ثم ماذا بعد فشل الجولة الــ15 من المفاوضات العبثية !!

 


 

 

bresh2@msn.com

بسم الله الرحمن الرحيم

كُنا نعلم علم اليقين أنه لا جدوى من الجلوس مع نظام الإستبداد والفساد والفسوق في أي مفاوضات سياسية أو محاورته ، لأن من طبيعته الإجرام والغدر والخيانة وعدم الجدية ونقض العهود والمواثيق والإتفاقات وووالخ.

قلنا مرارا وتكرارا أن المواقف والتصريحات الصادرة عن أقطاب ووزراء نظام عمر البشير تؤكد بشكل لا مجال فيه للشك أن النظام يستغل المفاوضات من أجل أجندات عنصرية والتغطية على ما يقوم بتنفيذه من مخططات تهدف النيل من الشعوب السودانية وفرض الحلول الأمنية في المناطق التي تشهد حربا عتصرية كدارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق.

قبل أيام انتهت الجولة الــ15 من المفاوضات السودانية بين الحركة الشعبية لتحرير السودان ونظام الخرطوم دون اتفاق رغم تحذيرنا لهم من عبثيتها ، إلآ ان الجماعة مضوا غير مهتمين بالنصائح وبالآراء المحذرة ، ولم يمضي على المفاوضات الأخيرة في أديس أبابا سوى يومين حتى انهارت لتتبادل الأطراف المشاركة التُهم.

إن التصريحات العدوانية وغير المسؤولة التي ينتهجها نظام الخرطوم بعد انهيار المفاوضات الأخيرة ، تؤكد وتبين سياسته العامة وتعبر بشكل واضح عن الأجندة الخبيثة التي ستتبعها الخرطوم في المستقبل وسعيها الحثيث المتواصل لتضليل الرأي العام الداخلي والدولي ، وتستغل المفاوضات السياسية لكسب المزيد من الوقت بما يتيح لها فرض الحلول الأمنية والعسكرية في كل من جبال النوبة والنيل الأزرق.

النظام الذي يحكم السودان لأكثر من ربع قرن من الزمان ، السلطة عنده لذيذة جدا ، فلا تقترب منها المتعة الجنسية ولا تضاهيها ألذ الفواكه ولذلك يجب وقف المفاوضات للأبد لأنها تحمل مخاطر حل سياسي لا يلبي حقوق الشعب في جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور، وانطلاقا من أن المفاوضات السابقة اثبتت أن النظام السوداني يمارس الخداع والمراوغة ولا يمكن التعويل عليه لإنجاح أي عملية سياسية في البلاد.

الآن وقد فشلت الجولة الــ15 وغادر كل شخص إلى حيث جاء ، ولكي لا تجلس الحركة الشعبية وتنتظر أن تأتيه دعوة لجولة أخرى من السيد ثامبو إمبيكي وهي تعرف النتائج مسبقا ، عليها من الآن القيام ببناء إستراتيجية تنظيمية داخلية تشمل كل أبناء الحركة الشعبية للخروج برؤية واضحة وخطط بديلة لأي خطوة قادمة.

نعم : يجب أن تبدأ الحركة الشعبية لتحرير السودان الآن بخطوات عملية لبناء إستراتيجية واضحة، تكون أكبر من الخلافات الداخلية لمواجهة نظام الإبادة الجماعية ومخططاته العنصرية التي تستهدف جبال النوبة والنيل الأزرق... عدونا يا جماعة هو نظام الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ووحدة صفوف الحركة الشعبية ضرورية لمواجهة هذا التحدي.

نحن عندما نطالب بوقف المفاوضات السياسية مع الخرطوم، ليس مناكفة سياسية أو تطرفاً منا أو تحريضا على أحد ، بل شعورا بالمسؤولية تجاه القضية التي تقاتل الحركة الشعبية من أجلها لخمس سنوات في المنطقتين ، لأن مرور كل جولة في ظل التفاوض العبثي يعني كسب النظام مزيد من الوقت لقتل الأبرياء والعزل.

