توقيعات على دفتر الافتتاح
عادل الباز
16 February, 2012
16 February, 2012
16/2/2012م
1
كما تتسع دائرة العرس وتضيق، تهدأ ثم تصعد، كانت باحة قاعة الصداقة الجميلة هي دائرة العرس على أنها ضاقت ولم تهدأ أبداً صباح أمس. كنت ولجت إلى داخل القاعة متأخرا قليلا ولكن قبل أن يبدأ الحفل، فوجدت القاعة فاضت بالمحبين والمريدين للطيب صالح. انتابني إحساس عميق بأن الطيب صالح الذي جمعت محبته في هذا الصباح أكثر من ألف شخص جاءوا كما تجيء شخصيات الطيب من حيث لا يعرف أحد. لم يكن أكثر المتفائلين ليتخيلوا أن القاعة يمكن أن تضج أرجاؤها بالأدباء والمثقفين وعامة المهتمين والمحبين وحيران الطيب صالح. مثل تلك القاعات الواسعة تمتلئ فقط عندما يرتادها الأكابر ويحشد لها الناس ضحى حشدا. لشد ما أعجبني هذا المشهد الذي افتقدناه في حياتنا الثقافية، إذ طالما خلت المنتديات الثقافية من الرواد.
2
لكم تقلقني الكلمات الطويلة التي تدور بلا معنى. بالأمس قدم لنا المتحدثون درسا بليغاً في الكلام المختصر والمفيد وهي من المناسبات القليلة التي لا نخلع فيها من كراسينا هربا من الثرثرة. ليس ذلك فحسب فالكلمات على زمنها المحدود والمضبوط اتسمت بالبلاغة والنباهة.
3
قدم السيد الفريق الفاتح عروة كلمة مملوءة بالمعاني كشفت عن فهم عميق لإدارة زين وهي تتعامل بذكاء مع شأن ثقافي عظيم ابتداءً من تبني زين لجائزة كاتب محبوب في قامة الطيب صالح برمزيته العالمية مرورا بانتداب مجلس أمناء للجائزة على درجة من الكفاءة والإبداع والمسؤولية وانتهاء باختيار أستاذ الأجيال عزالدين الأمين كضيف شرف لهذه الدورة. عهدنا بمديري الشركات أن يكونوا أعداءً لكل ما هو ثقافي، ولكن السيد عروة قدم نموذجا مختلفا فما يبذله في سبيل إحياء ثقافي كامل برعاية زين للمنتديات الثقافية والإصدارات جدير بالاهتمام والاقتداء وقمين بالإشادة.
4
ليس غريبا على من تحدثوا إحسان القول فأستاذنا علي شمو تجذبك سلاسة عبارته ووضح فكرته وصوته الذي متع به أجيالا من السودانيين. طاف بنا علي شمو في فضاء الجائزة وآفاقها المستقبلية وما أنجزت، فأضاء للحاضرين جانبا من المجهودات التي يبذلها مجلس الأمناء ليجعل مشهد الأمس ممكنا. متعك الله بالصحة والعافية يا أستاذنا.
5
بشير صالح ما أن أذيع اسمه حتى ضجت القاعة بالتصفق. إذا كانت روح الطيب صالح ترفف في القاعة فبشير بعض من الموجود بيننا وهاهو على المنصة يلقي كلمة بها وفاء عجيب ليس لأخيه بل لأصدقاء أخيه (عثمان محمد الحسن- وعثمان سيد أحمد- الفاتح عووضة) الذين التحقوا به سراعا في الدار الباقية كأنهم لا يطيقون فراقه طويلا.
6
كلمة السيد مساعد رئيس الجمهورية عبد الرحمن الصادق تليق بابن زعيم عرف عنه روعة البيان وناصعة اللغة وطريقة الأداء الفريدة. بدا لي أن الذين أعدوا الورقة من المتابعين اللصيقين بالجائزة، واستوفقني قول عبد الرحمن إنه زار موقع الجائزة على النت والحمد لله الذي جعل لنا مساعد رئيس يزور موقع النت ويتسلح بمعلومات منها.
7
الشاعر خالد فتح الرحمن للعام الثاني على التوالي في افتتاح الجائزة يقدم شعرا وإبداعا راقيا يشبه تجربة خالد في (غير هذا البريق لك) و (قصائد ليست للتصفق) الديوانين اللذين قدما خالد للشعب السوداني كشاعر مجيد وفحل. احتفاء خالد بالطيب صالح ليس غريباً فلقد كان منزل خالد في لندن من أحب الأماكن للطيب صالح وظل الطيب يثني على خالد في كل مناسبة. كان الطيب يتحدث عن خالد بمحبة ونحن بصحيفة الصحافة، فقلت له يا أستاذنا (الكلام ده في خالد البعرفو ده ولا زول تاني). فقال والله خالد ده ما بتعرفوهو، فيهو خير كتير!!. قدم بالأمس كورال الأحفاد كلمات خالد مغناة ( ابذل الحب) في نهاية حفل الافتتاح فأبدعوا وارتقوا بحس المناسبة إلى آفاق رحبة.
ازرع الحب .. فمن منبته
سوف تجني الخلد في رفعته
ابذل الحب ..
وإن نالتك في الناس الشظايا
زِدْ من الحب .. ورحب بالرزايا
فالضحايا
من أشاحوا النظرات
عن ضياءِ الحب .. فَجْريِّ السِّماتْ
« إنها حكمة أجدادي الثقاة «
8
لا يزال بالمشهد شخصان جديران باللقاء الضوء عليهما. أحدهما يبدع من خلال المايك ويقدم الحفل بطريقته المدهشة والرائعة. إنه عبد الله محمد الحسن الذي صنع لنفسه مدرسة تقديم متميزة ترفدها ثقافية لغوية وذاكرة شعرية حاضرة وصوت طالما شد المستعمين بجماله. عبد الله يستحق الإشادة كونه يقدم فنا خالصا وهو يقدم ضيوفه.
الآخر يقود خلف الكواليس إدارة فعاليات جائزة زين هو صالح محمد علي الذي قال عنه أستاذنا عبد الباسط عبد الماجد يصدق فيه وصف الشاعر «عنترة» (يغشى الوغى ويعف عند المغنم). صالح هو مدير إدارة الاتصال المؤسسي بزين، له علاقات قديمة وممتدة مع الوسط الصحفي والثقافي والفني ولذا فليس غريبا أن تكون ترقية هذه المناحي إحدى همومه. صالح يقود أوركسترا زين في هذا العمل البديع بجهد خرافي. يستحق صالح منا الإشادة ولبقية أعضاء الفرقة الماسية التي عملت على إخراج المناسبة بشكل رائع شهد به الجميع وبكامل المحبة الإخلاص لشركتهم و(للزين) ولوطنهم.