جماهيركم يا أحزاب قحت مع التغيير حتى لو لم يكن جذرياُ يغضبكم .. بقلم / عمر الحويج

 


 

 

لماذا أجد نفسي ألاحقكم بنقد مواقفكم يا حرية وتغيير يا مركزي، أكيد ليس نكاية بكم ، أو تشفي فيكم ، أو إقصاء لكم من المشهد االثوري ، حاشاء لله ، وإنما دفاعاً ، عن حلمي الذي حملته شاباً ، مثل شبابنا الراكب راس ، وخضت به معمعة ثورة 21 اكتوبر 64 المجيدة ، التي إحتاجت فقط ، لمدة اسبوعين في شوارعها التي لاتخون لتنتصر ، كشوارع ديسمبر المجيد ، قضيت ثلاثة أيامها الأخيرة من أسبوعيها الإثنين ، في السجن بدعوى إقتحام سجن كوبر "كتبت مقالاً عن هذا الإقتحام وقلت في عنوانه أنه شبيه إقتحام سجن الباستيل" وظل حلم الثورة بسودان جديد أحمله معي ، داخلي حقيقة وليس مجازاً ، حركياً وسياسياً وقبل هذا وذاك ، كاتباً أدبياً في مجال القصة القصيرة حاربت بها كل الديكتاتوريات . منذ عبود مروراً بنظام النميري ، الذي أدخلنا السجن . وزملائي عبدالله جلاب وعبد الواحد كمبال رحمه الله بدعوى الإنتماء لتنظيم أدبي شيوعي ولكن لم يكن كذلك وكان السبب في هجرتنا الممتدة نحن الثلاثة ، بعد مضايقات ما بعد السجن والإعتقالات المتكررة والطرد من الخدمة ، كما كنت مهتماً ، بدور الأدب عموماً في الثورة الحلم ، وكنت فاعلاً في تكوين تجمع الكتاب والفنانيين ( أبادماك) وكان له الدور المشهود ، في التاريخ الثقافي السوداني . وحتى وأنا بعيد عن السودان ، ما يقارب النصف قرن ، فأنا سعيد بأن مد الله في عمري ، وجعلني أشهد حلمي ، يتحقق أمامي في ثورة الجيل الراكب راس ، ويأتي من يريد إجهاضها ، من ورثة جينات مجهضي ثورة أكتوبر وانتفاضة إبريل 85 ، ويخلق من الشبه الكثير ، يساهمون في الثورة بجهدهم وشهدائهم ومعتقليهم ، ولكن لضيق نفسهم وإنتمائهم الطيقي لا يصبرون قليلاً ، لتكملة مسار الثورة ، حتى يزيحون صناعها والمشاركين معهم في فعالياتها ويحتلونها ، لا بغرض تطويرها ، وإكمال مسيرتها الحلم ، إنما وقف هذه المسيرة . لكل ذلك فأنا حتى الآن أنتقدكم فقط ولا أعاديكم ، لباقي عشم فيكم كأحزاب يحتاجها شعبنا لديمقراطية قادمة ، "فلا ديمقراطية بلا أحزاب" لها تاريخ قابلة لتطوير نفسها ، ولكن بعيداً عن ما تنتحلونه من مسمى ، فات زمانه ومات غنائه، وشبع إستهلاكاً ونقداً وتقريعاً ، إتخذه النظام البائد مدخلاً ، لتقويض الثورة ، ونجحوا بالوصول بها إلى مرحلة الحرب العبثية ، التي يظنونها مدخلاً صالحاً لعودة ثلاثينيتهم البائدة ، وهم قطعاً ًحالمون بل واهمون .
ونقدي ليس كما يفعل أعدائكم وأعداء الثورة الذين لم تنجحوا في محاربتهم ، لكثرة تعداد أخطائكم وتكتيكاتكم الخاطئة ، فمن تجابهه وهو عدوك الأساسي ، وتحاربه بذات سلاحه ، بل وتحارب صليحك وحليفك قبل أن تحاربه هو ، فأكيد سيكون نصيبك الفشل ، وهذا ما حدث أمامنا ، إنتقدناكم يوم سلمتكم الثورة قياداتها ، ولم تصونوها ، وكانت نتيجتها ، مؤامرات ضد الثورة ، وكان لتهاونكم ورخاوتكم دائماً ، الإنتصار لعدوكم الأول البائد ، وهزيمة للثورة ، التي أمنتكم على سلامتها ، وهزمتموها ، وأنتهت مؤامراتها بإنقلاب عسكري دبروه ضدكم في وضح النهار وصباحاً أغبر ، ووقع فأسه على رأسكم أولاً ، وعلى رأس الثورة من بعدكم ، الثورة التي واصلت حربها ضد الإنقلاب بكل بسالة ، حتى قبل إعلانه من رئيسه ، وواصلت فعلها الثوري ، وعطلت مسيرته ، حتى لم يجد منفذاً يعلن فيه حكومة إنقلابه حتى يوم الناس هذا ، وتمت محاصرته تماماً درجة الإختناق ، حتى رميتم له طوق النجاة وجعلتموه ، يحيا ويتنفس من جديد ، بطوقكم المخروق المهترئ ، الذي رميتموه له ، وأسميتموه الحل السياسي ، الذي تصورتموه جبلاً فتمخض عنه فولد فاراً ميتاً ، أو كما قال الراحل الصادق المهدي ذهب ليصطاد أرنباً ، فاصطاد فيلاً ، المحزن أنه لاجاء بفيل صيداً ولا أرنباً ، وإنما مثلكم جاء بخفي حنين وهزيمتين وهكذا إطاريكم ، أمسكتم بعصاه من نصفها لتصطادوا به فيلاً أو أرنباً أو حتى فاراً ، فلا هو جعلتموه مساومة إيجابية لصالح الثورة ، وما كانت قامت حرب الدمار هذه أصلاً ، ولا جعلتموه خالصاً منحازاً ، للثورة المضادة ، وأيضاً ما كانت قامت حرب الدمار هذه أصلاً ، فقط كنتم جعلتم ثورة ديسمبر السلمية وثوارها معركة إستشهاد وقتل متواصلة ، رغم العبء الذي ستُّحمِلونه للثورة في مواصلتها تقديم الشهداء تلو الشهداء . إلا أنهم اختصروا عليكم الطريق وأقاموا في البلاد حربهم القذرة ، قذارة تفكيرهم السلطوي المنحط .
وتضاعفت المآسي نزوحاً وجوعأً ، تضاعف فيها عدد الشهداء عشرات بل مئات المرات ، ولا نقول أنكم خططتكم لتقوم الحرب ، ولكن خطل رؤياكم ، وعدم رغبتكم لإنتصار الثورة ، بسبب جينات آبائكم وأجدادكم التي تعادي التغيير حتى لو لم يكن جذرياً ، هكذا جيناتكم الطبقية ماذا يعمل معها أهل السودان ومنكوبيه ، الذين ضاق بهم الحال ووصلوا حد الكفاف ، حتى قبل الحرب ، وأنتم في عنادكم ، وعدم رغبتكم في إنتصار الثورة النهائي ، وأي ثورة وكل ثورة أنجزها شعب السودان للخروج من النفق المظلم ، يأتي جهدكم وجهد سلالتكم من مدمني الفشل ، في تشتيت "كُورة" الثورات حتى لاتصيب هدفها ، فاصبحتم تجاهها ، كمن سألوه عن أذنه اليسرى فيشير إليها بذات اليد للأذن اليمنى ، وأزيد عليها ، ربما ترددتم عن قصد وسبق إصرار حتى في معرفة أين موقعها تلك الأذن ذات نفسها!! .
كل هذا كان في زمن السلم عنواناً ، وإن ظلت الحرب متواصلة ضد شباب وشابات الثورة وهذه لم تكن تزعجكم تماماً ، لذلك كنتم تجدون تمضية الوقت في إقامة ورش النقد الإعتذاري ، وإن لم تتعدى تلك الورش مرحلة التبرير فقط لا غير ، ووجدتم الوقت لتجاهل الثورة والثوار ، وإكتفيتم ، بمحاورة الثورة المضادة التي كونتها المخابرات الأجنبية لحديقتهم الخلفية " وامننا الوطني في ستين داهية ، المهم أمنهم الوطني" قلت كونتها واستضافتها ولا نقول هنا مع الفلول إنما بالعديل مع الإرهابيين الذين حاربهم العالم أجمع وهم في مقدمته ومناصريهم من الإنتهازيين وسموها الكتلة الديمقراطية ، وحتى هذه الحوارات لم تشبع نهم الفلول ولم تكفيهم ، فهم يريدون الكيكة كاملة دون مشاركتكم التي لو تمت لما رفضتموها ، ولكنهم يا للحسرة هم اللذين رفضوها وأعلنوها حرباً شعواء ضدكم وضد الثورة وضد شعب السودان ، وقلنا ننتظركم ماذا أنتم فاعلون يا مركزية الحرية والتغيير بعد هذه الحرب الكارثة ؟؟ .