ما فائدة المفاوضات إذا كان الأمين العام المكلف للحركة الشعبية ورئيس وفدها نفسه قال إن النظام غير جاد في احلال الإستقرار...كما لم يعد أحد من أبناء النوبة والنيل الأزرق مقتنعا بجدوى الإستمرار في هذه المفاوضات واللقاءات العبثية؟.

أنا أتحدث عن المصالحة بين الرفاق وأبناء الحركة الشعبية جميعا دون تخوين واقصاء أحد لأن الحركة الشعبية تأسست لتسع الكل وليس الجزء ، وكم تأسفت عندما جاءت للجولة الأخيرة في أديس ثلاث مجموعات جميعها تقول إنها حركة شعبية ، وجميعها تدعي أحقيتها التحدث بإسم الحركة الشعبية لتحرير السودان.

نعم -لابد من بناء إستراتيجية واضحة للحركة الشعبية أكبر من كل الخلافات الداخلية، لأننا أمام نظام متغطرس عنيد يذكرنا كل يوم بحقده وجبروته وطغيانه تجاه شعبنا.

لا يمكننا الإستمرار في هذه المفاوضات للأبد دون تحقيق نتائج مع استمرار القتل اليومي للمواطنين في مناطق الحرب. لابد أن تكون أي جولة تفاوضية مستقبلية مع النظام مرتبط بإستراتيجية تفاوضية واضحة ، وأن تكون الخطة (ب) جاهزة للإنتقال إليها في حال الفشل. وأي استراتيجية تفاوضية قادمة لا يمكن بناءها إلآ بإجراء اصلاح تنظيمي واداري داخل الحركة اليوم قبل غد لحساسية المرحلة وخطورتها.

لا يكفي بعد كل جولة فاشلة أن يخرج علينا رئيس وفد الحركة الشعبية لإلقاء اللوم على الطرف الآخر دون تحديد ما هي الخطوة التالية!!.

اليوم لا بد من تقييم التجربة التفاوضية بعد مرور خمس سنة، وهذا التقييم لا يتاتى إلآ من خلال عملية الإصلاح الهيكلي والتنظيمي والإداري والإيمان بضرورتها كخطوة أولية وأساسية لتصحيح المسار المنحرف للحركة الشعبية وعلى القيادة (المكلفة) أن تتبنى فكرة الاصلاح كعملية قيادية قبل أن تنقلها الى عناصر التنفيذ حتى يمكن تحقيقها بمفهومها الصحيح وإلآ أصبحت عملية الإصلاح عقيمة لا تلامس جوهر المشكلات التي عانت منها الحركة طويلا.‏

نعم -المرحلة التي تعيشها الحركة الشعبية اليوم تستدعي ضرورة التأهيل السريع والمدروس للعديد من القيادات الإدارية والتنظيمية داخليا وخارجيا ووضع الإستراتيجية الملائمة للإصلاح التنظيمي والهيكلي ،وهذا يعني تحديد الأهداف والغايات المطلوب بلوغها ووسائل وطرق تنفيذها بأعلى كفاءة ممكنة.

الجيش الشعبي حسب علمنا اللصيق والوثيق ، قادر على تحرير كل أراضي اقليم جبال النوبة والنيل الأزرق في سويعات فقط ، فلما تستجدي القيادة (المكلفة) مفاوضة النظام في أي شيء؟.. المهم والأهم هو الإستمرار في قتال نظام الخرطوم ومليشياته ، والشروع في وضع ملامح جبال النوبة والنيل الأزرق ما بعد عمر البشير، وهي مهمة الجيش الشعبي وليس المجتمع الدولي الذي يجب أن لا يضيع مزيدا من الوقت والجهود في الحوار المزعوم إلآ إذا كان ذلك مقرونا بإعلان رحيل البشير. أما عدا ذلك، فإنه مضيعة وقت، ومحاولة لإعطاء نظام البشير فرصة لا يستحقه، إذ يكفي معاناة خمس سنوات من إرهاب النظام البشيري في السودان الذي يتعرض ككل للانهيار اليوم.

 

آراء