ثورة ديسمبر عودتها هي ثورة مغايرة “2 – 4”
زين العابدين صالح عبد الرحمن
14 April, 2024
14 April, 2024
زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن السياسة لا تبنى على أفراضات خيالية أو الرغبات الشخصية أو الحزبية، أنما تحكمها عوامل و تؤسس على حقائق الواقع و الأحداث، و التغيير السياسي في أي مجتمع يتم عبر أربعة عوامل.. العامل الأول هو المشروع الذي من أجله جاءت دعوة عملية التغيير.. العامل الثاني القوى المؤمنة و الداعمة لعملية التغيير.. العامل الثالث القوى المحافظة التي سوف تعارض عملية التغيير في المجتمع.. و العامل الرابع الأدوات التي يتم من خلال عملية التغيير تظاهرات سلمية، عمل عسكري، استخدام وسائط إعلامية فقط و غيرها.. و كل هذه تقوم بها الأحزاب السياسية التي يقع عليها عبء التغيير.. و لكن في حالات ضعف القوى السياسية تصبح القوى المنظمة في الشارع هي التي تحدد عملية التغيير، و في حالة الثورات تكون هناك اسباب ضاغطة على أكبر قطاع في المجتمع مثل الغلاء أو الظلم من قبل النظام و غيرها تدفع بالثورة، و الثورات الفجائية تأتي نتيجة لأسباب وقتية ضاغطة و مؤثرة سلبا على حياة المواطنين، فيكون هدف المواطنين فقط إقتلاع الجهة التي تسببت في ذلك دون النظر إلي مشروع سياسي بديل.. مثل شعار "تسقط بس" الهدف السقوط هذه الثورات إذا نجحت تضع الأحزاب في امتحان عسير خاصة إذا كانت هذه الأحزاب تعاني الضعف...
حتى لا نسرح بعيدا بالتعريف للثورة و الانتفاضة و مسبباتها، السؤال يطرح نفسه و يجب أن تجاوب عليه الأحزاب السياسية: هل ثورة ديسمبر أجهضت أم ماتزال هناك إمكانية لعودتها؟
العديد من القيادات السياسية تتعمد تزيف الحقائق، بالقول أن الثورة مستمرة و لابد من العودة إليها و إلي شعاراتها كأن الثورة كائن حي يقف و ينتظر و غيره.. هؤلاء لا يريدون أن يخسروا الشارع و الأجيال التي قادت الثورة.. أن ثورة ديسمبر من خلال شعارها " تسقط بس" كان هدفها تغيير نظام الإنقاذ، و بالفعل نجحت الثورة في تغيير النظام، و لكن القيادات السياسية التي أوكلت لها انجاز مهام الفترة الانتقالية و عملية التحول الديمقراطي و تفيكك نظام الحزب الواحد لمصلحة التعددية السياسية هؤلاء هم الذين اجهضوا بقية الشعارات.. و هذا الاجهاض تسبب في أحداث وقائع أخرى تحول دون العودة مرة أخرى للأجواء الثورية.. و أي عمل أخرى لتظاهرات و شعارات أخرى من أجل التغيير أو التصحيح سميه ما شئت سوف تكون ثورة جديدة تأتي بأسم جديد دون ثورة ديسمبر..
أن القوى السياسية في السودان تتعامل بذات المنهجية للنظم الشمولية، الهروب من الأعتراف بالخطأ، و تحاول من خلال التبرير أن ترمي الخطأ في غيرها، حيث تدعي أن الثورة اجهضت من قبل الكيزان، الغريب في الأمر ليست وحدها تضرب على هذا الوتر، بل مجموعات من المثقفين لكرههم الكيزان يحاولون تغيب الحقائق.. لكن الكراهية لا تعالج المشكلة بل الحقائق على الأرض.. هل القوى السياسية و هؤلاء من ينعتوا انفسهم بمثقفين كانوا يعتقدون أن نظام استمر ثلاثة عقود، و هذه الأعوام تمثل ثلاثة إلي أربعة أجيال، إلي جانب العديد من المواطنين الذين ارتبطت مصالحهم بهذا النظام بعد سقوط النظام سوف يستسلموا، و يسلموا أمرهم للقادم الجديد أم سيظلوا يدافعون عن تلك المصالح بشتى الطرق؟
كانت في الشهور الأولى للثورة الجماهير في الشارع تسند ثورتها، و كان الاسناد يمثل تعادلا في ميزان القوى، الذي يشكل كرت ضغط على الأخرين. من الذي تسبب في إضعاف ميزان القوى؟ هل هم الكيزان الذين اصبحوا على كل لسان أم هي قوى من داخل قوى الحرية و التغيير؟ هل الكيزان هم الذين أحدثوا انشقاقا في تجمع المهنيين؟ هل الكيزان هم الذين أحدثوا انشقاقا في قوى الحرية و التغيير؟ هل الكيزان هم الذين رفعوا قيمة الدولار مقابل الجنيه؟ هل الكيزان هم الذين سمحوا للسفارات التدخل في الشأن السياسي؟ أن الصراع الذي كان داخل قوى الحرية و التغيير من أجل المحاصصات و الرغبة في السلطة هو الذي تسبب في عدم انجاز مهام الفترة الانتقالية، و تسبب في إجهاض الثورة، و صراع السلطة هو الذي جعلهم يخفقوا في إدارة الأزمة.. و الخوف من قول الحقيقة هو خوف من الفزاعات التي تستخدمها بعض القوى السياسية لكي تحمي بها نفسها من نقد الآخرين...
