حرب ١٥ ابريل والامبريالية (الجديدة) (١ من ٦)

 


 

 

١١ أداة امبريالية… ها هنا الخرطوم

طارق بشري (شبين)

tarig.b.elamin@gmail.com

خلاصة وجدلية المقال(1)
((غرامشي : "تتمثّل الأزمة على وجه الدقّة في حقيقة أنَّ القديم يحتضر والجديد لا يسعه أن يولد ... في هذه الفترة الفاصلة، يظهر حشد عظيم من شتّى الأعراض الوبيلة")).
** عبر غرامشي مدخل أولي
في سياق قولنا و اللي هو سياق حرب ١٥ابريل و في سياقها التاريخي الاجتماعي السياسي الأزمة هي-ضمن تحليل أخر-
ازمة تشكل الدوله الوطنيه ما بعد الاستقلال السياسي في ١٩٥٦ ..في جوهر مسارها الاقتصادي توجت سياسات التحرير الاقتصادي و انسحاب الدولة لصالح قيادة الخاص و الذي ما هو سوي احتكار المؤتمر الوطني و تحالفه من الرأسمالية الطفيلية و بخاصه بعد الخصخصه المنقطعه النظير للمؤسسات العامة لصالحها و تمظهراته هذه الأزمة في ضعف الانتاج و ريعية اكثر ل الاقتصاد و التدني التام في الخدمات الصحيه والتعليميه بعد خصخصتها و في انكشاف الاقتصاد أكثر نحو الخارج…اضافة الى ازمة الحكم والتي هي أزمة الاستبداد السياسي المطلق بيد المؤتمر الوطني… إلى أن تولدت من الأزمة أزمة المسار النيوليبرالي المتوحش و الحكم العسكري المطلق طوال العقود الاربعه الماضيه…الى ان بات خيار الحرب وسيلة للهروب من الأزمة
و هذا هو القديم- إذا كان غرامشي ها هنا في الخرطوم و قال قولته أعلاه- و الجديد هو ثورة ١٩ ديسمبر وطموحها المسلح بالمعرفة و الآلام توحشية الاستبداد المقرون النيوليبرالية لتجاوز الازمة السياسية بالديمقراطية و استعادة الاقتصاد الوطني لصالح الأغلبية…
في هذه المقالة بين العديد من المفاهيم وظفنا بخاصة مفاهيم الامبريالية و الاستغلال والنظام الرأسمالي العالمي و التبعيه و الصراع الطبقي من أجل التحليل الملموس للواقع الملموس لواقع حرب ١٥ أبريل و سياقها الاجتماعي السياسي و السياق التاريخي ل الامبريالية و الامبريالية الجديدة و خلصنا إلى تحديد ان هناك ١٢ اداة او اليه تتمظهر فيها الامبريالية في علاقتها بحرب ١٥ ابريل ٢٠٢٣ و ما قبلها منذ انقلاب ٣٠ يونيو٨٩ و هي - على مستوى إيديولوجي و سياسي و اقتصادي -(١) النيوليبرالية،(٢) التجارة الخارجية ،(٣)الاقتصاد الاستخراجي( الذهب مثالا)،(٤)التسوية السياسية الطبقية عبر النفوذ الأيديولوجي السياسي(الهبوط الناعم ، الاتفاق الإطاري)،(٥) المراكز الفكرية think tank والبحثية (معهد السلام الامريكي،شاتام هاوس)، بعض من المنظمات غير الحكومية)NGOs (من المراكز الامبريالية )و اشتغالها الأيديولوجي في فضاء المجتمع المدني السوداني،(٦) نهب الأراضي(land grabbing)لصالح رأس المال الأجنبي ،(٧)الحرب ومنها تحويل العلاقة بين الم،المزارعين والرعاة لحرب دايمه،(٨) محاولات السيطرة على الموانئ البحرية( ابو عمامه مثالا)، (٩) القطاع الزراعي و توظيفه لمصلحة استراتيجيات الأمن الغذائي الخليجي،(١٠) الإمبريالية و الاستخراج الرقمي،(١١)الامبريالية و التكلفة غير العادلة لتأثير البيئة و المناخ و(١٢) اخيرا ديون السودان الخارجية و الامبريالية. و خلصنا ايضا لدور متعاظم وفق اشتغال هذه الآليات الامبريالية الى الدور النافذ(نافذ يعني ما هي البراها إنما الأكثر نفوذا) ل الامبريالية الامريكية و البريطانية و الامبريالية الجديدة ( الإمارات نموذجا).
في مفهوم الإمبريالية - تحديد أولي(2)
