حرب الكبار تشتعل بين (زين) و(سوداني) … تحقيق: رفيدة ياسين

 


 

 

سوداتل: عفواً نحن خارج نطاق الخدمة

زين: فليستحوا ويصمتوا....!

البرلمان: نحن بصدد استدعاء شركات الاتصالات لهذه (...) الأسباب

خبير اقتصادي: المنافسة تجاوزت الخطوط الحمراء


Rofayda_yassen@yahoo.com

هجوم لاذع شنّه الرئيس التنفيذي لشركة سوداتل م. عماد حسين، على شركة زين باحتكار السوق وتخريب الاقتصاد الوطني كان بداية شرارة الصراع، وهو ما دفع زين ممثلة في العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لها الفريق الفاتح عروة بالرد وتهديد سوداتل بكشف المستور (نقطة نقطة).
من هنا اندلعت حرب الكبار بين الطرفين وسط اتهامات متبادلة وسهام حاول كل منهما تصويبها تجاه الآخر.. هي معركة لا بد من الوقوف عندها لبحث جذورها، وكشف حقائق غائبة عن المواطن السوداني بعدها عليه أن يختار إما أن (يخليهو سوداني) أو أن يدخل (عالما جميلا)،أو حتى يختار ثالثهما في نهاية المطاف تبقى منافسات وملاسنات شركات الاتصالات قيد التقييم من قبل المتلقي الذي يملك حق الفصل فهو الحكم فيما يرد إليه من تفاصيل ومعلومات.
خارج نطاق الخدمة :
(السوداني) فتحت هذا الملف، وإعمالا لأخلاق المهنة في التواصل مع كل الأطراف بدأنا اتصالاتنا بشركة سوداتل لكننا فوجئنا بأنها خارج نطاق الخدمة (مؤقتاً) على حد قولهم، بعد اتصالات عديدة برئيسها التنفيذي عماد حسين لم نجد أي إجابة.. كانت خطوتنا التالية هي مسئول الإعلام بها الأستاذ محمد الأمين.. رد الرجل وليته لم يفعل، إذ فاجأني بعد أن طلبت تعليقه على القضية، بإبلاغه لي بلهجة آمرة تأجيل نشره لما بعد اجتماع جمعيتهم العمومية، قائلاً بالحرف الواحد: (تحقيقك دا أرخيهو ليوم الأحد أو يوم تاني) ما كان مني إلا إبلاغه بتحديد موقفه بالتعليق أو الامتناع عنه، وهذا حق مكفول له، لكن يقف هذا الحق عند ذلك الحد دون أن يتجاوز تحديد موعد أعمالنا.
ورغم ذلك حاولنا الاستعانة بتصريحات سابقة كانت قد أجرتها الزميلة ابتهاج متوكل بالقسم الاقتصادي مع أحد مسئولي سوداتل، حيث قال مدير شئون الرئاسة لمجموعة سوداتل المهندس زين العابدين عبد العظيم: إن مساهمة سوداتل في الاقتصاد الوطني واضحة جداً منذ انطلاقها، مؤكدا قانونية وضع الشركة في الوقت نفسه نفى وجود أية مشكلات بها معتبرا أنها الشركة الوطنية الوحيدة بين شركات الاتصال الموجودة بالبلاد، وأضاف عبد العظيم أن ضم المساهمين الأجانب بها جاء ضمن تنمية الاقتصاد الوطني، وأبان أن الشركة تحتاج إلى التحويلات الخارجية لقرضين فقط أرباح المساهمين والاستثمارات الخارجية عندما تكون في طور الإنشاء لإكمالها عدا ذلك فليس هناك أموال تذهب للخارج بحسب عبد العظيم الذي واصل حديثه موضحاً: إن هذه التحويلات الخارجية تمول من الخارج عبر تحويلات من البنوك الرسمية وليس من الداخل، كما أن أرباح المساهمين لا تحول كافة بالدولار فهي معنية فقط بـ(المساهمين الخارجيين).
وضع مذرى:
