حزب الأمة والنقد في غياب الرؤية
زين العابدين صالح عبد الرحمن
28 February, 2024
28 February, 2024
زين العابدين صالح عبد الرحمن
استمعت للقاء الذي أجرته الدكتور عفراء فتح الرحمن مع الدكتور محمد المهدي حسن رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة في قناة " الزرقاء" حول مواقف حزب الأمة من مجريات الأحداث بعد الحرب. حيث لزمت مواقف حزب الأمة العديد من التناقضات دون أن توضح قيادة الحزب سببها.. أن التناقضات في المواقف دائما تنتج من غياب الرؤية، و هذا الغياب يجعل الأحداث وحدها هي التي تحدد الموقف القادم للحزب. و في نفس الوقت يتأكد أن هناك أراء مختلفة داخل الحزب تجعله عاجزا في حسمها.. اركز في المقال على ثلاث قضايا طرحتها الدكتورة عفراء عجز الدكتور حسن الإجابة الواضحة و ذهب مباشرة للتبرير..
قال الدكتور محمد المهدي حسن عن استقلال السودان أن الحزب الوطني الاتحادي بعد فوزه في الانتخابات طاف السودان و التقى بالجماهير التي اجمعت على الاستقلال. هذه جزء من الحقيقة و ليست كاملة.. أن الذي فوز الحزب الوطني الاتحادي برنامجه الذي كان خاليا من الاستقلال، المسألة الثانية أن قيادات الوطني الاتحادي كانت لها سياسية تقوم على التلاحم مع الجماهير و سماعها.. و لكن الأزهري نفسه كان مؤمن بالاستقلال و دلالة على ذلك عندما ذهب إلي مؤتمر دول عدم الانحياز في مدينة باندونج في اندونيسا، و اعترض الرئيس جمال عبد الناصر على مشاركة وفد السودان باعتبارها دولة لم تكمل الاستقلالها، و ليس لها علم، رفع الأزهري منديله على قلم و قال هذا هو علمنا، مما يؤكد أن الأزهرى كان ذاهبا للاستقلال. و بعد إعلان الاستقلال من داخل البرلمان غضبت مجموعة من قيادات الحزب الوطني الاتحادي بفكرة الاستقلال و انشقت مجموعة "جلي و رفاقه" و بالتالي هي كانت قناعة عند الأزهري لذلك ذهب لمخاطبة الشعب في مناطقه داخل الدولة، و قبلت قيادات الحزب الاستقلال.
قبل الحرب كانت مواقف حزب الأمة متناقضة تماما عن الذي يطرحه اليوم من خلق جبهة مدنية عريضة.. كان حزب الأمة لا يرغب في توسيع قاعدة المشاركة في "الاتفاق الإطاري" لأنه كان يرغب في المحاصصة التي اتفق فيها مع تحالف "قحت المركزي" أن يأخذ 60% من مقاعد مجلس الوزراء و المجلس التشريعي. و توسيع قاعدة المشاركة سوف تكون نقصا من حصته. لذلك كانت تصريحات كل من الواثق البرير و صديق الصادق التي يرددونها لا نريد " إغراق العملية السياسية" و عدم فتح " الاتفاق الإطاري" كان سببا في الحرب.
القضية الأخرى: أن حزب الأمة من خلال "تقدم " قبل أن يلتزم ب " إعلان أديس ابابا" الذي وقعدته " تقدم" مع ميليشيا الدعم السريع، و هذا التوقيع أخرجها من دور الوساطة إلي قبول الشراكة السياسية مع الميليشيا... قال الدكتور محمد المهدي حسن التوقيع كان خطأ.. السؤال لماذا لم يصدر الحزب بيانا سياسيا يوضح فيه موقفه من التوقيع.. و لماذا الآن بدأ تصريحات فردية بأنه خطأ دون موقف حازم للحزب منه. أن الموقف الواضح والمعارضة لهذا العمل كان موقف الدكتور عبد الرحمن الغالي، و الغريب حتى الحزب رفض مناقشة الورقة التي قدمها.. مما يؤكد أن موقف حزب الأمة مع " تقدم" التي أصبحت الحاضنة السياسية للميليشيا هو موقف الحزب الرسمي و الباقي تكتيك لمواجهة احتمالات أخرى، و هذه لا تغيب عن فطنة أي سياسي حصيف.
