حكام أفريقيا.. وشرعية التقادم!

 


 

 

 

الفاضل حسن عوض الله       

سطر جديد

 

        هناك قرار تبناه الإتحاد الأفريقي وكذلك الأمم المتحدة يقضي بمقاطعة أي إنقلاب عسكري وعدم التعامل معه أو إضفاء الشرعية عليه. الأمثلة كثيرة وكان آخرها مقاطعة إنقلاب موريتانيا الذي دخل وأدخل البلاد في نفق مظلم يجاهد الوسطاء اليوم (لمخارجة) موريتانيا منه.

        هذا القرار يكون صائباً وموضع ترحيب إذا كان معنياً بالإنقلابات التي تجهض أنظمة ديمقراطية جاءت عبر إنتخابات حرة ونزيهة وشفافة وفق معايير دولية متفق عليها، أما أن يطبق مثل هذا القرار على أنظمة شمولية جاء قادتها أنفسهم إلى الحكم بإنقلابات عسكرية ومكثوا على قلوب شعوبهم لعشرات السنين، جاهدوا خلالها لإضفاء ماكياج ديمقراطي زائف على أنظمتهم وأنشأوا أحزاب حاكمة سلطوية وأحزاب معارضة كرتونية وإنتخابات (تسعة وتسعينية) فإن هذا الأمر يصبح ضحكاً على الذقون ودساً للسم في العسل. إذ في هذه الحالة يمنح هذا القرار الذي تبنته المنظمات الدولية والإقليمية شرعية زائفة لتلك الأنظمة هي شرعية التقادم!

        إن معظم الأنظمة الحاكمة في أفريقيا اليوم هي أنظمة شمولية قابضة، وبعض منها شمولية بمسحة ماكياج ديمقراطي ولا أجد في ذهني إستثناءً واحداً اللهم إلا دولة جنوب أفريقيا، وبالتالي فإن الأمر يصبح أشبه بفصل رسب جميع تلاميذه فتدخلت وزارة التربية والتعليم وقررت تحرير شهادة نجاح لجميع  هؤلاء التلاميذ الراسبين، بل ومضت أكثر من هذا حينما منعت أي محاولة لإخراج أي من هؤلاء التلاميذ إلى خارج الفصل.

        لسنا من دعاة الإنقلابات العسكرية بل نحن أكثر الناس مقتاً لها ونكاد نجزم أن كل مصائب القارة الأفريقية جاءت من تحت رأس هؤلاء الإنقلابيين، ولكن ما يؤرقنا محاولة إضفاء شرعية التقادم هذه على إنقلابيين عريقين. فالنفترض أن قام إنقلاب عسكري على إحدى شرعيات التقادم الزائفة هذه وقرر أن يمكّن الناس من إقامة نظام ديمقراطي حقيقي يمارسون فيه حرياتهم السياسية.. ترى ماذا يكون موقف الإتحاد الأفريقي والأمم المتحدة من مثل هذا التوجه؟ هل يدعموه ويشترطوا عليه إنجاز ما وعد وفي فترة زمنية قصيرة ومحددة أم يقاطعونه ويذرفون الدمع على النظام السابق؟

        أخشى أن يكون موقف المنظمات الدولية في هذا الشأن وخصوصاً الإتحاد الأفريقي هو موقف تلاميذ الفصل الراسب الذين تعاهدوا ألا يمكنوا تلميذ آخر من دخول هذا الفصل على ضحالته وبؤس تحصيله السياسي! 

 

آراء