على العكس كان العضو المنتدب لشركة زين الفريق الفاتح عروة واسع الصدر في تقبل كل تساؤلاتنا وبدا هادئاً في الإجابة عنها دون أي تذمر، نافياً أي خلافات مسبقة بين شركته وسوداتل، قائلا: "لم يكن هناك شيء بيننا بل كنا متعاونين مع سوداتل تعاونا تاما، وأذهلنا هجومهم وافتراؤهم علينا"، وأضاف عروة أنهم يؤمنون إيمانا قاطعا بما أسماه (شرائح التسويق في القطاعات المختلفة) موضحا أن كل شركة تعمل في شريحتها، ورد على اتهامات سوداتل بتخريب الاقتصاد الوطني واحتكار السوق بالقول: (لم نلجأ لأسلوب تخريب السوق، ولو أردنا ذلك لفعلنا فما أسهله علينا، وهم يدركون هذا جيدا..!"، وأرجع عروة هجوم سوداتل المفاجئ على زين للضغوط التي أفرزتها ما وصفه بالوضع المذري والمتردي لسوداتل، مشددا على أن زين ليس لها ذنب أو يد به، لم يكتف العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لزين بذلك فقط، بل ذهب إلى أبعد من ذلك بالاعتراف أنهم كانوا على علم بكل مساوئ سوداتل منذ سنوات لكنهم لم يتطرقوا لها نسبة لأنها شركة منافسة، وأخلاقيات شركته لا تسمح لهم بفضح المنافسين مشيرا إلى أن ما اضطرهم للرد هو محاولة مدير سوداتل الطعن في مصداقية زين وهو ما استوجب الرد والتوضيح للرأي العام حول حقائق وأرقام لم تكن معروفة للعامة.
دعوة للحياء:
وأكد عروة على أن تدهور شركة سوداتل لم يكن بسبب زين قائلا: (هذا الوضع المتردي زين لم تسهم فيه فهي لم تهدر أموال مساهمي سوداتل في افريقيا بعمليات فاشلة ولا داخل السودان).
وشدد الرجل على أن هذه الحرب فرضتها سوداتل عليهم وطالبهم بالانشغال في مشكلاتهم وخسارتهم قائلا: "لو كانت زين مع سوداتل كما موبيتل سابقا لكانوا حطموها تحطيما بهذه العقلية التي تديرهم، ولما حققت زين كل هذه النجاحات بفضل المستثمرين الكويتيين استثمار أكثر من اثنين مليار دولار بعد شرائها .. أما سوداتل فحتى عندما جاءت بالمدير الفرنسي القديم لموبيتل لإدارة سوداني لم يسعفهم ذلك بتحقيق أي نجاحات لذا فالأفضل لهم أن يستحوا ويصمتوا بعد إخفاقاتهم وفشلهم الذريع في تحقيق أي نجاحات".
وحول هجوم البرلمان على زين بمناقشة تحويل أرباح تقدر بمليار دولار في العام للخارج قال عروة: "أولا نكن الاحترام الكامل للبرلمان وما يدور من حديث داخله حول زين هو حق ديمقراطي أصيل لا نستطيع أن نعترض عليه، ولكن ليس بالضرورة أن تكون هذه المعلومات حقيقية، وفيما يتعلق بتحويل زين لهذه الأموال أعتقد أن رئيس هيئة النقل والاتصالات المحترم لا يدري صحة ما يقول.. لكننا نرحب به في أي وقت لمعرفة الحقائق منا رغم أنها معروفة وموجودة في التقارير".
برًّة الشبكة:
كنا نأمل مواجهة سوداتل بما وجهه الفريق الفاتح عروة من اتهامات لإعطائهم حق الرد وتمليك الرأي العام لما وراء هذه الحرب الدائرة بينهما لكن سوداتل فضلت أن تكون (برًّة الشبكة) فامتنعت برغبتها عن الرد، ولكن من داخل أروقة سوداتل ظهر شخص قريب مما يجري هناك، وتساءل: "من أين ستوزع سوداتل الأرباح التي ستوزع في الجمعية العمومية المرتقب انعقادها اليوم الخميس؟
وأضاف الرجل -مفضلا عدم ذكر اسمه- قائلا: لا توجد أرباح حقيقية لسوداتل وما يجري الآن هو توزيع الأرباح من (علاوة الإصدار) متسائلا مرة أخرى: ما هي قانونية توزيع الأرباح من علاوة الإصدار؟ وجه الرجل هذا السؤال لسوق الخرطوم للأوراق المالية موضحا أن السوق نفسه يعتبر هذه الطريقة في توزيع الأرباح غير قانونية فكيف أجازت الجمعية العمومية هذا الأمر؟