أن دخول قيادات حزب الأمة في حوارات مع أحزاب أخرى يقود مباشرة إلي سؤال على أية رؤية أتتم؟ هل الهدف منها دعوة القوى السياسية أن تشارك في دعوة "تقدم" تكوين جبهة مدنية عريضة متماهية مع الميليشيا أم تحالف مغاير؟ حزب الأمة يريد أن يكون له موقفين الأول مع تحالف " تقدم" و إذا انتصر هذا الحلف الذي يأمل أن يكون المجتمع الدولي بمثابة رافعة له للسلطة، و من خلال تفاوض يحدث بين الجيش و الميليشيا و هي دعوة للعودة "للإتفاق الإطاري" أم هو تحالف أخر بعيد عن " تقدم" و على حزب الأمة أن يقدم مشروعا سياسيا واضحا يحاسب عليه. لكن حزب الأمة غائبة عنده الرؤية. و السؤال الأخر هل يعتقد الدكتور محمد المهدي حسن و من يؤيدون رؤيته أن تحالف سياسي عريض يقوده أفراد غير منتمين سياسيا سوف يكون في مصلحة مستقبل العمل السياسي في البلاد؟ و هؤلاء إذا أحطأوا من الذي يحاسبهم؟ لآول مرة في التاريخ يظهر تحالف بين الأفراد و الأحزاب تقبل قيادة الأحزاب أن يقود التحالف الأفراد غير المنتمين.. هذا تأكيد أن الأحزاب فقدت دورها السياسي و أعترفت أنها ما عادت ذات فاعلية مقبولة في المجتمع.
سئل الدكتور حسن عن تصريحات زينب الصادق و خاصة التي قالت فيها أن الميليشيا دخلت بيوت الناس لأنها خافت من غارات الطيران.. و هل في دارفور كانت هناك غارات للطيران عندما دخلت بيوت الناس، أم في قرى الجزيرة.. قال الدكتور محمد المهدي اسألوا زينب.. رغم أن زينب قدمت بإنها قيادية في حزب الأمة و تحدثت عن ذلك بهذه الصفة.. لماذا لم يخرج حزب الأمة بيانا يقول حديث زين لا يمثل الحزب و يمثلها شخصيا.. أن من معيقات العمل السياسي في السودان اتباع منهج التبرير الذي درجت عليه الأحزاب.. القضية الأخرى لا اريد الخوض فيها هي المالية التي تتحرك بها قيادات الحزب في الخارج اعترف دعم خاص و أيضا دعم منظمات. و لكنه قال أن الحزب لا يملك أموالا...! نسأل الله حس البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
استمعت للقاء الذي أجرته الدكتور عفراء فتح الرحمن مع الدكتور محمد المهدي حسن رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة في قناة " الزرقاء" حول مواقف حزب الأمة من مجريات الأحداث بعد الحرب. حيث لزمت مواقف حزب الأمة العديد من التناقضات دون أن توضح قيادة الحزب سببها.. أن التناقضات في المواقف دائما تنتج من غياب الرؤية، و هذا الغياب يجعل الأحداث وحدها هي التي تحدد الموقف القادم للحزب. و في نفس الوقت يتأكد أن هناك أراء مختلفة داخل الحزب تجعله عاجزا في حسمها.. اركز في المقال على ثلاث قضايا طرحتها الدكتورة عفراء عجز الدكتور حسن الإجابة الواضحة و ذهب مباشرة للتبرير..
قال الدكتور محمد المهدي حسن عن استقلال السودان أن الحزب الوطني الاتحادي بعد فوزه في الانتخابات طاف السودان و التقى بالجماهير التي اجمعت على الاستقلال. هذه جزء من الحقيقة و ليست كاملة.. أن الذي فوز الحزب الوطني الاتحادي برنامجه الذي كان خاليا من الاستقلال، المسألة الثانية أن قيادات الوطني الاتحادي كانت لها سياسية تقوم على التلاحم مع الجماهير و سماعها.. و لكن الأزهري نفسه كان مؤمن بالاستقلال و دلالة على ذلك عندما ذهب إلي مؤتمر دول عدم الانحياز في مدينة باندونج في اندونيسا، و اعترض الرئيس جمال عبد الناصر على مشاركة وفد السودان باعتبارها دولة لم تكمل الاستقلالها، و ليس لها علم، رفع الأزهري منديله على قلم و قال هذا هو علمنا، مما يؤكد أن الأزهرى كان ذاهبا للاستقلال. و بعد إعلان الاستقلال من داخل البرلمان غضبت مجموعة من قيادات الحزب الوطني الاتحادي بفكرة الاستقلال و انشقت مجموعة "جلي و رفاقه" و بالتالي هي كانت قناعة عند الأزهري لذلك ذهب لمخاطبة الشعب في مناطقه داخل الدولة، و قبلت قيادات الحزب الاستقلال.
