ثامبو أمبيكي مجرد أداة في يد الخرطوم والبشير مستمر في إستفزار الحركة الشعبية..
عبدالغني بريش فيوف
قالت الحكومة السودانية إنها مستعدة لإعطاء ضمانات قانونية للمتمردين الذين يقاتلون قواتها، ليحضروا المحادثات في الخرطوم التي ستناقش أزمات البلاد المتعددة.
وقال بكري حسن صالح، النائب الأول لعمر البشير: نحن مستعدون لتوفير الضمانات المطلوبة للمجموعات المسلحة كي تحضر.
ودعا عمر البشير منذ بداية العام إلى حوار وطني في محاولة لإنهاء الصراعات في منطقة الحدود وتصحيح مسار الاقتصاد المتعثر.
وقالت الحكومة السودانية إن المحادثات يجب أن تقام في السودان، وليس خارجه.
وأضاف بكري: "نحن مستعدون لتجميد الأحكام ضد قادة المتمردين"، لكن بين أن الحكومة لن تصدر عفوا كاملا عنهم.
صدر الكلام اعلاه من نظام الخرطوم بعد زيارة قام بها يوم الأحد رئيس الآلية الإفريقية رفيعة المستوى ثامبو أمبيكي واجتماعه بالجنرال عمر البشير في قصره لمناقشة امكانية اسئناف المفاوضات المتوقفة منذ فبراير الماضي حول المنطقتين "جبال النوبة والنيل الأزرق"، ونحن حتماً لا نستبعد أن يصدر مثل هذا الكلام من نظام يجيد المراوغة والمخادعة بجدارة.
طبعاً ما كنا أبداً نتوقع جديداً من نظام الخرطوم تجاه قضية المنطقتين بخصوصيتهما وموضوع الحل الشامل لكل السودان. لكن الشيء الجديد هذه المرة هو قول النظام بأنه مستعد لإعطاء ضمانات قانونية للمتمردين الذين يقاتلون قواته ، ليحضروا المحادثات في الخرطوم ولا يقبل بغير الخرطوم مكاناً لإجراء الحوار المزعوم الذي ينادي به منذ 2013.
هذا الكلام الإستفزازي ، إنما هو إستخفاف بالإتحاد الأفريقي الذي يقود وساطة سياسية بين الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان شمال في العاصمة الأثيوبية "أديس ابابا" منذ يونيو 2011...فلماذا هذا الإنقلاب الآن والجيش الشعبي لتحرير السودان هو الذي يمسك بزمام المبادرة العسكرية والميدانية والدبلوماسية والشعبية؟.
يبدو لي ، أن هذا الإنقلاب هو نتاج تراخي وضعف رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى ثامبو أمبيكي في تعامله مع النظام في الخرطوم. وهذا الضعف والعجز بدأ واضحاً في الفترات السابقة عندما كانت الآلية تضرب موعداً للطرفين لإستئناف المفاوضات بينما تأتي الخرطوم هي الأخرى لتضرب موعداً آخرا بحجج كثيرة ، وكانت الآلية الأفريقية دائماً ما تنزل عند رغبة الخرطوم ، الأمر الذي طرح كثيراً من الأسئلة لكن لا إجابات واضحة عليها.
يقول بكري حسن صالح نائب البشير : نحن مستعدون لتجميد الأحكام ضد قادة المتمردين ، لكن بين أن الحكومة لن تصدر عفوا كاملا عنهم !!.
إذن وكما يتضح من قول نائب البشير ، فالنظام يتعامل مع قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان كمجرمين وبلطجية وخونة ، وليس على أساس أنهم أصحاب قضية مشروعة ، بدليل أن الخرطوم أصدرت أحكاماً غيابية ضدهم تحت عناوين "حمل السلاح ضد الحكومة –ومحاولة الإنقلاب على الدستور –وترهيب المواطنين –وووالخ " .وهذا الشيء كما ترونه فيه إستفزاز للحركة الشعبية التي تحكم كامل اقليم جبال النوبة وجزء كبير من اقليم النيل الأزرق.