أن الحرب الدائرة الآن في البلاد تعد مرحلة فاصلة بين مرحلتين، الفترة الانتقالية التي فشلت فيها قوى الحرية و التغيير في أنجاز مهامها، و مرحلة جديدة سوف تبرز فيها عوامل جديدة مغايرة تماما للسابقة.. الحرية و التغيير المركزي راهنت على العامل الخارجي أن يكون لها رافعة للسلطة و خسرت الشارع تماما، و أصبح الشارع داعما قويا إلي الجيش في حربه ضد الميليشيا، الأمر الذي جعل قيادة الجيش تتحدث بقوة أن الفترة الانتقالية القادمة سوف يشرف عليها الجيش، و تشكل حكومة تكنوقراط لكي تنجز مهام الفترة الانتقالية و تهيئة البيئة للانتخابات، و تذهب الأحزاب لكي تستعد للانتخابات الأمر الذي لا ترغب فيه أغلبية الأحزاب التي تريد أن تحكم بشعارات ثورية و ليس شرعية دستورية.. أن ثورة ديسمبر وقف نجاحها في إسقاط النظام و أي دعوة للثورة تعتبر لثورة جديدة ليس لها أي علاقة بثورة ديسمبر. نواصل المقال القادم: ثورة ديسمبر تراجع اليسار و صعود التقليديين... نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com
أن السياسة لا تبنى على أفراضات خيالية أو الرغبات الشخصية أو الحزبية، أنما تحكمها عوامل و تؤسس على حقائق الواقع و الأحداث، و التغيير السياسي في أي مجتمع يتم عبر أربعة عوامل.. العامل الأول هو المشروع الذي من أجله جاءت دعوة عملية التغيير.. العامل الثاني القوى المؤمنة و الداعمة لعملية التغيير.. العامل الثالث القوى المحافظة التي سوف تعارض عملية التغيير في المجتمع.. و العامل الرابع الأدوات التي يتم من خلال عملية التغيير تظاهرات سلمية، عمل عسكري، استخدام وسائط إعلامية فقط و غيرها.. و كل هذه تقوم بها الأحزاب السياسية التي يقع عليها عبء التغيير.. و لكن في حالات ضعف القوى السياسية تصبح القوى المنظمة في الشارع هي التي تحدد عملية التغيير، و في حالة الثورات تكون هناك اسباب ضاغطة على أكبر قطاع في المجتمع مثل الغلاء أو الظلم من قبل النظام و غيرها تدفع بالثورة، و الثورات الفجائية تأتي نتيجة لأسباب وقتية ضاغطة و مؤثرة سلبا على حياة المواطنين، فيكون هدف المواطنين فقط إقتلاع الجهة التي تسببت في ذلك دون النظر إلي مشروع سياسي بديل.. مثل شعار "تسقط بس" الهدف السقوط هذه الثورات إذا نجحت تضع الأحزاب في امتحان عسير خاصة إذا كانت هذه الأحزاب تعاني الضعف...
