................... المنشآت والمشاريع داخل الحدود تشهد بالإنجاز كما ذكرنا في الحلقات السابقة ولكن بعض هذه الإنجازات قامت بفضل العلاقات القوية خارج الحدود. وعند الحديث عن العلاقات الخارجية الجيبوتية نعود للحديث مرة أخرى عن "رمانة الميزان" لأن السياسة الخارجية الجيبوتية المتوازنة عززت الصداقات وأسست عليها مشاريع وإنجازات. العلاقات الخليجية الجيبوتية بمختلف محاورها، والعلاقات مع إثيوبيا أنموذجا أفريقيا للتكامل الاقليمي و النهضة الاقتصادية، و مع الصين، ومع تركيا، والقائمة تطول و نأتي عليها تباعا. أما العلاقات الجيبوتية السودانية فهي موضع حديثنا في هذه الحلقة، بل هي موضع فخرنا فالعام 2015 سيشهد حدثا كبيرا ضخما ألا وهو إفتتاح المستشفى العسكري وهو هدية خالصة من شعب وحكومة السودان للأشقاء و الشقيقات في جيبوتي، ويقع هذا الصرح الكبير النظيف ما بين ملعب الرئيس حسن جوليد وحي التقدم مثل سحابة بيضاء عملاقة هبطت على الأرض بسلام. ويسع المستشفى قرابة 130 سريرا بالإضافة للعيادات والأقسام وأجهزة الفحص والتشخيص المتطورة، وهو مستشفى عام يقدم الخدمة للشعب الجيبوتي ولا يحصرها على المؤسسة العسكرية، ومن المأمول أن يشمل برنامج افتتاحه إحتفالا يجسد التواصل الرسمي و الشعبي وذلك بمباراة قمة ودية بين الهلال والمريخ ومهرجان ثقافي فني متكامل يشهده الرئيسان إسماعيل عمر جيلة وعمر البشير ويقف على هذا الجهد الكبير سفير جيبوتي بالخرطوم السيد أحمد علي بري. أرقام التعاون الجيبوتي السوداني تشمل 300 طالب جيبوتي يدرسون حاليا في السودان، في مختلف التخصصات والعلوم وفي الكلية الحربية أيضا، ورقم أكبر من ذلك للخريجين من الجامعات السودانية ومن مساق الدراسات العليا، وفي الذاكرة دائما "جامعة أفريقيا" والتي كانت تحمل اسم "المركز الإسلامي الأفريقي"، وكثيرا ما يتبادر للذهن أن أي طالب أفريقي حط رحاله بالسودان هو ضمن طلبة هذه الجامعة ولكن حاليا صارت كل جامعات السودان "جامعة أفريقيا"، في عدد من الجامعات هنالك منح دراسية وهنالك طلبة جيبوتيين جائوا مباشرة إلي السودان بتسهيل وتيسير وتنظيم من سفارة السوادن في جيبوتي وسفارة جيبوتي في السودان. بدأت علاقتي بسفارة جيبوتي في الخرطوم بعد حفل افتتاحها المهيب في العام 2005 على يد الرئيس اسماعيل جيلة، ثم جئت لأداء واجب العزاء في الرئيس حسن جوليد عندما فتحت السفارة أبوابها للمعزين السودانيين. وفي الذاكرة السفير السيد محمد علي مؤمن وهو سفير جيبوتي حاليا في دولة الكويت، ومن بعده السفير حسن علي حسن، وفي كل العهود تشرفت بالتواصل مع أبناء جيبوتي البررة في الخرطوم طلبة وديبلوماسيين وسفراء وزوار. لدى جيبوتي عشرة ألاف فدان زراعي في القضارف، وخمسة آلاف أخرى في نهر عطبرة، لقد حلق التعاون في أجواء عالية وصار عسكريا طبيا سياسا ثقافيا تعليميا، و اﻵن في عهد السفير الرياضي اﻷنيق أحمد بري سنشهد قمته تتجلى في القمة الكروية السودانية في ملعب حسن جوليد جوار المستشفى العسكري. في هذا السياق التنموي تأتي السياسة حتى وإن كانت أشهر ولديها سياقها المستقل، وتأتي علامات مضيئة مثل إتفاقية جيبوتي بين حزب الأمة وحكومة السودان، لقد كان اسمها "نداء الوطن" ولكن أخذت هذا الإسم المختصر المحبب للجميع حكومة ومعارضة "إتفاقية جيبوتي" وكانت نقطة الإنطلاق للإنفراج السياسي في السودان، وهنالك أيضا علامة مضيئة وساطعة في سماء أفريقيا وهو موقف حكومة ورئيس جيبوتي مما يسمى بالجنائية، موقف قاطع وواضح، بل كان أحد الركائز الأساسية للموقف الأفريقي في مواجهة الإستعمار الحديث واستلاب الإرادة والموارد. ........................ makkimag@gmail.com //////////