جنوب السودان على حافة الانهيار!!
الطيب مصطفى
2 April, 2009
2 April, 2009
زفرات حرى
الطيب مصطفى
سيك سيك معلق فيك؟!
هذا الكلام ليس من عندي إنما هو شهادة شاهد من أهلها هو الفرد تعبان رئيس تحرير صحيفة (الخرطوم مونتر) الذي كتب في عموده اليومي بتاريخ 29-3-2009م بأن (جنوب السودان يواجه أزمة كبرى وهو الآن على حافة الانهيار... لقد واجه جنوب السودان اختبارات كثيرة من قبل إلاّ أن هذا التحدي الذي يأتي عقب انقضاء أربع سنوات من توقيع اتفاقية السلام الشامل يعتبر الأخطر على الإطلاق)!! ثم قال الرجل (إن النزاعات القبلية مستمرة في عدد من ولايات جنوب السودان بما في ذلك جونقلي وأعالي النيل وواراب والبحيرات والاستوائية الوسطى وشرق الاستوائية... هذه النزاعات تتصاعد وتيرتها ودمويتها وتُغذى تلك النزاعات بالرغبة في الاستحواذ على الثروة المتمثلة في الأبقار والأراضي... لقد توقف تقريباً ارجاع اللاجئين من دول الجوار كما توقف توطين النازحين داخلياً وإعادتهم من شمال السودان وذلك بسبب عدم وجود التمويل، بل إن كثيراً من النازحين الذين ذهبوا للجنوب يعودون الآن إلى الشمال مرة أخرى جراء إصابتهم بالإحباط). وقال(يتأخر صرف مرتبات مستخدمي حكومة جنوب السودان وعدد من الولايات لعدة أشهر وقد ثار الجنود المعوقون التابعون للجيش الشعبي في الأسبوع الماضي لأنهم لم يحصلوا على مرتباتهم لمدة ستة أشهر). ثم قال تعبان (إن جنوب السودان يعتبر ضحية للأزمة الاقتصادية العالمية ذلك أن انخفاض أسعارالبترول وجَّه ضربة قاصمة لخزانتنا الأمر الذي جعلها تعاني من نقص يبلغ حوالي مائة مليون دولار شهرياً مما يجعلها عاجزة عن تلبية التزاماتها نحو شعبها بمن فيهم الجيش الشعبي).. ومضى الفرد تعبان في تقديم وصفة علاجية للأزمة المالية التي تمسك بخناق جنوب السودان قدم خلالها الكثير من النصائح التي تتطلب تضحيات كبيرة وحرباً على الفساد ولم ينس الفرد تعبان الاستنجاد بما يسمى بالمجتمع الدولي خاصة أمريكا وبريطانيا وأصدقاء الجنوب الذين طالبهم بخطة (مارشال) لإنقاذ جنوب السودان من المأساة التي تردى فيها وقال إن أوباما اعتمد مبلغ مليار ونصف من الدولارات لباكستان تُوظف في تقديم بعض خدمات البنية التحتية فلماذا لا يمنح الجنوب الذي يعاني أكثر من باكستان والذي (يحتاج إلى حزمة إنقاذ تبلغ خمسة ملايين من الدولارات حتى لا يغرق في الفوضى السياسية والقبلية والاجتماعية ويحدث له انهيار اقتصادي)!! قد يظن بعض الإخوة أنني شامت على الحركة الشعبية وعلى باقانها وعرمانها لكني والله حزين أن الحركة الشعبية التي ظلت تمني السودان شماله وجنوبه بالمن والسلوى هى التي تدمر الجنوب الآن وتحيله إلى حطام الأمر الذي يجعل من انفصال الجنوبيين عنا خياراً مستحيلاً فوا أسفاه ويا حسرتاه على السودان الشمالي!! باقان ودينق ألور وزيارة واشنطن!! شر البلية ما يُضحك... تذكرت هذا المثل بعد أن ضحكت ملء شدقيَّ بين يدي الخبر (اللقطة) الذي اتحفتنا به صحيفة (سيتزن) الصادرة بتاريخ 29-3-2009م في صفحتها الأولى بعنوان (كير يبتعث ألور وأموم)!! يقول الخبر إن وزير الخارجية دينق الور والأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم سيصلان إلى الولايات المتحدة الأمريكية يوم السبت القادم على رأس وفد ذي مستوى عال مبتعث من رئيس الحركة الشعبية سلفاكير وإن الزيارة تأتي في أعقاب تعيين المبعوث الأمريكي الخاص للسودان الجنرال اسكوت قراشيون الذي زار يوم الاثنين الماضي مكتب الحركة الشعبية في واشنطن!! بالله عليكم أليس من المضحك أن يكون الور مشغولاً بزيارته لواشنطن بدلاً من أن يباشر مهامه كوزير لخارجية السودان في قمة الدوحة؟! لا أقول ذلك اقتناعاً بأهمية مشاركته وتمثيله للسودان في قمة عربية وهو العدو الأكبر للعرب والعروبة وإنما