حرية التعبير

 


 

 


الحاج وراق    
* كفل دستور البلاد حرية التعبير في المادة (39) من وثيقة الحقوق والحريات، حيث تنص:
39- (1) لكل مواطن حق لا يقيد في حرية التعبير وتلقي ونشر المعلومات والمطبوعات والوصول إلى الصحافة دون مساس بالنظام والسلامة والأخلاق العامة، وذلك وفقاً لما يحدده القانون.
(2) تكفل الدولة حرية الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى وفقاً لما ينظمه القانون في مجتمع ديمقراطي.
(3) تلتزم كافة وسائل الإعلام بأخلاق المهنة وبعدم إثارة الكراهية الدينية أو العرقية أو العنصرية أو الثقافية أو الدعوة للعنف أو للحرب...)
* وأنبه القارئ الكريم إلى أن الفقرة الأولى من المادة (39) حين تحدثت عن حرية التعبير بشكل عام فقد قيدتها بـ (النظام والسلامة والأخلاق العامة)، ولكن حين تحدثت عن حرية التعبير بشكل محدد في الفقرة (2) أي عن حرية وسائل الإعلام فلم تقيدها إلا بما ينظمه (القانون في مجتمع ديمقراطي). وهذا نص لا يحتاج إلى مزيد بيان!. والواضح من الفقرة الثالثة أن القانون في مجتمع ديمقراطي يكفل حرية التعبير في حدها الأقصى، ولكن حدود هذه الحرية (عدم إثارة الكراهية الدينية أو العرقية أو العنصرية أو الثقافية أو الدعوة للعنف أو الحرب). والمأساوي الآن، أن الحرية المبذولة بلا قيود إنما حرية إثارة الكراهية الدينية والعنصرية والثقافية! فانتبه!. * وعن مدى إلزامية أحكام الدستور، فقد نصت عليها المادة (3) التي تقرأ: (الدستور القومي الانتقالي هو القانون الأعلى للبلاد، ويتوافق معه الدستور الانتقالي لجنوب السودان ودساتير الولايات وجميع القوانين). - لاحظ ضرورة توافق جميع القوانين مع الدستور!!. * وبالتالي فإن أية قوانين سارية أو قوانين تسن من جديد لابد وأن تتوافق مع الدستور، خصوصاً، بعد ثلاثة أعوام من سريانه!. وليس هذا مجرد استنتاج، وإنما نصت عليه أهم مادة في الدستور وهي المادة (27)، والتي عرفت وثيقة الحكومة والحريات، وحددت مدى الزاميتها، حيث تقرأ: (27- (1) تكون وثيقة الحقوق عهداً بين كافة أهل السودان، وبينهم وبين حكوماتهم على كل مستوى، والتزاماً من جانبهم بأن يحترموا حقوق الإنسان والحريات الأساسية المضمنة في هذا الدستور، وأن يعملوا على ترقيتها، وتعتبر حجر الأساس للعدالة الاجتماعية والمساواة والديمقراطية في السودان. (2) تحمي الدولة هذه الوثيقة وتعززها وتضمنها وتنفذها. (3) تعتبر كل الحقوق والحريات المضمنة في الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والمصادق عليها من قبل جمهورية السودان جزءاً لا يتجزأ من هذه الوثيقة. (4) تنظم التشريعات الحقوق والحريات المضمنة في هذه الوثيقة ولا تصادرها أو تنتقص منها. - لاحظ أن وثيقة الحقوق تشكل عهداً بين كافة أهل السودان وبينهم وبين حكوماتهم على كل مستوى!. - ولاحظ أن الحقوق والحريات لم تعد مكان مغالطات حول طبيعتها وحدودها وإنما تحددت بمرجعية الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية!. - والأهم أن الفقرة (4) تحدد بصورة لا لبس فيها بأن القوانين تنظم الحريات ولكن لا تصادرها أو تنتقص منها. ومن كل ذلك، فإن أية قوانين أو أجهزة أو مؤسسات أو ممارسات تنتقص من الحقوق والحريات أو تصادرها فإنها ليست غير دستورية وحسب، وإنما الأهم أنها تشكل خرقاً وخيانة للعهد!. 


 

 

آراء