إنه حقاً من سخرية القدر أن يحاكم نظام انقلب على الشرعية الحزبية ولا يملك رصيداً جماهيرياً ، قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال الذي يعبرون عن طموحات أكثر من 60% من الشعوب السودانية.... وما هو أكثر سخريةً وضحكاً هو أن تقول الرجعية الحاكمة إنها مستعدة لإعطاء ضمانات قانونية للمتمردين الذين يقاتلون قواتها، ليحضروا المحادثات في الخرطوم ، ومستعدة لتجميد الأحكام الصادرة ضدهم ، لكن لن تصدر عفوا كاملا عنهم !!.
ما هذا الهراء والغثيان !!...من الذي أتى بهذا النظام وبهذه العصبة لتحاكم قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان ..وبأي حق تصدر هذه الأحكام ضد من يدافعون عن حقوق شعوبهم المنهوبة؟.. أليس أهل الإنقاذ يفترض أن يكون بعضهم في السجون والبعض الآخر قد تم اعدامهم رمياً بالرصاص بتهم الإنقلاب على الشرعية وقتل مئات الآلاف من المواطنين السودانيين ، وبيع نصف الأراضي السودانية للأجانب؟.
عندما قال البشير إن نظامه مستعد لإعطاء ضمانات قانونية للمتمردين ليحضروا للخرطوم ، كان على السيد ثامبو أمبيكي أن يرد عليه بكلمة "لا" كبيرة ، ويقول له إنه كوسيط مكلف من الإتحاد الأفريقي لا يقبل أن تغير الخرطوم ما تم الإتفاق عليه في منتصف الطريق. لكنه وكالعادة بلع ما قاله البشير ولم ينطق بكلمة واحدة لتتأكد صحة ما تناولته بعض الأقلام السودانية من قبل بأن السيد ثامبو أمبيكي مجرد سمسار سياسي دائماً ما يرجح كفة من يدفع أكثر ولا يصلح أن يكون وسيطاً نزيهاً بدليل أن جميع زياراته السابقة ومباحثاته التي أجراها مع المسؤولين في الخرطوم و قيادات المعارضة والحركة الشعبية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا مسبقاً لم تنجح في وضع أرضية ثابتة تنطلق منها الحكومة والمعارضة معاً لمناقشة خلافاتهما، إضافة إلى أن مجمل المباحثات التي كان يجريها تدور بنودها في ذات الموضوعات التي يتطرق إليها في كل لقاء يجمعه بالمعارضة والحكومة.
إن السكوت أمبيكي على ما قاله البشير في اجتماعهما ، إنما هو ذر للرماد في العيون وطريقة واضحة لتغيير مسار المفاوضات حول قضية المنطقتين وموضوع الحل الشامل ،وأن على الإتحاد الأفريقي رفض هذا التخبط الذي يمارسه وسيطه للسودان ، وعليه أن يسأل ما تسمى بأحزاب "الوثبة" ما تحقق من نتائج جراء الحوار الذي أطلقه البشير في بداية عام 2013 ؟.
إن وصف الشرفاء المدافعين عن وطنهم السودان بالمجرمين والخونة والعملاء ووووالخ ، إنما هو تعدي واضح على السودانيين شعوبا ووطنا ، ومن حقهم النضال حتى تتحقق قضاياهم المشروعة .. وإذا كان هذا الشرف بالدفاع عن الوطن جريمة فليشهد التاريخ أنهم مجرمون وليعلقوا مشانقهم.. أينما يشاؤون.
الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال التي يستفزها جنرال الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بالقول إنه مستعد لإعطاء قادتها ضمانات قانونية للحضور إلى الخرطوم ، ليست تنظيماً كرتونياً كتلك التنظيمات التي يتلاعب بها بإسم الحوار الوطني المزعوم ، إنما تنظيماً سياسياً كبيراً يزيد شعبيته على شعبية حزب البشير نفسه ، لا يبحث قادته عن مناصب ووظائف عند المؤتمر الوطني ، بل يبحثون عن حلول شاملة ودائمة وعادلة لكل السودان ، ولا يمكن تحقيق ذلك إلآ خارج السودان وبوساطة الإتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والدول المهتمة بالأزمة السودانية ، وأن أية خطوات غير ذلك لا تعني الحركة الشعبية بشيء.