حروب الإعلام و العملة !!
عادل الباز
14 July, 2011
14 July, 2011
14/7/2011
بدأت حروب ناعمة تسري بين السودانَين الجديدين وهي حروب صغيرة وبلا داعي ولكنها تشي بأن مرارات الصراع الطويلة لا تزال تفعل فعلها في نفوس وعقول قادة البلدين وهي مرارات ندرك صعوبة تجاوزها( توا) ولكن كان بالإمكان طي صفحة الماضي المرير بتجاوز الصغائر والألاعيب الصغيرة إلى النظر لهموم البلاد الكبيرة، لكن نعمل إيه الله غالب!!.
في الشمال بضربة مخطط لها قامت السلطات بإغلاق ست صحف باعتبار أن ملاكها أجانب ولم يتم النظر إليها إلا من زاوية المكايدة السياسية فتم تشريد عشرات الصحفيين الشماليين فأصبحوا عطالى بلا عمل لتتشرد أسرهم وفلا تعرف من أين تعتاش ولا من أين تأتي بمصاريف المدرسة في الصباح ولا إيجار البيت آخر الشهر، في وقت يمارس فيه المجتمع الصحفي بلاهته المعتادة. ينظر لمصائر هؤلاء الزملاء دون أن تمتد يد لهم بالعون ولا حتى السؤال!!. من العبث بالطبع الإشارة إلى المؤسسات الرسمية لتعتني بشؤونهم!!. المهم مئات الزملاء تشردوا بفعل المكايدات السياسية التي لا تعتني بشيء بقدر عنايتها بمواصلة لعبتها القديمة في لي الأذرع.
بالجنوب اتخذت الدولة الجديدة خطوة أخرى تتطابق مع خطوة إخوتهم في الشمال إذ تم منع صحف الشمال من التوزيع بالجنوب بهدف الرد على خطوة الحكومة الشمالية !!. لا أعرف ماذا يضير حكومة الجنوب إذا ما وزعت صحف الشمال بالجنوب؟ صحف الخرطوم ما زالت تقدم خدمة جليلة لحكومة الجنوب بتنوير مواطنيها بما تفعل ولا يوجد إعلام بديل الآن يخاطب الجنوبيين الذين أصبحت مجموعات مقدرة منهم تقرأ بالعربية، من ناحية أخرى هناك عشرات القضايا التي لا زالت عالقة بين البلدين ومن المهم إدارة حوار علني حولها بين الجنوب والشمال فإذا توقفت منابر التواصل بين البلدين فكيف يا ترى يمكننا أن نصنع رأيا عاما مشتركا وبالحد الأدنى تواصلا إنسانياً؟. هي ذات عقلية المكايدات التي لم تتعظ من تجاربها الطويلة ولم تزل تمارس ألاعيبها الصغيرة.
من ناحية أخرى شاهد العالم ما قامت به حكومة الجنوب من خرق للاتفاق الوحيد الذي تم التوصل إليه قبل الانفصال في المجال الاقتصادي. اتفق الطرفان على استمرار الجنيه عملة رسمية للبلدين ولمدة ستة أشهر بعد الانفصال بهدف إتاحة الفرصة لترتيب الأوضاع النقدية بالبلاد. كما هدف الاتفاق بشكل أساسي لتمكين الجنوب من طباعة عملته الجديدة وإعطاء فرصة لاستبدال العملة بطريقة منظمة لا تضر باقتصاد البلدين، ولكن حكومة الجنوب اختارت أن تنفض يديها من الاتفاق دون مبررات معقولة لتفاجأ الحكومة بالشمال بإعلان عملة جديدة تطرح الأسبوع المقبل!!. أطرف ما سمعته قول السيد أتيم قرنق إنهم فعلوا ذلك لأنهم كانوا يخشون قيام الشمال بذات الخطوة قبلهم !! . يبدو أن حكومة الخرطوم ليست أقل مكرا من حكومة الجنوب إذ توقعت ما يمكن أن يحدث فاستعدت باكرا وطبعت وخزنت عملتها الجديدة وهي الآن جاهزة للتداول بعد أن يطرح الجنوب عملته الجديدة الاثنين المقبل !!. لو أننا سندير ما تبقى من ملفات عالقة بنفس عقلية التآمر التي أديرت بها قضية العملة فإن ليلا طويلا من التشاكس سيظلل سماء البلدين والله وحده يعلم ماذا إذا كانت ستمطر دماً أم ستتدفق ماء!!.
الغريب أن الخطاب السياسي يطفح بالنوايا الحسنة ولكن الأفعال لا تترجم هذ النوايا بشكل صحيح بل تفعل العكس تماماً إذ لا يزال الطرفان عاجزين عن التوصل لمعادلة في رسوم مرور النفط وإيحار المصافي والأرض رغم أن هنالك تجارب عالمية ماثلة ومتاحة يمكن الاستفادة منها وليس مطلوبا من الطرفين إعادة اختراع العجلة ما جدوى خطاب سياسي معسول في حين نرى أفعالا مسمومة تجري على الأرض؟.
\\\\\\\\\\\\\\