جيوش الخلافة الاخوانية والسيناريوهات المحتملة للتدخل في السودان

 


 

 

 

كما يقولون في المثل العربي القديم لايلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين وذلك في التعامل مع الامور التي تستدعي الحذر والحرص علي عدم تكرار الاخطاء الكارثية التي تؤثر سلبا علي حياة ومصائر العالمين .

الاعلان عن اصابة عدد من قيادات الجناح العسكري للحركة الاسلامية السودانية في الجيش السوداني من المتهمين علي ذمة محاولة انقلابية بفايروس الكرونا وانباء نقلهم الي احد مراكز العزل الصحي لتلقي العلاج في هذا التوقيت بالذات يستدعي المزيد من الحذر والانتباه الشديد وعدم الغفلة حتي تستبين الامور..
بالامس وفي يونيو من العام 1989 استخدم الاسلاميين اعلي درجات المراوغة و الخداع واحتقار عقول الناس واستغلوا سماحة الشعب السوداني وقاموا بعمل يرقي الي مستوي شن الحرب علي الدولة السودانية التي هدموا مؤسساتها القومية ودمرو اقتصادها وجيشها القومي وشردوا الملايين من شعبها في كل بلاد الله وعندما تم الاعلان المشار اليه اليوم في ظل هذا الظرف البالغ الخطورة والتعقيد بملابساته المعروف فليس من العقل ان يسلم الناس بفرضية اصابة ثلاثة من العسكريين الاخوانيين بفايروس الكرونا ونقلهم من المعتقل الي مكان اخر لتلقي العلاج..
ليس خوفا منهم فلم يعتاد الاسلاميين المواجهة من الامام ولكن تحسبا من استخدام الارث البوليسي والعقائدي المعروف من عضوية هذه المنظمة واللجوء الي اسلوب الطعن في الظهر لتقويض المتبقي من الامن الداخلي في بلد تواجه تجربة الانتقال الديمقراطي فيها انتكاسة واضحة لالبس ولاغموض فيها بسبب عدم الواقعية وخلط الاولويات والمجامالات ووضع الاشياء في غير مكانها ولاحديث بالطبع عن الازمة الاقتصادية الطاحنة الممسكة برقاب الاغلبية الشعبية من السودانيين صاحبة الفضل وحق الامتياز والمالك الوحيد المفترض للشرعية بعد انتصار الثورة والانتفاضة الشعبية .

