حديث الساعة: الجنوبيون يضبطون ساعاتهم على الانفصال

 


 

 


مفوضية الاستفتاء: البطاقات وزعت على المراكز.. والإجراءات ستكتمل قبل الموعد المحدد
ساحة «الساعة» في جوبا («الشرق الأوسط»)
جوبا ـ موفد «الشرق الأوسط»: مصطفى سري
في الوقت الذي تؤكد فيه مفوضية الاستفتاء بجنوب السودان، أن الاستعدادات للاستحقاق الكبير تسير على قدم وساق، وأن بطاقات الاقتراع وزعت على المركز وستكتمل في الموعد المقرر، يعد الجنوبيون الأيام المتبقية باليوم.. والساعة والدقيقة والثانية.

عند ملتقى طرق بوسط العاصمة جوبا تقف ساعة كبيرة الحجم، تحسب الزمن المتبقي للاستفتاء، المقرر التاسع من يناير (كانون الثاني). ساحة الساعة التي شيدتها كينيا، تعتبر منطقة لتجميع الطرق.. فهي تصل الطريق القادم من مطار جوبا إلى داخل المدينة، والآخر الذي يقود إلى سوق «كونجي كونجي» وهي سوق شعبية شهيرة، يمر عبر مستشفى جوبا التعليمي وهو أكبر مستشفى في العاصمة الجنوبية، ويجمع أيضا الطريق المؤدي إلى سوق جوبا الكبيرة، وفي الاتجاه الرابع إلى مجمع الوزارات. وعند ملتقى «الساعة» يتجمهر يوميا أعداد من المواطنين، لا حديث لهم إلا عن الساعة.. وما تبقى من الزمن.. يجلسون أمامها لساعات طويلة وهم في شوق، كما يقول قودفري، من جوبا، لـ«الشرق الأوسط»، وهو خريج جامعة جوبا في كلية القانون: «الساعة الموضوعة أمامنا في ملتقى الطريق تجعلني كأنني أنتظر موعدا مع قدر جميل كعاشق ينتظر موعده.. قلبي يخفق يوميا للقاء التاسع من يناير. إنها ساعة الحقيقة التي أصبحت قريبة جدا».

وتقول إداو الفونس، وهي صحافية تعمل في إذاعة محلية اسمها «راديو الاستفتاء»، إن «الساعة تعني نهاية رحلة العذاب بالنسبة لكل شعب الجنوب». وأضافت: «شخصيا تعرضت للتعذيب منذ نعومة أظافري ومحاولة طمس هويتي.. لذلك فإن هناك ضوءا لاستعادة هويتي في التاسع من يناير». وتعتقد إداو وهي تقدم برنامجها في الإذاعة بلغة الدينكا، أكبر قبائل الجنوب، أن «ضبط زمن الاستفتاء يعني تذكير كل مواطن بيوم تحقيق مصيره». وقالت: «قلبي يخفق في كل ثانية لأن مصيري هناك في التاسع من يناير ونحن نحسب الزمن تنازليا». وتتابع: «أكون أو لا أكون. إنها نهاية زمن وميلاد جديد آخر».

ويقول قودفري أيضا، إن «بنك كينيا» قام بإنشاء الساعة. ويقول آخر، إن الساعة بعد الاستفتاء ستظل معلما وربما يتم تثبيت عقاربها على موعد التاسع من يناير، موعد استقلال الجنوب. وأغلب الجنوبيين تجدهم في المدينة يتحدثون عن موعد الاستفتاء وليس عن شيء آخر، وكما قال شاب يعمل محصلا في إحدى المركبات العامة: «هذه الساعة مهمة لنا نحن الجنوبيين وهي تعني لنا أن الموعد قادم».

والجنوبيون لا يثقون في حكومات الخرطوم، ويتحدثون عن أنها لا تعمل بشفافية مع قضايا الجنوب منذ استقلال السودان في يناير عام 1956، ولذلك يرى بعضهم أن وضع ساعة الاستفتاء يعني كأنها ساعة يد لكل مواطن ينظر إليها في كل لحظة. ويقول عدد منهم إن «النقارة» وتعني الدفوف والطبول قد تم تجهيزها منذ الآن وإن الساعة الثانية عشرة ليلا سيقومون بضرب الدفوف، احتفالا بالاستقلال. ويقول قودفري: «عندما أنظر إلى الساعة يوميا فإنني أعرف أن الاستقلال قادم لا محالة. إنها الحقيقة القادمة»، بينما تقول إداو بضحك: «في الشمال هناك أغنية شعبية تقول.. كلمني الساعة كم».

والساعة الموضوعة للاستفتاء تضيء ليلا بشكل واضح وهي الوحيدة التي تظل مستيقظة عندما يذهب المواطنون إلى النوم، ويتركون الساعة تدق دقاتها حتى الصباح ليأتوا حين الذهاب إلى أعمالهم وينظرون إليها. فهي تعد لهم الدقائق والثواني واللحظات الأخيرة.

وفي المقابل، يعمل السياسيون من أجل وضع اللمسات الأخيرة للاستحقاق التاريخي.. يقول مفوض باستفتاء جنوب السودان، إن توزيع بطاقات الاقتراع التي تسلمها الجنوب الأسبوع الماضي يجري على قدم وساق، معبرا عن تفاؤله بشأن الانتهاء من توزيع جميع البطاقات في الموعد المقرر. ويقول سامسون ماكار، إن عملية شحن المواد الخاصة بالاقتراع جارية بشكل جيد، معربا عن تفاؤله بشأن الجدول الزمني لوصولها. وقال سامسون ماكار، مفوض استفتاء جنوب السودان للاتصال العام: «حتى الآن سجلنا ثلاثة ملايين و600 ألف بطاقة منذ أربعة أيام ونتوقع تقرير اثنين من مراكزنا العشرة عن عمليات تسجيل البطاقات.. لذلك بنهاية اليوم سيرتفع العدد الإجمالي إلى نحو أربعة ملايين إذا حصلنا على النتائج من الشمال ثم من ثماني دول خارجية». وقال ماكار، إن الأيام ستثبت أن المتشككين في إمكانية إجراء الاستفتاء في موعده كانوا على خطأ.
 

 

آراء