حتى لا نسرح بعيدا بالتعريف للثورة و الانتفاضة و مسبباتها، السؤال يطرح نفسه و يجب أن تجاوب عليه الأحزاب السياسية: هل ثورة ديسمبر أجهضت أم ماتزال هناك إمكانية لعودتها؟
العديد من القيادات السياسية تتعمد تزيف الحقائق، بالقول أن الثورة مستمرة و لابد من العودة إليها و إلي شعاراتها كأن الثورة كائن حي يقف و ينتظر و غيره.. هؤلاء لا يريدون أن يخسروا الشارع و الأجيال التي قادت الثورة.. أن ثورة ديسمبر من خلال شعارها " تسقط بس" كان هدفها تغيير نظام الإنقاذ، و بالفعل نجحت الثورة في تغيير النظام، و لكن القيادات السياسية التي أوكلت لها انجاز مهام الفترة الانتقالية و عملية التحول الديمقراطي و تفيكك نظام الحزب الواحد لمصلحة التعددية السياسية هؤلاء هم الذين اجهضوا بقية الشعارات.. و هذا الاجهاض تسبب في أحداث وقائع أخرى تحول دون العودة مرة أخرى للأجواء الثورية.. و أي عمل أخرى لتظاهرات و شعارات أخرى من أجل التغيير أو التصحيح سميه ما شئت سوف تكون ثورة جديدة تأتي بأسم جديد دون ثورة ديسمبر..
أن القوى السياسية في السودان تتعامل بذات المنهجية للنظم الشمولية، الهروب من الأعتراف بالخطأ، و تحاول من خلال التبرير أن ترمي الخطأ في غيرها، حيث تدعي أن الثورة اجهضت من قبل الكيزان، الغريب في الأمر ليست وحدها تضرب على هذا الوتر، بل مجموعات من المثقفين لكرههم الكيزان يحاولون تغيب الحقائق.. لكن الكراهية لا تعالج المشكلة بل الحقائق على الأرض.. هل القوى السياسية و هؤلاء من ينعتوا انفسهم بمثقفين كانوا يعتقدون أن نظام استمر ثلاثة عقود، و هذه الأعوام تمثل ثلاثة إلي أربعة أجيال، إلي جانب العديد من المواطنين الذين ارتبطت مصالحهم بهذا النظام بعد سقوط النظام سوف يستسلموا، و يسلموا أمرهم للقادم الجديد أم سيظلوا يدافعون عن تلك المصالح بشتى الطرق؟
كانت في الشهور الأولى للثورة الجماهير في الشارع تسند ثورتها، و كان الاسناد يمثل تعادلا في ميزان القوى، الذي يشكل كرت ضغط على الأخرين. من الذي تسبب في إضعاف ميزان القوى؟ هل هم الكيزان الذين اصبحوا على كل لسان أم هي قوى من داخل قوى الحرية و التغيير؟ هل الكيزان هم الذين أحدثوا انشقاقا في تجمع المهنيين؟ هل الكيزان هم الذين أحدثوا انشقاقا في قوى الحرية و التغيير؟ هل الكيزان هم الذين رفعوا قيمة الدولار مقابل الجنيه؟ هل الكيزان هم الذين سمحوا للسفارات التدخل في الشأن السياسي؟ أن الصراع الذي كان داخل قوى الحرية و التغيير من أجل المحاصصات و الرغبة في السلطة هو الذي تسبب في عدم انجاز مهام الفترة الانتقالية، و تسبب في إجهاض الثورة، و صراع السلطة هو الذي جعلهم يخفقوا في إدارة الأزمة.. و الخوف من قول الحقيقة هو خوف من الفزاعات التي تستخدمها بعض القوى السياسية لكي تحمي بها نفسها من نقد الآخرين...
أن الحرب الدائرة الآن في البلاد تعد مرحلة فاصلة بين مرحلتين، الفترة الانتقالية التي فشلت فيها قوى الحرية و التغيير في أنجاز مهامها، و مرحلة جديدة سوف تبرز فيها عوامل جديدة مغايرة تماما للسابقة.. الحرية و التغيير المركزي راهنت على العامل الخارجي أن يكون لها رافعة للسلطة و خسرت الشارع تماما، و أصبح الشارع داعما قويا إلي الجيش في حربه ضد الميليشيا، الأمر الذي جعل قيادة الجيش تتحدث بقوة أن الفترة الانتقالية القادمة سوف يشرف عليها الجيش، و تشكل حكومة تكنوقراط لكي تنجز مهام الفترة الانتقالية و تهيئة البيئة للانتخابات، و تذهب الأحزاب لكي تستعد للانتخابات الأمر الذي لا ترغب فيه أغلبية الأحزاب التي تريد أن تحكم بشعارات ثورية و ليس شرعية دستورية.. أن ثورة ديسمبر وقف نجاحها في إسقاط النظام و أي دعوة للثورة تعتبر لثورة جديدة ليس لها أي علاقة بثورة ديسمبر. نواصل المقال القادم: ثورة ديسمبر تراجع اليسار و صعود التقليديين... نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com