وكنا مطمئنين ونحن نرى شباب المقاومة ، يتحركون وسط ازيز الطائرات وزخات مطر المدافع والدانات ، يتطوعون للمستشفيات سايقي سيارات إسعاف وأطباء يعالجون الجرحى والمرضى وبعضهم حتى في بيوتهم ، وبعضها أماكن ليست مشافي ، ينجدون الملهوف ، ويقيثون المعسور ، يلحقون الجوعى والعطشى ، بما يبعد عنهم جوعهم وعطشهم ، ساعدوا الأسر بسيارتهم في تنقلاتهم ، وفوق ذلك تابعوا الحرب ببياناتهم وتوجيهاتهم ، وهم لازالوا متاريس في مواقعهم ، جابهوا الإعتقال والإصابات ، وحتى الاستشهاد حام حولهم وخطف بعضهم ، وهنا أحيً كتابنا ومبدعينا وشعرائنا ودراميننا ، الذين إنتشروا في أقاليمنا يقيمون الندوات والليالي الشعرية والمسرحية ينشرون الوعي ، ويقاسموا شعبهم مرارة النزوح ، ويخففوا عن أطفالهم فواجع الحرب على نفسياتهم . فأين أنتم من كل ذلك ، كنا نظن والظن ليس إثم ، في تبضعكم بدم شهداء الثورة وشهداء الحرب ، وكنا نظن أنكم ستكونون مع شعبكم في ميادين الحرب تنقذون ما يمكن إنقاذه ، ولكن هوس السلطة ، لازال حاديكم ، لذلك تناديتم بكل قديمكم ، وأستدعيتم تكوينكم سئ السيرة والنتائج الوخيمة دون تعديل ، أو تطوير إنتظرناكم ، مع هذه الحرب ، أن تكونوا أكثر جدية ، تصورنا أن تمدوا يدكم لشباب المقاومة ، وتنسقوا معهم وتتحاوروا مع قوى الثورة في ما العمل الجماعي الذي يوقف الحرب ، ولكنا وجدناكم جمعتم شلة إطاريكم ، ولبستم بدلكم الأنيقة ، وخرجتم لتناقشوا دول العالم ، التي هي مسبقاً قد رتبت أمورها عن حرب السودان ، وكل بنى موقفه حسب مصالحه ومصالح بلاده هو ، وليس من همومه مصلحتكم أنتم ، ومصلحة إعادة تدوير وإنجاح إطاريكم مقطوع طاريكم ، ولم تفعلوا شئياً جديداً غير إعطاء أعدائكم وأعداء السودان من الفلول ، فرصة مواتية لتطويل السنتهم بالتريقة القاسية " ورأيتموهم اليوم يقودون حملتهم الساخرة لا أكثر ضدكم " قحت لاتمثلني" وكأنكم كنتم تمثلونهم منذ زمان طيب الذكر الطيب مصطفى ، ولكنها الأستهانة بكم ، وبقراراتكم الهوجاء . ما كان بداية أن تكونوا مع شعبكم في هذا الوقت العصيب ومع ثورتكم التي يواصلها الشباب وسط جحيم الحرب ، وبعدها يحق لكم أن تناقشوا رؤساء العالم بعد أن يكون في مقدمتكم صناع الثورة وأصحابها ، وليس الذين ساهموا في إجهاض مسيرتها ، والذين ما قامت هذه الحرب إلا لتسلبهم حقهم في ثورتهم ، وأنتم ترون بأعينكم وتسمعون بأذانكم طائراتهم وهي تهدم في أحلام شعبهم وهدم بيوتهم ، وفرصة وجدها الطرف الجنجويدي ، لإحتلال ما تبقي منها خالياً أو غير خالي ، ليخلوه بالقوة الجبرية ، وقوة عين لا مثيل لها ، كل ذلك وأنتم تواصلون في غيكم ، وتصرون على إرتكاب أخطائكم وخطاياكم المتواصلة ، وأنتم تعرفون ، وقلناها لكم من قبل ، إنهم وضعوكم قصداً ، متهمين بالخيانة العظمى ، ليس لمعاقبتكم أنتم وحدكم ، إنما أنتم تقدمة لإبادة جماعية ، تشمل كل من رفع صوته عالياً ، منادياً بوقف الحرب ، وكل من رفع صوته عالياً مشاركاً في ثورة ديسمبر المجيدة ، مواطنا عادياً أو ثورياً من شباب لجان المقاومة أو جزءً من القوى التى شاركت في الثورة أحزاباً كانت ، أو منظمات مجتمع مدني إتحادات مهنيين ، إتحادات مزارعين نقابات عمال أو مهنيين نقابات مهندسين ، صحفيين أو أطباء وغيرهم وغيرهم ، كل هؤلاء سوف يكونون تحت رحمة سكاكين وسواطير مذابحهم القادمة ( راجع مقالي بتاريخ 4
7/2023 المعنون " إتحدوا فالقادم أصعب" ) ، كل هذا الجحيم القادم ، وأنتم تزحفون حاملين تكوينكم المنتحر ، حاملين جثته المسماة بالإطاري مقطوع الطاري . وتقفون به متسولين على أبواب الدول ، وافقوكم أو رفضوكم ، وكله بثمن خصماً على الوطن وشعبه وثورته .