تضمن الإمبريالية عمل الرأسمالية بثلاث طرق. ففي المجال الاقتصادي، هي آلية يقوم من خلالها الرأسماليون في البلدان الأساسية بمصادرة الموارد من البلدان الطرفية. وفي المجال الجيوسياسي، هي آلية لتسوية التنافس بين القوى المتنافسة على الهيمنة على السوق. وفي المجال السياسي، هي آلية تحمي مصالح المضطهدين. لفهم الإمبريالية، نحتاج إلى النظر في الجوانب الثلاثة. وهذا يعني، أولاً وقبل كل شيء، الابتعاد عن المقاربة الليبرالية التي تفصل مسألة القوة الإمبريالية عن جذورها الرأسمالية. ولكن علينا أيضًا أن نبتعد عن نهجنا الماركسي التقليدي الذي يميل إلى النظر إلى الإمبريالية من منظور اقتصادي بحت، بينما يتجاهل الأبعاد السياسية والجيوسياسية.علينا أن نعترف بأن الإمبريالية تلعب دورًا حاسمًا في عمل الرأسمالية، ولكنها في الوقت نفسه ليست هي نفسها الرأسمالية. لا يمكن مساواة الإمبريالية والرأسمالية: في الأخيرة هي نمط الإنتاج السائد بينما الأولى هي أداة تضمن بقاء ذلك النظام. لطالما تميزت الرأسمالية بطرائق استعمارية أو إمبريالية، واستخدمت أشكالًا مختلفة من القمع لممارسة هيمنتها. والإمبريالية الحديثة جزء من هذه السلسلة المتصلة. فهي ليست مرحلة من مراحل الرأسمالية، مثل ليبرالية القرن التاسع عشر أو تدخل الدولة في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية. كما أنها ليست شكلاً من أشكال إدارة الدولة، مثل الكينزية أو الليبرالية الجديدة. هذه الفروق مهمة من أجل تحديد سياق ما نحاول تعريفه(https://shorturl.at/0LfIP).
يقول جون سميث-مؤلف كتاب ( Imperialism in the Twenty-First Century ) في مقابلة له تجدها في الرابط التالي (ـhttps://shorturl.at/KCcoA):كان الاستنتاج الرئيسي الذي توصلت إليه هو أن التحول العالمي لعمليات الإنتاج إلى البلدان ذات الأجور المنخفضة يعني قفزة نوعية في عولمة العلاقة بين رأس المال والعمال: فأرباح الرأسماليين في البلدان الإمبريالية تعتمد أكثر من أي وقت مضى على فائض القيمة المستخرجة من العمال المستغلين في البلدان ذات الأجور المنخفضة. إن ما أسماه لينين ”جوهر الإمبريالية“، أي تقسيم العالم إلى حفنة من الأمم المضطهدة والأغلبية العظمى من الأمم المضطهدة، أصبح الآن داخليا في علاقة رأس المال بالعمال نفسها.لهذا السبب، إذا كانت الرأسمالية مصطلحاً عاماً يدل على استخراج فائض القيمة من الرجال والنساء الذين لا يملكون أي ملكية، فإن الإمبريالية ليست سوى مرادف للمرحلة الحالية من تطور الرأسماليه.
النظام الرأسمالي العالمي(3)
في جوهر المسألة نميل إلى القول بكون أن التوزيع العالمي الحالي للثروة بين الدول التي تمثل المركز الرأسمالي الامبريالي والدول التي تمثل الأطراف ليس نتاج سياسات أو ثقافة دول معينة، بل هو نتاج نظام عالمي واحد. جوهره هو المركز الرأسمالي الامبريالي غني و يزداد غني لأن الدول الطرفية يتم افتقارها والعكس صحيح.فالنظام الرأسمالي العالمي يتكون من ٣ أشكال من الدول و في القلب منها الدول التي تمثل المركز الإمبريالي و هي ذات الاقتصادات الرأسمالية المعقدة والقوة العسكرية المتميزة عالميا و التي تنتمي لها الغالبية العظمى من الشركات المتعدده الجنسيه (أمريكا و أوروبا الغربية واليابان).ثم الدول الطرفية(الهامش) و هي ذات اقتصادات نامية و تعتمد على اقتصادها على الصادرات الأولية بشكل عام و اخيرا الدول شبه الطرفية (قل الامبريالية الجديدة sub-imperialism ).في هذا النظام الراسمالي العالمي تستغل المراكز الرأسمالية الامبريالية الدول الطرفية و شبة الطرفية ، الدول شبه الطرفية غالبا ما تستغل الدول الطرفية. إذن جوهر هذا النظام العالمي و ديناميكيته المركزية: استغلال الأطراف من قبل المركز الإمبريالي، مما يولد تدفقًا صافيًا للثروة الناتجة عن فائض عمل وموارد الدول الطرفية وهذا النظام، مثل جميع الكيانات القائمة على الاستغلال، يواجه بالمقاومه على المستوى العالمي وعلى المستوى الوطني لأن المستغَلين سيقاومون حتمًا القمع و التهميش و الاستغلال الاقتصادي.تتبني المراكز الإمبريالية مجموعة متنوعة من التكتيكات والاستراتيجيات الاقتصادية والسياسية والعسكرية للاستحواذ على الدول ووضعها تحت مناطق نفوذها. وذلك لضمان أن توفر البلدان الخاضعة الأطراف لسيطرتها ما يلي 1) سوقًا أسيرة فائض رأس المال والسلع, 2) مصدرًا للمواد الخام الرخيصة، و 3) مصدرًا العمالة الرخيصة. هذا هو الغرض من اتفاقيات التجارة الحرة متعددة الأطراف (F (GATT) و مثل منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