وأكد على أنه تصرف غير قانوني، مطالباً سوق الأوراق المالية بالتدخل في هذه الحالة وهو ما قد يؤدي بحسبه لشطب سوداتل من سوق الأوراق المالية في الخرطوم مما يعني انهياره نسبة لأن أسهم سوداتل هي الأكثر تداولاً في السوق مؤكدا أن ذلك سيسبب هزة كبيرة وخطرة على الاقتصاد السوداني.
وأضاف المصدر: إنه كان يجب على السوق أن يتدخل قبل فوات الأوان لتعطيل اجتماع الجمعية العمومية لسوداتل لحين ترتيب الأمور بما فيه مصلحة المساهمين والاقتصاد السوداني وسمعته.
لم يقف صراع الكبار عند هذا الحد بل انتقل لساحة البرلمان.
البرلمان على الخط:
(السوداني) تواصلت مع رئيس لجنة الطرق والاتصالات بالبرلمان السيد عمار آدم دلدوم حول هذه القضية فقال: إنهم بصدد استدعاء كل شركات الاتصالات في المجلس الوطني لتقديم توضيحاتها حول ما جاء ببيان وزير الاتصالات، ولمناقشة تغطية شبكاتها لكل أنحاء السودان إضافة لخفض كلفة تعرفة الاتصالات من 9 لخمسة أو أربعة قروش، وأضاف الرجل أن البرلمان سيبحث إمكانية تخفيض هذه التعرفة لشكاوى المواطنين نسبة لأن الخدمات التي تقدمها هذه الشركات للمواطن ضئيلة إذا ما قورنت بأرباحها الكبيرة.
وأكد دلدوم في تصريحات خاصة لـ(السوداني) أنهم يشجعون سوداتل لأن الحكومة تملك أسهما مقدرة بها ونسبة لأنها أنشئت باسم سوداني شركات في دول افريقية كثيرة، كما أشار إلى أن نشجيعهم يشمل الاستثمار الخارجي متمثلا في زين أيضا.
منوها لضرورة التوفيق بين خط تشجيع الاستثمار الخارجي وتوفير بنية تحتية له وفي نفس الوقت العمل على خفض تعرفة الاتصالات حتى إن الأرباح الكبيرة التي تجنيها الشركات لا تؤثر باحتياطي العملة الصعبة علينا وبالتالي لا يؤثر على الاقتصاد الوطني.
الندم مابفيد:
كانت نهاية جولاتنا هي اللجوء لذوي العلم والخبرة والاختصاص حول هذه القضية الشائكة، وضعناها أمام الخبير الاقتصادي د. محمد الناير ، واعتبر الرجل ما نشب من تراشقات عبر أجهزة الإعلام بين قيادتي زين وسوداني ناتج عن أن زين كانت في الأصل جزءا من سوداني ويبدو أن سوداني نادمة على التفريط في هذا الجزء الغالي الذي تنازلت عنه بمبلغ 1.3 مليار دولار، أكبر صفقة خلال العقد الماضي، مما استفز سوداتل بما حققته شركة زين من خلال أرباحها الكبيرة في السودان وأنها عوضت هذا المبلغ خلال سنتين أو ثلاث سنوات وهو ما يؤكد الخطأ الذي وقعت فيه شركة سوداني في التفريط في نصيبها في شركة موبيتل سابقا زين حاليا وهي كانت تملك نصيب الأسد فيها.
وأضاف نائل لـ(السوداني) أن المنافسة اشتدت بين الشركتين ولديها جذور وخلفيات؛ فسوداني عندما بدأت تطلق خدمات الهاتف الجوال كانت لديها مشكلة لعدم وجود رخصة له، لذلك اعتمدت سوداني على تقنية مختلفة عن تقنية الهاتف الجوال مشيرا إلى أن هذه التقنية أقل تطورا من الخدمة المتبعة في أنظمة الهاتف الجوالة بصورة عامة، كما أوضح أن المنافسة ظلت مستمرة بين الشركتين وتجاوزت الخطوط الحمراء، ملقياً باللوم على الهيئة القومية للاتصالات معتبراً أنها لم تقم بدورها كجهة منظمة لعمل الشركات ومانحة للرخص وشدد على أنه يجب عليها ألا تسمح إلا بالمنافسة الشريفة المتعارف عليها عالميا.