إستيقظوا يا هؤلاء ، وتواضعوا وضعوا يدكم مع الآخرين لإنقاذ السودان ، من الذين يضمرون له الشر ، واحدهم يبشركم بالذبح في الطرقات والشوارع والبيوت ، والآخر يبشركم بإستعادة دولة 56 المخطوفة من قبلكم ، كما يرددون في خطابهم الجديد ، بعيداً عن كذبة إبريل الديمقراطية ، وطرد ساكنيها لصالح أعرابهم ، وما جاورهم من أعراب الدول الأخرى .
وأنتم ترونها بأم أعينكم إحتلال بيوتكم ، في أنحاء عاصمتكم المثلثة ، وهم فرحين ، ونموذجها الأكمل في مظهر الإبادة الجماعية لسكان الأرض الأصليين وطردهم ، واحتلال عاصمتهم الجنينة ، كما عاصمتكم المثلثة بعد حين ، ولاعاصم لهم ، والحبل قادم على الجرار ، إذا واصلتم لعبكم بالنار ، يامن تصرون على حمل ساتر ، مركزية الحرية والتغيير غير البار ، وأنتم أحزاب تمثلون جماهيركم ، وهم بحق مع الثوار يحلمون مع غيرهم ، بالتغيير حتى لو لم يكن جذرياً يغضبكم .
قحت تمثلني إذا إنحازت للثورة ولجان مقاومتها .
وأقول للحرب لا .
أوقفوا الحرب أيها القتلة .

omeralhiwaig441@gmail.com

 

آراء