جيبوتي رمانة الميزان في الشرق الأفريقي (6)

 


 

 


توقف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في جيبوتي إبان زيارته للقرن الأفريقي التي شملت الصومال وكينيا، باالتأكيد لقد كانت الجولة بسبب الأزمة اليمنية وإحتمالات إنفلات المنطقة كلها أمنيا وعسكريا، وتقول التقارير أن تدفق اللاجئين اليمنيين على جيبوتي مستمر ومتزايد، بل هي المعبر الآمن حاليا لإجلاء الرعايا الغربيين والأمريكان بالذات. وفي محطة جيبوتي أيضا  زار جون كيري مسجد سلمان ودخل في نقاش مع شباب ودعاة جيبوتيين، بالتاكيد كانت زيارته لدولة جيبوتي قصيرة وغرضها سياسي أكثر من كونه فكريا، ولكن هذا القصر لم يحل دون هذه اللفتة البارعة.

أنا واثق أن الشباب والدعاة الجيبوتيين والمتفقهين على المذهب الشافعي، الذين التقيتهم وعرفتهم، لديهم الحجة والمنطق واللغة الهادئة التي يعبرون بها عن قضيتهم، وأنه لو طال بقائه لتغيرت كثير من قناعاته.

سيكون هنالك نقاش حول الزيارة بالتأكيد ولكنني أقول دخول غير المسلمين للمساجد ونقاشهم مع أهل الإسلام حول الدين قضية فقهية ولها سوابق في عهد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وهي مسألة تستحق الأخذ والرد في سياق منفصل، ولكن عموما المساجد في عهدنا هذا صارت مراكز ومجمعات وفيها عيادات طبية وفصول دراسة ومقار إجتماعات ملحقة بها. بالنسبة لي المساجد حاليا تصلح لعقد مؤتمرات ضخمة لتعريف الإرهاب مثلا ويأتي لها رؤساء الدول وبابا الفاتكين نفسه، ولذلك أنا مع هذا التوجه وهذا الفقه الذي تجسد في لقاء جيبوتي في مسجد سلمان.

جيبوتي التي أعرفها، شعب يميل للإعتدال وحكومة لديها سياسات خارجية متوازنة، ورئيس جمهورية حكيم ومتواضع، السيد إسماعيل عمر جيلة، لقد خرج المزيج الثقافي العربي الفرانكفوني الأفريقي الصومالي بمزيج متعدد ورائع وريان.

لفتة بارعة نتمنى أن تتكرر في مصر وفي السودان، وفي غزة والضفة أو في أي كان آخر. نحن كمسلمين ليس لدينا ما نخفيه في مساجدنا، وتاريخ المساجد نظيف ومشرف، ويعرف ذلك أهل رواندا ومن شهدوا فيها مذابح التطهير العرقي، لقد كانت مساجدنا والحمد لله ملاذا آمنا للضحايا الهاربين من الطرفين، وكان أهل المساجد يتفانون في السهر على راحتهم وإطعامهم وعلاجهم.

لحسن الحظ أن هذه اللفتة البارعة منحتني الفرصة لمعاودة حلقات كتابي "جيبوتي رمانة الميزان في الشرق الأفريقي".

makkimag@gmail.com
//////////

 

آراء