قبل الحرب كانت مواقف حزب الأمة متناقضة تماما عن الذي يطرحه اليوم من خلق جبهة مدنية عريضة.. كان حزب الأمة لا يرغب في توسيع قاعدة المشاركة في "الاتفاق الإطاري" لأنه كان يرغب في المحاصصة التي اتفق فيها مع تحالف "قحت المركزي" أن يأخذ 60% من مقاعد مجلس الوزراء و المجلس التشريعي. و توسيع قاعدة المشاركة سوف تكون نقصا من حصته. لذلك كانت تصريحات كل من الواثق البرير و صديق الصادق التي يرددونها لا نريد " إغراق العملية السياسية" و عدم فتح " الاتفاق الإطاري" كان سببا في الحرب.
القضية الأخرى: أن حزب الأمة من خلال "تقدم " قبل أن يلتزم ب " إعلان أديس ابابا" الذي وقعدته " تقدم" مع ميليشيا الدعم السريع، و هذا التوقيع أخرجها من دور الوساطة إلي قبول الشراكة السياسية مع الميليشيا... قال الدكتور محمد المهدي حسن التوقيع كان خطأ.. السؤال لماذا لم يصدر الحزب بيانا سياسيا يوضح فيه موقفه من التوقيع.. و لماذا الآن بدأ تصريحات فردية بأنه خطأ دون موقف حازم للحزب منه. أن الموقف الواضح والمعارضة لهذا العمل كان موقف الدكتور عبد الرحمن الغالي، و الغريب حتى الحزب رفض مناقشة الورقة التي قدمها.. مما يؤكد أن موقف حزب الأمة مع " تقدم" التي أصبحت الحاضنة السياسية للميليشيا هو موقف الحزب الرسمي و الباقي تكتيك لمواجهة احتمالات أخرى، و هذه لا تغيب عن فطنة أي سياسي حصيف.
أن دخول قيادات حزب الأمة في حوارات مع أحزاب أخرى يقود مباشرة إلي سؤال على أية رؤية أتتم؟ هل الهدف منها دعوة القوى السياسية أن تشارك في دعوة "تقدم" تكوين جبهة مدنية عريضة متماهية مع الميليشيا أم تحالف مغاير؟ حزب الأمة يريد أن يكون له موقفين الأول مع تحالف " تقدم" و إذا انتصر هذا الحلف الذي يأمل أن يكون المجتمع الدولي بمثابة رافعة له للسلطة، و من خلال تفاوض يحدث بين الجيش و الميليشيا و هي دعوة للعودة "للإتفاق الإطاري" أم هو تحالف أخر بعيد عن " تقدم" و على حزب الأمة أن يقدم مشروعا سياسيا واضحا يحاسب عليه. لكن حزب الأمة غائبة عنده الرؤية. و السؤال الأخر هل يعتقد الدكتور محمد المهدي حسن و من يؤيدون رؤيته أن تحالف سياسي عريض يقوده أفراد غير منتمين سياسيا سوف يكون في مصلحة مستقبل العمل السياسي في البلاد؟ و هؤلاء إذا أحطأوا من الذي يحاسبهم؟ لآول مرة في التاريخ يظهر تحالف بين الأفراد و الأحزاب تقبل قيادة الأحزاب أن يقود التحالف الأفراد غير المنتمين.. هذا تأكيد أن الأحزاب فقدت دورها السياسي و أعترفت أنها ما عادت ذات فاعلية مقبولة في المجتمع.
سئل الدكتور حسن عن تصريحات زينب الصادق و خاصة التي قالت فيها أن الميليشيا دخلت بيوت الناس لأنها خافت من غارات الطيران.. و هل في دارفور كانت هناك غارات للطيران عندما دخلت بيوت الناس، أم في قرى الجزيرة.. قال الدكتور محمد المهدي اسألوا زينب.. رغم أن زينب قدمت بإنها قيادية في حزب الأمة و تحدثت عن ذلك بهذه الصفة.. لماذا لم يخرج حزب الأمة بيانا يقول حديث زين لا يمثل الحزب و يمثلها شخصيا.. أن من معيقات العمل السياسي في السودان اتباع منهج التبرير الذي درجت عليه الأحزاب.. القضية الأخرى لا اريد الخوض فيها هي المالية التي تتحرك بها قيادات الحزب في الخارج اعترف دعم خاص و أيضا دعم منظمات. و لكنه قال أن الحزب لا يملك أموالا...! نسأل الله حس البصيرة.
zainsalih@hotmail.com