حق الشهداء على الشعب السوداني تحقيق أحلامهم

 


 

 

 

أسأل الله في مقدمة هذا المقال أن يشمل برحمته وعفوه كل الأرواح التي أزهقها نظام الإنقاذ والحركة الإسلامية ممثلة في حزبي المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي وتفرعاتهم من الأمن الشعبي وجيش الظل وغيرها من خفافيش الظلام والجهل.

قام نظام الإنقاذ على الاستبداد والإرهاب والقتل والاغتصاب منذ أول أيامه ومارس كل ذلك العنف الوحشي ضد السودانيين المسلمين لأنهم لم يقبلوا بالظلم والفساد. بل مارسه أيضا ضد من انحاز من أعضائه للشعب السوداني ابتداء من الشهيد بولاد وأحمد البشير و ليس انتهاء بالأستاذ احمد الخير!!! أما السودانيين غير المسلمين فقد أعلنها حرب جهادية ضدهم.

خلال 30 عاما لم تتوقف مقاومة الشعب السوداني لاستبداد وفساد عصابة الإنقاذ، رغم القتل للبعض والتعذيب للبعض الأخر والتشريد للغالبية والإفقار لكل الشعب عدا من انتمى لهم أو داهنهم. نعم دفع كثير من الآباء والأمهات والشباب أرواحهم فداء لهذا الشعب ومهر لحريته. هؤلاء الشهداء يستحقون أعظم التكريم ولعل أول فكرة تكون بتخليد أسمائهم والمعلومات كاملة عنهم في كتب مادة التربية الوطنية بالمدارس وكذلك حفر أسمائهم وتواريخ ميلادهم واستشهادهم في لوحات في ساحة الشهداء من ناحية ورعاية أبنائهم من قبل الدولة حتى إكمال أخر مراحلهم الدراسية باعتبارهم أبناء الشهداء.

يبقى أن مواصلة الشعب للنضال وتحقيق السلام على الأرض وتثبيت مبادئ الثورة الحرية والديمقراطية والعدالة والسعي لتحقيقها على الأرض هو من أوجب موجبات الشعب نحو شهدائه. هذا الأمر يتطلب من الشعب ممثل في لجان المقاومة عدم الاستسلام للصعوبات الاقتصادية التي تواجه الحكومة الانتقالية حتى لو فشلت هذه الأخيرة في علاجها في القريب العاجل!!! أن لجان المقاومة قاومت في سلمية و بصدور عارية القتل والتعذيب ولذلك ينبغي أن تستمر في سلميتها وتجابه التردي الاقتصادي بمزيد من الصبر والرقابة الصارمة على كل بواطن الفساد وكشفها بالمستندات إن أمكن وان لم يمكن فلابد من الإشارة إليها على الأقل بأصابع الاتهام وترك الأجهزة العدلية لمتابعتها ومحاكمتها!!! من المؤكد أن هذه الرقابة الصارمة والتنديد بمواقع الفساد سيؤدي لتحجيمه وانحساره!!! وسيؤدي لمحاولة كل فاسد التحلل من فساده او التوقف عن الاستمرار فيه!!!

نعم يجب على الشعب جميعا أن يكون العين الساهرة على مكاسب الثورة، خاصة وان السودانيون يعرفون بعضهم البعض جيداً وتاريخ كل فرد ومن أين اكتسب ماله، ولذلك يجب ألا يحابي الشعب الفاسدين لا على مستوى الأسرة الصغيرة أو الكبيرة أو على مستوى الجيران والحي أو على مستوى العمل، بل يجب كشف الفاسدين صراحتا!!! وعندما يقوم الشعب بدوره كاملاً يمكنه أن يطالب الحكومة الانتقالية بان تقدم اؤليك الفاسدين للمحاكمة!!!

من ناحية أخرى على الحكومة الانتقالية أفرادا وجماعة الارتفاع لمستوى التحدي المطلوب ومن يحس بأنه لا يستطيع تحقيق أمال الثوار عليه تقديم استقالته فوراً وإتاحة الفرصة لمن هو أقدر منه لتحقيق تطلعات الشعب!!!

من الطبيعي لحكومة ترغب في أن تؤسس لحكم ديمقراطي بعد حكم ديكتاتوري واستبدادي استمر 30 عاما، من الطبيعي أن تصاحب تجربتها أخطاء بسبب عدم معرفة أفرادها بكل دقائق الملفات من ناحية وبسبب مثاليتها بأن تحقق دولة القانون ولا تتهم الناس بدون دليل، وكذلك بسبب الصعوبات والعقبات التي وضعتها عصابة حكومة الإنقاذ المخلوعة حتى لا تفقد مصالحها يوما ما. هذه الأخطاء يمكن تصحيحها بالتقديم والتأخير والإحلال والتبديل في مواقع المسؤولية، ولكنها تظل اخطأ حداثة التجربة وليس أخطاء تآمرية مقصودة ضد الشعب كما كانت تفعل الحكومة المخلوعة.

من بين نقاط الإخفاق التي بدأت تظهر واضحة في هذه الست أشهر الأولى من عمر الحكومة الانتقالية وتحتاج معالجة فورية هي عدم وجود مكاتب استشارية لكل وزير تساعده في اتخاذ القرار!!! فمثلا وزيرة الخارجية تحتاج لمكتب استشاري بجانب منصب الوكيل ليكون تنفيذي فاعل،وهو نفس الأمر بالنسبة لوزيرة العدل وبقية الوزارات.

نقطة أخيرة كنت احلم بها ولكنها تبدو صعبة التحقق الآن، وان كنت احلم أن تتحقق خلال الثلاث سنوات القادمة لتأتي بالحكومة الأولى بالانتخاب ، ذلك الحلم أو تلك الأمنية أن تتم ممارسات ديمقراطية انتخابية داخل الأحزاب يصعد من خلالها شباب الحزب ويتم تجهيزهم للانتخابات القادمة، متمنيا أن لا يعين من هو فوق سن الخمسين لأي منصب وزاري وان يكتفي بهم كاستشاريين!!! لعله من العدل الإقرار، بأن هذه الثورة وان شارك الشعب السوداني فيها خلال ثلاثين عاما كخط مقاومة ولكن أغلب هؤلاء المشاركون قد تخطوا سن الخمسين الآن، في حين أن من أشعل فتيل الثورة وقادها على الأرض منذ عام 2013م وحتى 2019م هم الشباب دون الثلاثين أي الذين ولدوا أبان حكم عصابة الإنقاذ المخلوع وهم قد حملوا أرواحهم فوق أيديهم وتقدموا في غير رهبة من الموت بالسلاح الناري لعصابة الإنقاذ، فسقط منهم الكثيرون شهداء وجرحى وأصيب بعضهم بإعاقات ، وهم إخوة ورفاق وزملاء وأصدقاء الشهداء الذين تقاسموا معهم الحلو والمر وخاصة أواخر أيام حياتهم وسمعوا منهم أحلامهم، ويحق لهؤلاء الشباب التقدم الآن للحكم لتحقيق التطلعات التي يحلمون بها لمستقبلهم ولمستقبل أبنائهم، وقبل ذلك ليحققوا الآمال التي حلم بها رفاقهم الشهداء.

أنشد احد الثوار في الشهيد محجوب التاج محجوب

"وبكيت عليك حرقة حشا

يا زول مشى

وخلانا في وجع الفراق

وبكيت عليك لا بيني بينك ذكريات

لا كنت بعرف ليك اسم

بس شفت ثغرك مبتسم

وبكيت عليك لا بيني بينك معرفة

بس الصفة أنك شهيد"

wadrawda@hotmail.fr

 

آراء