تذكيراً بالخطأ التاريخي الذي جمع المتنافرين في وطن واحد وبالمشكلة الكبرى... مشكلة العلاقة غير الشرعية بين الشمال والجنوب... تلك العلاقة التي تجعل الجنوب على الدوام بعيداً بل مناقضاً للشمال والتي تعيد الحديث المكرور عن التنافر الذي ظل قائماً بين الشمال والجنوب منذ فجر الاستقلال والذي لم تزده الأيام إلا قوة واتساعاً. ما هو يا تُرى مغزى أن يقوم المبعوث الأمريكي الجديد بزيارة دار الحركة الشعبية قبل أن يزور السودان... بل ما هو مغزى أن يبتعث سلفاكير رجالاته إلى واشنطن في هذه الأيام بمن فيهم وزير خارجية السودان الذي يفترض أن يمثل الخرطوم وليس جوبا لكن ألم نقل ونكرر القول إن الور هو في حقيقة الأمر وزير خارجية الحركة الشعبية الذي جئ به إلى منصب وزير الخارجية خلفاً للام أكول المُبعد لأنه كان يباشر دوره القومي وليس دوره الإقليمي؟!! أما كان الأولى أن تكون زيارة ألور بصفته وزيراً للخارجية لينهض بدوره الذي أقسم عليه يوم تولى تلك الحقيبة بدلاً من أن يبتعث لتمثيل الحركة الشعبية وللتباحث حول العلاقة بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية؟! أما باقان أموم أمين عام الحركة فإن مما يحمد له أنه لا يخفي مشاعره المبغضة للشمال وللجلابة بل والمطالبة بتوقيف الرئيس البشير وبصورة فورية خلافاً لزعيمه المطالب بتسليم الرئيس واعتقاله بعد عام واحد!! يقول خبر صحيفة (سيتزن) إن ألور سبق له أن زار واشنطن في يناير الماضي بصحبة رئيس حكومة الجنوب سلفاكير الذي زار واشنطن لوداع الرئيس بوش الذي ذرفت عليه الحركة وحكومة الجنوب الدمع السخين... بوش المكروه من قبل جميع المسلمين في شتى أنحاء العالم ومن شعب السودان الشمالي تحبه الحركة الشعبية وتعشقه فأي تناقض ذلك الذي ظل يسود العلاقة والمشاعر بين الشمال والجنوب منذ اندلاع تمرد توريت عام 1955م أي قبل استقلال السودان؟! بقي لي أن أقول إنه بالرغم من أن بعض المحللين يرون في تعيين الجنرال طيار اسكوت قراشيون خطراً كبيراً إذ أنه سبق له أن تولى الاشراف على حظر الطيران العسكري في شمال العراق الأمر الذي قد يوحي بأنه جئ به للقيام بذات الدور في السودان من قبل صقور إدارة أوباما مثل هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية وسوزان رايس مندوبة أمريكا في مجلس الأمن والمعاديتين للسودان الشمالي واللتين سبق لهما أن طالبتا بفرض حظر للطيران السوداني في منطقة دارفور إلا أن آخرين يرون أن استبعاد أوباما جون برندر قاست المبغِض للسودان الشمالي المتطرِّف في عدائه والذي كان مرشحاً قوياً لتولي منصب المبعوث الأمريكي للسودان يعتبر مؤشراً ايجابياً إذ أن الجنرال اسكوت أفضل بكثير من قاست رغم أن الرجلين لا يؤمن جانبهما. لكن نرجع لموضوعنا لنتساءل عن سر هذا الاستعجال لزيارة واشنطن ومقابلة المبعوث الأمريكي بالرغم من أنه من المقرر أن يزور السودان بعد غدٍ الخميس؟! هل يا تُرى لذلك علاقة بحالة الإفلاس التي يعاني منها جنوب السودان الذي بات على حافة الانهيار كما قال الفرد تعبان وهل هو صدى للنداء الذي وجهه تعبان لأمريكا لإنقاذ الجنوب قبل فوات الأوان؟! على كل حال فإن جدول زيارة باقان والور يتضمن لقاء وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وقيادات الكونجرس وربما ذرف باقان الدموع الغالية أمام كلينتون على مشروع السودان الجديد الذي انتحر على أيدي الحركة الشعبية وحكومة جنوب السودان لكن المؤكد أن أهم بند في المقابلة سيكون (النقّة) والتذمر والشكوى التي سيحاول أن يصب من خلالها جام غضبه على الشمال ويؤلب الإدارة الأمريكية الجديدة على السودان وحكومته بل على الجلابة الذين يبغضهم الرجل ووالله لا أدري حتى اليوم سبب بغض هذا الرجل وحقده على الشمال وأهله... حقد لم تمحه الأيام أو تطفئ لهيبه وأواره!!