب بنعل بلاستيكي، إذا لم يقدم لهم الدليل الوطني القاطع بوجوب حمل السلاح، لقد اصطف بعض المغرر بهم مع جماعة الاخوان المسلمين بعد انقلابها على الشرعية الدستورية – حكومة الصادق المهدي، سذاجةً وعاطفةً دينية غير مرشّدة وليس اتباعاً لتعاليم حسن البنا، والآن يثور ذات النفر ضد الجماعة الإرهابية المتدثرة برداء الحزب التي استحدثت اسمه عشرات المرات، ثم أخيراً اطلقت عليه اسم (المؤتمر الوطني)، فالشعوب السودانية مهما تقلبت وتحولت وهادنت وحاربت، لن تسير شبراً واحداَ على خطو من يوردها مورد الهلاك.
إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com
7 فبراير 2024
المؤسسة ستظل مؤسسة، لذلك رأينا حرص قائد قوات الدعم السريع، على بقاء المؤسسة العسكرية كرمز سيادي يمثل وجه الدولة، رغم تغول وتكالب فلول النظام البائد عليها، والمتابع لحديث الأخ القائد الفريق أول محمد حمدان منذ أن غدر به قائد الجيش الموالي للطغمة البائدة، نراه معتدلاً ومتصالحاً مع جميع الأطراف، وهذا التصالح لم يأت من موقف ضعف، بل جاء من منطلق قوة عسكرية ضاربة وطاقة فكرية غالبة، شهد بها الأعداء قبل الأصدقاء، ولما لقائد الدعم السريع من كاريزما قيادية واستقلالية شخصية، انحازت إليه القوى الجادة والداعمة للصوت العالي المنادي صائحاً: أوقفوا الحرب، وتوافقت معه تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، فأعلن عن موقفه الواضح والصريح والداعم للديمقراطية والتحول المدني، غير مستغل لسطوة المؤسسة العسكرية القوية التي يقودها، والتي أبلت بلاءً حسناً في الميدان، في مقابل تمسك المندحرين من فلول النظام البائد بما تبقى من جيش واحد وشعوب متعددة، لم يعمل البائدون يوماً على توحيدها، بل فتكوا بوحدتها ووحدة الجيش بعد أن ترصدوا قادته العظام، وزجوا بهم في السجون وزنازين التعذيب – العميد الريح مثالاً – وأعدموا منهم من أعدموا رمياً بالرصاص، ودفنوا البعض الآخر وهم ما يزالون على قيد الحياة – جنرالات حركة الخلاص الوطني (رمضان 1990)، لذلك جاءت النتيجة الحتمية والحاسمة والفاصلة، بأن يتمرد قادة المؤسسة العسكرية على سخف الكهنوت، من بعض الذين يغلب عليهم الولاء للجيش كجيش، وليس ركضاً وراء الانتماء للتنظيم السياسي المؤدلج (الإخوان المسلمين)، فالجيش عندما تدخل معسكره ويزال شعر رأسك، لحظتها تكون قد كفرت بكل الولاءات القديمة، فتبقى واقفاً على (أرض الحرام)، ملبياً نداء الوطن.
من محاسن الصدف ومن حسن حظ أهل السودان، أن حباهم بفتى بدوي نظيف السريرة واضح العلانية محب لخير الناس كافة، طغى على خطابه نبذ الجهوية حينما قال أن السودان بجميع أطرافه تعرض للظلم والتهميش، واستحى أن يميل قلبه كل الميل للجهة التي قدم منها، ولأبناء إقليمه الذين أزهقت أرواحهم غدراً في أنحاء البلاد الأخرى، وهم يسترزقون رزقاً حلالاً طيباً مباركاً ويعملون بالأسواق، فعلى شعوب السودان وقبائله أن تتبع قول الرجل الذي جاءهم من أقصى المدينة يسعى، وقال يا قوم اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهو مهتد، اتبعوا هذا الأصدق قولاً وفعلاً الذي ولج مقرات قيادة الجيش، وخضعت له معاقل أسلحة المدرعات والمعسكرات الاستراتيجية، واستسلمت له المصانع الحربية – اليرموك والتصنيع الحربي، من غير هذا الفتى يعطي لهذه الشعوب المنهكة والمقهورة معنى أن تعيش وتنتصر؟. بعد أن شارفت الحرب اللعينة على اكتمال عامها الأول، لم يطل على ساحة الفعل السياسي والعسكري من هو أكفأ من هذا البدوي القادم من أصقاع السودان البعيدة، فقرائن الأحوال ودلائل النهايات التي لازمت مسيرة الشباب الذين حملوا أرواحهم على أكفهم، وواجهوا قصف الطيران الحربي الغادر كما واجه أسلافهم قذائف مدافع الماكسيم الفاتكة، قبل أكثر من قرن، تؤكد على أن صناعة المجد، لن تتأتى لمن يقضي قيلولته نائماً تحت ظلال أشجار اللبخ الوارفة، وإنّما تنساق منقادة تجرجر أذيالها لمن يسهر على تحضير وجبة العشاء للمكلوم والمحروم، ولمن يوجه نصل رمحه باتجاه صدر من يأكل قوت الناس، ولمن يموت ذائداً عن حوض الوطن.
لأهلنا مثل شعبي رائج يقول: (المحرّش لا يقاتل)، وطالما أن قيادة جيش ومليشيات النظام البائد ما فتئت تعتمد على (المحرّشين) في حربها الغادرة، فإن النصر لن يوالي من هو محرّش، وهو ذات الجدل الذي دار بين أحد الفرسان البدويين وبين قائد عسكري اخواني في سابق الأيام، حينما حاول الجنرال الاخواني استمالة ذلك البدوي لكي يقاتل في صفه ضد الجنوبيين ونيابة عن مؤسسة الجيش، فكان رد ابن البادية الأصيل: (أن الدواس بلا غبينة لا يكون)، أي أن اندلاع القتال يكون من الاستحالة بمكان من غير دوافع الغبن والعداء السافر، وهذا بالضبط ما دار وما يزال يدور منذ منتصف أبريل من العام الماضي، فقد أصبح في حكم المؤكد أن الهزائم المتتالية التي تكبدتها كتائب النظام البائد ومستنفريهم، ما هي إلّا تأييد لحكمة المثل الشعبي: (غير المغبون لا يقاتل)، لذلك رأى نفر كريم من ضباط الجيش أن لابد من إيقاف المهزلة، فالسودانيون بجميع مللهم ونحلهم لن يصطفوا مع قائد الفلول الهارب بنعل بلاستيكي، إذا لم يقدم لهم الدليل الوطني القاطع بوجوب حمل السلاح، لقد اصطف بعض المغرر بهم مع جماعة الاخوان المسلمين بعد انقلابها على الشرعية الدستورية – حكومة الصادق المهدي، سذاجةً وعاطفةً دينية غير مرشّدة وليس اتباعاً لتعاليم حسن البنا، والآن يثور ذات النفر ضد الجماعة الإرهابية المتدثرة برداء الحزب التي استحدثت اسمه عشرات المرات، ثم أخيراً اطلقت عليه اسم (المؤتمر الوطني)، فالشعوب السودانية مهما تقلبت وتحولت وهادنت وحاربت، لن تسير شبراً واحداَ على خطو من يوردها مورد الهلاك.
إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com
7 فبراير 2024