منذ القرن الثاني قبل الميلاد إلى قرننا الحالي ظل يلعب طريق الحرير دورا متعاظم في تشكل وتشكيل المراكز الإمبريالية.ربط طريق الحرير القديم بين الصين والهند وآسيا الوسطى والشرق الأوسط وأوروبا عبر شبكة من الطرق التجارية من القرن الثاني قبل الميلاد إلى القرن ال15 الميلادي و الذي بلور بدايات ما يعرف بالنظام الرأسمالي العالمي من قلب أوروبا الغربية.
و يلعب هذا الطريق في الراهن و الي العقود القادمة دوره التاريخي في قيام المراكز الإمبريالية و هيمنتها بهذا الشكل أو ذاك علي النظام الراسمالي العالمي.و في هذا يمكن قراءة مبادرة الحزام والطريق و التي تخطط الصين لاكمالها بحلول العيد ال 100 لقيام الثورة الصينية 2049 والتي توصف بأنها ممرات اقتصادية زرقاء. يُعد طريق الحرير البحري بمثابة أداة لتعزيز مجموعة من المصالح الصينية الأساسية، بما في ذلك تنمية الاقتصاد الأزرق الصيني الذي تزيد قيمته على 1.2 تريليون دولار أمريكي، وتحسين الأمن الغذائي والطاقة، وتنويع وتأمين خطوط المواصلات البحرية، والحفاظ على السيادة الإقليمية، وتعزيز قوتها في الخطاب الدولي. المسار الأول: الصين - بحر الصين الجنوبي - المحيط الهندي - أفريقيا - البحر الأبيض المتوسط - أوروبا.
المسار الثاني: الفرع الجنوبي لطريق الحرير - الصين - بحر الصين الجنوبي - المحيط الهادئ.المسار الثالث: الممر الاقتصادي الأزرق القطبي - طريق الحرير القطبي.المسار الرابع: امتداد طريق الحرير البحري إلى أمريكا اللاتينية(https://shorturl.at/8dpEa ).
تقديرات حجم هذا الاستغلال الامبريالي (4)
و علي سبيل المثال نشير هنا إلى تقديرات حجم هذا الاستغلال الامبريالي للدول الطرفية. تعتمد المراكز الرأسمالية) على استيلاء صافٍ كبير من الموارد والعمالة من الدول الطرفية، من خلال فروق الأسعار في التجارة الدولية. لتحديد الحجم المادي للاستيلاء الصافي من الدول الطرفية من حيث الموارد والعمالة المجسدة على مدى الفترة من 1990 إلى 2015. تشير دراسة مؤخرة( ) إلى أن قيمة الموارد المستولى عليها من حيث الأسعار السائدة في السوق. إلى أنه في عام 2015 استولى الشمال من الجنوب على 12 مليار طن من المواد الخام و 822 مليون هكتار من الأراضي و 188 مليون شخص/سنة من العمالة بقيمة 10.8 تريليون دولار أمريكي - وهو ما يكفي للقضاء على الفقر المدقع العالمي 70 مرة. وعلى مدار الفترة بأكملها أي من 1990 إلى 2015، بلغ إجمالي الاستنزاف من الدول الطرفية(علي هامش النظام العالمي) 242 تريليون دولار أمريكي (بالأسعار الثابتة لعام 2010). ويمثل هذا الاستنزاف ما يعادل 25% من الناتج المحلي الإجمالي للمراكز الرأسمالية.
علي العموم في الحقل الاقتصادي هناك عدد متنامي من الدراسات و بمداخل منهجية مختلفة تحاول أن تقيس بالأرقام حجم الاستغلال الذي تمارسه المراكز الرأسمالية على الدول الطرفية و ما مارسته في تاريخ سابق و هنا علي سبيل مثال آخر نجد أن دور الاستعمار فيما يتعلق بتحويل القيمة على اكتساب السيطرة على على الأراضي الأجنبية، ويتجلى ذلك من خلال الجزية الاستعمارية. وفي هذا الصدد، يشير كوب هيكل (2017) إلى مثالين صادمين وبعيدين تاريخيًا. الأول في مطلع القرن التاسع عشر هو الفضة التي نهبتها إسبانيا من جنوب أمريكا الجنوبية من قبل إسبانيا، والتي تقدر اليوم بحوالي 165 تريليون دولار أمريكي. والثاني هو عمالة العبيد غير المدفوعة الأجر، والتي استفادت منها الولايات المتحدة حتى عام 1865، وتقدر قيمتها
بقيمة 97 تريليون دولار أمريكي. هذه الأمثلة وأمثلة أخرى عديدة أغرقت الإمبريالية الإمبريالية بثروات هائلة، وكانت بمثابة تراكم بدائي واسع النطاق تراكم بدائي واسع النطاق لرأس المال(https://shorturl.at/HfnwX).

 

 

آراء