اذا فكر الاسلاميين في الانقلاب علي تجربة الحكم الراهنة بكل نواقصها فستكون مغامرة ستقضي علي اولهم واخرهم وستواجه بمقاومة شعبية ليس لها مثيل ستعيد سيناريو الايام الماضية وماحدث لهم من تبشيع واهانة وتنكيل علي ايدي عوام السودانيين خارج صالة قرطبة ... الخوف ليس من رد فعل الشعب علي مغامرات الاسلاميين المحتملة ولكن من حدوث انقلاب اخواني مدعوم من الخارج بذرائع ومبررات مختلفة وجيوش التنظيم الدولي للاخوان المسلمين ليست بعيدة عن السودان وهي تخوض معارك شرسة في الجارة الشقيقة ليبيا لبسط هيمنتها وتعمل علي تصعيد حرب الاستنزاف ضد القوات المسلحة المصرية واستنزاف المزيد من موارد البلد الشقيق تمهيدا للزحف علي السودان في ساعة معينة والاستجابة لنداء اي مجموعة عسكرية اخوانية سودانية تظهر علي السطح وتعلن عن نفسها سلطة بديلة وتطلب من اخوانهم في الله التدخل بمبررات مختلفة كما حدث في ليبيا عندما زحفت الجيوش الاخوانية من قاعدتها المركزية في تركيا من البر والبحر والجو خلال ساعات معدودة واصبحت جزء من الصراع الدامي علي السلطة في البلد المجاور والشقيق..
اذا وقع المحظور في السودان لن تحدث تدخلات خارجية من اي نوع خليجية او مصرية حيث الكل مشغول في معارك البقاء والمصير داخل حدود بلاده..
وبالطبع لن تفيد المتامركين السودانيين صيحات الاستغاثة اذا حدث ذلك ولن تسارع الجيوش الامريكية والغربية للتدخل في السودان وقد يطالب مستر ترامب من الذين يستنجدون به دفع تكلفة التدخلات الامريكية مقدما اذا ارادوا ذلك كما ظل يفعل مع السعوديين الحلفاء التاريخيين لبلاده وهو يذكرهم في كل يوم بافضالهم عليهم و حمايتهم ويطالبهم في العلن بتسديد تكلفة تلك الحماية فما بالك بالسودان البلد الفقير الي الله الذي تم " تمليصه " بالامس القريب ملايين الدولارات وتغريمة في جناية لاعلاقة للدولة السودانية بها علي اي مستوي بسبب ضعف وسوء تقدير القائمين علي الامر في الخرطوم ومبرراتهم الغريبة التي ساقوها لتبرير ذلك التصرف الاكثر غرابة .
علي الناس الارتفاع الي مستوي التحديات الماثلة ومجريات الامور ليس علي الصعيد الداخلي فقط ولكن بالنظر الي خريطة التحولات الجارية من حولنا وطبيعة العلاقات الدولية الراهنة...
وعلي المجموعة العسكرية وقيادة الجيش السوداني الحالية ان ينتبهوا جيدا وان يعلموا ان التساهل مع المتبقي مع الخلايا الاخوانية داخل او خارج المعتقل سيقود ايضا الي حتفهم في ساعة معينة ولن يكونوا الاستثناء اذا امتلك الاخوان زمام الامور ساعة واحدة مرة اخري في السودان ..
هناك اكثر من سيناريو متوقع اذا توقفت الحياة في البلاد فستظهر علي السطح الجماعة المتعودة علي اسلوب الميلشيات في الخطف والمداهمة والتفجير علي الرغم من علمهم التام من انهم مرفوضين من الشعب السودان الذي لاتهمهم حياته وهم الذين كانوا يفكرون في اللحظات الاخيرة من عمر نظامهم في استصدار فتوي تجوز لهم قتل اكبر عدد ممكن من المتظاهرين حتي يستعيدوا توازانهم ثم يعودون سيرتهم الاولي في الحكم والقمع والهيمنة علي البلاد.
مصدر الخطير الاكيد اليوم ان نفس طرق التفكير المشار اليها يمكن ان يعاد استخدامها بطرق اخري عندما يقوم اخوان السودان بالاستنجاد باخوانهم في الله من جيوش الخلافة الاخوانية المتعددة الجنسيات المرابطة علي حدود البلاد اذ حدثت الفوض وفراغ امني وسياسي وعجزت سلطة الامر الواقع عن التعامل مع الامور .
سيكون بمقدور عصابات الدولة الاخوانية العميقة حينها تشغيل محطات تلفزيونية واذاعات باطنية والاستعانة بخلاياهم الموجودة في تركيا وقطر في الاعلان عن انفسهم كسلطة لانقاذ البلاد ولانهم يعلمون علم اليقين انهم مرفوضين من اجماع الامة السودانية فلن يكون امامهم غير طلب التدخلات الاخوانية الاجنبية لفرض الامر الواقع وقهر الامة السودانية وتصفية حساباتهم مع الاخرين علي نطاق واسع علي حسب تقديراتهم لمن هم اكثر خطرا عليهم وعلي مخططهم في العودة الي الحكم باي ثمن بالاستفادة من الظروف الداخلية والاوضاع الاقليمية والدولية المعروفة .
اذا حدث ذلك فلن يكون هناك تدخل اممي او امريكي ولاحتي اخوة الجوار والاشقاء المصريين المشغولين بالمحافظة علي امنهم الداخلي وكيان دولتهم القومية ولن يكون بمقدورهم تقديم العون للسودان حتي اذا اردوا في ظل انشغالهم في القطر الليبي والمحاولات المستميتة لانقاذه من الوقوع تحت سيطرة جيوش الظلاميين المتعددة الجنسيات.

/////////////////////

 

آراء