ثم ماذا بعد هذه الفبركات الفطيرة..؟!
هل وجود الثوار المسالمين في ميدان القيادة وفي حماية جيش الوطن يمثل تهديداً أمنياً كما يقول المجلس العسكري...؟! (شيئ عجيب والله) من المؤسف أن يصبح كل ما يصدر من المجلس العسكري من بيانات أو تصريحات أو مخاطبات أو مؤتمرات صحفية هو الذي يكاد أن يكون (مهدداً أمنياً) يزلزل أركان الثقة بهذا المجلس.. فلماذا كلما تحدث متحدثٌ باسم المجلس العسكري إلا وأثار التوتر على طول البلاد وعرضها ونشر الاكتئاب بين جموع الشعب السوداني المتطلعة لجني ثمار ثورتها المجيدة سلاماً وأمناً..؟! وأخطر من ذلك أن تسعى جهة حكومية أو أمنية بعلم المجلس العسكري أو بغير علمه إلى فبركة بعض الأحداث بـ(أسلوب فطير) لا يقنع الطفل الوليد.. وبما يشبه اللعب من أجل إلقاء تهمة الانفلاتات المصنوعة على الثوار المعتصمين بكل سذاجة الدنيا والعالمين .. ثم لإيجاد المبرر بالحديث عن فض الاعتصام..!! إذا كانت هناك تفلتات واستيلاء على سيارات الدولة لماذا لا يوجه المجلس العسكري باعتقال هؤلاء المجرمين ويقدمهم للمحاكمة؟ ماذا يصنع الثوار المسالمين في ميدان الاعتصام بالسيارة العسكرية حتى يستولوا عليها؟ هل يريد المجلس العسكري أن يعود بنا إلى (الفبركات القوشية) وحكاية الفتاة التي فتحت حقيبة زينتها وأخرجت منها بندقية خرطوش لاغتيال الطبيب داخل الموكب..!
المجلس العسكري يريد أن يقول أن هناك تفلتات ويريد أن ينسبها للمعتصمين (كسر رقبة) وهو يعلم تمام العلم أن المعتصمين هم آخر من يقوم بأي حركة منفلتة ولو بمقدار نزع فرع من شجرة يابسة في الطريق..! المجلس العسكري عليه أن يدرك أن واجب الأجهزة الأمنية هو حفظ أمن المواطن والوطن لا اختلاق الفبركات وألعاب (التلات ورقات) كما كان الحال في أيام الإنقاذ المشؤومة؛ وإذا كان المجلس العسكري يرى أن هناك تفلتات وفوضى فليبحث عن مكانها فهي ليست في ميدان الاعتصام.. ولكن المجلس العسكري أصبح لا يتضايق من شيء أكثر من الثوار المسالمين المعتصمين؛ وأكثر من هذا الميدان الذي أصبح مدرسة للوطن في (أدب السلمية) وفي حب الوطن وفي الحفاظ على الأمن، وفي التلاقي الحميم بين كل طوائف الشعب السوداني.. ولكن المجلس العسكري لا يعجبه ذلك... ولا يلتفت للذين يحملون السلاح خارج نطاق القانون، ولا لذيول الإنقاذ ومجرميها والحانقين على الثورة والخائفين من المحاسبة على السرقات والجرائم، ولا للشراذم الإنقاذية والتكفيرية التي تهدد الوطن وتنشر المظاهر المسلحة والرعب والشعارات المتطرفة \ولا لمن يخرجون في الشوارع بالسيارات العسكرية بكثافة غير مطلوبة وبممارسات غير لائقة، وبما يجعل من ظهورهم تهديداً واستفزازاً للناس لا تأميناً وطمأنينة لهم.. ما هي الحكاية؟!.. ألم يعلن المجلس العسكري بنفسه أن الشرطة عادت إلى مواقع عملها وأن الشرطة وحدها هي المسؤولة عن أمن المواطنين وضبط الشارع..؟!
لا بد أن هناك أسباباً ودوافع أو جماعات أو أجندة أو مصالح خفية تجعل المجلس العسكري (أو الجزء المتحرّك منه) يصبح ويمسي على معاداة الثوار وإحباط الجماهير و(تمرير الفبركات) والسعي بأي صورة لفض اعتصام الميدان وهذا اتجاه خطير.. سينقل البلاد إلى أوضاع قد لا تحمد عقباها... فهل يريد المجلس العسكري أن يصل بالبلاد إلى هذه الحافة الخطيرة؟ ولماذا يريد ذلك؟ ولماذا يتجه المجلس هذا الاتجاه المعادي لثوار الميدان المسالمين..في حين لا نجد منه غير الرأفة والرفق بجماعة الإنقاذ وحراميتها وقتلتها ورموزها (الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد)؟!
ما ذنب الناس إذا استشعروا أن هذا المجلس يقوم بدور الخليفة الأمين لنظام الإنقاذ..؟! نظام الإنقاذ الذي كان يعادي كل خير وبركة للسودان.. ولا يحب إلا زعزعة أمن الوطن، ولا يحابي إلا كل سارق دنيء، ولا يكافئ إلا كل قاتل مأجور، ولا يعمل إلا على نشر الترهيب والقهر والمذلة والهوان بين الناس.. فهل يمكن أن يقبل السودانيين بالعودة مرة الأخرى إلى نظام الإنقاذ؟ أو إلى أي نظام يشبه الإنقاذ الذي كان يفبرك الكوارث ويطارد الأحرار ويغلق الصحف والمنابر الإعلامية ولا يحب أن يقرِّب إليه إلا الإمعات وطالبي الثراء الحرام...؟! هل يريد المجلس العسكري أن يعيدنا إلى دولة الإنقاذ (دولة الحرامية) سارقي موارد البلاد في وضح النهار.. من رئيسهم وشلته إلى أصغر تابعيهم بغير لا إحسان.. ومن ناهبي القروض والذهب والمؤسسات وخزينة الدولة.. إلى سارقي الإغاثات ومحتكري (الدرداقات)..!!
murtadamore@yahoo.com
/////////////////