وحول اتهامات سوداتل لزين بتحويل أموال ضخمة للخارج قال الخبير الاقتصادي إن هذه حقيقة ولكن من حق زين وفقا لقوانين الاستثمار أن تحول كل أرباحها إلى الخارج باعتبارها شركة كويتية، رغم أن تحويلها بحسبه قد يؤثر على الاقتصاد السوداني خاصة إذا كان احتياطي النقد الأجنبي ضعيفا وبعد الأزمة المالية العالمية حدث ضعف في احتياطي البلاد للنقد الأجنبي وبالتالي واجهت البلاد صعوبة لتحويل أرباح زين للخارج لكبر المبلغ.
الضغط على الدولار:
واستمر بالقول: حتى إذا اتجهت زين للسوق الموازي (الأسود) فإن هذا أيضا يخلق ضغطا على الدولار، وبالتالي يؤدي لارتفاعه بصورة كبيرة كما يؤدي لنشاط السوق الموازي وهذه تعتبر ظاهرة غير صحية نسبة لأنها تؤثر سلبا على الاستقرار الاقتصادي وتحديدا استقرار سعر الصرف.
وذكر نائل أن هذا ما جعل الدولة تصدر قرارا بأن يحول 50% من الأرباح للخارج، والنصف الثاني يستثمر في الداخل لتطوير المؤسسة التي يملكها المستثمر بالداخل، وهذا القرار يبدو أن السبب الرئيس في إصداره هو شركات الاتصالات وتحديدا شركة زين لأن أرباحها كبيرة هذا جعل المكايدات بين الشركتين يكشف أوراقا لم تكن معروفة.
وأشار إلى ارتفاع أسعار كلفة تشغيل سوداتل عن زين للتوسع غير المدروس لها في غرب افريقيا معتبرا تلك الخطوة مغامرة قد لا يأتي عائدها على المدى القريب، فضلا عن أن سوداني لديها شبكة آليات ضوئية ممتدة في كل أنحاء السوداني ومربوطة بالكيبل البحري هذا التوسع إضافة لوجود هاتف ثابت لم يعد مواكبا كما كان في السابق، ليس لنقص تقنية ثابت على حد قوله وإنما لتغير أمزجة المستهلك الذي سيطر على تعاملاته بالكامل الهاتف الجوال، وهو ما جعل رواتب سوداني أعلى من زين بكثير.
ورأى الخبير الاقتصادي أن الشركات التي تتصارع مع بعضها البعض لم تقدم حتى الآن الخدمة المطلوبة للمواطن بالشكل المناسب ولم تقدم خدمة الانترنت بالأسعار التي يمكن أن تكون في متناول الجميع حتى تكون قد أسهمت بالفعل في محو الأمية التقنية وتقليلها، وأعرب عن أمله في أن تكون المنافسة بين الشركتين شريفة وأن تنعكس على المستهلك في النهاية مطالبا كل شركات الاتصالات بالسعي لتقليل أسعار المكالمات بحيث تكون جاذبة للمشتركين.
واختتم حديثه بالقول إن السودان بحاجة لمشغل رابع للهاتف الجوال بعد زين وأريبا وسوداني قد تكون كنار تل أو شركة أخرى لصالح المستهلك مما يرفع المنافسة وهو ما يستفيد منه المستهلك والاقتصاد.
مشترطا أن يكون المشغل الرابع شركة مساهمة عامة وطنية يشارك فيها عدد كبير من رجال الأعمال وصغار المستثمرين حتى يكون العائد داخليا يضخ في الاقتصاد السوداني ولا يصدر إلى الخارج بالعملة الصعبة.
إلى هنا انتهت جولة (السوداني) في رحلة البحث عن حقيقة الجدل الدائر بين زين وسوداني ولكن جولاتهما الصراعية لا يبدو أنها ستنتهي قريباً وبين هذا وذاك حقائق أخرى بالطبع ما زالت غائبة، الأيام المقبلة وحدها كفيلة بتوفير الإجابة عليها.

 

آراء